ـ كل ذلك ـ هو الطابع العام، المميز للحياة العامة، ولاسيما على مستوى الزعامات القبلية آنئذٍ.. مع فارق وحيد هو: أن كل ذلك أصبح يتلون ويتلبس بالدين، يستفيد منه في التمرير والتبرير، والدين من ذلك كله بريء. بل.. إنه قد يكون أحياناً عارياًً عن أي لون أيضاً. وقد أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى هيمنة المفاهيم الجاهلية على عقليات وتصورات السواد الأعظم في المجتمع العراقي، حينما قال: «وثلمتم حصن الله المضروب عليكم بأحكام الجاهلية»(1) وتقدمت نصوص أخرى تشير إلى ذلك أيضاً في الفصل السابق، فلتراجع. فالعامل الثقافي الناقص والمنحرف، والمتأثر بالمفاهيم الجاهلية، التي كانت تهيمن على عقلياتهم وتصوراتهم، بالإضافة إلى عدم توفر العمق الإيماني لديهم إلا في حدود العواطف والأحاسيس التي كانت تتلون بالإيمان، وتتجلى بمظهره. كان هو السمة المميزة للمجتمع العراقي في تلك الفترة. الفتوحات، والغنائم: وإذا كان العراقيون يتحملون أعباء الفتوحات، ليس بالنسبة إلى الدولة الكِسروية وحسب، وإنما بالنسبة إلى بلاد الشام وفلسطين، وسائر المناطق ـ فإن من الطبيعي أن يهتموا كثيراً ـ ولاسيما على مستوى القيادات فيهم ـ بالحصول على المزيد من الغنائم والسبايا، فصار لدى
(1) نهج البلاغة، الخطبة رقم [192] بترقيم المعجم المفهرس للدشتي..