بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
باء : من احتمل بهتاناً ضد أحد ، او افسد سمعته بالغيبة ، او جار عليه بأنفة او كبر او حمية ، فعليه ان يصلح ما افسده . ومن هنا جاء في الدعاء المأثور : " فأيما عبد من عبيدك أو أمة من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها ايّاه في نفسه أو في عرضه أو في ماله أو في أهله وولده ، أو غيبة اغتبته بها ، أو تحاملٌ عليه بميل أو هوى أو أنفةٍ أو حمية أو رياءٍ أو عصبية ، غائباً كان أو شاهداً، وحيّاً كان أو ميتاً ، فقصُرت يدي ، وضاق وسعي عن ردِّها إليه ، والتحلل منه. فأسئلك يا من يملك الحاجات وهي مستجيبة لمشيته، ومسرعة الى ارادته ، ان تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترضيه عني بما شئت ، وتهب لي من عندك رحمة ..." . ([66]) . ومن مصاديق ذلك من قذف المحصنات ، فعليه ان يصلح ما افسده من سمعتهن ، ربما بتكذيب نفسه او التحلل منهن وما اشبه . جيم : والذين يستجيبون لدعوة الرسل، يجب ان يصلحوا ما افسدوه في جاهليتهم بالتوبة والطاعة والاعتصام بالرسل والولاية لهم ولمن يستخلفونه. وكذلك المنافق الذي يعصي الرسول عليه اذا أراد التوبة ان يعتصم به، ويخلص في الولاية له حتى يصلح ما افسده بمعصيته . دال : ومن كتم الحق ، ولم يشهد به ثم تاب ، فعليه ان يبين ذلك الحق ، ويكون عليه شهيداً . هاء : ومن افترى على الله كذباً ثم تاب ، فان عليه ان يعلن للناس كذبه ويصلح افتراءه.
في رحاب الاحاديث
1 / روي عن الامام علي عليه السلام ، أنه قال : " اللهم انك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسةً في سلطان ، ولا التماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنرد المعالم من دينك ، ونظهر الاصلاح في بلادك ، فيأمن المظلومون من عبادك ، وتقام المعطّلة من حدودك " . ([67]) 2 / قال الامام الحسن عليه السلام ، لمعاوية : " تركت قتالك وهو لي حلال ، لصلاح الامة وألفتهم"... ([68]) 3 / وعن الامام الحسين عليه السلام قال : "... وإني لم أخرج أشراً ، ولا بطراً ، ولا مفسداً ، ولا ظالماً . وانما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي ، أريد ان آمر بالمعروف ، وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب" .. ([69]) 4 / عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه قال : " صدقة يحبها الله ، إصلاح بين الناس اذا تفاسدوا ، وتقارب بينهم اذا تباعدوا ". ([70]) 5 / عن ابي حنيفة سابق الحاج قال : مرَّ بنا المفضل وانا وختني ([71]) نتشاجر في ميراث . فوقف علينا ساعة ، ثم قال لنا : تعالوا الى المنزل . فأتيناه ، فأصلح بيننا بأربعمائة درهم. فدفعها الينا من عنده، حتى اذا استوثق كل واحد منا من صاحبه، قال: اما انها ليست من مالي ، ولكن ابو عبد الله عليه السلام أمرني اذا تنازع رجلان من اصحابنا في شيء ان اصلح بينهما وافتديها من ماله . فهذا من مال ابي عبد الله عليه السلام . ([72]) 6/ قال الامام الصادق عليه السلام : " المصلح ليس بكاذب ". ([73]) 7/ قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟، إصلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هي الحالقة " . ([74]) 8/ قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " يا أبا أيّوب ! ألا أخبرك وادّلك على صدقة يحبّها الله ورسوله ؟ تصلح بين الناس إذا تفاسدوا وتباعدوا " . ([75]) 9/ عن مفضل قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : " إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي " . ([76]) 10/ قال الامام علي عليه السلام : " ثابروا على صلاح المؤمنين والمتقين " . ([77]) 11/ قال الامام علي عليه السـلام : "من كمال السعادة السعي في صلاح الجمهور". ([78]) 12/ قال الامام علي عليه السلام : " من استصلح الاضداد بلغ المراد " . ([79])
درءالسيئة بالحسنة
1/ حينما يزداد المؤمن يقيناً، ويزداد على ربه توكلاً، وبنصره ثقة وطمأنينة ، لذلك تراه يتحلى بالصبر خالصاً لوجه ربه ، ويقيم الصلاة وينفق مما رزقه ربه، ويدفع السيئة بالحسنة. (فهو - بذلك - قد وقي شح نفسه ، وتحرر من زنزانة الذات ، واتسع صدره لعباد الله، وتمتع بالنظرة الايجابية ، وبالعطاء والاحسان الى الآخرين). قال الله سبحانه : « وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ اُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ» (الرعد/22( ونستفيد من الآية؛ ان درء السيئة بالحسنة من أسمى صفات المؤمنين، الى جنب الصبر الخالص لوجه الله ، حيث يجوز للمؤمن ان يواجه السيئة بالسيئة ، إذ قال ربنا سبحانه : « وَجَزآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا » (الشورى/40)، وقال: « فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ » (البقرة / 194). ولكن المؤمن يتجاوز عن حقه ، ويجازي السيئة بالحسنة . فاذا الذي اساء إليه يتحول الى ولي حميم، بفعل الخلق السامي . 2/ وقد انبأنا الرب سبحانه، بأن لمثل هؤلاء المؤمنين عقبى الدار . فهل عنى بذلك الجزاء الأوفى في الآخرة فقط، أم الجزاء العاجل في الدنيا ايضاً ؟ نستوحي من آيات أخرى؛ ان الله يمنح هؤلاء جزاءهم مرتين؛ (في الدنيا، والآخرة). ولعل من جزائهم في الدنيا هو حب الناس لهم، حيث قال سبحانه : « وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ الْسَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ » (فصلت / 34)، وقال سبحانه : « أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ » (القصص / 54) وهذه الآية كالتي سبقت، نزلت في أهل الكتاب الذين علموا انما انزل من ربهم الحق . ( انظر الآية 19 من سورة الرعد، والآية 52 من سورة القصص ). ونستوحي من ذلك؛ ان هذه الدرجة الرفيعة من الخلق الحسن، لايبلغها إلاّ من اوتي العلم والايمان حقاً .
بصائر الآيـات
1/ دفع السيئة بالحسنة ، من تجليات العلم والايمان . (كما الصبر ابتغاء وجه الله ، واقامة الصلاة والانفاق ) . 2/ والله يؤتي اجر هؤلاء مرتين (في الدنيا والآخرة، حيث يرزقهم جنات عدن ) .
فقه الآيـات
إذا أمكن دفع السيئة بالحسنة، كان ذلك من أسمى درجات الايمان ، وابلغ مراتب النهي عن المنكر . ولقد كان النبي صلى الله عليه وآله قدوة الحكماء في هذه الفضيلة، كما في سائر درجات الخلق الكريم. واتباعاً لهذا الخلق، علينا ان نقوم بما يلي : ألف : تحسين تربية الابناء، لكي ندرء سوء أفعالهم . فالوقاية من السيئات خير من علاجها . وبدلاً من صرف المزيد من الأموال في بناء السجون، وتقوية اجهزة الشرطة ، واقامة المحاكم الجنائية.. دعنا نبني المزيد من المدارس ، ونستوعب المزيد من الأطفال ، ونهتم بمستقبل أبنائنا . باء : الفقر والجهل، والفراغ والخواء العقائدي، والانحراف الثقافي، وغيرها من عوامل الجرائم في المجتمع .. يمكن القضاء عليها إذا تحمل المجتمع مسؤوليتـه مبكراً لمقاومتهـا، وإلاّ فعليه ان يتحمل نتائج تقصيره باضعاف مضاعفة من الجهد والخسارة . جيم : ان بناء نظام صحي متكامل في المجتمع ، كفيل بتقليل نسبة الأمراض، ولا سيّما المعدية منها ، وبالتالي تقليل الخسائر البشرية والمادية . فالدرهم من الوقاية، أفضل من قنطار في العلاج . والمجتمع الحكيم هو الذي يصرف الأموال في تطعيم الاطفال مصلات المناعة من الأمراض ، وفي عزل المبتلين بالأمراض المسرية ، وفي مراقبة الأطعمة، وفي امداد الناس بالغذاء الكافي ، وبالتالي في كل ما يمنع انتشار الأمراض. ولا يهمل الأمر حتى يستشري الخطر، وينفق المزيد من الثروات في العلاج، وربما من دون فائدة . دال : وعموماً الوقاية من اسباب الخطر؛ مثل التوقي من اخطار السيول والزلازل والحروب، ومنع حوادث السير، وحوادث الحريق وما إليها.. كل ذلك من سمات المجتمع الرشيد . وقد رغّب الوحي بالتوقي من كل الأخطار، وان كثيراً من تعاليم الدين تهدف بلوغ مرحلة الوقاية ، قبل السقوط في هاوية الأخطار. هاء : ومن درء السيئة بالحسنة صنائع المعروف ، فانها تدرء مصارع السوء . ومنها ان تتبع السيئة بالحسنة حتى تمحوها وتطهر نفسك وواقعك من اثارها . ومنها الكتمان فإنه يدرء شر الاذاعة .
في رحاب الأحاديث
1/ قال رسول الله صلى الله عليه وآلـه : "صل من قطعك ، وأحسن الى من أساء اليـك ". ([80]) 2/ وفي معنى قول الله تعالى: "ويدرؤن بالحسنة السيئة" روي عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: " أي يدفعونها بها فيجازون الاساءة بالاحسان، ويتبعون الحسنة السيئة فتمحوها". ([81]) 3/ روى علي بن ابراهيم عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: يا علي؛ ما من دار فيها فرحة إلاّ تبعها مرحة، وما من همّ إلاّ وله فرج إلاّ همّ أهل النار. إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها سريعاً، وعليك بصنائع الخير فانها تدفع مصارع السوء". ([82]) 4/ وفي معنى قول الله تعالى: " ويدرؤن بالحسنة السيئة" قال الامام ابو عبد الله عليه السلام: "الحسنة التقية، والسيئة الاذاعة". ([83]) 5/ قال الامام الباقر عليه السلام: "ما أحسن الحسنات بعد السيئات، وما أقبح السيئات بعد الحسنات". ([84]) 6/ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "اتق الله حيث كنت، وخالق الناس بخلق حسن، وإذا عملت سيئة فاعمل حسنة تمحوها". ([85]) 7/ قال الامام الباقر عليه السلام: "اني لم أر شيئاً قط أشد طلباً ، ولا أسرع دركاً من حسنة محدثة لذنب قديم". ([86]) 8/ قال الامام الصادق عليه السلام: "من خلا بعمل فلينظر فيه، فان كان حسناً جميلاً فليمض عليه، وان كان شيئاً قبيحاً فليجتنبه، فان الله عز وجل أولى بالوفاء والزيادة. ومن عمل سيئة في السر فليعمل حسنة في السر، ومن عمل سيئة في العلانية فليعمل حسنة في العلانية". ([87]) 9/ قال الامام الصادق عليه السلام: " ان الخطيئة لاتكفر الخطيئة، ولكن الحسنة تكفر الخطيئة". ([88])
النجـوى
المعنى :
1/ النجوى اجتماع محدود العدد ، للبحث عن موضوع يسرونه . قال الله تعالى: « أَلَمْ تَرَ اَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلآ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلآ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » (المجادلة / 7) 2/ وقـال الله سبحانـه : « وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً * وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الاَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً » (مريم /51-52) وهكذا قد تكون النجوى بين ثلاثة . وقد تكون بين اثنين . وفي النجوى حديث يدور ، وفي معناها لوحظ القرب ، ولذلك قال ربنا : « قَرَّبْنَاهُ » .
حكم النجوى :
1/ ويبدو ان النجوى بذاتها غير مطلوبة ، خصوصاً اذا كان المتناجيان بين جمع من اخوتهم ، وانما تسوغ اذا كانت مبررات لذلك . قال ربنا سبحانه : « لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِن نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً » ( النساء / 114) فإذاً لو كانت النجوى ذات محتوى يرضاه الرب ، من نوع الأمر بالمعروف ( كصلة الرحم ، او اشارة بخير ) او أمر بالانفاق والصدقة او دعوة الى الاصلاح .. فانها ذات خير ، وإلاّ فلا خير فيها . والله سبحانه دعا الى النجوى بالمعروف ، ووعد من فعله أجراً عظيماً . لماذا ؟ لان الشيطان يوسوس في افئدة المتناجين ، ويدعــوهما الى اثارة الحمية ، والأمر باتباع الهوى . فمن كانت نجواه موافقة لعلنه ، وكانت فيها دعوة الى الخير، كان ذا ايمان صادق . ومن هنا جاء في الحديث المروي عن الامام علي عليه السلام : " لا خير في المناجاة إلاّ لرجلين ؛ عالم ناطق ، او مستمع واع ".([89]) 2/ وهناك ألوان من النجوى المنهية عنها ، وهي التي تضل الناس عن الحق ، كالنجوى التي كان المشركون يتناجون بينهم ، ويثيرون الشبهات حول الرسالة . وقد قال ربنا سبحانه : « لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ » ( الانبياء / 3 ) ولقد كانت محتويات التناجي بين المشركين تختصر في شبهتين ؛ الأولى : ان الرسول بشر ( وكيف يتبعون بشراً مثلهم ) . والثانية : ان رسالته سحر . ولكن لماذا اسروا هذه الشبهات ، ولم يجهروا بها ؟ يبدو لسببين ؛ الأول : لان الجهر بها كان يدعو المؤمنين الى ردّها رداً مدعماً بالبراهين الواضحة. الثاني : لانهم كانوا بنجواهم يثيرون الحميات، وذلك بهدف دعم الافكار الباطلة. ولقد ردهم الله في آية تالية ، بأن الله يعلم سرهم - وبالتالي - عليهم ان يراقبوه ، وألاّ يقولوا في نجواهم إلاّ الحق (الانبياء/4). 3/ وقال الله سبحانه ( في قصة النبي موسى وفرعون ) : « فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى * قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى » ( طه / 62 - 63) وهكذا كانت الفكرة التي تبادلوها بالنجوى ، هي الاخرى من نوع الشبهات الباطلة حول الرسول . (كانوا مختلفين هم بانفسهم فيها) ؛ مثل ان موسى ساحر ، او انه يريد الاستعلاء في الارض ، وان طريقة فرعون هي المثلى وان موسى يريد القضاء عليها .. وكانت تلك الشبهات وساوس لا برهان لهم بها ، وانما هي من نوع الاشاعات التي يبثها الخناسون في المجتمع ضد الدعاة الى الله . 4/ ومن النجوى التي نهى عنها الرب بصراحة ، تلك التي كانت بين المنافقين ، حيث كانوا يحيكون المؤامرات حول الرسول . فكان المستكبرون منهم يأمرون المستضعفين بالاثم والعدوان ( اغتصاب حقوق الآخرين ) ، وكانوا يأمرون بمعصية الرسول (حيث يثيرون حوله الشبهات ، وانه من مكة وليس من المدينة ، او انه ليس إلاّ بشر مثلهم) . قـال الله تعالى : « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَــوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ » (المجادلة/ 8) 5/ وقد أمر الله المؤمنين بآداب واحكام النجوى ، حيث امر ان يتناجوا - اذا تناجوا - بالأمر بالمعروف كطاعة الرسول وفعل البر والتزام التقوى ، وألاّ يتناجوا بالاثم والعدوان ومعصية الرسول (سواء كانت بصورة مباشرة او غير مباشـرة ، مثل اثارة الحميات الجاهليـة في الأمة) . قال الله تعالى : « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيــهِ تُحْشَـرُونَ » (المجادلة/ 9) 6/ وفي مواجهة الحركات السرية التي انشأها المنافقون ضد الرسالة وقيادة الرسول ، ينبغي ان يتوكل المؤمنون على الله ، وليعلموا ان هدف المنافقين الاساسي القاء الحزن في نفوس الرساليين ، ويتلاشى ذلك بالتوكل على الله . قال الله سبحانه : « إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ » (المجادلة/10) ومن هنا فقد نهى الدين الحنيف المناجاة بين اثنين في محضر ثالث ، لكي لايحزن . فقد قـال الامام الصادق عليه السـلام : " إذا كان القوم ثلاثـة ، فلا يتناجى منهم اثنان دون صاحبهما ، فان ذلك ما يحزنه ويؤذيه " .([90]) 7/ وهناك آداب تتصل بمناجاة الرسول ، (حيث كان البعض يزاحم الرسول بنجواه بين الحين والآخر، لعله بهدف التعالي على الاخرين، وايهام المجتمع بأنه قريب الى الرسول). فأمر الله بألاّ يناجوا الرسول ، إلاّ بعد ان يعطوا صدقة قبل النجوى . فقال الله سبحانه : « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » ( المجادلة / 12) وقد جاء في كتب التفسير : ان الاغنياء اكثروا مناجاة النبي صلى الله عليه وآله، وغلبوا الفقراء على المجالس عنده حتى كره رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك، واستطالة جلوسهم وكثرة مناجاتهم . فأنزل الله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر » فأمر بالصدقة أمام المناجاة . وأما أهل العسرة فلم يجدوا ، وأما الاغنياء فبخلوا . وخفّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله ، وخفّ ذلك الزحام ، وغلبوا على حبّه والرغبة في مناجاته حب الحطام ! واشتدّ على اصحابه ، فنزلت الآية التي بعدها راشقةً لهم بسهام الملام ناسخةً بحكمها ، حيث أحجم من كان دأبه الاقدام . وقال علي عليه السلام : " ان في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل أحد بها بعدي، وهي آية المناجاة . فانها لما نزلت كان لي دينـار فبعته بدراهم، وكنت إذا ناجيت الرسول تصدّقت حتى فنيت ، فنسخت بقوله : «ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات». ([91]) 8/ وفـور ما أمر الله بذلك ، انفض المتناجون مع الرسول ( غير الامام علي عليه السلام ، الذي قدم صدقات وناجاه) حتى قال ابن عمر : ثلاث كنّ لعلي ، لو ان لي واحدة منهن كانت احبّ إليّ من حمر النعم ؛ تزويجه بفاطمة، واعطائه الراية يوم خيبر، وآية النجوى .([92]) ثم خفف الله عنهم ونسخ هذا الحكم ، وقال ربنا سبحانه : « ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَاَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاة َوَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ » ( المجادلة / 13) وهكذا كان التمسك بشرائع الدين بصـورة جيـدة ( الصلاة والزكاة والطاعة ) ، بديلاً عـن الصدقة التي كانت حكماً موقتاً ليعرف من هو المقرب فعلاً من الرسول عن غيره . والله العالم .
بصائر الآيـات
1/ النجوى اجتماع محدود العدد ، للتحدث عما يكتمونه عن الاخرين . 2/ ولعلها من دون مبرر ذات غضاضة ، فان الله انبأ أنه لا خير في كثير من نجواهم إلاّ لثلاث ؛ من أمر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس . 3/ وقد كان المشركون يتناجون فيما بينهم باثارة الشبهات ، حول الرسالة وانها سحر ، وحول الرسول وانه بشر منهم فكيف يتبع وانه ساحر . وقد تناجى آل فرعون ضد موسى وهـارون . 4/ اما المنافقون ، فانهم كانوا يتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول . وقد نهى الله المؤمنين من هذا النوع من النجوى ، وأمرهم ان يتناجوا إذا تناجوا بالبر والتقوى . 5/ وأمر الله سبحانه المؤمنين بالتوكل عليه في مواجهة نجوى الكفار ، الذين يهدفون القاء الحزن في قلوب المؤمنين . 6/ وأمر الله - في ظرف خاص - بتقديم الصدقة بين يدي نجواهم للرسول . وقد عمل الامام أمير المؤمنين عليه السلام وحده بهذا الأمر ، فبان فضله . بينما اشفق الآخـرون من ذلك ، فتاب الله عليهم ، وأمرهـم باقامة الصلاة وايتـاء الزكاة واطاعة الله ورسولـه .
فقه الآيـات
1/ (النساء / 114) ، (المجادلة / 9) ؛ لان بين الناس يدور - عادة - احاديث خاصة تسمى بالنجوى ، فقد شرّع الدين احكاماً خاصة بذلك ، نذكر بعضها فيما يلي : ألف : تخف عند التناجي الرقابة الاجتماعية على الفرد ، فتكون النجوى مظنة الاسترسال في الحديث بما فيه الغيبـة والنميمة واثارة الحميات الجاهلية والتآمر على الآخرين . ومن هنا فقد حذر الدين من كثيـر من النجوى ، مما يستوحى منه الحذر من الاسترسال مع النجوى إلاّ عند الحاجة ، او مع التقيد بآداب الحديث عند النجوى . باء : التناجي مع القيادات الالهية قد يكون بهدف منع القائد من عمل الخير تجاه الآخرين ، او نهيه عن معروف ، او اثارته ضد شخص او طائفة .. وهكذا بيّن القرآن ان النجوى التي فيها خير ، انما هي لمن أمر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس . ويبدو ان هذه المفردات هي مظنة التناجي اكثر من غيرها ، حيث ان كتمان الصدقة يحفظ ماء وجه المحتاج . واما كتمان المعروف ففيـه ضمان تحققه ، لانه قد يفسد الأمر عند الاعلان عنه قبل قوامه واستـواءه . بينما الاصلاح بيـن الناس يحتاج عادة الى الكتمان حتى يكتمل ، اذ قد يحتاج المصلح الى التورية مع هـذا الجانب او ذاك . ومن هنا جاء في الحديث المأثور عن الامام علي عليه السلام ، انه قال : " الكتمان ملاك النجـوى " .([93]) جيم : وقد نهى الشرع من التناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول . وهذه هي المفردات الثلاث المخالفة تماماً للمفردات السابقة ( المحبوبة ) ، حيث ان الإثم يخالف المعروف ، والعدوان يقابل الصدقة ، ومعصية الرسول هي الافساد وضدها الاصلاح المتمثل في طاعة الرسول . وإذا كانت النفوس مريضة ، فانها تستغل انفرادها ببعضها في التناجي بهذه المفردات ، حيث تحس بانحسار رقابة المجتمـع والقانـون عن محيط التناجـي ؛ فتتآمـر على القانـون بالإثم ، والناس بالعدوان ، والقيادة بالمعصية .. دال : أما اذا تناجى اثنان بالبر والتقوى ، فان لكلامهم فائدة عظيمة ، لانه ينبعث من الضمير الحر والبعيد عن الرياء والسمعة .. 2/ (الانبياء / 3) ، (طه / 62 - 63) ؛ ماهو الموقف من تناجي الكفار الذين يتلاقون فيما بينهم ، ويتدارسون الشبهات التي يبثونها حول الرسالة والرسول ؟ فيما يلي نستعرض ما نستلهمه في ذلك : الف : إذا رأينا الكفار يجمعون على دعاية معينة ضد الرسالة ( ويقولون مثلاً انها سحر)، او ضد الرسول (ويقولون - حاشا لله - انه مجنون) .. فلنعلم انهم يدبرون أمورهم بالليل ، وان الشياطين ليوحون الى بعضهم زخرف القول غروراً في جلساتهم السرية . ولذلك فان اجماعهم لا قيمة له ، لانه مجرد مؤامرة تحاك ضد الحق وأهله . ولابد من فضح هذه المؤامرة للناس، حتى لاتنطلي عليهم حيلهم . ومثل ذلك ما نجده اليوم من اجتماع وكالات الانباء على نشر اكذوبة ضد أهل الحق، والصاق تهمة الارهاب او الرجعية او ما أشبه بهم ككل او ببعضهم بالخصوص. ان فضح المؤامرة ، كفيل باضعاف دورها في خداع الناس . باء : على المؤمنين مراقبة دعايات الكفار ، ثم مواجهتها بالبراهين التي نزل الوحي بها . فالشبهة كما ظلام الليل تهيمن على الساحة ، مالم ينبلج فجر الحقيقة . فاذا انبلج الفجر ، تلاشى الظلام . 3/ (المجادلة / 8) ، (المجادلة / 10) ؛ وللمنافقين دور خبيث في بث الافكار الضالة ، وعلى المؤمنين ان يواجهوه بما يلي : ألف : منع التناجي بين المنافقين ، وايجاد العقبات دون اجتماعاتهم السرية . فان كانت لديهم نية حسنة ، فلماذا يسرّون جلساتهم ؟ باء : فضح مؤامراتهم للناس ، وبيان محاور تناجيهم التي هي مفضوحة عادة للقيادات الرسالية ، مثل معصية الرسول والإثم والعدوان . (وبتعبير آخر ؛ المؤامرة على القيادة ، ونشر الفساد ، والاعتداء على حقوق الآخرين) . جيم : على المؤمنين ان يتوكلوا على الله ، ولا يحزنوا بسبب مؤامرات المنافقين ، وليعلموا ان الله مهيمن عليهم ، وانهم لن يضروا المؤمنين شيئاً إلاّ باذن الله . ومن هنا فان استعانتهم بالله ، وطاعتهم للرسول ، وجهادهم في سبيل الله يرد كيد المنافقين الى نحرهم انشاء الله تعالـى .
ردِّ التحية بالاحسن
يبدو ان الشفاعة الحسنة، هي الكلمة الطيبة التي يجب ان يردها الانسان باحسن منها؛ بقبولها وترتيب الآثار عليها، او لااقل يردها بمثلها، كلمة طيبة بكلمة طيبة. وجاءت الوصية عامة بهذه المناسبة، وتدل على رد التحية الكلامية (السلام، الرسالة، الهاتف)، او الفعلية مثل بعث الهدية ، او اسداء أية خدمة اذا كانت من نوع التحية عرفاً. قال الله سبحانه : « وإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِاَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً » (النساء / 86) .
فقه الآيات
ان الله يأمـر بالعدل والاحسان ، والعدل هو الوفاء بالحق، بينما الاحسان التفضل بزيـادة . واذا كان الاحسان من صفات الكرام وليس بواجب، فان اداء الحق بالعدل فريضة وخلافه ظلم . والتحية بذاتها احسان، ومن حق من حياك ان تحيه بمثل ما حياك، وذلك العدل . ومن التفضل والاحسان ان ترد تحيته بأحسن منها . لذلك كان جواب السلام واجباً . وحتى لو كنت في صلاة فريضة، وجب عليك ان ترد تحية أخيك. بينما لايجوز ان تبدء بالسلام وأنت تصلي ، لان البدء بالسلام ليس بواجب .
في رحاب الأحاديث
1/ عن سلمان الفارسي قال : جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وآله فقال: السلام عليكم يا رسول الله. فقال: وعليك السلام ورحمة الله . ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم يا رسول الله ورحمة الله. فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. ثم جاء آخر فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال له: وعليك. فقال له الرجل: يا نبي الله بأبي أنت وأمي أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت عليَّ؟! فقال: إنك لم تدع لنا شيئاً، قال الله : " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها او ردوها" فرددناها عليك".([94]) 2/ قال الامام علي عليه السلام: "إذا حييت بتحية فحيِّ بأحسن منها ، وإذا أسديت إليك يد فكافئها بما يربي عليها، والفضل مع ذلك للبادئ". ([95])
الطهـارة
الطهر من الايمان . أوليس الايمان طهارة القلب من الشرك ، وطهارة السلوك من الإثم ظاهره وباطنه ؟ كذلك الايمان يأمرنا بطهارة الجسد والثياب ، وبالوضوء والغسل والتيمم ، ويأمر بتطهير بيوت الله للعابدين . فما هي الطهارة ؟ وما هي حقائقها وأبعادها ؟
معنى الطهارة :
1 / الماء أداة تطهير . وحينما ينزل الماء من السماء ، فإنه لا يصيب شيئاً إلاّ ويغسله من ادرانه ، ويطهره . ( وهذه الطهارة التي تتم بأجلى صورها عند الناس ، لمثل واضح لتطهير الله الاشياء بوسائل شتى ) . قال الله سبحانه : « وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِنَ السَّمَآءِ مَآءً لِيُطَهِّرَكُم بِـهِ » ( الانفال / 11) هنا كل شيء قد بين بوضوح بالغ . فالسماء مصدر الماء ، والله ينزله على الناس ، والغاية تطهيرهم به . فهو وسيلة تطهير . 2 / والدم الذي يصيب المـرأة في دورتها الشهريـة اذى ( وقذر ) ، فإذا انقطع فقد طهرت ، وإذا اغتسلت فقد تطهرت . وهكذا لا يجوز معاشرتها جنسيـاً إلاّ بعـد انقطاع الدم ، حيث تطهر من الحيض. والافضل ان تكون المعاشرة بعد التطهر. قال الله سبحانه : « وَيَسْاَلُونَكَ عَنِ المَـحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُواْ النِّسَآءَ فِي الْمَـحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فـَإِذَا تَطَهَّرْن َفَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِيـنَ » ( البقرة / 222) فالمرأة في حالة اذى عند المحيض ، وارتفاع الاذى طهر ، بينما الاغتسال طهارة تامة . 3 / والتطهر عموما هو فعل شيء للحصول على الطهارة ، او قل : السعي وراء الطهارة . لذلك نعت الكفار المؤمنين ، بأنهم يتطهرون . قال الله سبحانه : « وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلآَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ اُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ » ( الاعراف / 82) وهكذا سمي سلوك المؤمنين الوقائي ، واجتنابهم للإختلاط مع الكفار ، او اتقاءهم بعض الاعمال القذرة بالتطهر . فالتطهر هو ابتغاء الطهارة ، واجتناب القذارة . 4 / واذا قرت القذارة حول شيء ، فاخراجه عن المحيط تطهير له . وهكذا طهر الله نبيه الكريم عيسى بن مريم سلام الله عليه من الكفار، عندما توفاه ورفعه إليه. وقال الله سبحانه : « إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا » ( آل عمران/ 55)
الطهارة قيمة ايمانية :
1 / والتطهر قيمة ايمانية ، أوليس الله يحب المتطهرين ؟ (وحب الله دليل قيمة العمل). قال الله سبحانه : « لَمَسْجِدٌ اُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ » ( التوبة / 108) وحب التطهر يشمل اجتنابهم عن قذارات مادية او قذارات معنوية . 2 / والله سبحانه يثيب المؤمنين بازواج مطهرة في الجنة، (جزاء طهارتهم في الدنيا) . قال الله سبحانه : « وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ » ( البقرة / 25) 3 / وقـال الله سبحانـه : « خَالِدِيـنَ فِيهَــا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّــرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللّهِ » ( آل عمران / 15) 4 / وقال الله تعالى : « لَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً » ( النساء / 57) وجملة القول ؛ ان الجنة هي المثل الاعلى لكل خير وجمال ، والطهارة واحدة من ابرز تجليات الجمال .
حقائق الطهارة :
والطهـارة تتحقق بغسل البدن ، وتنظيف الثوب ، وتطهير بيوت العبادة ، وانتخاب الشريك الطاهر ، ووسيلة الطهارة الظاهرية الماء غالباً . 1 / اما تطهير البدن فيتم بالوضوء والغسل والتيمم ، حيث يجب غسل الوجه واليدين ثم المسح على الرأس والرجلين عند القيام الى الصلاة . هذا إذا لم يكن الفرد مجنبا ، اما عندئذ فعليه التطهر ( بتعميم بدنه كله بالغسل ) . أما عند فقدان الماء ( كما في السفر ) ، او الحرج من استخدامه ( كما في المرض ) فإن التراب يقوم مقامه ، حيث يمسح الفرد وجهه ويديه به قبل ان يقوم للصلاة . فإذا وجد الماء ، وجب عليه الوضوء او الغسل . قال ربنا سبحانه : « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِنكُم مِنَ الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِنْ حَرَجٍ وَلكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » ( المائدة / 6) وهكذا تتوالى احكام الطهارة الواجبة في هذه الاية، (كما آية اخرى في سورة النساء اتية)، وهي التالية : أوّلاً : غسلتان ومسحتان في الوضوء استعدادا للصلاة . ثانياً : الطهارة التامة قبل الصلاة لمن اجنب ( عاشر زوجته ) . ثالثاً : عند الحرج في استخدام الماء او فقدانه ( لمرض او سفر او شحة الماء ) ، يجب التيمم بديلاً عن الوضوء ( كما اذا جاء احد من الغائط ، سواءاً خرج منه البول او البراز او الريح ) ، وبديلاً عن الغسل ( كما اذا لامس النساء ) . رابعاً : موجبات الوضوء ؛ النوم « إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ »، وخروج الخبائث من البطن «أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِنكُم مِنَ الْغَآئِطِ » . اما الغسل فإنه يوجبه ملامسة النساء . 2 / وتزيدنا الآية التالية وضوحاً ، حيث يقول ربنا سبحانـه : « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وإِن كُنتُم مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِنكُم مِنَ الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً » ( النساء / 43) ولعل في قوله سبحانه : « وَأَنْتُمْ سُكَارَى » دلالة على ان النوم مبطل للوضوء ، اذا فسرنا السكر هنا ببقايا النوم في الحواس . 3 / وكما يجب تطهير البدن من آثار النوم والغائط والجنابـة ، فكذلك يجب تطهير الثوب مما يعتبر قذراً (كالدم والبول والغائط والميتة مما يستقذره الانسان ، وبـيّن الشرع نجاسته ) . قال الله تعالى : « يَآ أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ » ( المدثر / 1 - 5 ) ونستفيد من الآية ؛ ضرورة الطهارة عند الصلاة ، حيث يكبر الله ربه . 4 / ويجب تطهير بيوت العبادة ، حيث يلامس المصلي الارض ، حسبما أمر الله النبي ابراهيم وابنه سلام الله عليهما ، فقال سبحانه وتعالى : « وَعَهِدْنَا إِلى إِبْرَاهِيمَ وإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ » ( البقرة / 125) ونستوحي من الآية ؛ ان هذه الافعال العبادية تقتضي الطهارة ( الطواف والصلاة ) . 5 / وقال الله سبحانه: « وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَالْقَآئِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ » (الحج/26) وهكذا العبادة تتمثل في الطواف والصلاة ، وهما تقتضيان الطهارة . فإذا كانت الارض قذرة ، اصابت العبادة غضاضة . وهكذا عرفنا ان الطهارة مما يحبها الله ، فعند العبادة يجب ان يكون المتعبد متطهراً في جسمه وثيابه ومقامه .
طهارة القلب :
وكما الجسد ، كذلك الروح بحاجة الى طهارة ؛ وطهارتها بالتوبة ، واجتناب الرذائل ، والصدقة ، والتقوى عن مزالق الهوى ، والاصطفاء والعصمة والرحمة الالهية الخاصة . 1 / التوبة من الذنب ، طهارة للقلب . والله يحب التوابين ، كما يحب المتطهرين . قال الله سبحانه : « إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ » ( البقرة / 222) 2 / وطهارة القلب متصلة بالايمان والعمل الصالح . اما الذين يسارعون في الكفر باعمالهم ، ويقولون بأفواههم انهم مؤمنون ثم يتجسسون للكفار ، فان الله لا يطهر قلوبهم . قال الله سبحانه : « وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً اُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ » ( المائدة / 41) 3 / وإنما يطهر الله قلب الانسان اذا اجتنب الرذائل ، واختار السبيل السوي الى تحقيق اهدافه واشباع حاجاته . وقد قال لوط عليه السلام لقومه مشيراً الى بناته ( بنات قومه ) وانهن اطهر لهم من الفاحشة . قال الله سبحانه : « قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلآءِ بَنَاتي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ » ( هود / 78) ولا ريب ان العلاقة الشاذة تشيع القذارة المادية والمعنوية للطرفين ، بينما العلاقة السوية أطهر . 4 / والله امر بالحجاب ، لأنه يطهر المجتمع من الفاحشة ، ويطهر قلب الجنسين من الميول الجنسية الشاذة الى الطرف الاخر . قال الله سبحانه : « وَإِذَا سَأَلْتُـمُوهُنَّ مَتَاعاً فَسْأَلُوهُنَّ مِن وَرآءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ » ( الاحزاب / 53) وهكذا الحجاب يمنع تلوث القلب بحب الفاحشة . 5 / وعند الطلاق وتمام العدة ، لا يجوز لأهل المرأة ان يمنعوها من العودة الى زوجها اذا رضيت به . (فقد تكون بينهما بقية هوى) ، ومنعها قد يسبب في تلوث البيئة وامتلاء قلب المرأة بالعقد النفسية ، بل قد تنشأ بينهما علاقات شاذة . قال الله سبحانه : « وإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ » ( البقرة / 232) 6 / والصدقة تصفي القلب من قذارة الشح والانانية . وهكذا أمر الله بان يقدم المسلمون قبل التناجي مع الرسـول صدقات . قال الله سبحانـه : « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ » ( المجادلة / 12) 7 / وامر الله رسوله بان يأخذ من اموال المؤمنين صدقة ، لكي يطهرهم . (فإذا بقلوبهم تطهر من درن الشح ، واذا بأموالهم تطهر من الحرام بسبب اختلاط اموال الناس بأموالهم وحقوقهم في ممتلكاتهم) . قال الله سبحانه : « خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا » ( التوبة / 103) 8 / والطهارة قد تكون بالاجتباء ، حيث اصطفى الله مريم بنت عمران من بين النساء لحكمة بالغة. فقد اختارها وفضلها منذ كانت في بطن امها ، وانبتها نباتاً حسناً، ثم قال ربنا سبحانه : « إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَآءِ الْعَالَمِينَ » ( آل عمران/42) 9 / وكما اصطفى مريم، اصطفى اهل بيت الرسول. وكما طهرها، طهرهم. قال الله سبحانه : « اِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً » ( الاحزاب / 33) 10 / وفي يوم القيامة ، وبعد ان يستقر المؤمنون في الجنة ويسقون من كأس كان مزاجها زنجبيلا ، يتم الله عليهم النعمة حين يسقيهم شراباً طهوراً . (وتلك هي النعمة الكبرى ، حيث تطهر قلوبهم من كل شرك وشك ووسوسة ، وربما جهل وجهالة) . قال الله سبحانه : « وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً » ( الانسان / 21)
طهارة الفكر :
1 / وعلى الانسان ان يطهر ثقافته من الباطل ، ويتبع الكتب المطهرة التي لا جهالة فيها . (فلا دعوة الى الانانية ، ولا تزيين للفاحشة والاثم والمنكر، ولا اثارة للحميات الجاهلية) . وقد قال ربنا سبحانه : « رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً » ( البينة / 2 ) ويبدو من سياق الســورة ؛ ان معــيار طهارة الصحف نظافتها من اسباب الشقاق ، واثارات الشرك ، ودعوتها الى خلوص العبادة لله والعمل الصالح . 2 / وهكذا نزل القرآن بطهارة القلب من حب المال ، واحترام الاغنياء على حساب الفقراء . قال الله سبحانه : « كَلآَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ » ( عبس / 11 - 14) 3 / ومن طهارة هذه الصحف ، انه لن يصل الى علمها ونورها الا القلب الطاهر ( من الشح والهوى والحمية وسائر عوامل الشرك ) . قال الله سبحانه : « فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ » ( الواقعة / 78 - 79)
بصائر الآيات
1/ الطهارة غسل القذر ، كما الماء حين ينزل من السماء يذهب بالوسخ ، وكما اذى دم الحيض اذا انقطع عن المرأة في دورتها الشهرية طهرت . 2/ والتطهر السعي نحو الطهارة ، وسمي اجتناب المؤمنين للجاهلية وادرانها تطهيراً ، وطهر الله نبيه عيسى عليه السلام حين رفعه اليه واخرجه عن المحيط الكافر . 3/ والتطهر قيمة ايمانية ، لان الله يحب المتطهرين . والله يجزي المؤمنين في الجنة بازواج مطهرة . 4/ وتتحقق الطهارة بغسل البدن ، وتنظيف الثوب ، وتطهير بيوت العبادة ، واقتناء الشريك الطاهر . 5/ والوضوء والغسل والتيمم مصاديق التطهر الواجب عند الصلاة والطواف الواجب . فاذا اجنب المسلم غسل بدنه كله ، وعند الحرج من الغسل يذهب الى ارض طاهرة فيمسح بها وجهه ويديه ، فاذا ارتفع الحرج اغتسل او توضأ . 6/ والوضوء غسلتان ؛ الوجه كله واليدين من المرافق ، ومسحتان بالرأس والرجلين حتى الكعبين . وعند الحرج من استخدام الماء او فقدانه يتيمم بمسح الوجه واليدين بالتراب . وينقض الوضوء النوم ، وخروج الخبائث من البطن . اما الغسل فيوجبه الجنابة والحيض . 7/ ويطهر المؤمن ثوبه من القذر عند اقامة الصلاة ، كما يطهر بيوت الله (المساجد) . وهكذا المؤمن يتطهر عند العبادة ، بغسل بدنه وثيابه وموقع عبادته . 8/ ويجب تطهير القلب بالتوبة ، واجتناب الرذائل ، والصدقة ، وبالتقوى عن مزالق الهـوى . 9/ ولا يطهر الله قلوب الذين يسارعون في الكفر ( فلا يتوب عليهم ) . 10/ وسبيل الزواج أطهر من سبيل الفاحشة ، والحجاب طهارة للقلب ، وقبول عودة الزوجة الى زوجها ازكى لأهلها وأطهر . 11/ والصدقة تنقي الفؤاد من الشح ، وقد أمر الله المسلمين بأن يقدموا بين يدي نجواهم مع الرسول صدقة ، لأنها خير وأطهر . وأمر الرسول بأن يأخذ من أموالهم صدقة ، ليطهرهم ويزكيهم بها . 12/ والله اصطفى مريم وطهرها ، واذهب الرجس من أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وطهرهم تطهيراً ، ويسقي الله المؤمنين شراباً طهوراً . 13/ والكتب المطهرة هي التي يتلوها رسل الله . (ولعل المراد انها مطهرة عن اسباب الشقاق والعنصرية) . 14/ ومن طهارة الكتب، انه لن يمسها إلاّ المطهرون . (فمن طهر قلبه بلغ علم الكتاب) .
فقه الآيات
1/ (الانفال / 11) ، (الفرقان / 48) ؛ الماء الذي ينزله الرب برحمته من السماء ، يطهر الجو من التلوث والجراثيم ، والأرض من القذر ، وظاهر البدن والثياب من الرجز ، وقلب الانسان من الكآبة واليأس . ونستفيد من الآية ما يلي :