11 ـ النسي في الأشهر الحرم
لقد شاع في الألسن إنّ العرب لمّا كانواأصحاب غارات وحروب وكان استمرار الحروبوالغارات مانعاً عن إدارة شؤون المعاش،عمدوا إلى تحريم القتال والحرب في الأشهرالأربعة المعروفة بالأشهر الحرم أعني:«رجب وذي القعدة وذي الحجة ومحرّم».والظاهر من بعض الآيات أنّ التحريم هذاكان مستنداً إلى تشريع سماوي، كما هوالمستفاد من قول اللّه تعالى:(اِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِنْدَ اللّهِاثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِيَوْمَ خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَمِنْهَا اَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَالدِّينُ القَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوافِيهِنَّ انْفُسَكُمْ) (التوبة/36).فإنّ قوله (ذلِكَ الدَّينُ القيّم) إشارةإلى أنّه جزء من الدّين ا لقيّم لا من طقوسالعرب الجاهلي، و لعلّه كان سنّة من سننالنبي إبراهيم ورثتها عنه العرب.وعلى كلّ تقدير فقد كان العرب يتدخّلون فيهذا التشريع الإلهي فيؤخّرون الحرمة منالشهر الحرام إلى بعض الأشهر غيرالمحرّمة.وبعبارة اُخرى كانوا يؤخّرون الحرمة، ولايبطلونها برفعها من أساسها و أصلها حفاظاًعلى السنّة الموروثة عن أسلافهم عن النبيإبراهيم (عليه السلام).فمثلاً كانوا يؤخّرون تحريم محرّم إلىصفر، فيحرّمون الحرب في صفر1. مجمع البيان ج2 ص158 و ما أشبه التقسيمبالأزلام بالعمل المعروف في عصرنابـ«اليانصيب الوطني».