إمام علی (علیه السلام) بأقلام المعاصرین نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إمام علی (علیه السلام) بأقلام المعاصرین - نسخه متنی

ماجد محمد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید







الحقيقة الضائعة: الشيخ معتصم سيد أحمد



رغم أنّ
(الحقيقة) لا تضيع ولن تضيع ، وإنْ كانت ضُيعت أو غُيّبت لهذه الفترة أو
تلك ، إلاّ أنّ (الحقيقة) عند الاستاذ والكاتب السوداني الشيخ معتصم سيد
أحمد قد ضاعت ، أي ضاعت عليه هو نفسه فراح يبحث عنها في كتابه هذا
بجدّية وصدق وإخلاص حتّى عثر عليها موفقاً مسدّداً إن شاء
الله .


ولعلّ أوّل ما
يبدأ به الكاتب في بحثه عن الحقيقة هو تنقيبه الدقيق وفحصه الأكثر دقّة لمتون
وأسانيد الحديث الشريف : «إنّي تارك
فيكم الثقلين : كتاب الله وسنّتي ، أو عترتي أهل
بيتي» وصراعه بين هذين الاثنين (سنّتي أم عترتي) وارتياحه في
اكتشاف الخيط الدقيق بين سنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله)وعترته أهل بيته
وعلى رأسهم أو في مقدّمتهم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه
السلام) .


وبعد فراغه من
هذا البحث الذي قال : إنّه كلّفه «مجهوداً فكرياً ونفسياً ، وجعلني
أعيش صراعات مع ضميري وأخرى مع زملائي وأساتذتي في الجامعة» 53
وانتهائه إلى أنّ الآية القرآنية الكريمة {إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين
يُقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} إنّما نزلت في
علي(عليه السلام)وانّ لها دلالة خاصّة ـ حسب رؤية الكاتب ـ راح غائصاً في
تقصّيها والبحث في مغزاها وأسباب نزولها .


بعدها راح
الكاتب يبحث في مغزى الآية القرآنية الكريمة الاُخرى : {يا أيّها الرسول بلِّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإن
لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس} وكيف أنّ
هذا الأمر الإلهي الواجب تبليغه صار يوازي تبليغ الرسالة فإذا لم يبلِّغه
فكأنّما لم يبلِّغ الرسالة» 54
ويضيف :


(وإنّ هذا الأمر ، هو مردّ خلاف
عظيم بين الناس ، بل إنّ الرسول خاف على نفسه من الناس ولذا طمأنه الله
تعالى بقوله عزّ من قائل : {والله
يعصمك من الناس} ) 55 .


ومن استجلاء
معاني هذه الآيات البيّنات وغيرها يروح الاستاذ معتصم يلقي باللائمة على
المؤرِّخين الذين يكتمون الحقائق ولا ينقلونها إلى الناس ، وهذا ما
يقصده بضياع الحقيقة إذْ يقول :


«وما تعانيه
الأمّة الإسلامية اليوم من فرقة وشتات وتمزّق في الصفوف ما هو إلاّ نتاج
طبيعي للانحرافات التي حدثت في التاريخ من تدليس المؤرِّخين وكتمهم
للحقائق . . من أجل مصالح سياسية (ودنيوية) . . وهو
مخطّط استهدف مدرسة أهل البيت على كافّة الأصعدة والمستويات ليشكِّل تيّاراً
آخر ذا مظهر إسلامي في قبال الإسلام الحقيقي الأصلي» 56 .


ولم تكن
المسألة مسألة مصالح سياسية فقط وإنّما مسألة رعب ورهبة وخوف لمن يجرأ ويكشف
الحقيقة إذْ «كان مجرّد التظاهر بالحبّ لعلي بن أبي طالب وأهل بيته كفيل بهدم
الدار وقطع الرزق ، حتّى تتبّع معاوية شيعة علي قائلا : اقتلوهم
على الشبهة والظنّة ، وحتّى بات ذكر فضائلهم جريمة لا
تُغتفر . .» 57 .


وأكثر ما يجرح قلب
الكاتب ويمزّق فؤاده في مواقف هؤلاء المؤرّخين هو جناية التكتّم على مظلومية
الإمام علي(عليه السلام) وحذفهم لرسائل عديدة مهمّة كان(عليه السلام)بعثها
إلى معاوية وحذف أخرى بين هذا الأخير ومحمد بن أبي بكر ، وراح الكاتب
يندِّد بموقف الطبري كمثال قائلا :


«أخفى
المؤرِّخون وأوّلهم الطبري الرسائل التي جرت بين محمد بن أبي بكر
ومعاوية بن أبي سفيان . . فاعتذر الطبري بعدما ذكر إسناد
الرسالتين ، بأنّ فيهما ما لا يتحمّل العامة سماعه ، ثمّ جاء من
بعده ابن الأثير وفعل ما فعله الطبري ، ثمّ سار على نهجهم ابن كثير
فأشار إلى رسالة محمد ابن أبي بكر ، وحذف الرسالة وقال (فيها غلظة)» إلى
أن يقول (أي الكاتب) :


«وما فعله
المؤرِّخون الثلاثة هو من أبشع أنواع كتْم الحقائق ، وهو يكشف بكلّ وضوح
عدم أمانتهم العلمية» 58 .


ولم يتردّد
الكاتب في ذكر بعض فقرات هذه الرسالة التي (فيها غلظة) وينقلها عن مروج الذهب
للمسعودي ، وجاء فيها :


«من محمد بن
أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر ، وبعد الثناء على النبي وكيف أنّ
الله أرسله رحمة وبعثه رسولا ومبشِّراً ونذيراً ، فكان أوّل من أجاب
وأناب وآمن وصدّق وأسلم وسلم أخوه وابن عمّه علي بن أبي طالب : صدقه
بالغيب المكتوم وآثره على كلّ حميم ، ووقاه بنفسه كلّ هول وحارب حربه
وسالم سلمه . . . لا نظير له . . . اتّبعه ولا
مقارب له في فعله ، وقد رأيتُك تُساميه وأنت أنت ، وهو هو ،
أصدق الناس نيّة ، وأفضل الناس ذريّة ، وخير الناس
زوجةً . . . وأنت اللعين ابن اللعين لم تزل أنت وأبوك تبغيان
لرسول الله(صلى الله عليه وآله) الغواية وتجهدان في إطفاء نور الله ،
تجمعان على ذلك الجموع وتبذلان فيه المال ، وتؤلّبان عليه
القبائل ، وعلى ذلك مات أبوك وعليه خلفته . . .» إلى أن
يقول :


«فكيف يا لك
الويل! تُعدل أو تقرن نفسك بعلي وهو وارث رسول الله(صلى الله عليه
وآله)ووصيّه وأبو ولده; أوّل الناس اتباعاً وأقربهم به عهداً ، يخبره
بسرّه ، ويطلعه على أمره ، وأنت عدوّه وابن عدوّه ، فتمتّع في
دنياك ما استطعت بباطلك وليمددك ابن العاص في غوايتك ، فكأنّ أجلك قد
انقضى وكيدك قد وهن ثمّ يتبيّن لمن تكون العاقبة
العليا . . .» 59 .


أمّا رسالة
معاوية في الردّ على محمد بن أبي بكر ، فقد جاء فيها ، ما تهيّب عن
ذكره المؤرِّخون الثلاثة المذكورون سابقاً ، ولكن الشيخ معتصم أورد
بعضاً من نصوصها كما جاء في مروج الذهب أيضاً . نذكر فقرات منها خدمةً
للقارئ الكريم وبدون تعليق :


«من معاوية بن
صخر ، إلى الزاري على أبيه محمد بن أبي بكر . . . ذكرتَ
ابن أبي طالب ، وقديم سوابقه وقرابته إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)
ومواساته إيّاه في كلّ هول وخوف فكان احتجاجك عليَّ وعيبك لي بفضل غيرك لا
بفضلك ، فاحمد ربّاً صرف هذا الفضل عنك وجعله لغيرك ، فقد كنّا
وأبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب وحقّه لازماً لنا مبروراً علينا ،
فلما اختار الله لنبيّه عليه الصلاة والسلام ما عنده ، وأتمّ له ما
وعده ، وأظهر دعوته وأبلج حجّته ، وقبضه الله إليه صلوات الله
عليه ، فكان أبوك وفاروقه أوّل من ابتزّه حقّه وخالفه على أمره ،
على ذلك اتّفاقاً واتساقاً ، ثمّ إنّهما دعوه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما
وتلكأ عليهما ، فهمّا به الهموم وأرادا به العظيم . ثمّ إنّه
بايعهما وسلّم لهما وأقاما لا يشركانه في أمرهما ولا يطلعانه على سرّهما حتّى
قبضهما الله . . .» إلى أن يقول :


«أبوك مهّد
مهاده وبنى لملكه وساده ، فإن يك ما نحن فيه صواباً فأبوك استبدّ به
ونحن شركاؤه ، ولولا ما فعل أبوك قبل ما خالفنا ابن أبي طالب وسلّمنا
إليه ، ولكن رأينا أباك فعل ذلك به قبلنا فأخذنا بمثله ، فعِبْ
أباك بما بدا لك أو دع ذلك . والسلام على من أناب» 60 .


وهنا لا يملك
الشيخ معتصم نفسه فيروح مذيعاً ما استفزّ سريرته واستصرخ وجدانه
فيقول :


«وقد عرفتُ
بذلك السرّ الذي منع الطبري وابن الأثير وابن كثير من نقل هذه الرسالة;
لأنّها تكشف واقع الصراع والخلاف الذي حدث بين المسلمين في أمر
الخلافة ، التي هي حقّ لعلي ـ كما يرى طبعاً ـ» ويضيف :


«فهذا معاوية
يعترف بذلك ولكنّه يعتذر بأنّ خلافته هي امتداد لخلافة أبي بكر وشنّع بذلك
على ابنه . . . ولكن لا عليك يا معاوية ـ والكلام للكاتب ـ
فإنْ لم يسكت محمد بن أبي بكر ولم يستر أمرك فقد سكت عنه الطبري وابن الأثير
وابن كثير . . .» 61 .


وهكذا هو
التاريخ والمؤرِّخون على امتداد العصور والأزمان ، يُظهرون نصف
الحقيقة ، ويسدلون الستار على نصفها الآخر فيتركون الناس في طرائق شتّى
لا يهتدي فيها الضال ولا يستيقن المهتدي ، وكلّ ذلك من أجل مصالح خاصة
أو مواقف سياسية مدفوعة الثمن تروح ضحيتها الحقيقة أو المؤرِّخ ، وما
أعظم المؤرِّخ الذي يروح ضحيةً للحقيقة! وما أعظم الحقيقة التي
لا يعتّمها مؤرِّخ ولو غيّبها الزمن والسلاطين وسنين طويلة من عمر الدهر
الخؤون!


/ 7