البعض منهم ثروات وفيرة، وجواري وحسناوات كثيرة. الأمر.. الذي من شأنه أن يجعلهم أقل تحمساً لمعاناة الحروب الطويلة، التي يواجه الإنسان فيها المزيد من شظف العيش، وقسوة الحياة، ومشاق المتاعب العظيمة والأخطار الجسيمة.. مادام أنه يمكن تأمين تلك المطالب، والحصول على تلك الرغائب عن طريق الغارات السريعة، والحروب الخاطفة. ومن الشواهد التي تشير إلى أن تلك الأطماع والشهوات كانت تمثل دافعاً مهماً لهم لخوض الحروب وشن الغارات، ما روي، والنص للطبري من أنه: «بعث عتبة بن أنس بن حجية إلى عمر بمنطقة مرزبان دست ميسان، فقال له عمر: كيف المسلمون؟! قال: انثالت عليهم الدنيا، فهم يهيلون الذهب والفضة. فرغب الناس في البصرة، فأتوها!!»(1). ومن الطريف أن نشير هنا إلى أن بعض العرب ما كانوا يفرقون الذهب من الفضة، ولا الكافور من الملح. قال الدينوري، وهو يتحدث عن المسلمين في فتح المدائن: «وقعوا على كافورٍ كثير، فظنوه ملحاً فجعلوه في خبزهم، فأمرّ عليهم. وقال مخنف بن سليم: لقد سمعت في ذلك اليوم رجلاً ينادي: من يأخذ صحفة حمراء، بصحفة بيضاء، لصحفة من ذهب لا يعلم ما
(1) تاريخ الأمم والملوك ج3 ص93 وفجر الإسلام ص180 عنه، والكامل في التاريخ ج2 ص488 والأخبار الطوال ص117.