كان العرب الجاهليّون يرون البيع والربامتماثلين، ويقولون: «إنّما البيع مثلالربا» فيضفون الشرعيّة على الرباكإضفائها على البيع، ولكن شتّان ما بينالبيع والربا، فإنّ الثاني ينشر القسوةوالخسارة، ويورث البغض والعداوة، ويفسدالأمن والاستقرار، ويهيء النفوس للانتقامبأية وسيلة ممكنة ويدعو إلى الفرقةوالاختلاف سواء كان الربا مأخوذاً من قبلالفرد أو مأخوذ من جانب الدولة.وفي الثاني من المفاسد ما لا يخفى إذ أدنىما يترتّب عليه تكديس الثروة العامّة،وتراكمها في جانب، وتفشّي الفقر والحرمانفي الجانب الآخر، وظهور الهوّة السحيقةبين المعسرين والموسيرين بما لا يسدّهشيء.ولسنا هنا بصدد بيان هذه المفاسدوالمساوئ، لكن الهدف هو الإشارة إلى أنّالربا كان من دعائم الاقتصاد الجاهلي،والقرآن نزل يوبّخ العرب على ذلك بوجه لامثيل له، ويقول سبحانه:(يَا اَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتّقُوااللّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَالرَّبَا اِنْ كُنْتُمْ مُؤمِنِينَ * فإنْلَمْتَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْب مِنَاللّهِ وَرَسُولِهِ واِن تُبْتُمْفَلَكُمْ رُؤوسُ اَمْوالِكُمْ لاَتَظلِمُونَ وَلاَتُظْلَمُونَ) (البقرة/278و279).ويقول سبحانه: (الَّذينَ يأْكُلُونَالرِّبا لاَ يَقُومُونَ إلاّ كَمَايَقُومُ الَّذي يَتخَبَّطُهُالشَّيْطانُ مِنَ المَسِّ ذَلكَبِانّهُمْ قَالُوا اِنّمَا البَيْعُمِثْلُ الرِّبَا) (البقرة/275).والآية تشبّه آكل الربا بالممسوسالمجنون، فكما أنّه لأجل اختلال قوّتهالمميّزة لا يفرّق بين الحسن والقبح،والنافع والضار، والخير والشر، فهكذا حالالمرابي عند أخذ الربا، فلأجل ذلك عاد لايفرّق بين الربا والبيع، ويقول: «اِنّمَاالبَيَعُ مِثْلُ الرِّبَا» مع أنّ الذيتدعو إليه الفطرة وتقوم عليه الحياةالإجتماعية للإنسان، هو أن يعامل بمعاوضةما عنده من المال الذي يستغني عنه، بما عندغيره من المال الذي يحتاج إليه.