ونقول: إن هذا الرجل قد أخذ كلامه من مستشرق حاقد لئيم، وهو يوليوس فلهوزن، حيث يقول: «.. فالثورة التي أتت بعلي إلى الخلافة، لم تتعاون معه حينما ضل الطريق»(1). وهو كلام لا يمكن قبوله، ولا السكوت عنه، وذلك: أولاً: لا ندري إن كان فلهوزن ومن تبعه ممن ينعق مع الناعقين، يجهلون حقيقة: أن «الخوارج» لم يكن لهم أي دور في وصول علي (عليه السلام) إلى الخلافة، فإن هؤلاء الناس كانوا أعراباً جفاةً، يعيشون بذهنيتهم العشائرية في مناطق بعيدة عن مركز القرار، وهم عراقيون، وليسوا من أهل الحجاز، ولم يكن لهم ذكر ولا شأن، وإنما ظهر أمرهم، وطرأ ذكرهم بعصيانهم وتمردهم على أمير المؤمنين في صفين وبعدها.. ثانياً: إن هذا الخبيث يجعل نفسه في موقع العارف بالخطأ، والصواب، و الضلال، والهدى؛ فهو يوزع الأوسمة، ويعطي الشهادات بالهدى وبالضلال لمن أحب حتى تطاول ـ لعنه الله ـ على من هو مع الحق، والحق معه، وباب مدينة علم رسول الله، وسيد الخلق من بعده وصفوة الله، وخيرة الله. وسفينة نجاة هذه الأمة. ثالثاً: إن علياً لم تأت به ثورة، وإنما هو وصي رسول رب العالمين، وقد نص الله ورسوله على إمامته وخلافته. وكانت عودة الناس إليه هي التصرف الطبيعي، والانصياع إلى الحكم الشرعي، والتكليف الإلهي. فهم قد اغتصبوا مقامه وموقعه؛ فلا غرو إذا أرغمتهم الوقائع على الاعتراف بخطأهم، وعلى التراجع عن هذا الخطأ، وإعادة الأمور إلى نصابها.. (1) الخوارج والشيعة ص 39.