(ايها الناس قد علمتم ان رسول اللّه قبض ولم يستخلف احدا،
فراى المسلمون ان يستخلفوا ابا بكر، وكانت بيعته هدى فعمل
بكتاب اللّه وسنه رسوله، فلما حضرته الوفاه عهد لعمر، فلما
حضرته الوفاه عهد لسته فصنع ابو بكر ما لم يصنعه رسول اللّه،
وصنع عمر ما لم يصنعه ابو بكر كل ذلك يصنعون نظرا
للمسلمين، فلذلك رايت ان ابايع ليزيد لما وقع الناس فيه من
الاختلاف ونظرا لهم بعين الانصاف)
(1527).
(1528)، واشاعت عائشه بقولها:(سلطان اللّه
يوتيه من يشاء)
(1529) لقد بايع الناس عمليا يزيد رغبه او
رهبه وسمعوا امر الخليفه وركعوا واستسلموا الا حسينا.
(1530) وقد اجمع على ذلك
المورخون، لقد سفكت الدماء وهتكت الحرمات واستبيحت
مدينه الرسول حتى ولدت الابكار لا يعرف من اولدهن، واخذ
الناس يبايعون على انهم عبيد ليزيدبن معاويه
(1531).من يواجه امير المومنين يزيد؟ من يتصدى لظلمه ومن يفضح
مخازى خلافته؟ هذا هو السوال الكبير..
(1532):(ان المراه كانت تاتى ابنها
واخاها فتقول له:انصرف الناس يكفونك.ويجى ء الرجل الى ابنه
واخيه فيقول:غدا ياتيك اهل الشام) فصار اهل الشام موتا، وصار
الاتكال على المجهول امل الناس الوحيد.ثم انظر الى نصيحه رجل من عليه الامه للحسين وهو يحاول
ان يحثه على البيعه وينهاه عن الخروج:(انشدك اللّه فى حرمه
العرب، فواللّه لئن طلبت ما فى ايدى بنى اميه ليقتلنك، ولئن
قتلوك لا يهابون بعدك احدا ابدا، واللّه انها لحرمه الاسلام
تنتهك، وحرمه قريش حرمه العرب فلا تفعل، ولا تات الكوفه
ولا تعرض لبنى اميه.. واللّه لئن هلكت لنسترقن
بعدك)
(1533) فبنى اميه ملك الموت، وقابض الارواح،
يخشونهم اكثر من خشيتهم للّه!!هذه هى حاله الخلافه وحاله الامه عندما فرض على الحسين
ان يقود المواجهه.
(1534)، وعرف الحسين مصيره فقال مره:(واللّه لا يدعونى حتى يستخرجوا هذه العلقه من جوفى، فان
فعلوا، سلط اللّه عليهم من يذلهم حتى يكونوا اذل من
فرم)
(1535).ان خيارات الحسين واهل بيت النبوه محدوده، فاما ان يبايعوا
عدو اللّه وهم اذله او يقتلهم عدو اللّه صبرا وبالطريقه التى يراها
مناسبه.
(1536).لو ركع الملا واستسلموا، لكان بامكانهم ان يعتذروا يوما ما، ولو
ركعت الاكثريه الساحقه واستسلمت، لما اثاروا عجبا، فطوال
التاريخ البشريه وجدت امم وشعوب تركع للطغاه، وتعبدهم من
دون اللّه ووجدت امم مستذله غلبت على امرها.كيف يقال بان الحسين واهل البيت قد استسلموا لانهم جزعوا
من الموت؟!!وكيف يقال ان حفيد النبى، وابن على، وحبيب
الزهراء وامام الامه وسيدها قد هان امام الظالمين؟.وكيف يقال ان احفاد شيخ قريش ابى طالب وابناء سيد العرب
على قد تركوا عميدهم الحسين يموت وحده؟!!واى معنى
للحياه بعده؟!!فودعوا اباهم رسول اللّه وخرج ركب الحسين
خائفا يترقب، تماما مثلما خرج موسى من عند فرعون خائفا
يترقب، ورمقته الجموع الذليله باشفاق ومحبه، وهم على علم
بان مصير الحسين واهل بيت النبوه القتل ومع هذا لم تقدم
هذه الجموع ولم توخر، بل بقيت راتعه فى مرعاها الوبيل!!تنتظر جزارها ليختار ذبائحه باى وقت شاء، لقد غاب القمر عن
المدينه وتركها فى ليل بهيم، اذا اخرجت يدك لم تكن تراها!!
(1537):(هجم جيش امير المومنين المكون من اربعه آلاف مقاتل على
72 مقاتلا فقتل الحسين ومن معه وقطعت رووسهم، وبعد
ذلك اصدر عمر بن سعد بن ابى وقاص امرا لكوكبه من فرسانه
لتطا جثه الحسين وكل الذين قتلوا معه، وعاد جيش امير
المومنين منتصرا، وعاد القتله ومعهم رووس ال 72 رجلا،
واقيمت الافراح، ونصبت اقواس الزينه والنصر، واخذت بنات
الرسول سبايا، واقتيد الركب الى امير المومنين يزيد بن معاويه
ليقضى فيهم بامره، وانتهت الغاره باباده اهل بيت النبوه ولم
يبق منهم غير الامام على بن الحسين الذى كان مريضا لا يقوى
على الحركه!!بالوقت الذى صلى فيه جيش امير المومنين
الاوقات الخمسه، وصلوا فى كل صلاه على محمد وآله!!).
(1538)، وجاء
اولاد مروان بن الحكم ينزون على منبر رسول اللّه نزو القرده
كما قال رسول اللّه (ص)، وكل ما لاح للامه ان طاغيه هلك
وانها ستتخلص من الذل، جاء خلفه طاغيه جديد فزادها ذلا
على ذل.
(1539)، فمن عاد الخلافه صار كافرا، ومن والاه
صار مومنا
(1540)!!ويتوجب على المسلمين اطاعه الخليفه
عصا اللّه ام اطاعه!!عمل بالعدل، او مارس الظلم والجور، فسق
او استقام!!اعمل الحدود ام عطلها، هو حر، يعصى اللّه لحكمه!!ويعطل الحدود لحكمه، ويمارس الظلم والجور لحكمه، ويقتل
النفس التى حرم اللّه لحكمه، ويضيع الحقوق، ويغصب الاموال
لحكمه!!فلا يجب الخروج عليه مهما فعل، وتجب
طاعته
(1541)!!راجع سنن البيهقى، والباقلانى فى كتابه
التمهيد، وراجع الفصل الثامن من هذا الباب فاذا جاء فارس من
عالم الغيب، وغلب الخليفه الغالب، فان الخليفه الغالب الجديد
يتمتع بكافه الصلاحيات وبنفس المكانه وبالحصانه التى كانت
للخليفه المغلوب!!واذا تكلم الخليفه، اصغى الناس، كان كلامه
كلام اللّه!!واذا وصى الخليفه نفذوا الوصيه وعمليا فان الخليفه
صار اعظم من النبى!!لما اراد الرسول ان يكتب تعليماته
وتوجيهاته النهائيه، قال عمر بن الخطاب للرسول:(انت تهجر
ولا حاجه لنا بوصيتك)
(1542)، وعلى الفور ضج الحاضرون
من حزب عمر وقالوا:القول ما قال عمر:ان الرسول يهجر، ولا
حاجه لنا بكتابه، عندنا القرآن، وقد وثقنا هذه الكارثه مرات فى
هذه الدراسه
(1543)، ولما اراد كل خليفه ان يكتب تعليماته
النهائيه، قال الناس لبعضهم اسمعوا واطيعوا خليفه رسول اللّه
يريد ان يكتب تعليماته النهائيه
(1544).وقف على الحقيقه
وقداسه معامله القوم للخليفه
(1545)!!فالخليفه يتمتع
بالاحترام اكثر من النبى فى هذه الحاله!!وكاد العالم ان يصدق ان نظام الخلافه التاريخى هو نظام
الاسلام، وان الخليفه التاريخى هو الصفوه، وهو اهل للقداسه.فجاءت ثوره الحسين، ومسيرته الخالده التى سمع بها اهل
الدنيا، وسمع اهل الدنيا بمذبحه كربلاء، وكيف ان الخليفه
ارسل جيشا ضخما لحرب رجل واحد وهو الحسين بن الرسول
ومعه اهل بيته ومواليه!!وكيف قتلهم شر قتله، وقطع
رووسهم وحملها من بلد الى بلد، ثم امر بان تداس جثثهم
بسنابك الخيل!!واخذ بنات النبى سبايا، وقادهن حفايا من بلد
الى بلد، فمرغ الخليفه شرف العسكريه الاسلاميه بالوحل،
وظهر على حقيقته كسفاك وقاتل ومجرم لا اخلاق له،
وظهرت حقيقه ان فرعون الذى ادعى الربوبيه هو اكثر نبلا
واعظم احساس بالمسووليه من امير المومنين يزيد وامثاله!!وان كسرى وقيصر لهما اكثر رشدا من هذا الخليفه وامثاله!!لقد فضحت ثوره الحسين الخليفه واظهرته على حقيقته
البشعه، مثلما فضحت نظام الخلافه واظهرت هذا النظام
بصورته المخالفه للدين والعقل والمنطق!!ومن المشكوك فيه
ان تتمكن ايه ثوره اخرى فى فضح الخليفه ونظامه غير ثوره
الحسين ونتائجها الماساويه الداميه!!
(1546) والامامه
والسياسه لابن قتيبه، ومع هذا لم تهدا روح المقاومه حتى
سقط الحكم الاموى، فغلب العباسيون وحكموا، ولم يقلوا سوءا
عن الامويين، ولم تهدا روح المقاومه حتى سقط العباسيون،
وجاء العثمانيون لانهم غالبون، ولم تهدا المقاومه حتى سقط
الحكم العثمانى.وكاثر مباشر لثوره الحسين، اشتعلت ثوره التوابين
(1547)
وثوره اهل المدينه التى اسلفنا ذكرها
(1548) وثوره المطرف
بن المغيره
(1549) وثوره بن الاشعث وثوره زيد بن
على
(1550).
(1551) ما يلى:(يا فلان، ما لقينا من ظلم قريش ايانا، وتظاهرهم علينا، وما
لقى شيعتنا ومحبونا من الناس، ان رسول اللّه (ص) قبض، وقد
اخبرنا انا اولى الناس بالناس، فتمالات علينا قريش، حتى
اخرجت الامر من معدنه، واحتجت على الانصار بحجتنا وحقنا،
ثم تداولتها قريش واحد بعد واحد، حتى رجعت الينا، فنكثت
بيعتنا، ونصبت لنا الحرب، ولم يزل صاحب الامر فى صعود
كوود حتى قتل.فبويع ابنه الحسن، وعوهد ثم غدر به، واسلم، ووثب عليه اهل
العراق حتى طعن بخنجر فى جنبه، ونهبت عسكره، وعولجت
خلاخيل امهات اولاده، فوادع معاويه، وحقن دمه، ودماء اهل
بيته، وهم قليل حق قليل.ثم بايع الحسين (عليه السلام) من اهل العراق عشرون الفا، ثم
غدروا به، وخرجوا عليه وبيعته فى اعناقهم وقتلوه، ثم لم نزل
اهل البيت نستذل ونستضام، ونقصى ونحرم، ونقتل، ونخاف
ولا نامن على دمائنا ودماء اوليائنا.ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يتقربون
به الى اوليائهم، وقضاه السوء وعمال السوء فى كل بلده،
فحدثوهم بالاحاديث الموضوعه المكذوبه، ورووا عنا ما لم نقله،
وما لم نفعله ليبغضونا الى الناس، وكان عظم ذلك وكبره فى
زمن معاويه بعد موت الحسن (عليه السلام) فقتلت شيعتنا
بكل بلده، وقطعت الايدى والارجل على الظنه، وكل من يذكر
بحبنا والانقطاع الينا سجن، او نهبت ماله او هدمت داره، ثم لم
يزل البلاء يشتد ويزداد الى زمان عبيد اللّه بن زياد قاتل
الحسين، ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتله، واخذهم بكل ظنه
وتهمه، حتى ان الرجل ليقال له زنديق او كافر احب اليه من ان
يقال شيعه على..).
(1552).تربى الامام زين العابدين فى مدرسه الرساله والنبوه، وانتهى
اليه علم النبوه كله، وتوفرت فيه كل صفات الائمه، فكان هو
الاعلم والافهم بالدين والاكثر احاطه بسند سيد المرسلين،
والاقرب للّه ولرسوله والاصلح من اهل زمانه.وقد راينا فى سيره الامام الحسن، ان الامام على ابلغه وصيه
رسول اللّه، وطلب من الحسين، ان يعهد بالامامه من بعده لابنه
على، وقد وثقنا ذلك.
(1553).(1554).
(1555)
لقد غضب هشام وسجن الفرزدق، ولكن قصيدته الرائعه صارت
خالده.
(1556).وبانتصار الامويين وجدوا امامهم زين العابدين يخطر على
القلوب بمكانته احلى الخطرات، فاوجسوا منه خيفه، وامتلات
قلوبهم غيره، وتاججت نيران حقدهم على آل محمد، فدس له
الملك الاموى سليمان بن عبد الملك السم فقتله.وانتهت
حياه الامام بعد ان اثار عواطف المسلمين، بحزنه العظيم، وبثه
للّه، وادعيته المباركه وعلمه النافع، وخلق لديهم احساسا
عظيما بالذنب، وشعورا فائقا بالاثم، ونبههم الى الظلم الفظيع
الذى لحق باهل بيت النبوه.(1557)).قال ابن العماد الحنبلى:(قيل له الباقر لانه بقر العلم اى شقه
وعرف اصله)
(1558).قال ابن طلحه الشافعى فى مطالب السوول
(1559):(هو باقر
العلم وجامعه).قال ابو الفداء اسماعيل بن كثير:(ابو جعفر الباقر احد اعلام هذه
الامه علما وعملا وسياده وشرفا، وسمى الباقر لبقره
العلم)
(1560)..
اذا كان علماء الدوله يقولون هذا عن الامام، فيعنى ان الباقر قد
صار بدرا، يتعذر حتى على العميان انكار وجوده.كان الباقر موقنا انه امام الامه، وحاكمها الشرعى، وان الحكام
الذين خططوا فى الظلام وت امروا على اجداده غاصبون
للسلطه، اخذوها بالقوه والتغلب.ولكن مطالبه الامام الباقر بحقه الشرعى، بقياده الامه فى زمانه
على ضوء تجارب آبائه واجداده بمثابه انتحار، لذلك كرس
الامام الباقر كل جهوده لاستقطاب المسلمين حول تعاليم
الدين الاسلامى الصحيحه، فتحرك كاعلم العلماء فى زمانه
فحدث عن ابيه، عن جده، عن رسول اللّه جده فقدم للناس
تعاليم دينهم من اوثق الطرق، وكشف ملامحه المتميزه، على
نسق آبائه واجداده وضمن خطتهم الراميه لتكوين امه محصنه
ضد الانحراف.وبنى الامام كوادر فنيه لتعليم الاجيال اللاحقه، لانه ادرك
ك ابائه واجداده ان تكوين الامه المحصنه ضد الانحراف خطوه
سابقه ومتقدمه على الوصول الى السلطه.فلو حكم الامام الباقر امه كالامه التى اوجدها معاويه، فلن
ينجح بادارتها، وانما ينجح بادارتها فقط عندما تعرف الامه
معنى الشرعيه والمشروعيه وتلتزم بها التزام المومن.كل هذا يستدعى اعاده بناء الامه بناء جديدا على اساس
عموميات الدين وتفاصيله.ومن هنا كرس الامام كل وقته لتعليم الدين، وتنظيم اصفيائه.
(1561) عن الامام الصادق:(افضل
الناس واعلمهم بدين اللّه، وكان اهل العلم الذين سمعوا منه
قالوا:اخبرنا العالم).قال مالك ابن انس -صاحب المذهب المالكى-:(ما رات عين
ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر افضل من جعفر
الصادق فضلا وعلما وعباده وورعا) راجع المناقب لابن شهر
آشوب.قال محمد فريد وجدى صاحب دائره المعارف:(ابو عبد اللّه
جعفر بن محمد الصادق هو احد الائمه الاثنى عشر على مذهب
الاماميه، من سادات اهل البيت لقب بالصادق لصدقه فى
كلامه، كان من افاضل الناس)
(1562).قال ابو الفتح الشهرستانى
(1563) فى كتابه (الملل والنحل)
عن الامام الصادق:(هو ذو علم غزير فى الدين، وادب كامل فى
الحكمه، وزهد بالغ فى الدنيا، وورع تام عن الشهوات).نقل الامام العاملى عن الحسن بن زياد فى (اعيان
الشيعه) (1564)عن ابى ليلى قوله:(ما كنت تاركا قولا قلته،
او قضاء قضيته لقول احد الا رجلا واحدا الا وهو جعفر بن
محمد)
(1565).
(1566) ان الحافظ بن عقده الزيدى جمع
فى كتاب رجاله اربعه آلاف رجل من الثقات الذين رووا عن
جعفر بن محمد، فضلا عن غيرهم وذكر مصنفاتهم.وقال ايضا:وروى النجاشى فى رجاله بسنده عن الحسن بن
على الرشا فى حديث قال فيه:(ادركت فى هذا المسجد
-مسجد الكوفه- تسعمائه شيخ كل يقول حدثنى جعفر بن
محمد).
(1567).
(1568).وجاء فى حليه الاولياء لابى نعيم:(ان جعفر الصادق حدث عنه
الائمه الاعلام، مالك بن انس، وشعبه بن الحجاج، وسفيان
الثورى، وابن جريج، وعبد اللّه بن عمرو، وروح بن القاسم،
وسفيان بن عيينه، وسليمان بن بلال، وسليمان بن جعفر،
وحاتم بن اسماعيل وعبد العزيز بن المختار، ووهب بن خالد،
وابراهيم بن طحان، واخرج عنه مسلم فى صحيحه محتجا
بحديثه، وقال غيره:وروى عنه مالك والشافعى والحسن بن
صالح، وايوب السجستانى، وعمرو بن دينار، واحمد بن
حنبل)
(1569).وفى عهد الامام ظهر الملاحده والزنادقه، وجواسيس الدوله
المتسترين بالولاء لاهل البيت والغلو فى حب الائمه، فدرب
الامام جعفر مجموعه من رجاله على الكلام والجدل والمناظره
والفلسفه للدفاع عن عقيده التوحيد وعن نقاء دعوه اهل بيت
النبوه.جاء فى الكافى
(1570) عن سدير قلت لابى عبد اللّه:(ان قوما
-جواسيس الدوله- يزعمون انكم آلهه يتلون علينا بذلك قرآنا:(وهو الذى فى السماء وفى الارض اله!)، فقال الامام عليه
السلام:يا سدير سمعى وبصرى وبشرى ولحمى ودمى وشعرى
من هولاء براء، وبرى ء اللّه منهم، ما هولاء على دينى ولا على
دين آبائى، واللّه لا يجمعنى اللّه واياهم يوم القيامه الا وهو
ساخط عليهم).2- النقطه الثانيه:ركز الامام على اوليائه، واصفياء آبائه
واجداده فخصهم بعنايته ونظم امورهم تنظيما دقيقا، وعرفت
الشيعه، وعرف ان لها مذهب وهو مذهب اهل بيت النبى الذى
ابرزه اللّه على يد جعفر الصادق.
(1571):(روى اسماعيل بن على بن
عبد الرحمن بن العباس قال:دخلت على ابى جعفر المنصور
يوما وقد اخضلت لحيته بالدموع، فقال لى:ما علمت ما نزل
باهلك؟ فقلت:وما ذاك يا امير المومنين؟ قال:فان سيدهم
وعالمهم وبقيه الاخيار منهم توفى؟ فقلت:ومن هو يا امير
المومنين؟ قال:جعفر بن محمد).هذا راى عدو الامام الذى يخشاه على ملكه، فكيف يشعر
صديقه!!ومن الموكد ان السلطه قد لجات فى قتل الامام الى
سلاحها المجرب وهو السم.(1572)).8- الامام على بن موسى الرضا:وابوه الامام موسى بن جعفر
الكاظم.ولد سنه 148ه واستشهد مسموما سنه 203ه.وكان سيد اهل البيت فى عصره ومحط انظار المسلمين
جميعا، مما ارغم المامون الخليفه العباسى على ان يعهد له
بالخلافه من بعده، ويزوجه ابنته، وكان ك ابائه فى العلم والورع
والتقوى.وصفه المورخ الرجالى الواقدى بقوله:(كان ثقه، يفتى بمسجد
رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وهو ابن نيف وعشرين
سنه) (1573).. ووصفه ابوه الامام موسى بن جعفر عليه
السلام بقوله لبقيه اولاده:(هذا اخوكم على بن موسى، عالم آل
محمد، فسلوه عن اديانكم، واحفظوا ما يقول لكم)
(1574).9- الامام محمد بن على الجواد:وابوه الامام على بن موسى
الرضا.ولد سنه 185ه وتوفى سنه 220ه.قال سبط ابن الجوزى واصفا الامام محمدا الجواد:(محمد
الجواد:وهو محمد بن على بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد
بن على بن الحسين بن على بن ابى طالب.وكنيته ابو عبد اللّه، وقيل ابو جعفر.ولد سنه خمس وتسعين
ومائه وتوفى سنه مائتين وعشرين، فكان على منهاج ابيه فى
العلم والتقى والزهد والجود)
(1575).10- الامام على بن محمد الهادى:وابوه الامام محمد بن على
الجواد.ولد سنه 214ه وتوفى سنه 254ه.عرفه الذهبى بقوله:(على بن محمد بن على بن موسى ابن
جعفر بن محمد بن زين العابدين السيد الشريف ابو الحسن
العلوى الحسينى الفقيه -احد الاثنى عشر- وتلقبه الاماميه
بالهادى)
(1576).وعرفه الرجالى الشهير ابو الفلاح الحنبلى بقوله:(كان فقيها
اماما متعبدا)
(1577).11- الامام الحسن بن على العسكرى:وابوه الامام على بن
محمد الهادى.ولد سنه 232ه وتوفى سنه 260ه.ووصفه سبط ابن الجوزى الحنفى بقوله:(وكان عالما ثقه، روى
الحديث عن ابيه عن جده)
(1578).12 الامام محمد بن الحسن المهدى
(1579):وابوه الامام
الحسن بن على العسكرى.ولد سنه 255-ه.وقد وردت روايات عديده تتحدث عن مهدى
آل محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم، رواها عدد كبير من
صحابه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم امثال الامام على بن
ابى طالب عليه السلام، وعثمان بن عفان، وعمار بن ياسر، وابى
هريره، وعبد اللّه ابن عباس، وعبد اللّه بن مسعود، وام سلمه،
وحذيفه بن اليمان، وكثيرين غيرهم.من هذه الروايات ما روى عن الرسول صلى اللّه عليه وآله
وسلم:(المهدى منا اهل البيت يصلحه اللّه فى ليله)
(1580)،
وروى عنه قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم:(المهدى من عترتى
من ولد فاطمه)
(1581).وهكذا يعرف القرآن، والرسول، والعلماء، والمورخون بمختلف
مذاهبهم واتجاهاتهم، شخصيات ائمه اهل البيت الاثنى عشر:على وولديه الحسن والحسين وتسعه من ذريه الحسين.وهم كما راينا يتوارثون العلم ابنا عن اب عن رسول اللّه صلى
اللّه عليه وآله وسلم، ويواصلون السير على منهاج النبوه،
ويمثلون الامتداد الطبيعى للمسيره الاسلاميه التى بداها
الرسول الهادى محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم.العهد:كل واحد من الائمه الكرام صار اماما بعهد ممن سبقه، وبنفس
الترتيب الذى رتبهم فيه رسول اللّه كما راينا.فرسول اللّه عهد لعلى، وعلى عهد للحسن، وطلب من الحسن
ان يعهد للحسين، وطلب من الحسين ان يعهد لابنه على،
وطلب من على ان يعهد لابنه محمد، وعهد محمد لابنه جعفر،
وعهد جعفر لابنه موسى، وعهد موسى لابنه على، وعهد على
لابنه محمد، وعهد محمد لابنه على، وعهد على لابنه الحسن،
وعهد الحسن لابنه محمد، عليهم جميعا اتم صلاه وتسليم.القناعه المطلقه:اقتنع الائمه الاثنا عشر قناعه مطلقه بان تحصين الامه ضد
الانحراف، واعاده بناء الامه اولى من الوصول الى الحكم، بعدما
شاهدوا وراوا من انحراف الاكثريه الساحقه من الامه عن الحق
بعد وفاه الرسول، حتى تحولت هذه الاكثريه الى اداه بيد
الطغاه، وكره يتقاذفها الظالمون، وحقل تجارب للعسف
والطغيان، والذل والهوان.لقد آلت قياده الامه الى الامام على
بن ابى طالب بطريقه الخلفاء وبسنه ابى بكر وعمر، وصار
خليفه وهو موقن بان الخلافه ستنهار من تحته عاجلا ام آجلا
وان الامويين سيغلبون حتما مقضيا، لان دولتهم كانت قائمه،
وكل شى ء فى المجتمع مطعم بامصالهم القذره ومهى ء
لتبعيتهم، وان اكثريه الامه مقبله على الدنيا وحدها، وما اقبالها
على الدين الا لانه صار وسيله للدنيا، ولكن يتعذر على الامام
على ان يترك مقاومه الانحراف والفساد والخروج على الشرعيه
ما وجد اعوانا، لذلك قارع الانحراف والفساد والطغاه حتى
استشهد.وجاء من بعده ابنه الحسن، فتولى خلافه على بسنه
ابى بكر وعمر، وهو موقن بان الخلافه ستنهار من تحته كما
انهارت من تحت ابيه لانها لا تحتمل عدله مثلما لم تحتمل
عدل ابيه، ولكن يتعذر عليه ان يتخلى عن مقارعه الفساد
والانحراف ومحاربه الطغاه الخارجين على الشرع ما وجد على
ذلك اعوانا، فجد الامام الحسن بالمقارعه حتى انفض من حوله
الاعوان وانهارت الخلافه عمليا من تحته، ولم يبق من
المومنين الا قله، عندئذ وادع معاويه حرصا منه على ما تبقى
من المومنين، وبقيا منه على ما تبقى من اهل بيت النبوه.وخروج الحسين لم يكن طمعا فى الخلافه، فهو موقن انه
سيلاقى ربه قبل ان يدرك الخلافه، وانه لو ادرك الخلافه
لانهارت من تحته لانها لا تحتمل العدل الالهى الذى يمثله
الائمه، ولكن الحسين خرج ابايه من وضع يده بيد يزيد وطمعا
بوضع النقاط على الحروف وكشف طبيعه الاوضاع التى آلت
اليها اوضاع الخلافه، ونظامها، اذ لم يعد هنالك فارق يذكر بين
حكم الفراعنه، وحكم خلفاء بنى اميه، ومع هذا يتسترون
بالدين، فاراد الحسين ان يفضحهم وان يسحب براقع الدين عن
وجوه الخلفاء، وان ينزع القفازات البيض عن ايديهم الملطخه
بدماء الجرائم، ليظهروا على حقيقتهم، واراد الحسين ان يصدم
عواطف الناس وعقولهم ليستفيقوا، ويصحوا من ذلهم
وهوانهم، ومن حرصهم المقرف على حياه لا يوسى عليها، من
اجل هذا خرج الحسين مع ايمانه بان تحصين الامه ضد
الانحراف والمنحرفين اولى من وصوله الى الحكم.علم الائمه وصفاتهم:كل واحد من الائمه الكرام كان بالضروره هو الاعلم والافهم
بالدين، والاكثر احاطه بسنه سيد المرسلين، وهو الاتقى للّه
والاقرب لرسول اللّه، واصلح المسلمين فى زمانه، فكل واحد
منهم انتهى عليه علم النبوه كاملا، واعد اعدادا الهيا للقيام
مقام الرسول فى زمانه.الاقرب للنبى:كل امام من الائمه الاثنى عشر كان فى زمانه هو الاقرب للّه
ولرسوله، فكل الائمه الكرام انحدروا من على بن ابى طالب،
ومن سيده نساء العالمين البتول الزهراء فاطمه بنت رسول اللّه،
فامهم فاطمه وجدهم رسول اللّه وهم ذريه الرسول بالنص
الشرعى -كما وثقنا-، ولم يعش من نسل الرسول احد الا نسل
فاطمه.الغايه واحده:غايه كل الائمه واحده وتتلخص باعاده بناء الامه من جديد،
وتنظيمها وتحصينها ضد الانحراف، وكل امام من الائمه يبنى
فوق الذى بناه سابقه، فيهدى الجميع ويخص الاتباع واولياء
اهل بيت النبوه، وقد استطاع الائمه الكرام ان يجعلوا من قضيه
اهل بيت النبوه، قضيه مركزيه، وان يغلبوا الدوله الامويه بكل
قوتها واعلامها، فلولا تمسح العباسيين بشعار اهل بيت النبوه،
وادعائهم بموالاه اهل البيت لما وصلوا الى الحكم.مراحل العمل:كل امام من ائمه اهل بيت النبوه قاد مرحله من مراحل العمل،
تتناسب مع الدعوه ومع الظروف السياسيه التى عاصرها، ولكن
هذه المراحل كانت متكامله وملتزمه بخط النبوه والرساله فقد
راينا كيف قاد الامام على مرحله ما بعد النبوه، حتى وصل الى
الحكم، وراينا الامام الحسن كيف قاد مرحله ثانيه، وراينا الامام
الحسين، كيف قاد مرحله ثالثه، والامام زين العابدين والباقر
والصادق، الى آخرهم، وان كل اسلوب من اساليب الائمه الاثنى
عشر (ائمه اهل بيت النبوه) نابع من مشكاه واحده.العمل المستمر بالرغم من الحصار والمضايقه:على الرغم من الحصار والمضايقه التى تعرض لها كل الائمه الا
انهم استمروا فى العمل الدووب لاعاده بناء الامه وتحصينها
ضد الانحراف، والاعيب الحكام، ومضوا قدما بتنظيم اتباعهم،
وتنظيم الاتصال باولئك الاتباع، وتنميتهم عدديا ونوعيا،
وتجنيبهم المواجهه مع السلطه حتى لا تقضى عليهم، وحتى
لا يصطدموا معها قبل الوقت المحدد الذى يكتمل فيه بناء
الامه، لانه اذا اكتمل بناء الامه يسقط الطغاه آليا، اذ لا يبقى
حولهم معين، عندئذ يعودوا الى طبيعتهم، فيظهرون الاسلام،
ويبطنون النفاق.وعد:ومعالجه مراحل العمل عند الائمه، ودور كل امام بمرحله من
هذه المراحل يصلح ان يكون بحثا مستقلا، واننى اعد ان اعد
العده -باذن اللّه تعالى- لابراز هذا البحث الفريد والمتميز
ووضعه بين يدى عشاق الحقيقه.