غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب - جلد 5

عبدالحسین احمد الامینی النجفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


قضى الله أن يبقى إماما معظما++

مدى الدهر مالاح الصباح وأسفرا

فدم يا أميرالمؤمنين مخلدا++

على الملك منصور الجيوش مظفرا

في المحرم من سنة 630

___________________________________

الحوادث الجامعة ص 38. قلد العدل مجد الدين أبوالقاسم هبة الدين بن المنصوري الخطيب نقابة نقباء العباسيين والصلاة والخطابة، وخلع عليه قميص أطلس بطراز مذهبا ودراعة خارا أسود، وعمامة ثوب خارا أسود مذهب بغير ذوابة، وطيلسان قصب كحلي، وسيف محلى بالذهب، وامتطى فرسا بمركب ذهبا وقرئ بعض عهده في دار الوزارة وسلم إليه، وركب في جماعة إلى دار أنعم عليه بسكناها في المطبق من دار الخلافة وأنعم عليه بخمسمائة دينار، وهو من أعيان عدول مدينةالسلام وأفاضل أرباب الطريقة المتكلمين بلسان أهل الحقيقة، كان يصحب الفقراء دائما ويأخذ نفسه بالرياضة والسياحة والصوم الدائم والتخشن والتباعد من العالم، وكان الموفق عبد الغافر ابن الفوطي من جملة تلامذته فعمل فيه أبياتا طويلة، ولما انتهى حالها إلى الديوان أنكر ذلك عليه ووكل به أياما ولم يخرج إلا بشفاعته وأول الابيات:

ناديت شيخي من شدة الحرب++

وشيخنا في الحرير والذهب

في دسته جالسا ببسملة++

بين يديه من قام في أدب

وركبة منه كنت أعهده++

يذم أربابها على الرتب

وكان أبناؤها لديه على++

سخط من الله شامل الغضب

أصاب في الرأي من دعاك لها++

وأنت لما أجبت لم تسب

أول صوت دعاك عن عرض++

لبيته مقبلا على السبب

ويقول فيها:

قد كنت ذاك الذي تظن به++

لو لم تكن مسرعا إلى الرتب

شيخي أين الذي يعلمنا الز++

هد ويعتده من القرب؟

أين الذي لم يزل يسلكنا++

إلى خروج عن كل مكتسب؟

أين الذي لم يزل يعرفنا++

فضل التمري بالجوع والتعب؟

ومنها:

أين الذي لم يزل يرغبنا++

في الصوف لبساله وفي الجشب؟

وأين من غرنا بزخرفة++

متى اعتقدناه زاهد العرب؟

وأي ذاك التجريد يشعرنا++

إن سواه في السعي لم يخب؟

وأين من لم يزل يذم لنا++

الدنيا وقول المحال والكذب؟

وأين من لم يزل بأدمعه++

يخدعنا باكيا على الخشب؟

وأين من كان في مواعظه++

يصول زجرا عن كل مجتنب؟

ويقطع القول لا يتممه++

منغلبا بالسماع والطرب؟

ويقسم الغمر انه رجل++

ليس له في الوجود من أرب

لو كانت الارض كلها ذهبا++

أعرض عنها إعراض مكتئب أسفر

أسفر ذاك الناموس مختيلا++

عن راغب في التراث مستلب

وكان ذاك الصراخ يزعجنا++

شكوى فقير على الدنا وصب

شيخي بعد الذم الصريح لما++

أبيته جئته على طلب

نسيت ما قلته على ورع++

عني لما اكتسبت بالدأب

ويل له إن يمت بخدمته++

يمت كفورا وليس بالعجب

ما كان مال السلطان مكتسبا++

لمسلم سالم من العطب

___________________________________

بعد هذا البيت أربعة عشر بيتا ضربنا عنها صغحا.

فكتب النقيب قطب الدين الحسين بن الاقساسي إلى النقيب مجد الدين المذكور أبياتا كالمعتذر عنه والمسلي له يقول في أولها:

إن صاحب النبي كلهم++

غير علي وآله النجب

مالوا إلى الملك بعد زهدهم++

واضطربوا بعده على الرتب

وكلهم كان زاهدا ورعا++

مشجعا في الكلام والخطب

فأخذ عليه مآخذ فيما يرجع إلى ذكر الصحابة والتابعين وتصدى له جماعة وعملوا قصايد في الرد عليه، وبالغوا في التشنيع عليه، حتى ان قوما استفتوا عليه الفقهاء ونسبوه إلى انه طعن في الصحابة والتابعين ونسبهم إلى قلة الدين فأفتاهم الفقهاء بموجب ما صدرت به الفتيا.

وقال إبن أبي الحديد في شرح 'نهج البلاغة' ج 2 ص 45: سألت بعض من أثق به من عقلاء شيوخ أهل الكوفة عما ذكره الخطيب أبوبكر في تاريخه "ج 1 ص 138" إن قوما يقولون: إن هذا القبر الذي تزوره الشيعة إلى جانب الغري هو قبر المغيرة بن شعبة؟ فقال: غلطوا في ذلك قبر المغيرة وقبر زياد بالثوية من أرض الكوفة ونحن نعرفهما وننقل ذلك عن آبائنا وأجدادنا وأنشدني قول الشاعر يرثي زيادا وقد ذكره أبوتمام في الحماسة.

صلى الآله على قبر وطهره++

عند الثوية يسفي فوقه المور

___________________________________

المور: التراب تثيره الريح.

زفت اليه قريش نعش سيدها++

فالحلم والجود فيه اليوم مقبور

أبا المغيرة والدنيا مفجعة++

وان من غره الدنيا لمغرور

إلخ

وسألت قطب الدين نقيب الطالبيين أبا عبدالله الحسين بن الاقساسي رحمه الله تعالى عن ذلك فقال: صدق من أخبرك، نحن وأهلها كافة نعرف مقابر ثقيف إلى الثوية وهي إلى اليوم معروفة وقبر المغيرة فيها إلا أنها لا تعرف قد ابتلعها السبخ وزبد الارض وفورانها فطمست واختلط بعضها ببعض، ثم قال: إن شئت أن تتحقق أن قبر المغيرة في مقابر ثقيف فانظر إلى كتاب 'الاغاني' لابي الفرج علي بن الحسين، والمح ما قاله في ترجمة المغيرة وأنه مدفون في مقابر ثقيف، ويكفيك قول أبي الفرج فإنه الناقد البصير والطبيب الخبير فتصفحت ترجمة المغيرة في الكتاب المذكور فوجدت الامر كما قاله النقيب.

توجد ترجمة قطب الدين الاقساسي في تاريخ إبن كثير 13 ص 173، قد أثنى عليه وقال: أورد له إبن الساعي أشعارا كثيرة رحمه الله.

ترجمة عز الدين الأقساسى


أفرد العلامة سيدنا المرعشي في "مجالس المؤمنين" ص 212 ترجمة باسم عز الدين بن الاقساسي وقال: إنه من أشراف الكوفة ونقبائها، كان فاضلا أديبا، له في قرض الشعر يد غير قصيرة، روي أن الخليفة المستنصر العباسي خرج يوما إلى زيارة قبر سلمان الفارسي سلام الله عليه ومعه السيد المذكور إبن الاقساسي فقال له الخليفة في الطريق: إن من الاكاذيب ما يرويه غلاة الشيعة من محبي علي بن أبي طالب عليه السلام

من المدينة إلى المداين لما توفي سلمان وتغسيله إياه ومراجعته في ليلته إلى المدينة فأجابه ابن الاقساسي بالبديهة بقوله:

أنكرت ليلة إذ صار الوصي إلى++

أرض المداين لما أن لها طلبا

وغسل الطهر سلمانا وعاد إلى++

عراص يثرب والاصباح ما وجبا

وقلت: ذلك من قول الغلاة وما++

ذنب الغلاة إذا لم يوردوا كذبا؟

فآصف قبل رد الطرف من سبأ++

بعرش بلقيس وافى يخرق الحجبا

فأنت في آصف لم تغل فيه بلى++

في "حيدر" أنا غال ان ذا عجبا

إن كان أحمد خير المرسلين؟ فذا++

خير الوصيين أو كل الحديث هبا

هذه الابيات ذكرها العلامة السماوي في "الطليعة" ونسبها إلى شاعرنا في الغدير السيد محمد الاقساسي، وحسب انه هو صاحب المستنصر، ذاهلا عن تاريخي ولادة المستنصر ووفاة السيد صاحب الغديرية ف دإن السيد توفي كما مر سنة 575، والخليفة المستنصر ولد سنة 589 بعد وفاة السيد بأربعة عشر سنة واستخلف في سنة 624. وجعل العلامة السيد الامين في 'اعيان الشيعة' في الجزء الحادي والعشرين ص 233 ترجمة تحت عنوان أبي محمد عز الدين الحسن بن حمزة الاقساسي وذكر القصة والابيات له ولم يعلم هو من أبن نقله، والحسن بن حمزة يكون عم شاعرنا فيتقدم على المستنصر بأكثر من صاحب الغديرية.

وذكر إبن شهر اشوب في 'المناقب' 1 ص 449 هذه الابيات بتغيير يسير و زيادة ونسبها إلى أبي الفضل التميمي

___________________________________

أحد شعراء أهل البيت. وإليك لفظها.

سمعت مني يسيرا من عجائبه++

وكل أمر "علي" لم يزل عجبا

أدريا في ليلة سار الوصي إلى++

أرض المداين لما أن لها طلبا

فألحد الطهر "سلمانا" وعاد إلى++

عراص يثرب والاصباح ما قربا

كآصف قبل رد الطرف من سبأ++

بعرش بلقيس وافى تخرق الحجبا

فكيف في آصف لم تغل أنت؟ بلى++

بحيدر أنا غال اورد الكذبا

إن كان أحمد خير المرسلين؟ فذا++

خير الوصيين أوكل الحديث هبا

وقلت ما قلت من قول الغلاة فما++

ذنب الغلاة إذا قالوا الذي وجبا؟

فرواية إبن شهر اشوب هذه الابيات تثبت عدم كونها من نظم السيد قطب الدين الاقساسي ايضا إذ ابن شهر اشوب توفي سنة 588 قبل ولادة المستنصر بسنة، وقبل وفاة السيد القطب بسبع وخمسين سنة، ولعلها لابي الفضل التميمي أو لغيره من أسلاف آل الاقساسي الاولين، وأنشدها قطب الدين للمستنصر.

طى الأرض لأميرالمؤمنين


يبلغني من وراء حجب البغضاء والاحن تكذيب هذه المكرمة الباهرة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام وعزوها إلى الغلو مستندا إلى إحالة طي هذه المسافة البعيدة في هذا الوقت اليسير، ولو عقل المسكين ان هاتيك الاحالة على فرضها عادية لا عقلية، وإلا لما صح حديث المعراج "ولم يكن إلا جسمانيا" المتواتر المعدود من ضروريات الدين. ولا صحت قصة آصف بن برخيا المحكية في القرآن الكريم، ولما تمكن عفريت من الجن من أن يأتي بعرش بلقيس قبل أن يقوم سليمان من مقامه، ولم يرده سليمان ولا الذكر الحكيم، غير أن سليمان أراد ذلك بأسرع منه، وشمول القدرة الآلهية على التسيير الحثيث والبطئ شرع سواء، كما أنها بالنسبة إلى كلية الامور الصعبة والسهلة كذلك، فقد يكرم الله الولي المقرب بأقداره على أشياء لم يقدر عليه من هو دونه، وقد خلق الله الناس أطوارا، فتراهم متفاوتين في القدر، فيقوى هذا على ما لا يقوى عليه ذاك، وليس لقدرة الله سبحانه حد محدود، ومن هنا وهناك اختلفت عاديات الموجودات في شؤونها وأطوارها، فالمسافة التى يطويها الفارس في أمد محدود، غير ما يطويه الراجل، وللسيارات البخارية عدو مرب على الجميع، وإنك تستصغر ذلك العدو إذا قسته بالطائرات الجوية لانك تجدها تطوي في خمس ساعات مثلا ما تطويه الناس في خمسة أشهر.

وهذه طيارة مستكشفة بريحية 19 تحركت من باريك في صباح 24 ابريل سنة 1924 فوصل في المساء إلى بخارست بعد أن قطع 1250 ميلا في 11 ساعة، وفي اليوم التالي أضاف إليها 770 ميلا اخرى، ولم تمض عليه خمسة أيام حتى كان قد وصل إلى الهند، وقطع مسافة قدرها 3730 ميلا، وقد وصلت سرعة الطيارات إلى ما فوق

150 ميلا في الساعة الواحدة، وتحارب البعض منها في ارتفاع بلغ 22000 قدما.

___________________________________

بسائط الطيران ص 118 و 82.

ومن الممكن أن يكشف لنا العلم في مستقبله ما هو أسرع سيرا من هاتيك كلها.

إذن فأي وازع من أن يكون من عاديات الولي مهما أراد التمكن من أمثال هذا السير؟ وما ذلك على الله بعزيز على أنا لا نساوي مولانا أميرالمؤمنين ومن جرى مجراه من أئمة الهدى عليهم السلام بغيرهم من أفراد الرعية، ولا بأحد من أولياء الله المقربين ولا بأحد من حملة العلم والمكتشفين، فنجوز فيهم صدور المعجز متى اقتضته المصلحة، بل: هو من واجب مقامهم.

رجال طى الأرض من العامة


وإن تعجب فعجب أن فئتا ممن ران على قلوبهم ما كانوا يعملون تحاول دحض هذه المكرمة في مولانا أميرالمؤمنين وهم يخضعون لمثلها في غيره ممن هو دونه من دون أي غمز ونكير

1- روى الحافظ إبن عساكر في تاريخه 4 ص 33 عن السري بن يحيى قال: كان حبيب بن محمد العجمي البصري يرى يوم التروية بالبصرة ويوم عرفة بعرفات.

2- قال الحافظ إبن كثير في تاريخه 13 ص 94: ذكروا ان الشيخ عبدالله اليونيني المتوفى 617 يحج في بعض السنين في الهواء، وقد وقع هذا لطائفة كبيرة من الزهاد وصالحي العباد ولم يبلغنا هذا عن أحد من أكابر العلماء وأول من يذكر عنه هذا: حبيب العجمي، وكان من أصحاب الحسن البصري ثم من بعده من الصالحين.

3- كان أحمد بن محمد أبوبكر الغساني الصيداوي المتوفى 371 ينام بعد ما صلى العصر إلى ما قبل صلاة المغرب، فجاءه رجل ذات يوم يزوره بعد العصر فغفل فتحدث معه وترك عادة النوم فلما انصرف سأله الخادم عنه فقال: هذا عريف الابدال يزورني في السنة مرة. قال: فلم أزل أرصده إلى مثل ذلك الوقت حتى جاء الرجل فوقفت حتى فرغ من حديثه ثم سأله الشيخ أين تريد؟ فقال: أزور أبا محمد الضرير في مغار، قال الخادم: فسألته أن يأخذني معه فقال: بسم الله، فمضيت معه فخرجنا حتى صرنا عند قناطر الماء فأذن المؤذن المغرب قال: ثم أخذ بيدي وقال: قل: بسم الله، قال:

فمشينا دون العشر خطأ فإذا نحن عند المغارة وهي مسير إلى ما بعد الظهر قال:فسلمنا على الشيخ وصلينا عنده وتحدثنا عنده فلما ذهب ثلث الليل قال لي: تحب أن تجلس ههنا أوترجع إلى بيتك؟ فقلت: أرجع فأخذ بيدي وسمى ببسم الله ومشينا نحو العشر خطأ فإذا نحن على باب صيدا فتكلم بشئ فانفتح الباب ودخلت ثم عاد الباب.

"تاريخ إبن عساكر 1 ص 443"

4- كان ببغداد رجل من التجار قال: إني صليت يوما الجمعة وخرجت فرأيت بشر الحافي يخرج من المسجد مسرعا فقلت في نفسي: انظر إلى هذا الرجل الموصوف بالزهد لا يستقر في المسجد ثم انني اتبعته فرأيته تقدم إلى الخباز واشترى بدرهم خبزا فقلت: انظر إلى الرجل يشتري خبزا، ثم اشترى شواء بدرهم فازددت عليه غيظا، ثم تقدم إلى الحلوائى فاشترى فالوذجا فقلت: والله لا أتركه حتى يجلس ويأكل ثم إنه خرج إلى الصحراء فقلت: إنه يريد الخضرة، فما زال يمشي إلى العصر وأنا أمشي خلفه، فدخل قرية وفي القرية مسجد وفيه رجل مريض فجلس عند رأسه وجعل يلقمه فقمت لانظر في القرية وبقيت ساعة ثم رجعت فقلت للعليل: اين بشر؟ فقال: ذهب إلى بغداد، فقلت: كم بينى وبين بغداد؟ قال: أربعون فرسخا، فقلت. إنا لله و إنا إليه راجعون، أيش عملت في نفسي؟ وليس معي ما اكتري ولا أقدر على المشي، فقال لي: اجلس حتى يرجع فجلست إلى الجمعة القابلة فجاء بشر في ذلك الوقت ومعه شئ فأعطاه إلى المريض فأكله فقال له العليل: يا أبا نصر هذا الرجل صحبك من بغداد وبقي عندي منذ الجمعة فرده إلى موضعه، فنظر إلي كالمغضب وقال: لم صحبتني؟ فقلت: أخطأت، فقال: قم فامش فمشيت معه إلى قرب المغرب فلما قربنا قال: أين محلتك من بغداد؟ فقلت: في موضع كذا قال: إذهب ولا تعد. "تاريخ ابن عساكر 3 ص 236"

5- قال الشيخ الجليل أبوالحسن علي: كنت يوما جالسا عند باب خلوة خالي الشيخ أحمد "الرفاعي المتوفى 587" رضي الله عنه وليس فيها غيره وسمعت عنده حسا فنظرت فإذا عنده رجل ما رأيته قبل فتحدثا طويلا ثم خرج الرجل من كوة في حائط الخلوة ومر في الهوى كالبرق الخاطف فدخلت على خالي وقلت له: من الرجل؟ فقال: أو رأيته؟ قلت: نعم، قال: هو الرجل الذي يحفظ الله به قطر البحر المحيط، وهو أحد

الاربعة الخواص، إلا أنه هجر منذ ثلاث وهو لا يعلم، فقلت له: يا سيدي ما سبب هجره؟ قال: إنه مقيم بجزيرة في البحر المحيط، ومنذ ثلاث ليالي امطرت جزيرته حتى سالت أوديتها، فخطر في نفسه: لو كان هذا المطر في العمران. ثم استغفر الله تعالى، فهجر بسبب اعتراضه، فقلت له: أعلمته؟ قال: لا إني استحييت منه، فقلت له لو أذنت لي لاعلمته، فقال: أو تفعل ذلك؟ قلت: نعم، فقال: رنق فرنقت ثم سمعت صوتا: يا علي ارفع رأسك. فرفعت راسي من رنقي فإذا أنا بجزيرة في البحر المحيط فتحيرت في أمري وقمت أمشي فيها فإذا ذلك الرجل فسلمت عليه وأخبرته، فقال ناشدتك الله إلا فعلت ما أقول لك، قلت: نعم. قال. ضع خرقتي في عنقي واسحبني على وجهي وناد علي: هذا جزاء من تعرض على الله سبحانه. قال فوضعت الخرقة في عنقه وهممت بسحبه وإذا هاتف يقول: يا علي دعه فقد ضجت عليه ملائكة السماء باكية عليه وسائلة فيه وقد رضي الله عنه. قال: فاغمي علي ساعة ثم سرى عني وإذا أنا بين يدي خالي في خلوته والله ما أدري كيف ذهبت ولا كيف جئت "مرآة الجنان 3 ص 411"

6- حكى الشيخ الصالح غانم بن يعلى التكريتي قال: سافرت مرة من اليمن في البحر المالح فلما توسطنا بحر الهند وغلب علينا الريح أخذتنا الامواج من كل جانب وانكسرت بنا السفينة فنجوت على لوح منها فألقاني إلى جزيرة فطفت فيها فلم أر فيها أحدا وإذا هي كثيرة الخيرات رأيت فيها مسجدا فدخلته، فإذا فيه أربعة نفر فسلمت عليهم، فردوا علي السلام، وسألوني عن قصتي فأخبرتهم، وجلست عندهم بقية يومي ذلك، فرأيت من توجههم وحسن إقبالهم على الله تعالى أمرا عظيما، فلما كانت وقت العشاء دخل الشيخ حيوة الحراني، فقاموا يبادرون إلى السلام عليه، فتقدم وصلى بهم العشاء، ثم استرسلوا في الصلاة إلى طلوع الفجر،فسمعت الشيخ حيوة يناجي ويقول: إلهي لا أجد لي في سواك مطمعا "إلى آخر الدعاء" ثم قال: بكى بكاء شديدا، ورأيت الانوار قد حفت بهم، وأضاء ذلك المكان كإضاءة القمر ليلة البدرثم خرج الشيخ حيوة من المسجد وهو يقول:

سير المحب إلى المحبوب إعجال++

والقلب فيه من الاحوال بلبال

أطوي المحانة من قفر على قدم++

إليك يدفعني سهل وأجبال

فقال لي اولئك النفر: اتبع الشيخ فتبعته وكانت الارض برها وبحرها و سهلها وجبلها يطوى تحت أقدامنا طيا كنت أسمعه كلما خطا خطوة يقول: يا رب حيوة كن لحيوة. وإذا نحن بحران في أسرع وقت، فوافينا الناس يصلون بها صلاة الصبح.

"مرآة الجنان 3 ص 421"

7- ذكر محمد بن علي الحباك خادم الشيخ جلال الدين السيوطي المتوفى 911:

إن الشيخ قال له يوما وقت القيلولة وهو عند زاوية الشيخ عبدالله الجيوشي بمصر بالقرافة: أتريد أن تصلي العصر بمكة بشرط أن تكتم ذلك علي حتى أموت؟ قال: فقلت نعم. قال: فأخذ بيدي وقال: غمض عينيك فغمضتها فرحل بي نحو سبع وعشرين خطوة ثم قال لي: افتح عينيك فإذا نحن بباب المعلاة فزرنا امنا خديجة، والفضل بن عياض، و سفيان بن عيينة، وغيرهم ودخلت الحرم فطفنا وشربنا من ماء زمزم، وجلسنا خلف المقام حتى صلينا العصر، وطفنا وشربنا من ماء زمزم ثم قال لي: يا فلان ليس العجب من طي الارض لنا وإنما العجب من كون أحد من أهل مصر المجاورين لم يعرفنا ثم قال لي: إن شئت تمضي معي وإن شئت تقيم حتى يأتي الحاج قال: فقلت أذهب مع سيدي فمشينا إلى باب المعلاة وقال لي: غمض عينيك فغمضتها فهرول بي سبع خطوات ثم قال لي: افتح عينك فإذا نحن بالقرب من الجيوشي فنزلنا إلى سيدى عمر بن الفارض.

"شذرات الذهب 8 ص 50"

8- ذكر السخاوي في طبقاته: ان الشيخ معالى سأل الشيخ سلطان بن محمود البعلبكي المتوفى 641 فقال: يا سيدي كم مرة رحت إلى مكة في ليلة؟ قال: ثلاث عشرة مرة، قلت: قال الشيخ عبدالله اليونيني: لو أراد أن لا يصلي فريضة إلا في مكة لفعل.

"شذرات الذهب 5 ص 211"

9- الحافظ إبن الجوزي في 'صفة الصفوة' 4 ص 228 عن سهل بن عبدالله قال: لقد رأيت رجلا يقال له: مالك بن القاسم جبلي وقد جاء ويده غمرة فقلت له: إنك قريب عهد بالاكل؟ فقال لي استغفر الله فإنني منذ اسبوع لم آكل، ولكن: أطعمت والدتي وأسرعت لالحق صلاة الفجر وبينه وبين الموضع الذي جاء منه سبعمائة فرسخ فهل أنت مؤمن بذلك؟ فقلت: نعم فقال: ألحمد لله الذي أراني مؤمنا موقنا.

10- روى إبن الجوزي في 'صفة الصفوة' 4 ص 293 عن موسى بن هارون قال: رأيت الحسن بن الخليل مرة بعرفات وكلمته، ثم رأيته يطوف بالبيت فقلت: ادع الله لي أن يقبل حجي فبكا ودعا لي ثم أتيت مصر فقلت: إن الحسن كان معنا بمكة فقالوا: ما حج العام وقد كان يبلغني انه يمر إلى مكة في كل ليلة فما كنت اصدق حتى رأيته فعاتبني وقال: شهرتني ما كنت احب أن تحدث بها عني، فلا تعد بحقي عليك.

كلمة للمؤلف


قال الاميني: في وسع الباحث أن يؤلف من أمثال هذه القصص المبثوثة في طي الكتب والمعاجم تأليفا حافلا ونحن اقتصرنا بالمذكور روما للاختصار، ويستفاد منها ان الولي الذي من عليه بطي الارض له أن يأخذ معه من شاء وأراد من أخلاءه وخدمه، فتطوى لصاحبه الارض ايضا كرامة لذلك الولي الصالح فضلا عن نفسه، وهذه كلها لا يناقش فيها مهما لم يكن الولي الموصوف من العترة الطاهرة وإلا فهناك كل الجدال والمناقشة، وكل الهوس والهياج.

/ 47