شرائط وجوب الجهـاد - فقه الإسلامی أحکام العبادات مطابق لفتاوی آیة الله المدرسی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فقه الإسلامی أحکام العبادات مطابق لفتاوی آیة الله المدرسی - نسخه متنی

سید محمد تقی مدرسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د- يجب قتال البغاة على دولة الاسلام الذين يستخدمون السلاح ضد الدولة، وقد الحق بهم مانعوا الزكاة. والأقوى الحاق كل تمرد بالسلاح. ومن ذلك قتال الذين يبغون بعد اقامة الصلح، وذلك قولـه سبحانه: «وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَاَصْلِحُـوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَاَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ » (الحجرات/9)

هـ- وعندما يتعرض الفرد - أي فرد - لتهديد حقيقي في نفسه او دينه او عرضه او مالـه، فلــه أن يدافـع عن نفسه بالقتال. لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: "من قُتِل دون مظلمته فهـو شهيــد ". ([511])

ومن حقائق هذا القتال؛ القتال تحت راية ظالم دفاعاً عن نفسك وعرضك، لا استجابة لأوامر الظالم ولا دفاعاً عن سلطته. فقد جاء في حديث مأثور عن الامام الصادق عليه السلام، قال الراوي: سألته عن رجل دخل أرض الحرب بامان فغزا القوم الذين دخل عليهم قوم آخرون، قال عليه السلام: "على المسلم ان يمنع نفسه ويقاتل عن حكم الله وحكم رسوله، وأما ان يقاتل الكفار على حكم الجور وسنتهم فلا يحل له ذلك ". ([512])

وهكذا كان الدفاع واجباً؛ سواءً الدفاع عن النفس بصورة فردية، او الدفاع عن بلده إذا تعرض للهجوم، فيقاتـل مع سائر أهل البلد العدو.

و- وقال كثير من الفقهاء: ان النبي وأوصياءه المعصومين عليه وعليهم الصلاة والسلام؛ يدعون الناس الى الايمان بالله وحده فان أبوا قاتلوهم حتى يؤمنوا أو يعطي أهل الكتاب منهم الجزية. ويسمى هذا النوع بجهاد الدعوة، وقالوا إن هذا الفرض قد سقط اليوم. وقال البعض إنه قائم مع الفقيه العادل.

2/ كل قتال مشروع يعتبر جهاداً في سبيل الله، وتشمله أحكامه، إلاّ ما علم استثناؤه. وقيل ان الجهاد هو فقط جهاد الدعوة او الجهاد الابتدائي.

3/ الأقوى وجوب صيانة دار الاسلام (وطن المسلمين) من الاخطار، وذلك:

باعداد القوة العسكرية التي ترهب الاعداء وتردعهم عن التفكير بالهجوم. ومن حقائق ذلك؛ التسلح بأحدث وسائل الدفاع، وتدريب الجنود بأعلى مستوياته، وحفر الخنادق وانشاء السواتر والموانع، والارصاد للعدو والمرابطة على الحدود والثغور، وبث العيون على الاعداء، ودراسة اوضاعهم القتالية، واستخبار نواياهم، وكذلك بعدم استفزازهم عبثاً، وربما ايضاً بتأمين مصالحهم المشروعة. وبكلمة واحدة الظاهر ان المحافظة على حرمات المسلمين واجبة بأية وسيلة ممكنة، والله العالم.

شرائط وجوب الجهـاد

1/ الجهاد - بكل أقسامه - واجب كفائي على جميع ابناء الأمة، إلاّ اولي الضرر، ولا يتعين على أحد إلاّ عندما يفرض عليه الامام بالذات، او عند اعلان التعبئة العامة.

2/ ويسقط الجهاد عمن رُفِع عنه القلم؛ مثل الطفل والمجنون.

3/ ويسقط عن أولي الضرر الذين لايستطيعون قتالاً؛ مثل المريض والأعمى والأعرج والذي لايجد نفقة الجهاد.

4/ وإذا كان نمط القتال بحيث لايقدر عليه إلاّ فئة معينة، تَعيَّن عليهم وسقط عن غيرهم؛ مثل القتال في البحر الذي لايقدر عليه إلاّ سلاح البحرية، فيسقط عن غيرهم، او القتال في الجو حيث يجب على القوات الجوية ويسقط عن غيرهم.

5/ قال الفقهاء: إن للابوين منع المكلّف عن الجهاد مالم يتعين عليه. وقال بعضهم أن لصاحب الدَين منع المدين عن الجهاد إذا كان الدَيْـن حالاً حتى يؤديه.

6/ وقال الفقهاء: ان الجهاد يسقط عن المرأة، ولكن لايشمل كلامهم حالة اعلان التعبئة العامة الدفاعية من قبل الامام عندما تقتضي الضرورة ذلك، إذ أن هذه الحالة تشمل النساء أيضاً.

7/ ويجوز أن يموّل الشخص غيره للجهاد، وقال بعض الفقهاء: أنه يسقط حينئذ عنه مالم يتعين عليه.

8/ ومن عجز عن الجهاد استحب ان يجهز غيره لـه، وقال البعض: بوجوبه.

حكم القتال في الحَرَمِ وفي الأشهر الحُرُم

1/ لايجوز ان يبدء في الأشهر الحرم بقتال من يرى لها حرمة (مثل مشركي قريش)، اما غيرهم فلا بأس بقتالهم فيها. كذلك لا بأس بالدفاع مطلقاً.

2/ وقد حرّم القتال في الحرم إلاّ إذا كان قتالاً دفاعياً.

ولايـة الحـرب

1/ ولي الأمر الشرعي هو الذي يعلن الحرب ويديرها، ويعلن وقفها حسب المصالح العليا للأمة.

2/ يجب قتال الأقرب من الكفار، إلاّ إذا كان الأبعد أشد خطراً.

3/ ينبغي دعوة الكافر الى الدين قبل المبادرة بالقتال، إذا كان يرجى قبوله لها.

4/ يستنفذ القائد الوسائل السلمية لتحقيق أهداف الأمة قبل اتخـاذ قرار الحرب، فاذا جنح العدو للسلم؛ جنح المسلمون لـه بالتوكل على الله.

5/ يدرس القائد امكانية الفتح والانتصار قبل اعلان الحرب، فلو كانت الأمة ضعيفة، تدريباً او تعبئة او سلاحاً، او في غير ذلك، فانه يُرجِئ اعلانها.

6/ كما ان قرار الحرب بيد ولي الأمر الشرعي، كذلك قراراتها الجزئية التي يرى ضرورة اتخاذها من قبله او من قبل من يفوّضه فيها حسب الدرجات والرتب العسكرية.

7/ القوانين والأعراف المرعية في الحروب الحديثة، واجبة التنفيذ إذا انتهت الى اصل فقهي واجب الاتباع، مثل الولاية الالهية في القتال، ومثل الالتزام بالمواثيق، وحرمة الغدر والغلول.

الثبات في القتال

1/ على المقاتل أن يصمد في المعركة مادام له قوة يرجى معها النصر، فاذا فقد الأمل بسبب قوة العدو عدة او عدداً، جاز له الانسحاب. وإذا جرح المقاتل أو اصيب بمرض اضعفه عن القتال، او فقد سلاحه وعتاده جاز له الانسحاب.

2/ ليس من الانسحاب التحول من موقع لموقع، أو اعادة تنظيم الصفوف، أو التراجع للاعداد والتسلح والتحيز الى فئة وما أشبه، من الضرورات القتالية والتي تُسمى اليوم بالانسحاب التكتيكي.

3/ تحديد تفاصيل الصمود والانسحاب يرتبط بالظروف المتغيرة، وعلى الفقيه الولي بيان ذلك معتمداً على رأي الخبراء العسكريين.

4/ لا يجوز الفرار من الزحف، ويعتبر ذلك من كبائر الذنوب، إلاّ في الموارد التي يحددها الفقيه.

الاسلحـة فـي القتـال

1/ يجوز استخدام كل الاسلحة التي يرجى بها الفتح إلاّ ما يُستثنى.

2/ يستخدم من الاسلحة بقدر ما يحقق الفتح، وبأقل قدر من الدمار والقتل.

3/ لا تُستخدم الاسلحة التي تفسد الأرض او تبيد الأبرياء، وتُتَجَنَّب اسلحة الدمار الشامل؛ كالاسلحة الذرية والبيولوجية والكيماوية، إلاّ عند الضرورة مثل:

أ- ما إذا استخدم العدو تلك الاسلحة.

ب- اذا استوجبت الضرورة ذلك، كأن يكون عدم استخدامها أشد ضرراً وفساداً، ولم تكن مندوحة للمسلمين غيرها.

4/ لا يمنع من محاصرة العدو اقتصادياً، وقطع طرق المؤنة عنه، ودك حصونه بالمدفعية وما أشبه، إذا كان يرجى بذلك الفتح.

5/ يُتجنب - ما أمكن - قطع الاشجار وحرق الزرع.

6/ لا يُقتل غير المقاتلين من الشيوخ والنساء والصبيان والمجانين والمتبتلين في أعالي الجبال.

7/ لو تترس العدو بالنساء والصبيان والاسارى من المسلمين كف عنهم إلاّ عند الضرورة، مثل التحام الحرب وتوقف الفتح، والميزان تقييم مدى الضرورة في كل معركة، بالنظر الى حجم الخسائر وفائدة الفتح.

8/ قال بعض الفقهاء: لو قُتِل عند الضرورة الأسارى من المسلمين وجبت الكفارة دون الدية. وإذا قيل العكس كان أشبه على أن تكون الدية في بيت المال.

9/ لو كان ضمن العدو النساء والشيوخ والاطفال من المقاتلين، لايكف عنهم.

10/ قال الفقهاء: لايجوز المثلة بالعدو؛ كقطع الاناف والاذان.

11/ ويجوز ممارسة الخدعة في الحرب، بان يظهر بالكلام او بالعمل ما يوهم العدو أمراً مخالفاً للواقع، ثم يؤخذ على غرة.

العهـود والمواثيـق

الوفـاء بالعهد، وبالذات العهد الذي جعل الله عليه شهيداً، مسؤولية شرعية، وقد قال سبحانـه: « وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولاً » (الاسراء/34). وقال: «وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَاتَفْعَلُونَ » (النحل/91)

والميثاق العسكري عهد يجب الوفاء به، وقد قال سبحانه: «إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَاَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ » (التوبة/4)

وهكذا يجب الوفاء بالعهد في الأمور التالية:

1/ المواثيق الدولية التي وقّعت عليها الدولة الاسلامية واجبة الاتباع؛ مثل ميثاق منع استخدام اسلحة الدمار الشامل (الذرية أو الكيماوية او البيولوجية وما أشبه)، ومثل ميثاق التعامل مع اسرى الحرب، او مع المدنيين، او مع مندوبي الصليب الأحمر وما أشبه.

2/ لو كانت بين الدولة الاسلامية والجانب الآخر ميثاق خاص لابدّ من احترامه، مادام الطرف الثاني يحترمه.

3/ يجب احترام العهـد الذي تبرمه قيادة الحرب مع الاعداء اثناء المعركة، مثل الذمام والاستجارة، فلو أعطى أحد من المسلمين فرداً من الاعداء الامان، جاز ووجب على سائر المسلمين احترام ذمته. ولكن لو منع ولي الأمر من اعطاء الذمة، فعلى المسلمين اتباع امره.

4/ يجوز لقائد الحرب ان يعطي أماناً لمن يشاء من الاعداء، شريطة ان يكون ذلك ضمن صلاحياته المخوّلة.

5/ عقد الأمان - كسائر العقود - في اشتراط اهلية العاقد، (و ان يكون بالغاً عاقلاً مختاراً )، وشروط الصيغة (مثل الوضوح). فلو أجار المكرَه، او الطفل لا يُعتنى بجواره، وكذلك لو قال المسلم كلمة متشابهة مثلاً دعاه الى التقدم فانه لايعتبر أماناً.

6/ لو ظن الكافر ان المسلم أمّنه فألقى سلاحه، فقد اوجب الفقهاء اعادته الى مأمنه، ولم يسوّغوا قتله او أسره. ويدل على ذلك بعض الاحاديث الشريفة.

7/ ورسول الأعداء لا يُقْتَل، وكذلك من يكون في حكمه مثل افراد الصليب الأحمر، ومراقبي الحرب ومن أشبه، ممن لهم أمان عرفي.

8/ وقت الأمان قبل انتهاء الحرب، ولو اقرّ المسلم لكافر بالأمان حينئذ مضى اقراره. ولكن بعد انتهاء الحرب لا يؤمّن إلاّ الامام، فلو أقرّ المسلم حينئذ لكافر بالأمان لا يقبل منه حتى يثبت ذلك بالدليل.

9/ للدولة الاسلامية الحق في اجارة من شاء من الكفار عبر اعطاء التأشيرة لهم بالدخول. فيكونون آنئذ في ذمة الاسلام ماداموا في الوطن الاسلامي، ولا يجوز ان يغدر بهم أحد. فاذا خرجوا من دار الاسلام كانوا كسائر الكفار.

10/ وإذا سافر احد من المسلمين الى بلاد الكفر بعد ان اخذ الامان منهم (وذلك عبر اخذ تأشيرة الدخول مثلاً)، يجب عليه الالتزام بكل الشروط التي تعهد بها ومنها العمل بقوانين تلك البلاد. فلو سرق مثلاً شيئاً وعاد به الى دار الاسلام، أعاد الى الكفار ما سرقه، لأنه أخذه غدراً.

11/ ولو التـزم المسلمون بالمواثيق الدولية، كان عليهم الوفاء بها ولا يجوز الغدر بها. بلى، لايجوز لهم ان يتقيدوا بما يخالف احكام الدين او مصالح الأمة.

12/ الأمان يعني احترام كلّ ما يتعلق بالفرد في العرف الاجتماعي والقانوني المتبع، مثل احترام أهله وماله واعتباره وما الى ذلك من حقوقه المدنية. ومن هنا فلو مات بقيت متعلقاته في أمان، الى ان تنتهي صلاحية الامان؛ فيكبر الصغير وتستقل الزوجة. وهناك يتجدد الأمان حسب اتفاق جديد بين حاكم الشرع وبين اصحاب العلاقة.

13/ اذا مات المعاهد (من له الأمان)، فالظاهر انتقال ماله الى ورثته الذين يرثونه حسب دينه، ولو كانوا محاربين، إلاّ إذا كانت صيغة الأمان وشروطه تقتضي غير ذلك، كانتقال ماله الى بيت المال. وقال طائفة من الفقهاء: ان المال يعود فيئاً.. والأول اشبه، لان المال قد تعلق به الامان ايضاً.

14/ إذا التحق المعاهد بدار الحرب انتقض أمانه بالنسبة اليه والى حقوقه المالية. وقال طائفة من الفقهاء: ان ماله لايزال محترماً، والأول أظهر، لأن حرمة المال فرع حرمة الشخص وقد بطلت.

15/ العقود المشروعة التي تبرم بين المسلم والكافر الحربي تعتبر بمثابة العهد الذي يجب الوفاء به، ولا يجوز الغدر فيه؛ فلو اشترى المسلم شيئاً من الكافر الحربي، وجب عليه دفع الثمن. ولو أخذ وديعة او أمانة وجب ردّها على الأظهر. ولعل من ذلك مهر الزوجة الكافرة، فاذا أسلم زوجها ولم تسلم كان عليه رده اليها. وقال طائفة من الفقهاء: لايجب ذلك.

16/ الحقوق المالية الأخرى التي بذمة المسلم للكافر الحربي لايجب عليه الوفاء بها إذا لم يتعهد بها، كما لو اتلف المسلم مالاً للحربي فليس عليه شيء، وكذا لو غصب منه او سرق، وكذلك كل حق تعلقت به ذمة المسلم بغير تعهد واستيـمان.

أحكـام التحكيـم

1/ يجوز وقف الحرب على اساس الرجوع الى حاكم يختاره الطرفان او طرف منهما او جهة ثالثة، ويسمى ذلك تحكيماً.

2/ لدى الإمكان يجب ان تتوفر في الحاكم الصفات التالية: البلوغ والعقل والعدالة والفقه، وكلّما يتوقف عليه اداء مهمته؛ مثل الخبرة بشؤون التحكيم. ولا يشترط ان يكون ذكراً او حراً. فيجوز ان يختار العبد والمرأة إذا توفرت الشروط فيهما.

3/ وإذا قضى حاكم التحكيم بأمر، فعلى المسلمين تنفيذه مالم يخالف أحكام الشريعة.

4/ إذا اضطر المسلمون الى قبول حكم من لا تتوافر فيه الشروط جاز، وذلك حسب ما يراه القائد الأعلى لهم، او القائد المفوّض من قبله. فيجوز مثلاً الرجوع الى المحاكم الدولية (محكمة لاهاي او مجلس الأمن مثلاً)، او أية جهة أخرى عندما تقتضي المصالح العليا والضرورية للأمة ذلك.

5/ يعتبر التحكيم من مصاديق العهد المبرم بين المسلمين واعدائهم، وتجري عليه سائر احكام العهد.

أحكـام الجعـل

1/ يجوز للقائد العسكري ان يستفيد من كل ما يطلعه على اسرار العدو، او يعينه عليه. ومن ذلك جعل الجوائز لمن يقوم بدور متميّز في ذلك؛ مثل ان يعلن عن ان الجند الذين يفتحون هذا الساتر الترابي أو ذلك الخط الدفاعي، سوف يتمتعون بجوائز مادية (نقود، او اجازات طويلة)، او معنوية (ارتقاء عسكري). وقد يجعل الأراضي المفتوحة او الغنائم المستولى عليها ملكاً لهم، وقد يجعل لهم غير ذلك.

2/ يجوز جعل شيء مجهول كبعض غنائم دار الحرب. وقد يكون الجعل منفعة مثل غلة الأراضي المفتوحة لمدة معينة.

3/ لو كان الجعل (مثل الجائزة) عند الجاعل، ولم يتوقف على الفتح استحقه العامل فور قيامه بالأمر؛ فلو قال القائد من دلّني على ثغرة هذا الحصن اعطيته الف دينار، وجب عليه اداؤه لمن دلّـه فوراً. اما لو كان الجعل في مال العدو (مثل بعض الغنائم الحربية) استحقه بعد الفتح. ولو لم يقدر على المجعول (كما لو تصالح المسلمون مع العدو، ولم تكن هناك غنيمة )، فعلى القائد إرضاء العامل او التحاكم الى ذوي العدل لمعرفة مقدار حقه وادائه اليه.

أحكـام الأسـرى

1/ قال الفقهاء يتعين القتل بالنسبة الى العدو المقاتل الذي يؤسر حين المعارك. وقال البعض: ان أمر ذلك الى الامام، فان شاء قتل وإن شاء لم يقتل.

2/ وبعد انتهاء المعركة يختار الامـام بين اطلاق سراح الأسير بلا فدية أو معها حسب الآية الكريمة «فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِيَبْلُوَا بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ » (محمد/4). وقد جاء في السنة الشريفة خيار آخر هو استعباده.

3/ لا تقتل المرأة ولا الذراري، بل يستعبدون حسبما ذكر الفقهاء.

4/ إذا أسلم الأسير فانه لايقتل، ولكن لا تسقط عنه سائر احكام الأسر.

5/ ويجب ان يطعم الأسير ويسقى، ويراعى فيه كل الحقوق حيث يعتبره الاسلام انساناً قابلاً للاصلاح، وقد سبق الاسلامُ العالَـمَ بهذه النظرة.

6/ إذا وقّعت الدولة الاسلامية على المعاهدات الدولية بشأن اسرى الحرب، فعليها الالتزام بها كما تلتزم بسائر عهودها ومواثيقها.

7/ وتعتبر المعاهدات الدولية الأسير الحربي هو المقاتل العسكري الذي يستسلم سواءً كان من المتطوعين او المجندين او جنود احتياط او قوات فدائية. ولا تعتبر الجواسيس منهم.

وتعتبر هذه المعاهدات؛ الدولة المعنية مسؤولة عن حياة الأسرى، وتوجب عليها حمايتهم من الأخطار ومن أذى الناس، وتمنعها من استخدامهم في اعمال عسكرية مباشرة. ولكنها تسمح لها باجبارهم على اعمـال غير عسكرية، وتوجب عليها اعادتهم الى بلادهم فور انتهاء الحرب.

وقد جعلت هذه الاتفاقات منظمة الصليب الأحمر والدول المحايدة وسطاء في قضايا الأسرى بين المتحاربين. وهناك بنود أخرى في المعاهدات، لايسعها المقام، على الدولة الاسلامية الالتزام بها ان وقعت على تلك المعاهدات.

8/ انما توقع الدولة الاسلامية على مثل هذه الاتفاقيات إذا كانت فيها مصلحة عليا للحفاظ على اسرى المسلمين عند الاعداء، او للحفاظ على سمعة الاسلام والمسلمين في العالم، او لغير ذلك من المصالح.

9/ يدفن المقاتلون شهداءهم والأموات منهم دون قتلى العدو، وعند الاشتباه يرجع الى الامارات المفيدة للاطمئان. وعند عدمها يدفن الجميع.

الغنـائـم

1/ الغنيمة الحربية هي التي استولى عليها الجيش الاسلامي بالقهر والغلبة؛ من الاسلحة والمعسكرات والعتاد، وكل ما يرتبط بالحرب من امكانات.

2/ إذا وقعت الدولة الاسلامية علـى المعاهدات الدولية الخاصة بالحرب، والتي تستثني مـن الغنائم الممتلكات الخاصة، والبريد وما أشبه. فان عليها ان تلتزم بعهدها.

3/ الغنائم ملك الجيش بعد اخراج الخمس، وتكاليف الحمل والمحافظة وما أشبه. ولكن الدولـة هي التي تتولى أمرها حسب المصالح العليا. ولو اتفق الجانبان (الدولة والجيش) على طريقة معينة في أمر توزيعها فإن اتفاقهم شرعي.

4/ ولان الحروب الحديثة تختلف تماماً عن الحروب القديمة؛ في ان موارد الأمة تسخر للحرب والاستعداد لها ودعم مجهودها، من السلاح والعتاد والمؤن، وهي التي تتولى أمر الدفاع الجوي في العمق كما في الجبهات، مما يجعل أكثر اراضي البلاد بحكم جبهة الحرب، ويجعل الكثير من الناس مشتركين في الحرب بنسبة معينة. من هنا فان المصالحة على وضع الغنائم الحربية لاينبغي تركها، بحيث يتنازل المقاتلون عن حقهم فيها، في مقابل قيام الدولة بكافة شؤونهم العسكرية.

5/ تقوم الدولة الاسلامية، او الهيئات الدينية، عند عدم وجودها، بادارة وضع المجاهدين ونصرهم مادياً ومعنوياً، وعند استشهادهم، يقدمون كافة الخدمات الممكنة لذويهم، وتصرف في ذلك الحقوق

الشرعية؛ كما الغنائم - عند الصلح عليها -.

6/ لا يجوز للمقاتل التصرف في الغنائم الحربيـة من دون اذن وليها، ولكن يجوز الانتفاع بها عند الضرورة وبقدرها. مثلاً لو غنم المقاتلون طعاماً؛ أكلوا منه، وعتاداً؛ استخدموه لدى الحاجة، او ثياباً او فراشاً او اثاثاً استفادوا منها حسب الحاجة، وذلك كله بلا ضمان. وتردد بعض الفقهاء في ذلك. والأقوى اعتبار اذن ولي المغنم إذناً صريحاً او بالفحوى.

7/ الغنائم الحربية التي لايستطيع المجاهدون نقلها الى خلف الجبهة، ويخشون استفادة العدو منها لدى تركها، تعدم او تهدم.

أحكـام الاراضـي

1/ ذكر الفقهاء ان الاراضي العامرة التي استولى عليها المسلمون بالحرب، واخذوها عنوة (أي بالقوة)؛ أنها للمسلمين جميعاً، وان ولي أمرهم يصالح العاملين فيها بنسبة معينة من غلاتها فيصرفها في مصالح الأمة.

2/ كما ذكروا؛ ان الأراضي الموات التي استولى عليها المسلمون بالقوة للامام، يعطيها لمن يشاء حتى يعمرها.

3/ ومن الأراضي ما صالح الامام أهلها عليها، فهي حسب اتفاقية الصلح بين الطرفين.

4/ من أجل معرفة وضع الأرض، يجب ان نرجع الى الطرق التي تورث العلم او الطمأنينة.

5/ لدى الشك في وضع الأراضي نرجع الى القواعد العامة فيها، مثل قول النبي صلى الله عليه وآله: الارض لله ولمن عمرها.

أحكـام الجزيـة

1/ يقر أهل الكتاب على دينهم في البلاد الاسلامية إذا التزموا بشروط الذمة التي منها اعطاء الجزية.

2/ أهل الكتاب هم اليهود والنصارى والمجوس. ولو قيل بشمول الصفة لكـل من آمن بالله سبحانه وانتمى الى كتاب سماوي، لكان أشبه.

3/ تؤخذ الجزية من الرجال دون الاطفال والنساء ومن غلب على أمره؛ كالمعتوه والمجنون. ولا تؤخذ ممن لايجد ثمنها لا حالاً ولا مستقبلاً.

4/ ومقدار الجزية وموضعها من الرؤوس او الأموال، وطريقة ادائها موكول الى الامام.

5/ تصرف الجزية في مصالح المسلمين.

6/ يعتبر قبول اعطاء الجزية أحد شروط الذمة، وهو دليل قبول القوم للسلطة الاسلامية، ولأحكام الدين العامة.

7/ ويشترط في الذمـة ايضاً: ألاّ يهددوا أمن البلاد باعلان الحرب على المسلمين، او التآمر مع اعدائهم وما أشبه، مما يخالف روح اتفاقية الذمة.

8/ وقد يشترط عليهم ألاّ يؤذوا المسلمين بنشر الفساد بينهم، واشاعة الفواحش، فانه لو اشترط ذلك عليهم في عقد الذمة فلم يلتزموا به حل قتالهم. وان لم يشترط جرت بحق مجرميهم احكام الدين من اقامة الحدود والتعزيرات.

9/ وينبغي ان يشترط على أهل الذمة ألاّ يتظاهروا بالمنكرات؛ مثل شرب الخمر وأكل لحم الخنزير والتعاطي بالربا وممارسة القمار والتجاهر بالزنا وتبرج نسائهم بزينة وما اشبه.. فلو اشترط عليهم وخالفوا الشرط انتقضت ذمتهم.

10/ كما ينبغي اشتراط عدم احداث كنيسة او بيعة.

11/ بل ينبغي اشتراط ما يرغبهم في قبول الاسلام، والاندماج مع المجتمع المسلم حسبما يراه الامام. وقد بيّن ابن الجنيد من كبار فقهائنا الأقدمين جملة من الشروط التي ينبغي ادراجها في الذمة. وهي جيدة، شريطة ان يراها امام المسلمين في منفعة الأمة.

قال رحمه الله: واختار ان يشترط عليهم - عند عقد الذمة لهم -: ان لا يظهروا سباً لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا أحد من أنبياء الله وملائكته، ولا سب أحد من المسلمين، ولا يظهروا شركهم في عيسى والعزير، ولا يرعون خنزيراً في شيء من امصار المسلمين، ولا يمثلوا ببهيمة ولا يذبحوها إلاّ من حيث نص لهم في كتبهم على مذبحها، ولا يقربوها لاصنامهم ولا لشيء من المخلوقات، ولا يربو مسلماً [أي لايأخذوا الربا من مسلم]، ولا يعاملوه في بيع ولا اجارة ولا مساقاة ولا مزارعة، معاملة لا تجوز للمسلمين، ولا يسقوا مسلماً خمراً، ولا يطعموه محرماً، ولا يقاتلوا مسلماً، ولا يعاونوا باغياً، ولا ينقلوا أخبار المسلمين الى اعدائهم، ولا يدلّوا على عوراتهم، ولا يحيوا من (الاراضي في ) بلاد المسلمين شيئاً إلاّ باذن واليهم.

12/ ميثاق الذمة من صلاحية الامام الحق. اما الذمة التي يتعهد بها الامام الجائر، فان القبول بها او ردّها يرتبط بطبيعة قبول او رد سائر احكامها. والولي الفقيه هو المرجع في ذلك، فقد يقر ما تقرره السلطة الجائرة تقية او مصلحة، وقد ترده كلياً او جزئياً.

13/ لا يدخل أهل الذمة المسجدين الشريفين بل سائر المساجد، ولا يدخلون الحرمين (مكة والمدينة)، ولا يسكنون الحجاز على المشهور.

عقـد الهدنـة

1/ للدولة الاسلامية الحق في ابرام اتفاقيات السلم (عدم الاعتداء) مع الدول الأخرى، رعاية لمصالح الأمة. وعليها الالتزام بها مادام الطرف الآخر ملتزماً بها.

2/ لا يشترط تحديد مدة الاتفاقية (التي تسمى بالهدنة) بسنة او أقل.

3/ قال الفقهاء لايجوز عقد الهدنة الى الأبد، ولكن الى مدة معلومة ولو بعيدة.

4/ إذا خاف المسلمون نقض الهدنة من الطرف الثاني، (فعرفوا مثلاً ان العدو يحشد قواته استعداداً لهجوم مباغت ضد المسلمين ) فلا يجوز نقض الهدنة من قبل المسلمين قبل اعلام العدو بذلك.

قتـال أهـل البغـي

1/ من شعب الجهاد قتال الخارج على الامام العادل اذا ندب اليه، والتخلف عنه من الذنوب الكبيرة.

2/ وجوب هذا القتال على الكفاية، فاذا قام به من فيه غنى، سقط عن الباقين مالم يستنهضه الامام على التعيين.

3/ احكام القتال في هذه الحرب هي احكامه في سائر الحروب، الى ان تضع الحرب اوزارها، فتختلف الاحكام حسبما يأتي.

4/ يجب السعي نحو اصلاح الفئة الباغية قبل قتالهم، بل ينبغي استنفاذ كل الطرق السلمية، من أجل تجنب اهراق دماء المسلمين.

5/ ويجب قتال الباغين حتى يفيئوا الى حكم الله او يقمعوا، وإذا كانت لهم فئة يرجعون اليها جاز الاجهاز على جريحهم واتباع مدبرهم وقتل اسيرهم. وإلاّ فان الهدف قمعهم فلا نحتاج الى اتباع المنهزم منهم او قتل جريحهم واسيرهم.

6/ يعامل البغاة بعد انتهاء الحرب معهم معاملة المسلمين، فيطلق أسراهم ولا تسبى نساؤهم وذراريهم، وترد اليهم أموالهم سواءً التي استولى عليها الجيش او لم يستولوا عليها، وسواءً المنقولة منها وغيرها.

الفصل الثالث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الكتاب والسنة

القرآن الكريم

1- «كُنْتُمْ خَيْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلْنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرَهُمُ الْفَاسِقُونَ » (آل عمران/110)

2-« يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ » (آل عمران/114)

3-« وَلْتَكُن مِنكُمْ اُمَّـةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » (آل عمران/104)

4-« إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِاَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِـلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّآئِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الأَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ » (التوبة/111-112)

5-« الَّذِينَ إِن مَكَّنَّاهُمْ فِي الاَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاُمُورِ » (الحج/41)

6-« وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَولِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ اُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (التوبة/71)

7- «يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ » (لقمان/17)

فقـه الآيـات

1/ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات الامة الاسلامية ومن اسباب رقيها، وبلوغها درجة "خير امة اخرجت للناس". كما انهما كانا من صفات الصالحين من اهل الكتاب.

ومن هذه الامة طائفة فرض عليهم واجب الامر والنهي أشد من غيرهم؛ كالفقهاء والربانيين والمجاهدين والقوامين لله الذين اشترى الله منهم انفسهم واموالهـم، وبالذات الذين مكنهم الله في الارض.

2/ والامر والنهي دليل ولاية الله سبحانه التي جعلها بين المؤمنين، ووسيلة رحمته. فمن حق المؤمن على أخيه ان يأمره بالمعروف وان ينهاه عن المنكر، ومن واجب المؤمن ان يستجيب لاخيه اذا امره ونهاه.

3/ والامر والنهي من عزم الامور، كما اقامة الصلاة والصبر على البلاء، وعلينا ان نعقد العزم عليهما ونتوكل على الله فيهما، فلا نسمح للوهن ان يتخذ الى قلوبنا سبيلا، ولا الحزن والتردد.

4/ والظاهر من الامر والنهي التعبير عنهما بالقول؛ لساناً او قلماً، او بتغيير الملامح، او بفعل يظهر الامر والنهي كالاشارة باليد، او ترك مجالسة فاعل المنكر وما اشبه.

5/ وقال بعض الفقهاء: ان المراد من الامر حمل الآخر على فعل، والمراد من النهي ردعه عنه. وهكذا ينتظم في اطار الامر بالمعروف اقامة المشاريع الخيرية، وفي اطار النهي عن المنكر هدم بنى الفسق، وما ذكره هذا الفقيه هو الاحوط، ولكن الاقوى ان الامر والنهي يقتصران على ما سبق من اظهار الرغبة الشديدة في الفعل والترك بالامر والنهي قولا او ما يشبه القول.

السنة الشريفة

1 - روي عن العالم عليه السلام، انه قال: انما هلك من كان قبلكم بما عملوا (من المعاصي) ولم ينههم الربانيون والاحبار عن ذلك.

وروي: ان رجلاً جاء الى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: اخبرني ما افضل الاعمال؟ فقال: الايمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: صلة الرحم، قال: ثم ماذا؟ قال: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وروي أيضاً: ان صبيين توثبا على ديك فنتفاه فلم يدعا عليه ريشه، وشيخ قائم يصلي لا يأمرهم ولا ينهاهم، قال: فأمر الله الارض فابتلعته.

وروي عن العالم عليه السلام، انه قال: "ويل للذين يجتلبون الدنيا بالدين، وويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس". ([513])

2- روى جابر، عن ابي جعفر عليه السلام، قال: "من مشى الى سلطان جائر فأمره بتقوى الله ووعظه وخوّفه، كان له مثل اجر الثقلين من الجن والانس، ومثل اجورهم". ([514])

3- جاء في مواعظ المسيح عليه السلام انه قال: "بحق اقول لكم: ان الحريق ليقع في البيت الواحد، فلا يزال ينتقل من بيت الى بيت حتى تحترق بيوت كثيرة، الا ان يستدرك البيت الاول، فيهدم من قواعده فلا تجد فيه النار معملا، وكذلك الظالم الاول لو يؤخذ على يديه، لم يوجد من بعده امام ظالم فيأتمون به، كما لو لم تجد النار في البيت الاول خشباً وألواحاً لم تحرق شيئاً.

بحق اقول لكم: من نظر الى الحيّة تؤم اخاه لتلدغه ولم يحذّره حتى قتلته، فلا يأمن ان يكون قد شرك في دمه، وكذلك من نظر الى أخيه يعمل الخطيئة ولم يحذره عاقبتها حتى احاطت به، فلا يأمن ان يكون قد شرك في اثمه.

ومن قدر على ان يغيّر الظلم ثم لم يغيّره فهو كفاعله، وكيف يهاب الظالم وقد أمن بين أظهركم!؟ لا يُنهى، ولا يُغير عليه، ولا يؤخذ على يديه، فمن أين يقصر الظالمون؟ أم كيف لا يغترون؟ فحسب احدكم ان يقول لا اظلم، ومن شاء فليظلم، ويرى الظلم فلا يغيره، فلو كان الامر على ما تقولون، لم تعاقبوا مع الظالمين الذين لم تعملوا باعمالهم حين تنـزل بهم العثرة في الدنيا". ([515])

4- روى أبو سعيد الخدري، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "لا يحقرن احدكم نفسه اذا رأى امراً لله عز وجل فيه حق الا ان يقول فيه، لئلا يقفه الله عز وجل يوم القيامة فيقول له: ما منعك إذ رأيت كذا وكذا ان تقول فيه؟ فيقول: رب خفت، فيقول الله عز وجل: أنا كنت احق ان تخاف". ([516])

5- وروي عن امير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى: « وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللّهِ » انه قال: ان المراد بالآية، الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: "من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فهو خليفة الله في الارض وخليفة رسوله". ([517])

6- وجاء عن شهر ابن حوشب، ان علياً عليه السلام قال لهم: "انه لم يهلك من كان قبلكم من الامم، الا بحيث ما أتوا من المعاصي، ولم ينههم الربانيون والاحبار، فلما تمادوا في المعاصي، ولم ينههم الربانيون والاحبار، عمهم الله بعقوبة. فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، قبل ان ينـزل بكم مثل الذي نزل بهم، واعلموا ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من اجل، ولا ينقصان من رزق، فان الامر ينـزل من السماء الى الارض كقطر المطر، الى كل نفس او اهل او مال". ([518])

7- وروي عن الإمام موسى بن جعفر عن آبائه عن علي بن ابي طالب عليهم السلام أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأتي اهل الصفة، وكانوا ضيفان رسول الله صلى الله عليه وآلـه.. الى ان قال: فقام سعد بن اشج فقال: اني أشهد الله، وأشهد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن حضرني، ان نوم الليل عليّ حرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لم تصنع شيئاً، كيف تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر إذا لم تخالط الناس؟ وسكون البرية بعد الحضر كفر للنعمة - الى ان قال - ثم قال صلى الله عليه وآله: بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، بئس القوم قوم يقذفون الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، بئس القوم قوم لا يقومون لله تعالى بالقسط، بئس القـوم قـوم يقتلون الذين يأمرون الناس بالقسط في الناس". ([519])

8- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: "رأيت رجلاً من امتي في المنام، قد اخذته الزبانية من كل مكان، فجاءه امره بالمعروف ونهيه عن المنكر فخلصاه من بينهم، وجعلاه مع الملائكة". ([520])

9- وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أيما رجل رأى في منـزلـه شيئاً من الفجور فلم يغيّر، بعث الله تعالى بطير ابيض فيظل ببابه اربعين صباحاً، فيقول له كلما دخل وخرج: غيّر غيّر، فان غيّر وإلا مسح بجناحه على عينيه، وان رأى حسناً لم يره حسناً، وان رأى قبيحاً لم ينكره ". ([521])

أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وجوب الأمر والنهي

1/ المعروف ما امر به الله تعالى، والمنكر ما نهى عنه سواءً عرف بهما فاعلهما او جهـل. فلو عرفهما أمره ونهاه، ([522]) ولو جهلهما أرشـده.

2/ واذا كان المعروف مندوبـاً والمنكر مكروهاً، استحب الأمر والنهي.

3/ والامر والنهي فرضان على كل مؤمن ومؤمنة، وفرضهما على الكفاية، فلو قام البعض بهما سقط عن الاخرين، ولو تركهما الجميع فقد اثموا.

4/ لو استدعى الامر والنهي اجتماع طائفة من المسلمين وجب لو امكنهم بلا حرج، ولو تخلّف عنهم من كان وجوده ضرورياً أثم، وسقط الوجوب عن البقية.

5/ يجب توفير وسائل الامر والنهي وجوباً كفائياً بقدر المستطاع، فلو كان عليه ان يقطع مسافة للقيام بالواجب، فعليـه ان يفعـل ذلك ولو ببذل مال، وكذلك لو توقف الامر والنهي على توفـير خط هاتفي - مثلاً - او مكبرة الصوت او لافتة يكتب عليها وما اليها من المقدمات القريبة التي يعد اهمالها اهمالا بفريضة الامر والنهي، يكون كل ذلك واجباً على المسلمين كفاية.

6/ اما المقدمات البعيدة التي لا يعد اهمالها تركاً للامر والنهي، مثل انشاء اذاعة او جريدة او تأسيس المؤسسات الاخرى؛ تربوية كانت او ثقافية او اعلامية. فان في وجوبها مقدمةً للقيام بالامر والنهي تردد، الاحوط ذلك.

7/ يظهر من النصوص في هذا الحقـل؛ ان غاية فريضتي الامر والنهـي اقامة المعروف وازالة المنكر، إذن.. ما دام المنكر قائماً والمعروف معطلاً، فان الوجوب لايسقط مع توفر الشروط الاتية. ومن هنا فلو أمر صاحبي بالمعروف شخصاً فلم يأتمر، وكنت ارجو ان يأتمر بأمري وجب عليً، وكذلك النهي على الاظهر فيهما.

8/ من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ارشاد الجاهل بهما ودعوته اليهما، حتى ولو كان جاهلا قاصداً.

9/ يتأكد وجوب هذين الفريضتين على الاقربين، حيث قال الله سبحانه: « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً » (التحريم/6)

وقال الله سبحانه: «وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَقْرَبِينَ » (الشعراء/214)

وقال الله سبحانه: «وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَاُوْلَئِكَ مِنكُمْ وأُوْلُواْ الاَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ» (الانفال/75)

وهكذا يتأكد الوجوب فيمن لك عليه ولاية من زوجة واولاد وعشيرة، وإذا كنت رب عمل او مديراً او مدرّساً وبالتالي ذا نفوذ، فعليك ان تستفيد من موقعك للقيام بهذين الواجبين.

شروط الأمـر والنهـي

اشترط الفقهاء للنهي عن المنكر، بل والامر بالمعروف اربعة شروط:

الاول: ان يعلم الآمر والناهي ما هو المعروف، وما هو المنكر ليأمن الغلط.

الثاني: أن يرى امكانية تأثير امره ونهيه، فلو علم انه لا ينفع سقط عنه الوجوب.

الثالث: ان يكون الفاعل للمنكر او التارك للمعروف مصراً فلو لاح منه امارة الصلاح سقط وجوب وعظه.

/ 40