1 ـ الشرك
وهي أنّ يحكّم الإنسان أكثر من
عامل على سلوكه، بمعنى أن يحكّم الله ـ تعالى ـ على نفسه، ويحكّم الهوى
والطاغوت في الوقت نفسه على نفسه، فيخضع في سلوكه لهذه العوامل جميعاً وليس
لحكم الله ـ تعالى ـ وأمره فقط، فيطيع الله تعالى، ويطيع الهوى والطاغوت في
معصية الله، ويُحِلّ ما أحلّوه له ويحرّم ما حرّموه عليه في مقابل ما أحلّ
الله وما حرّم الله.
وهذه الطاعة والانقياد للهوى والطاغوت ... تأتي في حياة الإنسان في عرض طاعة
الله، وبمعصية الله ومخالفته.
والقرآن يسمّي هذه الطاعة التي تأتي في عرض طاعة الله، وتتمّ بمعصية الله ـ
تعالى ـ ومخالفته بـ (الشرك).
فيقول ـ تعالى ـ في طاعة الهوى: {أَرأيت من
اتّخذ إلهه هواه أَفأنت تكون عليه وكيلا}16،
{أَفرأيت من اتّخذ إلهة هواه وأضلّه الله
على علم ...}17.
وطاعة الهوى هو تأليه الهوى، ولا نعرف نحن معنى آخر لتأليه الهوى غير الطاعة
والتسليم لعامل الهوى: هذا في طاعة الهوى.
وأمّا في طاعة الطاغوت فيقول تعالى: {اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله
والمسيح بن مريم، وما أُمروا إلاّ ليعبدوا إلهاً واحداً}18.
والعبودية هنا الطاعة، فإنّ النصارى لم يزيدوا على طاعة أحبارهم ورهبانهم
فيما أحلّوا لهم وحرّموا عليهم، فعبادتهم لهم هي تحكيم أوامرهم ونواهيهم
عليهم.
وقد روي في ذلك أنّ عدي بن حاتم قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّا
لم نعبد أحبارنا ورهباننا؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أَلم
تحلّوا ما أحلّوه، وتحرّموا ما حرّموه؟