إمام علی (علیه السلام) بأقلام المعاصرین نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إمام علی (علیه السلام) بأقلام المعاصرین - نسخه متنی

ماجد محمد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




علي بن أبي طالب ـ سلطة الحقّ: عزيز السيّد جاسم


جاء هذا
العنوان أو هذا الكتاب بقلم عزيز السيّد جاسم عضو اللجنة المركزية للحزب
الشيوعي العراقي في الستينيات ومسؤول صحيفة (الثورة) العراقية في
الخمسينيات ، فراح يلقي أضواء جديدة على إمام المتّقين ومدينة العلم
وبابها ـ حسب تعبيره ـ ويوضّح لماذا وكيف اصطفاه الرسول(صلى الله عليه وآله)
ليصبح وريث علمه والمحافظ على سلالته؟

ويستعرض الكاتب
في كتابه هذا حياة الإمام علي(عليه السلام) واقفاً على أهمّ أحداثها بالتحليل
والدراسة ابتداءً من جهاده مع الرسول(صلى الله عليه وآله) مروراً بمحنتي
الجمل وصفّين وحتى استشهاده موضّحاً أهمّ صفات أو سمات شخصية هذا الإمام
العظيم الأخلاقية والفكرية والنفسية ، وكذلك سياساته الاقتصادية
والاجتماعية والعسكرية ومنهج حكمه الذي يُعتبر أو يتمحور العدل فيه درّة لم
يتخلّ عنها حتّى مع قاتله32 ،
وينتهي الكاتب مع الإمام في اسلوب الإمام الخطابي وبلاغته الفذّة التي عُبّر
عنها أو عَبّر عنها البلغاء والفصحاء أنّها تحت كلام الخالق وفوق كلام
المخلوق ، ثمّ أفصح الكتاب عن شخصية الإمام كقدوة تحتذى ، محرّكاً
سيرته وملامح شخصيته من بطون كتب التراث إلى حيث نبض الحياة وعراكها ـ حسب
تعبير الكاتب أيضاً ـ ليتحقّق الهدف الأكبر من دراسة هذه الشخصيات الخالدة
وهو التواصل بين التراث وهمومنا المعاصرة ، أي كي لا يبقى هؤلاء العظماء
مجرّد قمم شامخة في سماء الناس معلّقين في الهواء للإعجاب والانبهار والتجارة
بالسِير والكلمات والمواقف .

يقول الكاتب في
مقدّمة كتابه هذا :

«ثمّة قادة
عسكريون كبار ، ومفكِّرون ، وفقهاء عظماء ، وبلغاء وزهّاد
وعباقرة ، وعلماء وأُدباء . وفي التاريخ هناك الاسكندر العظيم يعشق
الفلسفة ، فيأخذ معه (ارسطو) استاذه ، وهناك (افلاطون) الفيلسوف
واستاذه سقراط ، وهناك بوذا وكونفوشيوس ، وقادة الثورات
والمصلحون ، كلٌّ متخصّص في ميدانه ، أمّا علي بن أبي طالب ،
فهو الحاوي على جميع سمات العبقريات المتعدّدة ، فهو الخليفة
القائد ، وهو المحارب العظيم ، وهو الفيلسوف ، وهو الاستاذ في
العدل والمؤسس لعلم النحو ، وهو الفقيه ، القاضي ، العالم
بالحساب والفلك ، وهو أمير البلاغة والشاعر ، والحكيم والحافظ
لتراث محمد رسول الله(صلى الله عليه وآله)وهو الأخلاقي الرفيع ،
والأنموذج في كلّ شيء»33 .

ويضيف :

«يستطيع المرء
أن يتعلّم أشياء كثيرة من علي أو يعلم عنه ولكنّه لا يستطيع أن يكون
مثله . . فكان في زمنه وحيداً إلاّ من قلّة مخلصة إخلاصاً
نادراً ، ومن أنصار ومؤيّدين يجتمعون ويتفرّقون لأمر أو أمور كان علي
أعلم بها من غيره . وحين خذلته المحنة في زمنه ، أنصفه
التاريخ ، إذ أصبح أفواج المحبّين من رجال الفكر والكفاح
الإنساني ، والعدل والمعرفة ، يتّصلون به بحسب الفكر والإيمان
ونسبهما ، وأصبح حبّ علي بن أبي طالب حقيقة موضوعية يقرّ بها المحبّ
والمبغض»34 .

أمّا لماذا
ناوأه المناوئون وناجزه المناجزون ، واعترض عليه المعترضون ، فقد
اختصر ذلك عزيز السيد جاسم بأروع اختصار وأوجزه بأجمل إيجاز
قائلا :

«كان الرجل
وحيداً في عبقرياته ، عجيباً في مسلكه ، لذلك لم يكن جميع أعدائه
من طينة واحدة ، فبعض الذين حاربوه كانوا يرون فيه عدوّهم الأكبر ،
أي عدوّ باطلهم ، أو كفرهم أو شركهم أو ظلمهم ، وبعض الذين حاربوه
رأوا فيه المقياس الذي يكشف عن بُعدهم من الحقّ والعدل ، رأوا ـ من
خلاله ـ هُزالهم في حين كانوا يحسبون أنفسهم مهمّين . فإذا بهم في
الضآلة ، بالمقارنة مع شخصية عليّ . وكانوا يهيئون أنفسهم لدور
كبير بين أتباعهم ، فيأفل نجمهم أمام شمس عليّ النيّرة ، فحاربوه
لافتضاحهم بالمقارنة ولعجزهم عن الارتفاع إلى مستوى الحقّ
والصدق . . .» مضيفاً :

«أمّا الذين
تركوا معسكره ـ وهم كثرة ـ فإنّهم إنّما فعلوا ذلك لأنّهم لم يطيقوا
عدله ، وحقّه وصدقه» مستشهداً بمقولة الاستاذ عبّاس محمود العقّاد الذي
يُفسّر هذه الظاهرة قائلا :

«وهكذا فُرضت
على الرجل العظيم ضريبة العظمة الغريبة في ديارها وبين آلها وأنصارها ،
فالعلاقة بينه وبين كبار الصحابة كانت علاقة الزمالة التي ينوب فيها الواجب
مناب الإلفة . والعلاقة بينه وبين الخصوم كانت علاقة حسد غير مكفوف وبغض
غير مكتوم ، والعلاقة بينه وبين سواد العامّة كانت علاقة غرباء يجهلونه
ولا ينفذون إلى لبابه . وإن قاربه الناس معجبين ، وباعده أُناس
نافرين . تلك أيضاً آية الشهيد» .

ثمّ يعلّق
السيّد عزيز السيّد جاسم على هذا ويروح يتساءل :

«هل كان ممكناً
نجاح شخصية علي بن أبي طالب ـ في عصرها ـ نجاحاً سياسياً على ما هو عليه من
(الحقّانية) التامّة والعدل التامّ؟» ويضيف :

«لقد أحبّه ـ
في زمنه ـ أُناس حبّاً خارقاً وبالغ بعضهم في الحبّ فألّهوه وكفروا ،
فأمر بالقذف بهم في النار ، وهم غير نادمين . وهذا أمر عجيب
نادر . يفرض نفسه في طلب التحليل لظاهرته الغريبة المثيرة»35 .

هذه التساؤلات
وغيرها ، وهذا التدافع في تحليل شخصية الإمام ، وهذا الاستغراق في
دراسة مواقفه ومواقف الناس منه وموقفه من الناس ترك للتاريخ والناس لكي يغترف
كلّ غارف غَرفة ، ويقول كلّ محلّل قولة ، وهذا هو العمق وحيازة
التاريخ والخلود . . .

يقول عزيز
السيّد جاسم في هذا السياق :

«لقد حسم
اغتيال الإمام علي المناقشة . . وقطع الطريق أمام محاولته التصدّي
للهجمة المضادّة ، ووجد في الموت فوزه الأكبر وهو يرقب مغادرة
روحه : «فزت وربّ
الكعبة» واستمرّ الناس فيما همّ عليه من صراعات سياسية
ودنيوية ودينية ومصلحية»36 .

ويصف الكاتب
عجزه عن دراسة هذه الشخصية العظيمة بالحبّ العظيم له وكيف أنّه (سلام الله
عليه) جدير بالحبّ والاحترام والإكرام من قبل كلّ إنسان حرّ ذي ضمير نجيب ـ
حسب تعبيره ـ . . . وكيف أنّ كلّ شيء يمكن أن يختتم إلاّ
الكتابة عن علي فإنّها لا تختتم . ولا يجد الكاتب مناصاً للتعويض عن
عجزه هذا إلاّ الاستشهاد ببعض كلمات وصية الإمام(عليه السلام) لولده الحسن
حيث يجد فيها ناموساً فكرياً وأخلاقياً ، ودليلا للضمير ، ودستوراً
للناس ، وخاصة حين يسمعه يقول في هذه الوصية الخالدة :

«يا بني اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك ،
فاحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك ، واكره له ما تكره لها ، ولا تظلم كما
لا تُحب أن تُظلَم ، واحسن كما تحبّ أن يُحسن إليك واستقبح من نفسك ما
تستقبحه من غيرك . . . وارضَ من الناس بماترضاه لهم من
نفسك...» ..

ويروح الكاتب
في معظم فصول الكتاب يضع عناوين شاخصة معبِّرة يستظهر من خلالها دلالات واضحة
على عظمة الإمام وعدم تكرار نموذجه في دنيا الناس ، فيضع عنوان الفصل
الأوّل مثلا : «مشيئة الرب» مؤكّداً أنّ للإمام علي مواقف وصفات وسمات
لم يشاركه أحد فيها من دنيا الناس على الإطلاق . ويأتي عنوان الفصل
الثالث «شجاعة علي : البدء المتطابق» وما يحمله هذا العنوان من دلالة
التطابق بين علي الإنسان وعلي النموذج الفريد ، وكيف أنّ جميع الذين
أسلموا لم يكونوا بطبيعة الحال مؤمنين ، ولم يحافظ جميع الذين أسلموا
على جوهر الإسلام ، فمنهم من ارتدّ مكشوفاً ، ومنهم من كانت ردّته
خفية أو حتى لا شعورية . . مع أنّ الإسلام في زمن الابتداء كان
ذروة التربية وثورة التربية»37
إلاّ علي الذي تطابق إسلامه مع إيمانه ولم يحدْ لحظة أو
قيراطاً .

ويأتي عنوان
الفصل الخامس والسادس على التوالي : «السياسة العسكرية لعلي بن أبي
طالب ، وتاريخ لأوليات سياسية» ويقول العنوان الثاني :

«من المؤكّد مع
أنّ اللوحة الاجتماعية العامة للكثير من الصراعات في زمن الجاهلية كانت تشير
إلى صراعات اقتتالية بين أبناء العمومة في العشيرة الواحدة ، بأن أشهر
الحروب وأخطرها كانت حروباً من النوع المذكور ، فحرب (البسوس) التي
استمرّت ما يقارب الأربعين عاماً كانت حرباً بين (بكر) و(تغلب) ابني وائل
بسبب ناقة كانت تملكها امرأة عجوز من بكر تدعى البسوس ، وكذلك كانت حرب
(داحس والغبراء) وهي حروب قيس بن عبس وذبيان ابني بغيض بن وريث بن
غطفان ، واستمرّت أيضاً أربعين عاماً . .» ليؤكّد أنّ جذور
هذه الأوّليات هي تلك حتّى شاءت تلك المقدّمة (الدراماتيكية) ـ حسب
تعبيره ـ أن توفّر ما توفّر بين بني عبد شمس وبني عبد مناف38 .

وحين يصل
الكاتب إلى الفصل السابع من كتابه يضع عنوانه المفصح المعبِّر : «سلطة
الحقّ في رفض السلطة» ليكون عنوان الكتاب نفسه ، وفيه ، أي في هذا
الفصل يضع الكاتب ديباجته من كلام صريح واضح للإمام(عليه السلام) يقول
فيه :

«أما والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لولا حضور
الحاضر وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن لا
يقارّوا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم ، لألقيتُ حبلها على
غاربها . . .» ويشير عزيز السيّد جاسم أنّ
السلطة ليست مهمّة بحدّ ذاتها وأنّها ليست هدفاً للعظماء بحدّ ذاته وإنّما هي
مهمّة بمقدار النتائج التي يحقّقها صاحب السلطة للناس وللأجيال
والتاريخ ، فيقول :

«ولا يهمّ
البشرية أن يقال هذا حاكم قويّ ، وذاك حاكم ضعيف ، فقد حفل التاريخ
الإسلامي مثلا بآلاف الأمثلة في ذلك دون فائدة تُذكر»
ويضيف :

«إنّ البشرية
بحاجة إلى الحاكم النبراس الذي يقدِّم للمجتمعات ثماراً أبدية في العدل وفي
الفكر ، وفي الممارسة . أي أنّ المقياس في تقويمات كهذه ، هو
مقياس موضوعي يخصّ الفوائد الوطيدة للبشر ، وليس مقياساً فردياً ،
كما يجنح عادة بعض الكتّاب والمؤرِّخين إلى تفصيل الخصائص الشخصية والعائلية
للحاكم . . .»39 .

ولا يقتصر هذا
الخلط على الكتّاب والمؤرِّخين والنخب السياسية والاجتماعية ، بل إنّه
يمتدّ ويكون خطره أفظع حين يعمّ كلّ مساحة الناس ممّن سمّاهم الإمام(عليه
السلام) «الهمج الرعاع : أتباع كلّ
ناعق (الذين) يميلون مع كلّ ريح ، ولم يستضيئوا بنور العلم . ولم
يلجأوا إلى ركن وثيق» .

وهنا يدعو
السيّد جاسم إلى تحرير النفس البشرية من هذه الرعوية والهمجية
والغوغائية ، والتي هي كما يسمّيهاطبيعة حيوانية غير مهذّبة
فيقول:

«وشخّص عليّ
تشخيصاً فذّاً تلك المجاميع من الجماهير ، التي هي من طراز الهمج
الرعاع ، وهي مجاميع لا تشكِّل جوهر المجتمع ، وليست هي الجماهير
بتمامها بل هي شرائح اجتماعية رهينة شروطها الفكرية الذاتية وبنت التخلّف
الطويل المقيم . . وأولئك الهمج الرعاع أعداء كلّ تقدّم ،
وتطوّر ، واستقرار ، وهم يعاكسون إرادة الحقّ ، ومسار
العلم ، واتجاه العدل ، ويعطون الشرعية التهريجية للظالمين ،
فهم خدمهم الذين يُنفِّذون إرادتهم الطغيانية ، وهم لا مانع لديهم من
استبدال سلطان بآخر ، فهم مع الأقوى والمنتصِر . وكان عليّ في
رؤيته متنبئاً بما سيحمله (الشرق) من كوارث سياسية ، سببها الصراعات
الدامية حول السلطة ، ودور الهمج الرعاع في تأجيجها وفي دفعها إلى
الثورة . . .»40 .

هؤلاء الهمج
الرعاع الذين ينعقون مع كلّ ناعق ويميلون مع كلّ ريح والذين لا ينصرون حقّاً
ولا يخذلون باطلا ويحدّدون مواقفهم (مع مَنْ غلب) كما يقول التاريخ هم الذين
ملأوا قلب الإمام علي قيحاً وشحنوا صدره غيضاً . . والأسوأ منهم هم
أعوان الظلمة وحواشيهم وبطانتهم من الذين تنقل الروايات أنّ منادي يوم
القيامة يعلو صوته منادياً : «أين
أعوان الظلمة قبل الظلمة» باعتبارهم أذرع السلطان وأدواته
التنفيذية الذين مكّنوا الظالم وحكّموه وتحكّموا
به . . .

هذا التشخيص
الواعي للإمام علي بن أبي طالب (سلام الله عليه) هو الذي جرّعه ألوان
الغصص ، فلا هو قادرٌ على مجاراة الهمج الرعاع أو مسايرتهم في أهوائهم
وأطماعهم ، ولا هو قادر عن التخلّي عنهم وهو المسؤول عن تربيتهم
وتأديبهم . . . فلا هم أطاعوه ليرتاح من زجرهم وتقريعهم ولا
فهموه لكي يستقرّ على قرار . . . فبقي حياته كلّها مقارعاً
مستغيثاً نادباً حظّه وحظّهم إذْ ابتُلي بهم وابتلوا به كما يقول(عليه
السلام)وحيث أرادهم لدينه وأرادوه لدنياهم ، وشتّان بين
الإرادتين . . .

/ 7