عن كتابة ما هو من عند الله بلسانه، وهل الاَمر بمحو كتابة حديثه إلاّ
الاَمر بمحو كتابة الحقّ والنور؟
وهل يمكن استبداله بالاجتهاد والقياس في تمام الاَحكام الفقهية؟
كلا ثم كلا.
وأمّا نقلاً: فانّه أمر في موارد بالكتابة، بل أمر قبيل وفاته باتيان دواة
وكتاب يكتب كتاباً لا تضل الاَُمّة بعده، وفي هذا دلالة على شرف الكتابة
وعظمتها وعظم فائدتها حيث انّها توجب الحفظ عن الضلال.
وعن سنن أبي داود ومستدرك الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو
العاص: «أُكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلاّ حقّ».
وأيضاً قد ثبت انّ لعلي صحيفة كان فيها جملة من الاَحكام الشرعية ـ
كما سيأتي بحثها ـ وهذا يبطل ادّعاء النهي من أساسه.
وقال صلى الله عليه وسلم كما في لقطة البخاري برقم 2302: «اكتبوا لاَبي شاة».
وعن سالم بن عبدالله، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أقرأني سالم كتاباً كتبه
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقات قبل ان يتوفّاه الله، فوجدت فيه... زكاة(1).
وعن عمرو بن حزم: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب
فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم، فقرئ على أهل
اليمن وهذه نسخته...(2).
الثالثة: تدوين الحديث
وقال الهروي ـ كما في محكي ارشاد الساري(3): لم يكن الصحابة
(1) سنن ابن ماجه برقم 1798.
(2) سنن النسائي 8: 59.
(3) ارشاد الساري 1: 7.