الفصل الثانى: تغير المعادله السياسيه وموازين القوى - وجیز فی الامامة و الولایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجیز فی الامامة و الولایة - نسخه متنی

احمد حسین یعقوب اردنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

3- المسلمون الذين تظاهروا بالاسلام من
اهل المدينه
وتظاهروا بالتصديق بنبوه ورساله محمد والقبول
بامامته
وولايته وقد عرفوا بالمنافقين حيث اظهروا الاسلام
والايمان
وابطنوا الكفر والعصيان والكراهيه التامه لمحمد
ولال محمد
ولمن والاهم، ظاهرهم مع النبى ومع امامته وولايته
للمجتمع، وباطنهم كاره لذلك، حاقد عليه يتربص
الفرص
لنقضه، وابطال كلمه الاسلام من اصولها ان استطاعوا.

ومع هذا
هم لا يظهرون للنبى الا ودا، وقبولا بامامته
وولايته، ورضى
بها.

وقد بايعوا الامام فعلا على الطاعه وعلى
القبول بامامته
وولايته بدون ضغط ولا اكراه!! ماذا تقترح على الرسول
محمد
ان يفعل بهذه الحاله؟! هل سيقول لكل واحد من
المنافقين انا
لا اقبل بيعتك، لانك منافق، وتنطق عكس ما تظهر!!
وانا لا
اقبل دينك ولا اسلامك ولا عملك هذا ان محمدا كامام
وكولى
ليس مخولا ان يطلع على نوايا شعبه، بل عليه ان
يتعامل مع
الظاهر، وان يترك امر البواطن له ثم ان المنافقين
ليسوا بالقله
التى يتصورها البعض لقد كانوا يشكلون اكثر من نصف
مجتمع
المدينه، ومواجهه النبى لهم بحقيقتهم قد تترك
آثارا مدمره،
وقد تفسد عليه الامر كله فهنالك شبكه هائله من
علاقات
القربى والارحام والمصالح بين مسلمى المدينه
ومنافقيها التى
كانت قائمه قبل قدوم النبى يصعب تجاهلها بموازين
العقل
والمنطق والفطره.

فعبداللّه بن ابى كان زعيم
المنافقين بلا
خلاف ومات على حاله وابنه كان مسلما صالحا ومات على
حاله، وعندما اشيع ان النبى قد يقتل عبداللّه بن
ابى جاء الابن
الصالح الى النبى وتمنى عليه ان يكلفه بقتل اباه ان
اراد ذلك!!

حتى لا يقتله آخر، ويكابد الابن الصالح لتحمل رويه
قاتل ابيه!!

فيجيبه الرسول الامام (لنحسنن حجته، ان محمدا لا
يقتل
اصحابه).

بمعنى ان كافه المنافقين قد اظهروا الاسلام،
واعلنوا ايمانهم
بنبوه محمد ورسالته، وقبولهم بولايه محمد وامامته
او
قيادتهم وبايعوه على ذلك وبدون اكراه وتظاهروا
بالرضى التام
والاقتناع الموكد بذلك.

4- اليهود: ويشكلون شريحه كبرى من مكان يثرب وما
حولها
وقد بهر اليهود بالسرعه التى انتشر فيها دين
الاسلام فى يثرب
وعدم قدره احد من الاوس والخزرج على المعارضه فالكل
مسلم او متظاهر بالاسلام، وقد ذهلوا من السرعه التى
تتابعت
بها الاحداث، فاسلم منهم القليل اما الفئات الاخرى
فقد رات
ان تحتفظ بدينها (اليهوديه) وان تقبل بامامه محمد
وولايته
للمجتمع، او تتظاهر بذلك وان تتعايش كسابق عهدها فى
المجتمع اليثربى ولكن فى ظل امامه محمد وولايته
وهكذا
كان، فكافه اليهود من سكان يثرب اظهروا رضاهم
وقبولهم
بولايه النبى وامامته مع الاحتفاظ بدينهم، ولم
يتطرق النبى
لنواياهم وبواطنهم ولم يجبرهم على اعتناق الاسلام،
لان
الاكراه فى الدين غير وارد فى شرع اللّه، وتقبل
النبى رضاهم
بامامته وولايته، وقرارهم بالاستمرار بالتعايش مع
النبى الامام
والولى.

التعاقد الخط ى والعقد الاجتماعى
كانت موسسه البطن، او القبيله هى الموسسه التى تمنح
الانتماء والحمايه لافرادها كافه الافراد الذين
كانوا منتمين
لبطون الاوس والخزرج آمنوا بمحمد كرسول وكنبى،
وبالاسلام كدين، او تظاهروا بهذا الايمان، واعلنوا
قبولهم
ورضاهم بامامه محمد وولايته للمجتمع الجديد، او
تظاهروا
بهذا القبول والرضى، اما اليهود فقد اعلنوا تمسكهم
بالدين
اليهودى، وبنفس الوقت اعلنوا قبولهم ورضاهم بامامه
محمد
وولايته للمجتمع الجديد، امعانا من الرسول
بالتاكيد على
ظاهره الرضى والقبول، واشراكا للناس بصنع القرار
وضع
مسوده اتفاق، او مشروع تعاقد اجتماعى، او دستور
خط ى
ومكتوب وافقت عليه كل الموسسات (بطون وقبائل يثرب)
ومن مواد هذا الاتفاق، ان اهل يثرب امه من دون الناس
وان
الرسول هو الحاكم والحكم، او الولى والامام، وقد
احترم الرسول
كافه التحالفات السابقه بين هذه الموسسات، واتفق
اطراف
التعاقد على ان بطون قريش عدوه للجميع، ولا ينبغى
لاحد ان
يجيرها ولا ان ينصرها.. الخ.

بمعنى ان رسول اللّه قد
حرص على
تسجيل الرضى والقبول بامامته خطيا، ووقع الجميع
على
ذلك، وقد فصلنا ذلك فى كتابنا المواجهه
(100).

مما يعنى
ان الرسول، اصر على فكره الرضى والاقتناع، واقامه
الدوله بعقد
اجتماعى حقيقى بين الامام والولى الذى اختاره
ى ى ى ى اللّه
وبين الامه التى قبلت بالاختيار والتوليه الالهيه،
وهذا الاصرار
على الرضى والقبول اختفى نهائيا من المسرح السياسى
بعد
وفاه النبى، ولم يحفل به الا الامام على عندما تولى
الخلافه
وفق مقاييس الخلفاء المتغلبين، فقد اصر على ان
يبايعه الناس
فى المسجد وعلنا، وبغير ذلك فانه لن يتولى امامه
الناس
وولايتهم ولن يوافق على قيادته لهم.

الركن الرابع: المنظومه الحقوقيه او القانون
النافذ
لقد قبل الجميع او تظاهروا بالقبول برضاهم
واختيارهم وبدون
اكراه على القبول بامامه وولايه محمد او قيادته
للمجتمع،
وقبلوا بان ما يشجر بينهم من خلاف مرده للّه
ولرسوله، مما
يعنى ان الجميع قبلوا بامامه محمد ومرجعيته او
قبلوا به
كسلطه، وقبلوا بالقرآن الكريم وبفهم النبى لهذا
القرآن (سنته)
كقانون نافذ على الجميع اى ان اللّه اختار محمدا
الاعلم
والافهم بالدين والافضل، والاقرب الى اللّه ليكون
الامام والولى
والمرجع، ونزل اوامره ونواهيه (امرنا) لتكون
القانون النافذ فى
المجتمع، فجاء المجتمع بمحض اختياره ورضاه التام
واقتناعه
الموكد فقبل الامام والولى ورضى به، كقائد ومرجع
اوحد،
وقبل الاوامر الالهيه كقانون نافذ، وتمت المبايعه
بين الامام
والولى وبين افراد المجتمع على ذلك.

وهذا اصرار
عجيب على
مبدا الرضى والقبول والقناعه لا نجد له مثيلا فى
الشرائع
البشريه قاطبه.

الركن الخامس: اقليم دوله الامام او الولى
يثرب وما حولها كانت هى بقعه الارض الاولى التى
قامت عليها
دوله النبى، فهى بمثابه اقليم الدوله، ثم توسع هذا
الاقليم
حتى شمل ارض الجزيره العربيه بحدودها الطبيعيه.

والخلاصه
انه بعد هجره النبى تكونت دوله حقيقيه بالمعنى
الدستورى
المعاصر، امامها ووليها محمد رسول اللّه، وقانونها
اوامر اللّه
(يهدون بامرنا) وشعبها سكان يثرب وما حولها،
واقليمها ارض
يثرب وما حولها، وان هذه الدوله نشات بالرضى
والقناعه
وبمبايعه، وبموجب تعاقدات وتعهدات شفهيه وخطيه،
وهذه
ظاهره عجيبه من حيث الاصرار على مبدا الرضا والقبول
بغير
ضغط ولا اكراه ولا ارهاب.

الفصل الثانى: تغير المعادله السياسيه وموازين القوى

قبل قيام الدوله الاسلاميه فى يثرب، وتسلم النبى
لامامتها
كانت الكلمه العليا للشرك والكفر، وكانت دول
الكفر، وائمه
الكفر يتقاسمون السياده على الكره الارضيه، او
يتنازعون على
هذه السياده، فى ما بينهم، ولم يكن هنالك من يدعو
الى اللّه
علنا، فالدعوه الى اللّه، او الدعوه الى الحكم بما
امر اللّه، كانت
معدومه، او مخالفه للنظام العالمى السائد آنذاك،
كان من غير
المتصور ظهور امام شرعى يمثل التيار الالهى، او
قيام دوله
تتبنى القوانين والنظم الالهيه، فالمسلمون وعلى
راسهم
امامهم محمد(ص) كانوا بمثابه مواطنين او رعايا
يعيشون
تحت حكم امام كفر غير شرعى ويكتوون بنار عسفه
وارهابه
وتغلبه وصده عن سبيل اللّه.

ولكن ظهور الامام الشرعى، وجهره بالدعوه، ونجاحه
بتحويل
الدعوه الى دوله، وبناء الدوله الاسلاميه فى يثرب
غير المعادله
السياسيه عند العرب خاصه وفى العالم عامه، وقلب
موازين
القوى تماما، فقد وقفت الدعوه الاسلاميه بمواجهه
دعوه الكفر،
ووجد امام شرعى بمواجهه ائمه الكفر غير الشرعيين
وصار
للمسلمين دوله يتجمعون فى اقليمها، وتمنحهم الهويه
والانتماء والحمايه، واعطيت الاوامر الالهيه فرصه
لتكون
القانون النافذ للمجتمع، مع ما يستتبع ذلك من ايجاد
نموذج
متحرك للحكم الشرعى، والامامه الشرعيه، والمواطنه
الشرعيه.

وقبل ذلك كان المجتمع العالمى كله
والمجتمعات
الاقليميه يتصورون ان دعاوى الكفر وحكم الكفر،
وائمه الكفر،
ودول الكفر قدر احادى لا مفر منه ولا محيد عنه، وقد
وجد
ليفرض سلطانه على الارض، ورسخت وسائل اعلام الكفر
المملوكه لائمه الكفر بانه لا وجود لامام شرعى
الهى، ولا لحكم
شرعى الهى الا فى عالم المثل والاوهام.

وجاء قيام الدوله الاسلاميه ليعيد التوازن الى
ثنائيه العالم
وليفضح اعلام الكفر.

واستغفاله للعقل البشرى، فقد
كان الخير
بمواجهه الشر، والحق بمواجهه الباطل، وللخير وللشر
نظمه
ايضا، وللحق مظهره، وللباطل مظاهره، فمن نظم الشر
ومظاهره وجود ائمه كفر، ونظام كفر، وقوانين كفر
تسوق
الناس بالقهر والتغلب وتفرض ارادتها على ارادتهم
ومن نظام
الخير ومظاهر الحق وجود امام شرعى يمثل السمو
البشرى،
ويبشر بالحكم الالهى، ويطبق الاوامر الالهيه،
ويهدى بهديها،
يسوس الناس بالرضا والقناعه، ويخضع واياهم للاوامر
الالهيه
ويهتدون بهديها.

فوجود محمد الامام وقيام دولته،
وضع الناس
امام خيارين وترك لهم الحريه ليبقوا فى ظلمات ائمه
الكفر
بمحض حريتهم واختيارهم ورضاهم، او يقبلوا بامامه
محمد
والائمه الشرعيين من بعده بمحض حريتهم واختيارهم
ورضاهم وبدون اكراه.

وقبل الاعلان عن امامه محمد
وقبل
قيام دولته لم يك امام الناس اى خيار غير القبول
بالواقع
المفروض بالقوه والقهر.

موقف ائمه الكفر من امامه محمد رسول اللّه ومن قيام
الدوله
الاسلاميه
مما لا شك فيه ان كل ائمه الكفر فى الارض قد سمعوا
بنبوه
محمد وبظهور امامته، وبقيام كيانه السياسى فى يثرب
وما
حولها وسمعوا بتشكيكه بشرعيه حكم ائمه الكفر فى كل
مكان
على الكره الارضيه، وسمعوا باعلانات محمد
المتواليه بانه
رسول اللّه، ورحمته الى الناس كافه، وانه الامام
الشرعى
للجنس البشرى كله، وان مهمته تنصب على اخراج الناس
جميعا من الظلمات الى النور، ومن الموكد ان هذه
الانباء
والاعلانات قد ازعجتهم، ولكنهم تظاهروا بعدم
الاكتراث ولم
يحمل ائمه الكفر العمالقه لكسرى وقيصر امر محمد على
محمل الجد، واذا استبعدوا نجاحه وقدروا ان الامر لا
يعدو عن
كونه صراعا داخليا بين قبائل العرب وبوقت يطول او
يقصر
ستحسم قبائل العرب هذا الصراع لصالحها.

ائمه بطون قريش تبرعوا بمحاربه محمد نيابه عن ائمه
الكفر
عندما اقام النبى كيانه السياسى فى يثرب، كانت
هنالك
كيانات سياسيه هزيله منتشره فى جزيره العرب، يقود
كل كيان
من تلك الكيانات امام مشرك وغير شرعى، ولكن اهم هذه
الكيانات اطلاقا الكيان الذى كان قائما بمكه
بقياده مجموعه
متحالفه من ائمه الكفر، وهم زعماء بطون قريش، ونظرا
لمركز
زعامه بطون قريش ونفوذها عند العرب، بوصفهم حماه
البيت
الحرام وسدنته وجيرانه، ولان هذه البطون قد تطرفت
بعداوتها
لمحمد وآله، ولانها ترفض ان يكون النبى من بنى
هاشم،
وترفض ان ياتى الدين الجديد عن طريق رجل من بنى
هاشم،
ولان محمدا والهاشميين من قريش، ولان اهل مكه اعلم
بشعابها، لكل هذه الاسباب تولت بطون قريش قياده
الجبهه
المعاديه لمحمد ولال محمد ولمن والاهم، وللدين
الذى جاء
به محمد.

وفى هذا السياق بدات زعامه بطون قريش بتكوين
تحالفات مع
الكيانات العربيه المشركه، ومع ائمه المشركين
العرب،
للتصدى بالقوه لكيان يثرب وامامه الشرعى محمد رسول
اللّه،
وغنى عن البيان ان زعامه بطون قريش كانت اكثر
الكيانات
نشاطا واندفاعا بمعاداه محمد واشدهم اهتماما
بتخريب كيانه
السياسى، واسقاط نظام حكمه الشرعى، اما بقيه
الكيانات
العربيه فلم تكن لديها الحوافز الكافيه لمعاداه
محمد وآله، انما
اندفعت مع موجه العداء مجامله لزعامه بطون قريش،
ومن هنا
رايناها تحارب او تشترك بالحرب رمزيا او طمعا بمغنم
اذا
حاربت بطون قريش، وتسالم اذا سالمت البطون،
وتستسلم عن
الاقتضاء اذا استسلمت زعامه البطون، والابعد من
ذلك انها
تسلم وتدخل بالدين الجديد او تتظاهر بدخوله اذا
اسلمت
البطون او تظاهرت بالاسلام كما حدث فعلا بالواقع
التاريخى.

والخلاصه ان زعامه بطون قريش قد تبرعت بمعاداه محمد
وآله ومن والاهم والتصدى للدين الجديد نيابه عن
ائمه الكفر
فى الارض.

فاطلقت وسائل اعلامها الفاجر ضد محمد وآله وآذتهم
ومن
والاهم، وحاصرتهم، وقاطعتهم، وقاومتهم بكل اساليب
المقاومه، وفكرت بقتل النبى فعلا، ولما قرر النبى
ان يهاجر من
مكه فرارا بدينه تامرت كل البطون على قتله وشرعت
بالقتل
فعلا، ولم تتمكن من ذلك لاسباب خارجه عن ارادتها،
ولما نجا
النبى من موامره القتل طاردته بكل وسائل المطارده
وخصصت الجوائز لمن يقبض عليه حيا او ميتا، فنجا
النبى من
المطارده كما نجا من القتل، ووصل سالما الى يثرب،
ونجح
باقامه كيانه السياسى الاسلامى فيها، ولكن زعامه
بطون قريش
لم تعترف بوجود محمد، وتجاهلت التطورات التى حدثت
تماما
ورفضت مفاوضته او التحدث معه او الاعتراف بشرعيه
وجوده
وطمعا بالقضاء عليه جيشت الجيوش وحاربته فى بدر،
وفى
احد وفى الخندق، وطوال 23 عاما وزعامه بطون قريش
تقاوم
بكل فنون المقاومه، وتوذى النبى وآله وبكل وسائل
الايذاء
وتحاربهم بكل طرق الحرب.

ونتيجه حروبها العدوانيه التى شنتها على النبى
وآله، قتل
حمزه وعلى بن ابى طالب صناديد قريش فجن جنونها
وجمعت مع الحسد والكراهيه لمحمد ولاله الحقد
عليهم،
فاتخذت من صديق محمد وآله عدوا لها، ومن عدو محمد
وآله
حبيبا لها كائنا من كان، انظر الى قول ابى سفيان
عندما خاطب
نيابه عن بطون قريش الوفد اليهودى الذى جاء ليحالف
البطون
على عداوه محمد: (ان احب الناس الينا من اعاننا على
عداوه
محمد)(101)،
ولم تتوان زعامه بطون قريش من ان تمد يدها
الى الشيطان نفسه وتتحالف معه اذا ايقنت من كراهيته
لمحمد ولال محمد.

لقد تحالفت بطون قريش مع اليهود، ودخلت واياهم
الكعبه
المشرفه وتعاهدوا فيها معا وحلفوا بان تكون الكلمه
واحده على
هذا الرجل -اى محمد- ما بقى من بطون قريش ومن اليهود
رجل(102)،
وكانت بطون قريش تسير الوفود من وقت لاخر
لتاليب العرب على عداوه محمد(103)، بالوقت الذى كانت
تتشدق فيه زعامه البطون القريشيه بصله الارحام!!

ولما احيط بزعامه البطون، وحصرت فى جزيره من الشرك
واغلقت بوجهها كل الابواب الا باب الاسلام،
استسلمت
وذكرهم الرسول المنتصر بافاعيلهم، ثم قال: ماذا
تظنون انى
فاعل بكم؟ فقالوا: اخ كريم وابن اخ كريم،!! فقال
النبى: لا
تثريب عليكم، اذهبوا فانتم الطلقاء فدخلوا الاسلام
مكرهين، او
تظاهروا بدخوله، وقلوبهم مثقله بالحقد على محمد
وعلى آل
محمد، والحسد لمحمد ولال محمد(104).

وعبرت جويريه
بنت ابى جهل عن الوضع النفسى للبطون لما سمعت
الاذان
(قد لعمرى رفع لك ذكرك! اما الصلاه فسنصلى، واللّه
لا نحب
من قتل الاحبه ابدا)(105)، ولما سمع خالد بن اسيد
الاذان
قال: (الحمد للّه الذى اكرم ابى فلم يسمع هذا) وقال
الحارث
بن هشام: واثكلاه ليتنى مت قبل هذا، وقال الحكم بن
العاص:

(واللّه انه لحدث عظيم ان يصيح عبد بنى جمح - يعنى
بلال-
على بنيه ابى طلحه) وقال ابو سفيان: اما انا فلا اقول
شيئا، لو
قلت شيئا لاخبرته هذه الحصباء!! فنزل جبريل على
النبى،
واخبره بما قال القوم(106).

هذه هى طبيعه اسلام بطون
قريش، وهذا هو مفهومها للدين!!

على اى حال لقد استسلمت بطون قريش، وعفا النبى
عنهم،
وتركهم طلقاء، لم يجبرهم على الدخول فى الدين، او
القبول
بامامته، لقد اعتنقوا الدين او تظاهروا باعتناقه،
وقبلوا بامامه
النبى او تظاهروا بقبوله، كل ذلك برضاهم ومحض
اختيارهم
وبدون اكراه، تماما كحال منافقى يثرب واصبحوا
مواطنين فى
الدوله الاسلاميه لهم كامل حقوق المواطنه، واخفت
بطون
قريش مشاعرها الكارهه لمحمد وآله، والحاقده عليهم.

وقبيل انتقال النبى الى جوار ربه اتحد ابناء بطون
قريش
مهاجرهم وطليقهم ضد الامام.

والولى من بعد النبى
على بن
ابى طالب تماما كما اتحدوا ضد النبى.

وبعد وفاه
النبى استولوا
على منصب الامامه او الخلافه بالقوه والتغلب،
وغصبوا الامام
الشرعى حقه بالامامه والخلافه، وادعت البطون انها
الاولى
بمحمد، لان محمد من بطون قريش، وقريش كلها قرابه
له، لا
فرق بين هاشمى وغير هاشمى، واحتجت البطون بان النبى
من
بنى هاشم، ولا ينبغى ان يكون الخليفه من بنى هاشم
فيجمع
الهاشميون النبوه والملك معا والعدل يقضى بتوزيع
الشرف،
فتكون النبوه فى بنى هاشم، وتكون الخلافه فى البطون
تتداولها فى ما بينها.

لماذا اتحدت بطون قريش على معاداه محمد ورفض نبوته
وامامته؟
كانت بطون قريش تسمى محمدا قبل النبوه بالامين،
وتعترف
بحكمته، فقد حل مشكله وضع الحجر الاسود بايسر
الطرق(107)،
وانقذ البطون من حرب اهليه.

ووالد محمد،
عبداللّه كان من انهد فتيه قريش واكثرهم ادبا
وادمثهم خلقا،
وجده عبد المطلب كان سيد قريش ووليها وحكيمها بغير
منازع(108)
وهاشم بن عبد مناف كان تاج قريش
وناصيتها(109).

بمعنى ان محمدا شخصيا لا
غبار عليه فهو
سيد سليل اسياد!!

ومع هذا فما ان اعلن محمد ابناء النبوه والرساله
والكتاب حتى
وقفت بطون قريش ال 23 وقفه رجل واحد، واعلنت بلسان
واحد رفضها المطلق لنبوه محمد ورسالته، ولما نجح
باقامه
الكيان السياسى فى يثرب رفضت بطون قريش ال 23 امامه
محمد وقاومته وحاربته بكل الوسائل لافشال النبوه
والرساله
واسقاط الامامه فما هو السر، وما هى اسباب ذلك كله؟
1- الصيغه السياسيه الجاهليه:

ورثت بطون قريش ال 25 صيغه سياسيه جاهليه قائمه على
اقتسام مناصب الشرف بين البطون، وقائمه على
التوازن بين
هذه البطون، وقد كرست هذه الصيغه مبدا لا غالب ولا
مغلوب،
وعندما اعلن محمد الهاشمى نبوته ورسالته وانحاز له
البطنان
الهاشمى والمطلبى، جن جنون بطون قريش ال 23، وفسرت
النبوه والرساله على انها موامره هاشميه مطلبيه
على الصيغه
السياسيه الجاهليه، لتعديلها لصالح هذين البطنين،
واعتبرت
بطون قريش النبوه الهاشميه اخلالا خطيرا بمبدا
توازن
وتعادل القوى بين البطون، لذلك اقنعت نفسها بان
اتحادها
ضد محمد كان للدفاع عن وجودها وحقوقها السياسيه.

فى
وجه المطامع الهاشميه!!

2- المنافسه بين البطون وكراهيه التميز الهاشمى:

كانت المنافسه على الشرف بين بطون قريش، جبله فيها،
ومظهر دائم من مظاهر وجود هذه البطون، لقد طبعت على
المنافسه، فما من عمل ياتى به بطن، الا وتاتى
البطون الاخرى
بعمل مشابهه له، طمعا بالتوازن والتعادل بموازين
قواها،
وكانت البطون ترقب بحذر شديد تميز المشيخه
الهاشميه
وحكمتها وكرمها، وتحاول مشيخات البطون ان تقلدها،
وتاتى
بمثلها، او تتصنع الاتيان بمثلها كتصنع اميه ان
ياتى بمثل
هاشم وما نجم عن هذا التصنع من منافره وجلاء
(110).

واعلن محمد انه نبى اللّه ورسوله!! فكيف تعمل بطون
قريش
بهذه الحاله!! وكيف يمكنها الاتيان بمثل النبوه
الهاشميه،!!

وهكذا سينفرد الهاشميون ويتميزون عن بطون قريش
بشرف
النبوه، ويتقدمون بهذا الشرف بدون جهد منهم ولا
طاقه،
وسيتكرس التميز الهاشمى على حساب البطون، وستقف
البطون عاجزه عن الاتيان بمثل النبوه، ومن هنا فقدت
بطون
قريش ال 23 رشدها تماما امام شرف معجز!! لذلك صبت كل
طاقاتها على الغاء النبوه الهاشميه وتفشيلها.

3- الحسد:

الحسد مرض خبيث، وقد اصيبت به بطون قريش يوم اعلن
محمد انباء النبوه والرساله، ولم ينج من هذا المرض
الا البطنان
الهاشمى والمطلبى، لقد حسدت بطون قريش محمدا واهل
بيته خاصه، والبطن الهاشمى عامه، فضل النبوه وشرف
الرساله
فمحمد واهل بيته هم المحسودون(111) (ام يحسدون
الناس على ما آتاهم اللّه من فضله)«النساء/54».

وقد اشار ابن عباس الى ظاهره الحسد تلك فى حواره مع
الخليفه الثانى(112).

والخلاصه ان من ابرز
الاسباب التى
دفعت بطون قريش ال 23 للوقوف وقفه رجل واحد ضد محمد
وآل هو الحسد بان يكون النبى من بنى هاشم!! فكانهم
يقسمون رحمه اللّه!

4- الحقد على محمد وآله:

ومن الاسباب التى دفعت بطون قريش ال 23، للمضى قدما
فى
معاداتها لمحمد وآل محمد، ومعارضتها لامامتهم،
الحقد الذى
استقر فى قلوب ابناء البطون على محمد وآل محمد،
وتفصيل
ذلك ان عليا بن ابى طالب ابن عم النبى والولى من
بعده،
والحمزه بن عبد المطلب عم النبى اشتركا بقتل صناديد
بطون
قريش فى معركه بدر خاصه، فما من بطن من بطون قريش
الا
وكان فيه قتيل او قتلى قتله عم النبى، او ابن عمه او
اشتركا
بقتله، لقد لفتت طريقه على بن ابى طالب بالقتال
انظار اهل
الارض واهل السماء فنادى ملك من السماء يوم بدر (لا
سيف الا
ذوالفقار ولا فتى الا على)(113).

وقتل على وحمزه فى بدر
نصف ما قتل من المشركين(114)، ويوم احد قاتل العم وابن
العم بكفاءه تفوق التصور، وغدرت بطون قريش بالعم
حمزه
فقتلته، وبقى ابن العم يقاتل دفاعا عن رسول اللّه
حتى قتل
حمله لواء المشركين الثمانيه، وكلهم من قريش
وعندما حمل
اللواء عبد لهم قتله الامام على(115)، وفى وقت الاحزاب
قتل
على بن ابى طالب عمرو بن ود، اقوى واشجع رجال بطون
قريش، وقد ثمن رسول اللّه مبارزه على لعمرو بن ود
بقوله
(لمبارزه على بن ابى طالب لعمرو بن ود يوم الخندق
افضل
من اعمال امتى الى يوم القيامه)(116)، وبالفعل لقد كفت
هذه المبارزه المومنين القتال، لذلك كان مسعود
يقرا (وكفى
اللّه المومنين القتال - بعلى -)(117).

بقى ان نقول ان رسول اللّه، وعمه الحمزه، وابن عمه
على لم
يقتلوا المشركين بطرا ولا حبا بالقتل، انما قتلوا
من قتلوا من
المشركين بامر اللّه، وجهادا فى سبيله، واعزازا
بالدين، ودفاعا
عن النفس، ففى كل الحالات التى وقع فيها قتل، كان
بطون
قريش هى المعتدى، وهى الغازيه، وهى البادئه
بالعدوان،
فالدفاع عن النفس من مشروع اجازته كافه الشرائع
الالهيه
والوضعيه.

ومهما يكن فان بطون قريش لا تفهم هذا المنطق، وكلما
تفهمه ان عم النبى الحمزه، وابن عمه على بن ابى
طالب،
وكلاهما من بنى هاشم قد وتراها باحب ابناء البطون
اليها،
فيتموا الاطفال، ورملوا النساء، وان محمدا بن
عبداللّه الهاشمى
كان هو السبب فى كل هذا القتل والدمار الذى لحق فى
بطون
قريش ومن هنا صبت بطون قريش ال 23 كل حقدها الاسود
على محمد وحمزه وعلى بن ابى طالب خاصه، وعلى البطن
الهاشمى عامه وعلى كل من والاهم واحبهم!.

طبيعه حقد البطون على محمد وآل محمد
انظر الى قول ابى سفيان وهو يخاطب الوفد اليهودى
نيابه عن
بطون قريش ال 23 (ان احب الناس الينا من اعاننا على
عداوه
محمد)(118)
لقد تعاهدت بطون قريش مع اليهود وحلفت
باللّه داخل الكعبه بان تكون الكلمه واحده على محمد
ما بقى
من بطون قريش ومن اليهود رجل واحد)(119)! وبطون
قريش تعرف معنى التعاهد والحلف وانظر الى قول هند
بنت
عتبه وام معاويه وزوجه ابى سفيان (لو اعلم ان الحزن
يذهب
من قلبى بكيت، ولكن لا يذهبه الا ان ارى ثارى من
قتله
الاحبه)(120).

ومن هم الذين قتلوا احبه هند؟ هم النبى،
وحمزه وعلى!! وهند هذه لا تكتفى بقتل حمزه ولو
بالغدر انما
تمثل به وتقطع اذنيه، وتشق بطنه، وتحاول ان تاكل
كبده!

وانظر الى قول ابى سفيان (وانى لانا الموتور الثائر
قتل ابنى
حنظله وساده اهل الوادى..)(121) ولم يختلف ما فى النفوس
كثيرا حتى بعد ان اسلمت بطون قريش او تظاهرت
باسلامها
انظر الى قول جويريه بنت ابى جهل لما سمعت الاذان فى
مكه
(قد لعمرى رفع لك ذكرك، اما الصلاه فسنصلى، واللّه
لا نحب
من قتل الاحبه ابدا)(122).

ولم ينج من تاثير هذه
الحاله
النفسيه حتى ابناء البطون الذين اسلموا وهاجروا،
لقد طلب
النبى من اصحابه فى معركه بدر ان لا يتعرضوا لاحد من
بنى
هاشم لانهم قد اكرهوا على الخروج سمع الصحابى ابو
حذيفه
بن عتبه بن ربيعه قول النبى فقال عفويا، وبتصرف لا
شعورى:

(انقتل اباءنا وابناءنا واخواننا وعشيرتنا، ونترك
العباس عم النبى
واللّه لئن لقيته لالحمنه السيف)(123).

صحيح ان حذيفه
على دين محمد ويحارب معه، ولكن من غير الممكن عقلا
ان
يموت ابوه واخوه وعمه وسادات بنى اميه امامه ولا
يكون
موتهم غصه فى حلقه، قد يفارق الدنيا، ولكن لن
تفارقه هذه
الغصه!!

وانظر الى قول عمر بن الخطاب لسعيد بن العاص بن سعيد
الذى قتله على (انى لاراك معرضا عنى تظن انى قتلت
اباك
يوم بدر... واللّه ما قتلته..)(124) فعمر بن الخطاب يظن
ان
اعراض سعيد عنه اعتقاده بانه قد قتل اباه فى بدر
لذلك هو
يبرى ء ساحه نفسه، ويذكر ابن المقتول بطريقه ذكيه
بانه لم
يقتل اباه انما قاتله هو على بن ابى طالب، وهذا
التعريض لا
يصدر عن رجل من عامه الناس انما يصدر عن خليفه
المسلمين بعد عشرين سنه من وقعه بدر، وعندما استولى
معاويه على منصب الخلافه بالقوه واستقر حكمه كبر
يوما
بالخضراء، فكبر اهل المسجد بتكبيره اهل الخضراء،
فساله سائل
ما هذا الذى بلغك فسررت به حتى كبرت؟ فقال معاويه:
موت
الحسن بن على(125).

وعندما جى ء براس الحسين ورووس الطيبين من اهل بيت
النبوه الى يزيد بن معاويه بعد مذبحه كربلاء ووضعت
الرووس
بين يديه تمثل بقول الشاعر:

قد قتلنا القوم من ساداتهم
وعدلنا ميل بدر فاعتدل
واضاف:

لست من خندق ان لم انتقم
من بنى احد ما كان فعل
وقال ابن عبد ربه فى العقد الفريد(126) ان يزيد قد قال
ايضا:

لعبت هاشم بالملك فلا
ملك جاء ولا وحى نزل
تلك هى طبيعه النفوس الكارهه لمحمد ولال محمد (ان
تمسسكم حسنه تسوهم، وان تصبكم سيئه يفرحوا بها) «آل
عمران/120».

فالخلافه واماره المومنين لم تغير
معاويه، ولم
يغير ابنه ولم يغيرهما اسلامهما، ولم تهن مشاعرهما
الحاقده
مع طول الامد انما عبرا عن حقيقه هذه المشاعر،
واظهرا ما
كانا يحاولان اخفائه.

اسوا جنين
بانتهاء معركه بدر حملت نفوس ابناء البطون باسوء
جنين عرفته
الخليفه وهو الحقد، لقد امتلات نفوس ابناء البطون
بالحقد
الاسود على محمد وآله، وظل هذا الحقد فى نفوسهم ولم
يفارقهم لحظه قط، وهكذا جمعت بطون قريش مع الحسد
لمحمد وآله، الحقد الاسود على محمد وآله، وانى لاى
دين ان
يقتلع هذا الثنائى القذر من النفس البشريه، كيف
يمكن لابى
سفيان ان يحب عليا بن ابى طالب وقد قتل ابنه البكر
حنظله
وعشره من ابناء عمومته!! وكيف يمكن لمعاويه بن ابى
سفيان
او لاخيه يزيد ان يحب عليا، وقد قتل اخاه وخاله وابن
خاله،
وجده، وشقيق جده وسته اخرين من ابناء عمومته، وكيف
يمكن لخالد بن الوليد ان يحب من قتل اباه وسادات بنى
مخزوم والمغيره(127)، وكيف يمكن لعمرو بن العاص
وعثمان بن عفان والوليد بن عتبه، والحكم بن العاص
ان يحبوا
قتله آبائهم وبنى عمومتهم!! كيف يمكن لعمر بن الخطاب
ان
يحب من قتل خاله شقيق امه!!

يسهل التصور ان يحبوا النبى محمدا، لانه لن
يستفيدوا دنيويا
من الاسلام بدون حب النبى او التظاهر بحبه، ويصعب
التصور
بان يحبوا محمدا وآل محمد!! لقد لاحقهم الوتر
واورثوه
لذرياتهم، وكتب على آل محمد طوال التاريخ ان يدفعوا
ضريبه
عاليه لحسن اسلامهم وصدق انتمائهم للنبى.

قد يقول قائل: الاسلام يجب ما قبله، هذا صحيح على
مستوى
الحساب الالهى، ولكن النفس البشريه ليست زرا
كهربائيا
تطفى ء وتضى ء بحركه! انها عالم من الانفعالات، اذ
يتعذر عمليا
على الانسان ان يحب ويوالى الذى قتل ابنه او اباه او
اخاه او
جده او ابن اخيه او عمه او ابن عمه او خاله او ابن
خاله او حتى
قريبه ان ذلك فوق طاقه النفس البشريه، صحيح ان
الذين
قتلوهم قتلوهم على الايمان، وجهادا فى سبيل اللّه،
ودفاعا
ومشروعا عن النفس، وصحيح ان عنوان الايمان موالاه
اللّه
ورسوله ومعاداه اعدائهما حتى ولو كانوا الاباء
والابناء والاخوه
والعشيره، لكن هذا كله لا يمنع ولا يوقف نظام
انفعالات النفس
البشريه وثوره اشجانها، فمحمد هو الامر، وعلى بن
ابى طالب
وحمزه هما المنفذان اللذان نكلا بالبطون،
والهاشميون هم
المطلوبين والمطالبين طوال التاريخ هذا هو فهم
البطون
عمليا.

وهذا هو البلاء المبين لقد عالجنا فى كتابنا
المواجهه
هذا الموضوع باستفاضه تامه.

البطون القريشيه الاكثر حقدا على محمد وآله
بطون قريش ال 23 رفضت النبوه الهاشميه، وكرهت
التميز
الهاشمى، وحقدت على محمد وحمزه وعلى خاصه، وعلى بنى
هاشم عامه، ولكن اكثر هذه البطون ال 23 حقدا على
محمد
وعلى آل محمد هم بنو اميه، وبنو المغيره، وبنو
مخزوم.

قال
رسول اللّه(ص) (ان اشد قومنا لنا بغضا، بنو اميه،
وبنو المغيره،
وبنو مخزوم) رواه الحاكم وابو نعيم(128)، هذا النص علاوه
على انه صادر ممن لا ينطق عن الهوى، فهو قراءه
متعمقه
لوقائع التاريخ، فاكثر قتلى بدر المشركين كانوا من
هذه
البطون الثلاثه، والمتنافسون على زعامه بطون قريش
هم
سادات هذه البطون الثلاثه، وبمعايير البطون
القريشيه فان
هذه البطون الثلاثه هى الاكثر تضررا من النبوه
الهاشميه، ومن
امامه محمد رسول اللّه، وكان لابناء هذه البطون
الثلاثه فى ما
بعد دور بارز بصرف الامر عن الائمه الشرعيين من آل
محمد
واغتصاب حقهم بالامامه.

ومع ان هذه البطون الثلاثه لا تطيب نفوس بعضها لبعض
لانها
تطلب ذات الغنيمه، وتركض خلف نفس الطريده الا ان
كراهيتهم وحسدهم وحقدهم على محمد وآله وحدهم،
اظهرهم بمظهر الفريق الواحد طوال التاريخ، لقد
قادت هذه
الثلاث حملات الارهاب والايذاء والمقاطعه والحصار
لمحمد
وآله طوال الفتره التى قضاها النبى فى مكه قبل
الهجره،
وخططت هذه البطون الثلاثه واشتركت بالموامره على
قتل
النبى ليله هجرته، وبعد ان نجا النبى من موامره
القتل قادت
هذه البطون الثلاثه عمليه مطارده النبى، وخصصت
الجوائز
لمن يقبض عليه حيا او ميتا قبل وصوله الى يثرب.

وبعد
الهجره تولت هذه البطون مهام استنفار العرب
وتاليبهم ضد
محمد وآله، واعداد الجيوش لحرب محمد، ثم قادت حربا
دمويه مسلحه ضد محمد وآله ومن والاهم.

وبعد 23 سنه من الصراع المرير بين هذه البطون وبين
محمد
وعندما افلست واحيط بها، واغلقت بوجهها كل الابواب
اسلمت
او تظاهرت بالاسلام، فتبعتها بطون قريش بالاسلام
او بالتظاهر
بالاسلام، واندست فى صفوف الامه الناشئه وبذرت
بذور
الانحراف والخروج على الشرعيه الالهيه، ثم مدت
يدها
للمنافقين وتحالفت معهم واستولت على منصب الامامه
او
الخلافه من بعد النبى بالقوه والتغلب وحالت بين
الامام
الشرعى من بعد النبى على بن ابى طالب وبين حقه
بالامامه
والولايه.

وهكذا اتحدت البطون بعد موت النبى ضد على واهل بيت
النبوه للحيلوله بين اهل بيت النبوه وبين حقهم
الشرعى
بالامامه والولايه، تماما كما اتحدت ضد النبى
للحيلوله بينه
وبين حقه الشرعى بالرساله والامامه.

الرجال الاشرون عداوه والاكثرون حقدا على النبى
وآله
يمكنك القول وبكل ارتياح بان زعامه بطون قريش قد
نجحت
بحشد الاكثريه الساحقه من ابناء البطون وتعبئتهم
بالعداوه
ضد محمد وآله ومن والاهم، وجاءت الحرب العدوانيه
التى
شنتها زعامه بطون قريش على محمد وآله وما رافقها من
سقوط قتلى وفجيعه البطون بصناديدها لتعبى ء نفوس
الاكثريه الساحقه من ابناء البطون بالحقد على محمد
وآله،
على اعتبار انهم قتله الاحبه على تعبير هند ام
معاويه وجويريه
بنت ابى جهل!! فكانت معاداه محمد وآله ومن والاهم هى
السمه البارزه التى تميزالاكثريه الساحقه من ابناء
البطون عن
غيرهم من الناس!

ولكن اشد زعماء البطون وابنائها عداوه لمحمد وآله
وحقدا
عليهم كانوا هم:

1- ابو سفيان، صخر بن حرب بن اميه قائد البطون رسميا
حسب الصيغه السياسيه الجاهليه، فهو قائد قريش فى
غزواتها
كما ورث ذلك عن ابيه وجده.

لقد كان ابو سفيان وراء
وحده
بطون قريش ال 23 ضد محمد وبنى هاشم، ووراء تحطيم
وحده
بنى عبد مناف اذ استهوى بنى نوفل وضمهم الى جبهه
الشرك، وكان وراء عمليات تعذيب المستضعفين من
المسلمين، وهو مهندس الحصار والمقاطعه التى فرضتها
البطون على محمد وبنى هاشم، وهو الذى اتصل مع زعامه
الطائف يستقبلوا محمدا اسوء استقبال، وهو الذى خطط
لارسال وفد الى النجاشى مزودا بالهدايا لرد
المهاجرين الى
الحبشه، وهو احد المجتمعين فى دار الندوه على الاقل
والمتامرين على قتل النبى ليله هجرته، وهو وراء
تشكيل فرقه
لمطارده النبى بعد نجاته من القتل، وقد حاول شخصيا
ان
يقتل النبى وفشلت محاولته(129)، وهو الذى اجج النار ضد
محمد، وارسل الوفود لتاليب العرب واستعدائهم على
محمد،
وجمع الجموع وانفق 40 اوقيه ذهب واستاجر احابيش بنى
كنانه لحرب النبى فى احد(130) فهو قائد المشركين فى
احد ولا خلاف على ذلك.

وهو الذى تحالف مع اليهود
وجمع
الاحزاب وقادها وسار بهم الى يثرب للقضاء على محمد
واستئصاله، وعندما اراد رسول اللّه ان يودى العمره
كان ابو
سفيان على راس الذين صدوا رسول اللّه عن المسجد
الحرام،
وبالرغم من غناه وثروته الا انه قد عدا على دور
المهاجرين من
بنى جحش بن رئات وباعها لعمرو بن علقمه
(131)،
وفوق
ذلك فقد قتل الحمزه وعلى بن ابى طالب ابنه حنظله،
وابن
عمه ووالد زوجته عتبه بن ربيعه وابن عمه شيبه، وابن
عتبه
الوليد وثمانيه من صناديد بنى اميه، مما طبع البيت
الاموى
كله بطابع الحقد الدفين على محمد وآله، ومما هيى ء
ابا سفيان
ليكون احد ابرز ائمه الكفر الذين لا ايمان لهم.

فما
شر اتت به
بطون قريش الا وابو سفيان اسه واساسه.

وخلال المده
التى
تراس فيها ابو سفيان جبهه الشرك رمى الاسلام وبنى
الاسلام
بكل سهم فى كنانته، وحاربهم بكل وسائل الحرب
وقاومهم
بكل فنون المقاومه.

2- يزيد بن ابى سفيان، 3- معاويه بن ابى سفيان.

4- عتبه
بن
ابى سفيان: وقفوا مع ابيهم وقفه رجل واحد طوال 23 سنه
وقاوموا رسول اللّه ودين الاسلام، بكل وسائل
المقاومه،
واشتركوا مع ابيهم فى كيده كله، وعندما حدثت الحرب
حاربوا
رسول اللّه وعندما فاجاهم رسول اللّه، واستسلم ابو
سفيان، لامه
اولاده وشجعوه على عدم الاستسلام، وتعجب معاويه من
مهادنه ابيه ونسيانه لدم حنظله وساده اهل الوادى
الذين
قتلهم محمد وآله!! ولكن ابا سفيان كان اعقل وابعد
نظرا من
اولاده فقد ادرك انه لا طاقه له بجند اللّه، وان
الحرب مع
محمد ومع الاسلام حرب طويله، وليست محصوره باسلوب
او
اسلوبين وان الدنيا اكبر من اهلها.

لعنهم رسول اللّه
ومن الطبيعى جدا ان يلعن رسول اللّه ابا سفيان
وولده لكشف
حقيقتهم امام الامه، ولقد روى الامام الحسن ان رسول
اللّه
لعن ابا سفيان فى سبع مواطن، وعدد الامام الحسن هذه
المواطن)(132)،
وكرر رسول اللّه لعن ابى سفيان فى صلاه
الصبح فى الركعه الثانيه.

قال السيوط ى: واخرج احمد
والبخارى والترمذى والنسائى وابن جرير والبيهقى فى
الدلائل
ان رسول اللّه قال يوم احد: (اللهم العن ابا سفيان...)
(133).

واخرج نصر بن مزاحم عن البراء بن عازب، قال: اقبل
ابو سفيان
ومعه معاويه فقال الرسول: (اللهم العن التابع
والمتبوع، اللهم
عليك بالاقيص فقال ابن البراء لابيه: ومن الاقيص؟
قال:

معاويه)(134)
واخرج نصر بن مزاحم قال: (نظر رسول اللّه
الى ابى سفيان وهو راكب ومعاويه واخوه احدهما قائد
والاخر
سائق فلما نظر اليهم رسول اللّه قال: (اللهم العن
القائد والسائق
والراكب.

قال: قلنا انت سمعت رسول اللّه؟ قال نعم:
والا فصمتا
اذناى كما عميتا عيناى)(135).

وقد شاعت حقيقه لعن رسول اللّه لابى سفيان وبنيه
انظر الى
قول محمد بن ابى بكر لمعاويه (وانت اللعين ابن
اللعين لم تزل
انت وابوك تبغيان الفوائد لدين اللّه، وتجهدان على
اطفاء نور
اللّه، وتجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه
المال، وتحالفان
فيه القبائل(136)..

والمعنى ان عامه المسلمين وخاصتهم كانوا يعلمون ان
ابا
سفيان كان قائدا لجبهه الشرك وان اولاده وسادات بنى
اميه
كانوا اركان قيادته طوال فترتى المواجهه على صعيدى
الدعوه
والدوله الاسلاميه، وانهم قد دخلوا فى الاسلام
مكرهين.

5- الحكم بن العاص بن اميه: وكان من اكثر الناس عداوه
لرسول اللّه، وبفتح مكه صار احد الطلقاء ومع هذا لم
يتوقف عن
عداوه رسول اللّه فنفاه الرسول وبقى منفيا خلال
حياه النبى،
ولما آلت الخلافه لعثمان اوصله الى المدينه معززا
مكرما وزوج
ابنيه مروان والحارث ابنتيه واتخذهم وزراء له،
ولما مات الحكم
حزن عليه الخليفه وضرب على قبره فسطاطا، وقد لعن
رسول
اللّه الحكم بن العاص وما فى صلبه(137).

6- والوليد بن عقبه بن معيط: كان والده من اشد اعداء
الرسول
وقد قتله رسول اللّه فى بدر صبرا، وورث الوليد
عداوه رسول
اللّه وآله من ابيه، وهو طليق وقد لمع نجمه فى خلافه
عثمان
حيث ولاه الكوفه، وهو فاسق بنص القرآن.

7- عبداللّه بن ابى سرح: وهو الذى افترى على اللّه
الكذب، واباح
الرسول دمه حتى ولو تعلق باستار الكعبه، وهو من
الطلقاء وقد
اصطفاه عثمان وولاه ولايه مصر.

8- عبداللّه بن عامر الاموى: وكان من المشهورين
بعداوتهم
للنبى ولانه ابن خاله عثمان ولاه البصره وعينه
اميرا على
فتوحات الشرق.

9- خالد بن الوليد: والده الوليد بن المغيره احد
المستهزئين
والمشهورين بعداوتهم للنبى وآله، وقد قتل الامام
على الوليد
فى معركه بدر، وورث خالد كراهيه رسول اللّه وآله من
ابيه،
ومن الطبيعى ان تمتلى ء نفس خالد بالحقد على محمد
وآله
لانهم قتله ابيه وسادات بنى المغيره وبنى مخزوم
ابناء
عمومته، وقد قلب موازين معركه احد لصالح المشركين،
ولما
ايقن ان البطون ستهزم لا محاله دخل فى الاسلام بعد
صلح
الحديبيه، واحتفظ بمشاعره نحو آل محمد، فكره
ولايتهم،
وتحالف مع ابى بكر وعمر، وهو احد قاده السريه التى
كلفت
باحراق بيت فاطمه بنت محمد على من فيه، وعندما قاد
معاويه جبهه العصيان ضد الامام على انظم اولاد
خالد،
وسادات بنى المغيره وبنى مخزوم الى معاويه، وهذا
امر
طبيعى، فكلهم موتور وثائر، والنطق بالشهادتين لا
يلغى
مشاعر ابناء البطون الذين فطروا على المطالبه
بالثار وملاحقه
من يعتبرونه قاتلا وذريته وعشيرته.

10- عمرو بن العاص: كان ابوه شانئا لرسول اللّه،
فابوه هو القائل
ان محمدا ابتر، وامه ليلى اشهر بغايا مكه وارخصهم
اجره،
وتبنى عمرو بن العاص مواقف ابيه، ولانه طموح وذكى
صار
احد اركان جبهه الشرك، فكان احد مبعوثى البطون الى
النجاشى لرد المهاجرين المسلمين واختياره لهذه
المهمه
دليل على عمق ولائه لقضيه البطون.

قال الحسن بن على
بن
ابى طالب لعمرو بن العاص بحضور معاويه (لقد قاتلت يا
عمرو
رسول اللّه فى جميع المشاهد، وهجوته وكدته كيدك
كله،
وكنت من اشد الناس له تكذيبا وعداوه... ثم انك تعلم
وكل
هولاء الرهط يعلمون انك هجوت رسول اللّه بسبعين
بيتا من
الشعر فقال رسول اللّه: (اللهم انى لا اقول الشعر
ولا ينبغى لى،
اللهم العنه بكل حرف الف لعنه، فعليك اذا من اللّه
ما لا يحصى
من اللعن..)(138)، وقد اسلم عمرو بن العاص
بعد صلح
الحديبيه ووقف بعد موت رسول اللّه ضد على واهل بيت
النبوه
حتى ادركته المنيه.

استسلام زعامه بطون قريش وقبولها بامامه محمد(ص)
المطلب الوحيد
كانت زعامه بطون قريش وعامتها على علم تام بمطلب
محمد
منها، لترفض بطون قريش نبوته ورسالته ولتمتنع عن
الدخول
فى دينه، فهذا شان البطون، وهم احرار، وكلما يطلبه
ان تخلى
البطون بينه وبين الناس، فتقف على الحياد، وتوقف
اعلامها
الكاذب ضده، وتتوقف عن استعمال نفوذها الادبى عند
العرب
لتصدهم عنه.

وهذا كل ما يطلبه محمد خاصه البطون
وعامتها.

ولم يتغير هذا المطلب عندما نجح بالهجره وباقامه
الكيان
السياسى الاسلامى فى يثرب، وقد عبر عتبه بن ربيعه
عن ذلك
بقوله (خلوا بين محمد وسائر العرب فان اصابوه فذلك
الذى
اردتم وان كان غير ذلك الفاكم)(139) وقال الواقدى فى
مغاربه: ان عتبه قد قال لقومه: (ان يك محمد كاذبا
يكفيكموه
ذوبان العرب، وان يك ملكا اكلتم فى ملك ابن
اخيكم)(140)،
وقد سمع الرسول ما قاله عتبه فاستحسنه
واقره.

فرض الحياد على البطون
التجاره عماد الحياه وعصبها فى مكه، وزعماء البطون
تجار
بالدرجه الاولى ومن التجاره جاءت ثروتهم، وبالثروه
نشا
كيانهم وقام نفوذهم وتجاره مكه تعتمد على رحلتى
الشتاء الى
اليمن، والصيف الى بلاد الشام، ويثرب هى الطريق
الوحيد
لتجاره البطون الى بلاد الشام، وهذا يعنى ان طريق
مكه
التجارى الوحيد الى بلاد الشام قد اصبح تحت سيطره
محمد
تماما، ومحمد من حيث المبدا لا يعترض على المرور من
بلاده، ولكنه يطالب بان تخلى زعامه البطون بينه
وبين العرب،
وان تقف على الحياد، فان فعلت ذلك كان بامكان
قوافلها ان
تمر وقت ما تشاء بسلام وامان، وان ابت بطون قريش ذلك
فمعنى انها عدوه له، ومحمد لن يسمح لعدوه باستعمال
مرافق
دولته، ومع هذا فان كان لدى زعامه بطون قريش ما
تقوله،
فقلب محمد مفتوح، وآذانه مفتوحه، وهو على استعداد
لاى
حوار او مفاوضات باى زمان ومكان، فهو معنى بتجنب
العنف،
وسفك الدماء، وتطبيع العلاقات بينه وبين زعامه
البطون.

ومطلب محمد شرعى ومنطقى وكذلك اجراوه وفق احدث
النظم الدوليه.

بطون قريش ترفض المطلب والتفاوض
اعلنت زعامه بطون قريش رفضها مجددا لمطلب محمد،
واعلنت انها ماضيه بعداوتها له، وهى ترفض الاعتراف
بوجوده،
ولن تتفاوض معه، والاهم من ذلك انها اعلنت بانها
ستمر
بالقوه دون رضا محمد، وان اعترضها ثانيه، فانها
ستقرنه
واتباعه بالحباله، وتجعلهم عبره للاخرين!! عندئذ
اعلن محمد
ان الطريق التجارى الى بلاد الشام قد اصبح تحت
سيطرته وانه
لن يسمح لتجاره البطون ان تمر الا بعد ان تستجيب
زعامتها
لمطلبه، او تدخل فى مفاوضات معه.

المواجهه المحتومه
بعد اعلان الموقفين، صارت المواجهه محتومه، لقد
اختارت
زعامه البطون الصدام والعنف والاعتباط، ورفضت
المفاوضه
والتفاهم، والمنطق.

ولم تعط نفسها فرصه للتراجع بل
جهزت
جيشا بقياده ابى جهل وقررت ان تغزو محمدا وتقرنه
واصحابه
بالحبال كما اعلن ذلك قائد جيش البطون، وزحف جيشها
بالفعل وسار قرابه 300 ميل، وفى بدر كان محمد واصحابه
بالانتظار، وبدات زعامه البطون بالعدوان، واضطر
النبى محمد
لمواجهه هذا العدوان والدفاع عن نفسه، وانجلت
معركه بدر
عن مقتل قائد جيش البطون وصناديدها واسر 70 رجل منها
وهزمت البطون هزيمه ساحقه، وفجعت بصناديدها، كانت
قبل
المعركه تكره محمدا وآله وتحسدهم، وبعد ان فجعت
بصناديدها صارت تحقد على محمد وآله ايضا.

بعد عوده البطون اجتمعت فى دار الندوه وعينت ابا
سفيان
قائدا لجيشها، وخصصت حموله العير لتجهيز الجيش
واستاجرت الاحابيش فجمعت 3000 مقاتل وزحفت للانتقام
من محمد وآله واصحابه فالتقت به فى احد، وتمكنت من
هزيمه المسلمين الذين خالفوا امر نبيهم وعصوه،
وتصورت
البطون ان محمدا قد انتهى بالفعل، وان كيان يثرب فى
طريقه
الى التفكك والانهيار!

فتحالفت مع اليهود وجمع الحليفان قرابه 11000 مقاتل
وسارت الاحزاب الى يثرب لاسقاط امامه محمد،
والقضاء على
كيان يثرب، وفوجئت الاحزاب بالخندق، وفشلت كل
محاولاتها
لاجتيازه، وبالمبارزه قتل على بن ابى طالب اقوى رجل
فى
تحالف الاحزاب، وعصفت الريح، وارسل اللّه جنود غير
مرئيه
وانسحبت الاحزاب تبحر اذيال الخيبه والفشل، وخرج
محمد
من وقعه الاحزاب اكثر قوه، وكيانه اكثر تماسكا.

عندئذ ادركت زعامه البطون بان القضاء على محمد امر
مستحيل لقد واجه تجمعات اليهود وهزمهم تجمعا بعد
تجمع،
وبسط سلطانه على الجزء الشمالى من جزيره العرب، وان
بطون قريش لن تجمع اكثر من تجمع الاحزاب، ومع هذا
فشل
هذا التجمع وان بطون قريش لن تقوى على احتمال حاله
التعبئه العامه ومع احكام محمد لسيطرته على طريق
تجاره
البطون الى بلاد الشام.

فمن المشكوك فيه ان تتمكن
حتى من
الصمود، لقد حارت فى امرها، فلم يعد امامها من خيار
غير
المفاوضه مع محمد!! ولكن الموت احب لزعامتها من ان
ترسل
لمحمد وتطلب مفاوضته!! ان كبرياءها يانف ذلك!! وهى
حائره
ماذا تفعل!!

فى هذا المناخ النفسى الذى تعيشه زعامه البطون، قرر
محمد
رسول اللّه ان يتوجه لاداء العمره، فزياره بيت
اللّه الحرام حق
لكل انسان ولا تملك زعامه البطون ان تحول بين اى
انسان
وحقه بزياره بيت اللّه الحرام، وبيت اللّه الحرام
يقع فى مكه
عاصمه زعامه البطون، وقد تكون العمره مناسبه
معقوله لانقاذ
البطون من حيرتها ودفعها للتفاوض، فاذا تفاوضت
البطون مع
محمد وعقدت معه معاهده ما فستزول نهائيا حاله الحرب
البارده بين القبائل المتردده وبين محمد، وتفتح
قنوات
المفاوضات والعقل والمنطق التى اغلقتها البطون،
وبالمفاوضات والعقل والمنطق يخلق امام الناس مناخ
حريه
الاختيار وبالفعل امر النبى اصحابه بالمسيره الى
مكه لاداء
العمره، وسار النبى ومعه اصحابه حتى وصلوا الى
منطقه
الحديبيه وسمعت زعامه البطون فجن جنونها، وصممت ان
تحول بين محمد واصحابه وبين اداء العمره، واحاط
النبى
زعامه البطون علما وبكل الوسائل انه ما جاء الا
لاداء العمره،
يودى العمره ويذبح الهدى وينصرف.

وجرت مفاوضات لاول
مره، اسفرت عن معاهده بين محمد ومن والاه وبين
زعامه
بطون قريش من شروطها:

/ 14