وهي:
-
الوحدانية.
- الحياة.
- العلم.
- القدرة.
- التكلم.
- العدل.
وهناك صفات
اخرى عدّت من الصفات الثبوتية، وهي كذلك، إلا أنه
يمكننا ادراجها منهجياً وفي مجال دراستها والبحث
فيها ضمن ما ينطبق عليها من عناوين الصفات الست
المذكورة، وهي أمثال:
- القدم،
فانه يندرج تحت الحياة.
- الادراك،
فانه يندرج تحت عنوان العلم.
- السمع
والبصر، فانهما يندرجان تحت عنوان العلم أيضاً
لانهما من الادراك.
- الارادة:
فانها تندرج تحت عنوان (العلم) أيضاً لانها العلم
بما في الفعل من المصلحة الداعي لايجاده.
78
الوحدانية
الوحدانية:
- لغة - هي: «مصدر صناعي من الوحدة بزيادة الألف
والنون للمبالغة»(1).
واصطلاحاً
هي: «صفة من صفات اللّه تعالى، معناها: أن يمتنع ان
يشاركه شيء في ماهيته، وصفات كماله، وأنه منفرد
بالايجاد والتدبير العام بلا واسطة ولا معالجة ولا
مؤثر سواه في أثرها عموماً»(2).
وباختصار
الوحدانية ترادف التوحيد الذي يعني نفي الشريك
وبطلان تعدد الآلهة.
وقد ورد
استعمال هذا المصطلح وبمعناه العلمي في كلام
للامام الحسين (ع) في التوحيد، قال: «استخلص
الوحدانية والجبروت، وأمضى المشيئة والارادة
والقدرة والعلم بما هو كائن»(3).
وتعني هنا
البحث في اثبات وحدانية اللّه تعالى أو اثبات أنه
تعالى واحد.
وفي معنى
(الواحد) - لغة - يقول ابو اسحاق الزجاج: «وضع الكلمة
في اللغة انما هو للشيء الذي ليس باثنين ولا اكثر
منهما»(4).
أما معناه
في الاصطلاح فيقول الزجاج: «وفائدة هذه اللفظة في
اللّه - عز اسمه - انما هي تفرده بصفاته التي لا
يشركه فيها احد، واللّه تعالى هو الواحد في
الحقيقة، ومن سواه من الخلق آحاد تركبت»(5).
ويعرّفه
المعجم الفلسفي ب(ما لا يقبل التعدد بحال)(6).
_________________________
(1) المعجم
الوسيط: مادة: وحد. (4) تفسير اسماء اللّه الحسنى 57.
(2) م . ن . (5)
م . ن .
(3) تحف
العقول 175 . (6) مادة: واحد.
79
وفي مفردات
الراغب يعرف: ب(الذي لا يصح عليه التجزي ولا
التكثر)(7).
يقول
الامام امير المؤمنين (ع): «من ثناه فقد جزأه، ومن
جزأه فقد جهله»(2).
ويقول
أيضاً: «واحد لا بعدد».
ولعل منه
أخذت مؤديات التعريفات المذكورة.
وقد ورد
استعمال هذا الاسم صفة للّه تعالى في القرآن الكريم
على لسان بني يعقوب: «أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب
الموت اذ قال لبنيه: ما تعبدون من بعدي؟ قالوا: نعبد
الهك وإله إبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق إلهاً
واحداً ونحن له مسلمون». البقرة 133 - - .
كما وصف
اللّه تعالى نفسه في قوله: (وإلهكم إله واحد لا اله
الا هو الرحمن الرحيم) - البقرة 163 - .
دليل
المتكلمين:
واستدل
المتكلمون على وحدانية اللّه تعالى بأن قالوا:
اننا اذا
افترضنا وجود إلهين وكانا مستجمعين لشرائط الالهية
التي منها القدرة والارادة.
فاننا
نفترض ايضاً جواز تعلق ارادة أحدهما بايجاد
المقدور وتعلق ارادة الآخر بعدم ايجاده، وذلك لأن
الاختلاف في الداعي ممكن.
وعليه
نقول: اذا اراد أحدهما ايجاده فاما أن يمكن من الآخر
ارادة عدم ايجاده او تمتنع.
وكلا
الامرين - الامكان والامتناع - محال.
__________________________
(1) مادة:
وحد.
(2) نهج
البلاغة: الخطبة 1 .
80
وترجع
استحالة امكان تعلق ارادة الآخر بعدم ايجاده مع
تعلق ارادة الأول بايجاده إلى انه يستلزم منه وقوع
ايجاده وعدم ايجاده معاً. وهو من اجتماع النقيضين.
أو يستلزم لا وقوعهما معاً، وهو من ارتفاع
النقيضين. وكلاهما محال. كما أنه يلزم منه أيضاً
عجزهما، وهذا خلف. أما وقوع مراد أحدهما دون الآخر،
فيستلزم ان يكون الذي لم يقع مراده عاجزاً، وهذا
خلف. وقالوا في محالية امتناع تعلق ارادة الآخر
بعدم ايجاده مع تعلق ارادة الأول، بإيجاده: إن ذلك
المقدور بما انه ممكن يمكن تعلق قدرة كل من الالهين
وارادته به. وعليه يكون المانع من تعلق ارادة الآخر
به هو تعلق ارادة الأول فيكون الآخر عاجزاً، هذا
خلف.
والنتيجة:
هي بطلان تعدد الآلهة، وعنده يثبت أن الإله واحد،
وهو المطلوب.
ويعرف هذا
الدليل ب(برهان التمانع) لما رأيناه من أن تعلق قدرة
كل منهما بالمقدور تمنع من تعلق قدرة الآخر به،
والتمانع هو حصول المنع من كل طرف من الطرفين.
دليل
الحكماء:
أما
الحكماء فخلاصة دليلهم أن قالوا:
إن الواجب
لذاته - بما انه كذلك - يمتنع أن يكون اكثر من واحد.
وذلك لانه
لو كان هناك واجبان للزمهما التمايز لامتناع
الاثنينية بدون الامتياز بالتعين.
ويجب ان
يكون امتياز كل واحد عن غيره بغير هذا المعنى
المشترك فيه، وهو الوجوب.
ولان
المجتمع من هذا المعنى المشترك فيه والمعنى الذي به
الامتياز لا يكون واجباً لذاته، فيلزم منه أن يكون
كل واحد من المتصفين بوجوب الوجود غير متصف به،
وهذا محال.
81
الكريم:
ونلمس مفاد
دليل التمانع الذي برهن به الكلاميون على وحدانية
اللّه تعالى في الآية الكريمة: (لو كان فيهما آلهه
إلا اللّه لفسدتا) - الانبياء 22 - .
فهي تعني:
انه لو كان في السموات والارض آلهة غير اللّه
لبطلتا وفسدتا، لما يكون بين الآلهة من الاختلاف
والتمانع.
وكذلك في
الآية الاخرى: (ما اتخذ اللّه من ولد وما كان معه من
إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) -
المؤمنون 91 - .
ونرى
انعكاس هذا المفاد القرآني في قول الامام امير
المؤمنين (ع): «واعلم يا بني انه لو كان لربك شريك
لاتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت
أفعاله وصفاته، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه، لا
يضاده في ملكه أحد، ولا يزول أبداً، ولم يزل».
وينسق على
البحث في موضوع (الوحدانية) البحث في كيفية خلقه
الخلق وصدور هذه الكثرة عنه تعالى، وهو ما يعرف ب:
مؤدى هذه
النظرية: أن الفاعل اذا كان واحداً لا يمكن ان يصدر
عنه من جهة واحدة الا معلول واحد.
وقد ذهب
جلّ متكلمة وفلاسفة المسلمين الى انطباق وتطبيق
هذه النظرية على المبدأ الاول لانه واحد، ولا تكثر
فيه، فقالوا: لا بد أن يكون الصادر الاول عنه واحداً
وفي سلسلةٍ تتكثر فيها الجهات لتعطي الكثرة.
ولما
للموضوع من أهمية رأيت أن أكون معه في سخاء البحث
اكثر من لداته، فأبدأ معه