القراءة
وقع اختلاف بين القرّاء في قراءتهم هذه الآية: فأكثرهم
على أنّ اتّخذوا فعل أمر، أمّا ابن عامر ونافع وغيرهما فقد قرأوا هذا الفعل
على لفظ الخبر من فعل ماض، وهذه القراءة فيها ثلاثة أوجه:
الأوّل:أنّه معطوف على «جعلنا» المخفوض
بـ (إذ) في { وإذ جعلنا البيت مثابةً للناس وأمناً واتّخَذوا من مقام
إبراهيم مصلّى} يقول الرازي : فيكون الكلام جملة واحدة، وهو
إخبار عن ولد إبراهيم أو متّبعيه أنّهم اتّخذوا من مقامه (مصلى)، فيكون هذا
عطفاً على (جعلنا البيت) واتّخذوه مصلّى. وقال أبو علي الفارسي : وجه
قراءة من قرأ على الخبر أنّه عطف على ما أُضيف إليه إذ كأنّه قال : وإذ
اتّخذوا قال : وتقوية قوله أنّ ما بعده خبر، وهو قوله: { وعهدنا إلى إبراهيم
وإسماعيل... }. تكملة الآية نفسها.
الثاني: أنّه معطوف على مجموع قوله
{وإذ جعلنا...} فيحتاج إلى تقدير «إذ»
أي {وإذ اتّخذوا } ويكون الكلام جملتين لا
جملة واحدة.
الثالث:
أن يكون معطوفاً على محذوف
تقديره: فثابوا واتّخذوا.
هذا فيما يخصّ القراءة الثانية قراءة {واتّخذوا } بفتح الخاء على أنّها فعل ماض.
أمّا القراءة الأولى وهي المشهورة، قراءة الأمر
{واتّخذوا } بكسر
الخاء أي قطعوه عمّا سبقه وجعلوه معطوفاً جملة على جملة. ففيها خمسة
أوجه:
الأوّل:أنّها عطف على {اذكروا } في { يا بني إسرائيل اذكروا
نعمتي التي أنعمت عليكم.. } إذا قيل: إنّ الخطاب هنا لبني إسرائيل
أي: {اذكروا نعمتي واتّخذوا من
.. }.
الثاني: أنّها عطف على الأمر الذي تضمّنه
قوله: (مثابةً) كأنّه قال: ثوبوا «ارجعوا» واتّخِذوا.
الثالث: أنّه معمولٌ لقول محذوف أي:
وقُلنا اتّخذوا إن قيل بأنّ الخطاب لإبراهيم وذرّيته أو لمحمدّ (صلى
الله عليه وآله وسلم) وأُمّته.
الرابع:أن يكون
مستأنفاً.
الخامس:ذكره الرازي: أنّه عطف على قوله
(إنّي جاعلك للناس إماماً) والمعنى أنّه لما ابتلاه بكلمات وأتمّهنّ، قال له
جزاء لما فعله من ذلك { إنّي جاعلك للناس إماماً } وقال {واتّخذوا من مقام إبراهيم
مصلّى }>10.