الاستدلال على لزوم إذن الإمام
وكيف كان ، فقد استدلّ للوجوب بوجوه :
أحدها : إجماع «الغنية»[1269] و «الخلاف»[1270] .
وفي «الرياض» : «وعليه ـ أي التوقّف على إذن الحاكم ـ الفاضل في «القواعد»[1271]
، ولعلّه الظاهر من «الغنية» ، فإنّ فيها لايستفيد إلاّ سلطان الإسلام أو من يأذن
له في ذلك ، وهو وليّ من ليس له وليّ من أهله ـ إلى أن قال : ـ بلا خلاف بين
أصحابنا في ذلك كلّه ، وظاهره دعوى الإجماع عليه كالشيخ في «الخلاف» فإن ثَمّ فهو
الحجّة»[1272] .
قد عرفت أنّ معقد إجماع «الخلاف» على تسليمه هو الكراهة .
أ مّا «الغنية» ، فالظاهر أنّ كلامه المنقول غير مرتبط بمحلّ البحث ، بل يكون
مربوطاً بحدّ معتاد قتل الرقيق والعبيد وأهل الذمّة ، وأ نّه لايستفيده إلاّ سلطان
الإسلام أو من يأذن له في ذلك .
وحرف الواو في قوله : «وهو وليّ» للاستئناف ، ولبيان أنّ السلطان وليّ من لا
وليّ له من أهله حيث قال بعده : «لكنّه يقتل بالعمد أو يأخذ دية الخطأ ، ولا يجوز
له العفو كغيره من الأولياء» .
فلا ربط لهذه العبائر وهذه الأحكام كالسابقة بمحلّ البحث أصلاً ، فراجع «الغنية»[1273]
.
هذا كلّه مع أنّ الإجماع في مسألة اجتهاديّة ومع ما فيه من مخالفة المتأخّرين بل
ومن القدماء ، من كلّ من لم يتعرض لإذن الإمام والحاكم ، فإنّ ظاهره عدم التوقّف كـ
«النهاية» و «الانتصار» و «المراسم» و «الوسيلة» و «السرائر» ، بل و «المقنع» ، وهي
مختلفة في الظهور الذي لايكاد ينكر وإن كان بعضها أظهر .
ثانيها : ما قيل مـن أ نّه يحتاج لإثبات القصاص واستيفائـه إلـى النظـر
والاجتهـاد، فإنّ الناس مختلفون فـي شرائـط الوجـوب والاستيفاء وأمـر الـدماء خطير
.
وفيه : أنّ هذا يفيد عدم الجواز مع عدم العلم ، والخصم يقول به ، فهذا خارج عن
محل النزاع ومباين له ; لأنّ محلّه تيقّن الوليّ بثبوت القصاص ، وهو غير متوقّف على
إذن الحاكم ، بل على حكمه ، بل ولا على حكمه أيضاً حيث يكون حكمه ضروريّاً أو
إجماعيّاً ، أو يكون عارفاً بثبوته عند مجتهده ، أو غير ذلك .
ثالثها : ما في «الرياض» أيضاً من «إشعار جملة من النصوص باعتبار الإذن كالخبـر
: «من قتلـه القصاص بأمـر الإمام فلا دية له في قتل ولا جراحة»[1274] .
وقريب منه غيره»[1275] .
وفيه : أنّ الإشعار المزبور بعد تسليمه غير صالح للحجيّة .