في أكثر من موقف ومناسبة، بل احتج عليهم أيضاً أبو أيوب الأنصاري، وابن عباس، وصعصعة بن صوحان، الذي أصبحت خطبه فيهم مضرب مثل، فيقال: «أخطب من صعصعة بن صوحان إذا تكلمت الخوارج»(1). لا تخاصمهم بالقرآن: إن أول ما يلفت نظرنا هنا هو: أنه (عليه الصلاة والسلام) يوصي ابن عباس، حينما أرسله إلى «الخوارج» ليحاورهم، ويقيم الحجة عليهم ـ يوصيه ـ بأن: لا يخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه، بل عليه أن يخاصمهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصاً(2). وفي نص آخر: «أن علي بن أبي طالب أرسل عبد الله بن عباس، إلى أقوام خرجوا، فقال له: إن خاصموك بالقرآن، فخاصمهم بالسنة»(3). هذا.. ومن المضحك المبكي هنا: أننا نجدهم قد نسبوا هذه الكلمة بالذات إلى أعداء أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام)، قال الزمخشري: «إن الزبير رضي الله عنه قال لابنه: لاتخاصم «الخوارج» بالقرآن، خاصمهم بالسنة. قال ابن الزبير: فخاصمتهم بها، فكأنهم صبيان يحرثون سخبهم»(4). (1) البيان والتبيين ج1 ص326 و327 وذكر المعتزلي في شرح النهج ج3 ص 398 نفس القصة مع بعض الاختلاف. فراجع.. (2) نهج البلاغة، بشرح الشيخ محمد عبده، قسم الوصايا والكتب، رقم 77 والنهاية لابن الأثير ج1 ص444 ومصادر نهج البلاغة ج3 ص 478 عنه، وربيع الأبرار ج1 ص 691، والبحار ط قديم ج8 ص 560. (3) كنز العمال ج1 ص 307 عن أصول السنة، لابن أبي زمنين وراجع العقود الفضية ص 60 عن الإتقان للسيوطي. (4) الفائق ج3 ص 360 ونسب قريش لمصعب الزبيري ص 103 وبهج الصباغة ج7 ص 179 والقصة فيهما مفصلة.