عنده إلى الخير والصلاح ، وتكتسي ثوبَ العدل، ولبيان ذلك نضرب مثالاً:إنّ الاِنسان يرى أنّ الطوفان الجارف يكتسح مزرعته والسيل العارم يهدم منزله، والزلزلة الشديدة تقتلع بنيانه، ولاَجل ذلك يصفها بالبلاء، دون أن يرى ما تنطوي عليه هذه الحوادث والظواهر من نتائج إيجابية في مجالات أُخرى من الحياة البشرية.وما أشبه حال هذا الاِنسان في مثل هذه الروَية المحدودة بعابر يرى جرَّافة تحفر الاَرض و تهدم بناءً وتثير الغبار والتراب في الهواء، فيقضي من فوره بأنّه ضارّ و سيءّ، ولكن المسكين لا يدري بأنّ ذلك يتم تمهيداً لبناء مستشفى كبير يستقبل المرضى ويعالج المصابين ويهيّىَ للمحتاجين للعلاج، وسائل المعالجة والتمريض ولو وقف على تلك الاَهداف النبيلة لقضى بغير ما قضى، ولوصف ذلك التهديم بأنّه خير.إذا علمت ذلك، فنحن نذكر مثالاً من نفس ما نحن بصدده.إذا هبّت عاصفة هوجاء على السواحل، فبما أنها تقطع الاَشجار و تدمّر المنازل القريبة من الساحل، حينها توصف بالشرِّ والبلية، ولكنّها من جهة أُخرى خير محض حيث توجب حركة السفن الشراعية المتوقفة في عرض البحر بسبب سكون الرياح وبذلك تنقذ حياة المئات من ركّابها اليائسين من النجاة.إنّ هذه العاصفة وإن كان يُكمن فيها الشر لكنها في نفس الوقت وسيلة فعّالة في عملية تلقيح الاَزهار، و إثارة السحب للمطر، وتبيد الاَدخنة الضارة المتصاعدة من فوهات المصانع و المعامل، إلى غير ذلك من الآثار المفيدة لهبوب الرياح التي تتضاءل عندها بعض الآثار السيئة.إنّ السبب لوصف بعض الحوادث بالشرور والبلايا هو ضيق علم الاِنسان