الفصل الثالث: القبول بامامه محمد ونشوء ظاهره النفاق فى مكه - وجیز فی الامامة و الولایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجیز فی الامامة و الولایة - نسخه متنی

احمد حسین یعقوب اردنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

1- وضع الحرب عشر سنين يامن فيها الناس
ويكف بعضهم عن
بعض.

2- من احب ان يدخل فى عقد محمد وعهده فعل ومن
احب ان يدخل فى عقد قريش وعهدها فعل.

3- ان يرجع محمد
هذا العام على ان يدخل مكه العام القابل، ووقعت
المعاهده
واخذ رسول اللّه نسخه منها، واخذت زعامه البطون
نسخه
اخرى، وبعد تبادل نسخ المعاهده دخلت خزاعه فى عهد
النبى،
ودخل بنو بكر فى عهد قريش.

لقد اعط ى صلح الحديبيه محمدا كل ما يريده، (من احب
ان
يدخل فى عهد محمد وعقده فعل) ومعناه ان قريش تترك
الحريه لاى مجموعه بشريه لتدخل فى عهد محمد وعقده،
وهذا بحد ذاته انقلاب، لان اعلام البطون كان يصور
محمدا
وكانه ابن عاق من ابنائها خرج عليها.

وجاء اعتراف
البطون بحق
محمد باستقطاب العرب حوله ليقلب كل المفاهيم،
وليلغى
دفعه واحده اثار اعلام البطون، وليخلق مناخا جديدا
للدعوه
والاقناع، فدين محمد قائم على السلام والكلمه
الطيبه
والاقناع واحترام العقل وتقديس الحوار الجدى
الباحث عن
الحقيقه المجرده، فاذا وجدت الحريه، ورفع الجرح،
وسمع
الناس حجه محمد، وقارنوها مع حجه البطون فسيدخلون
بالضروره فى عهد محمد وعقده، وبوقت يطول او يقصر
ستجد
بطون قريش نفسها معزوله، فليس لديها ما تقدمه،
ولذلك
اعتبر هذا الاتفاق فتحا مبينا، وهزيمه ساحقه
للبطون ونصرا
موزرا لدبلوماسيه الرسول التى حصرت ثمار المواجهه
المسلحه
مع البطون افضل حصاد، وباقرب الطرق.

ومن المفجع حقا ان بعض مراكز القوى عند المسلمين
عارضت هذه الاتفاقيه بشده، واخذت تزاود على الرسول
فاللّه
تعالى يعتبر الاتفاقيه فتحا مبينا، ورسول اللّه
راض عنها
ومغتبط بها، وعمر بن الخطاب يعتبرها دنيه!! وحاول ان
يجد
اعوانا له ليلغى الاتفاقيه(141).

لم يمض وقت طويل حتى نقضت بطون قريش عقدها وعهدها
مع النبى، واعتدت على خزاعه حليفه النبى وقتلت منها
23
رجلا بطريقه غادره، عندئذ جهز النبى حمله كبرى
قوامها
عشره آلاف مقاتل وزحف سرا لاحتلال مكه، وانهاء وجود
زعامه
الشرك وعقيده الشرك، وبالفعل دخل مكه سلما واستسلم
قاده
البطون، وترك لهم الحريه، وعفى عنهم، وباستسلام
قاده
البطون هزم الشرك، فلم يعد بوسع احد ان يعلن عن شركه
او
يجاهر بمعارضته لعقيده التوحيد، فاذا اسلم قاده
البطون
واعطوا المقاده لمحمد وهم الد اعدائه فما هى مصلحه
الاخرين بمعارضه محمد!! ومن الذى يقف بوجه محمد الذى
قضى على كافه الحركات اليهوديه بكل قوتها ومكرها،
ودوخ
القبائل العربيه واذهب ريحها مع كثرتها ثم ركع قاده
البطون
بكل فخرها وشرفها، لقد كان فتح مكه اعلانا وبخط
عريض بان
محمدا هو سيد الجزيره وامامها والمالك الحقيقى
لخيراتها،
والمخول بتوزيع الادوار على سكانها، وان دين
الاسلام هو
الدين الرسمى(142).

الفصل الثالث: القبول بامامه محمد ونشوء ظاهره النفاق فى مكه

دخل الجيش الاسلامى مكه سلما، وبدون مقاومه،
واستسلم
زعماء البطون بدون قيد ولا شرط، وعفى النبى عنهم
وقال
لهم كلمته المشهوره (اذهبوا فانتم الطلقاء) لم
يجبرهم على
الدخول فى دينه او القبول بامامته، لكن من الواضح
ان مكه قد
اصبحت فعليا احدى اقاليم الدوله الاسلاميه، وان
زعماء
البطون وابناءها قد صاروا من رعايا الدوله
الاسلاميه، فاعلن
زعماء البطون اسلامهم او تظاهروا بذلك، وتبعهم
ابناء البطون
ومواليها واحابيشها، وقبل سكان مكه بامامه محمد،
ونشات
ظاهره النفاق فى مكه سريعا، فبعد اقل من اسبوع واحد
خرجت
بطون قريش كلها تحت رايه محمد لتقاتل حلفائها
بالامس
(اهل الطائف)!! انه امر لا يصدق!! صحيح انهم خرجوا
طمعا
بالمغانم، ولا يهمهم من ينتصر محمد او غيره، وهم
على
استعداد لياكلوا المغلوب وينهبوهم حتى ولو كان
حليفهم
بالامس، ولكن المشير حقا هو المبالغه بقبول امامه
محمد،
واخفاء مقاصدهم الحقيقيه.

زعامه البطون تبرى ء النبى محمدا وتضع تصورا جديدا
لمواجهته
ادركت بطون قريش ان محمدا قد بنى ملكا عظيما
بالفعل،
وجمع العرب حوله على مبدا النبوه والرساله، ودان
العرب له
بالامامه وهذا ما لم يحدث طوال التاريخ، وبطون قريش
تعلم
علم اليقين ان محمدا منها، وان البطن الهاشمى هو
ناصيه
بطونها، وقد اثبت تاريخ صراع البطون مع محمد ومع
الهاشميين استحاله القضاء عليهم وفق الاساليب
القديمه، وكل
هذا يقضى بضروره تطوير كيد البطون ونظرتها
للمواجهه مع
محمد ومع الهاشميين!! وليس من مصلحه البطون الغاء
مبدا
النبوه والرساله، فهو طريق الملك، وطريق وحده
العرب تحت
قياده قريش، فمحمد من قريش، واهله وعشيرته احق
بميراثه
على حد تعبير صاحبيه ابى بكر وعمر فى ما بعد، لذلك
اصرت
البطون مومنها على نبوه محمد ورسالته، وقبلت
بامامته وبراته
من كل الجرائم التى الصقتها به ظلما فلم يعد محمد هو
قاتل
الاحبه فهو لم يقتل بيده، ان حمزه وعلى وبنى هاشم هم
قتله
الاحبه، ولا علاقه للنبى محمد بقتل الاحبه!! الا
يستطيع على
بن ابى طالب ان يكون كابى بكر او كعمر؟ اذ لم يثبت
اطلاقا ان
احدا منها قد قتل مشركا او جرحه!! ولكن على خاصه
والهاشميين عامه ولقوا بدم البطون ووتروها بفلذات
اكبادها،
فليس على البطون من حرج ان اعترفت بنبوه محمد
ورسالته
وقبلت بامامته ورفضت بالوقت نفسه امامه على ابن ابى
طالب
او هاشمى من بعد النبى!! انها قضيه عائليه بين بطون
قريش
اقارب النبى جميعا!! فبعد موت النبى -بعد عمر طويل-
تجتمع بطون قريش ال 23 وتتوحد مره اخرى ضد بنى هاشم
وتضطرهم الى القبول بان تكون النبوه للهاشميين لا
يشاركهم
بها احد من البطون، والخلافه للبطون تتداولها فى ما
بينها لا
يشاركهم فيها اى هاشمى قط!! هذه التصورات كان تطبخ
بالخفاء، وتختمر وتتعمق فى نفوس ابناء البطون
مهاجرهم
وطليقهم، وهى بمثابه ثوره مضاده وقلب وانقلاب
للمفاهيم
الدينيه كلها!! وعلى اساس هذه الحسابات قبلت البطون
بامامه
محمد، واعترفت بنبوته ورسالته على اعتبار انهما
طريق
الملك والسياده على العرب!! وانتهى الصراع رسميا
بين محمد
وآله من جهه وبين زعامه بطون قريش وبنيها من جهه
اخرى.

اساليب محمد رسول اللّه فى مواجهه الكيانات
الكافره
كانت مواجهه النبى مع بطون قريش ومن والاها اكبر
واخطر
المواجهات.

لقد دامت هذه المواجهه 21 عاما تتراوح
بين
الحرب البارده والصدام المسلح وقد عرضنا مفاصل هذه
المواجهه من بدايتها وحتى استسلام البطون متجنبين
السرد
التاريخى، وباستقراء تاريخ هذه المواجهه يتبين ما
ياتى:

1- لم يثبت لدينا وبكل المعايير الموضوعيه ان محمدا
قد بدا
بالعدوان قط فقد كانت زعامه البطون هى البادئه دوما
بالعدوان، وهى البادئه بالمبارزه وهى البادئه
بالهجوم، وكانت
هى التى تفرض حاله الحرب على رسول اللّه، فكانت
كافه
حروب الرسول مع بطون قريش حروبا دفاعيه وعادله.

محكومه
بمبادى ء الرحمه والخلق، ومحاولات الترشيد وضبط
المواجهه،
وتجنب سفك الدماء ما امكن، وغايه ما كان ما يتمناه
ترك
الناس احرارا وخلق مناخ الحريه ليختار الناس الدين
الجديد، او
يثبتوا على دينهم القديم، وفق قواعد الحريه، بعد
اقامه الحجه
عليهم.

2- الحرب الوقائيه: الجزء الاكبر من جزيره العرب
صحارى،
والموارد شحيحه لا تكفى السكان حتى مع السلطه
النافذه
والعداله بالتوزيع مما جعل الكثير من القبائل
تعتمد بسد الكثير
من حاجاتها على الغزو، ولما نجح النبى بتكوين كيانه
السياسى
فى يثرب، وهزم خصومه، وغنم اموالهم، ولان المدينه
واحه
وسط صحراء فقد فكرت بعض القبائل بغزوه لا كراهيه
لمحمد
او لدينه، ولا انتقاما منه ولكن طمعا بالغنيمه، وقد
فكرت
الكثير من القبائل بغزو المدينه وشرعت بالغزو
فعلا، واستعمل
معها الرسول اسلوبا لم تعهده العرب من قبل وهو
الحرب
الوقائيه، فعندما كانت تتوفر لديه المعلومات بان
هذه القبيله او
تلك تستعد لغزوه كان النبى يسارع فيجهز حمله،
ويغزوها قبل
ان تغزوه، وكان يعتمد على عنصر المفاجاه، وبهذا
الاسلوب
ربح المواجهه مع القبائل الطامعه بغزوه، ونزع من
اذهانها نهائيا
فكره التفكير بغزو المدينه، وهذا ما فعله فى غزوه
قرقره الكدر
بجمع ثعلبه ومحارب، ومثل حملته على تجمع بنى سليم،
ومثل غزوه ذات الرفاع على جموع انمار وثعلبه، وغزوه
دومه
الجندل وغزوه المريسيع وحملته على القرطاء من بنى
بكر...

الخ(143).

3- المعتدون: هنالك فئات اعتدت على النبى اما تشهيا
او
كرده فعل فواجههم النبى، ودفعهم ثمن عدوانهم مثل
ذلك
يوم قاد بنفسه حمله لمعاقبه كرز بن جابر الفهرى
الذى انمار
على مسرح المدينه واستاقه، وتعقبه الرسول حتى وادى
بدر
ولم يدركه، ومثل ذلك ابو سفيان الذى حلف ان يثار من
محمد
قبل ان يغتسل فجاء واحرق تبنا وبيوتا فى المدينه
وقتل انصاريا
واجيرا له، فتعقبه النبى فى غزوه السويق ولم يدركه.

ومثل غزوه الغابه التى قادها الرسول للانتقام من
عينيه بن
حصن الذى هاجم ضاحيه الغابه وقتل ابن ابى ذر وما زال
الرسول يلاحقه حتى انتقم منهم، ومثل سريه غالب بن
عبداللّه
التى ارسلها الى مصاب اصحاب بشير بن سعد
فصبحهم(144).

4- الموادعه: وكما عرف النبى المواجهه فقد عرف
الموادعه،
فوات القبائل الواقعه بين مكه والمدينه كما فعل مع
بنى ضمره
اذا اتفق مع سيدهم يحشى بن عمرو الغمرى ان لا يغزوه
ولا
يكثروا عليه جمعا ولا يعينوا عليه عدوا وتعهد
الرسول ان لا
يغزوهم وكما فعل مع كلب بدومه الجندل، ومع حى من
جهينه مما يلى(145).

5- المواجهه مع الخائنين والناكثين لعهده: هنالك
كيانات او
قبائل وجماعات اعطت الرسول العهد والعقد ثم نقضت
عهدها
وغدرت بالرسول فتصدى لهم النبى وعاقبهم كما فعل مع
قبيله لحيان اللذين غدروا باصحابه، وكما فعل مع
الذين
اعترضوا زيد بن حارثه اثناء سفره الى الشام، ومع
النفر الذين
قدموا المدينه واسلموا ثم قتلوا مسلما وفروا، ومثل
سريه موته
التى ارسلها لمعاقبه قتله الحارث بن عمير وهم من
بنى
غسان(146).

6- المواجهه مع يهود خيبر: لقد تحالفت قبائل اليهود
الموجوده فى يثرب مع رسول اللّه، ثم غدرت به قبيله
بعد
قبيله، وتامرت عليه وتحالفت مع بطون قريش، فتعامل
معهم
الرسول على هذا الاساس، وبقيت خيبر اعظم واكبر
التجمعات
اليهوديه فى الجزيره، واستعدت خيبر لحرب النبى،
وجندت
عشره آلاف مقاتل يتم استعراضهم يوميا، وبعد صلح
الحديبيه
راى رسول اللّه ان الفرصه مواتيه للتخلص من خطر
خيبر
فزحف اليها وبعد لاى تمكن رسول اللّه من فتحها
واستسلم
اهلها واثناء عودته من خيبر اعترضه يهود ام القرى
وقاتلوه
فهزمهم واستسلموا، ولما علم يهود تيماء بما اصاب
خيبر وام
القرى صالحوا رسول اللّه على الجزيه
(147).

7- وبعد استسلام زعامه البطون جهز رسول اللّه
السرايا والدعاه
ليتعاملوا مع جيوب الشرك القليله المتبقيه، وبيسر
استسلمت
تلك الجيوب واسلمت او تظاهرت بالاسلام.

8- واخذت الوفود تفد على رسول اللّه لتعلن اسلامها
وقبولها
بامامته طوعا.

نصر اللّه والفتح، امام الجميع، ودوله الجميع
لقد جاء نصر اللّه والفتح حقا، ودخل الناس فى دين
اللّه افواجا
بعد ان بسط محمد رسول اللّه سلطانه على ارض
الجزيره، ونقل
سكانها من دين الشرك الى دين التوحيد، ووحد العرب،
وبنى
لهم دوله لاول مره فى التاريخ، فى مده لا تتجاوز
التسع
سنين، وبكلفه بشريه لم تتجاوز 400 قتيل، وصارت
الدوله
الاسلاميه دوله الجميع، وصار محمدا رسول اللّه
امام الجميع
ومرجع الجميع، وانصب جهد النبى على الاعداد لمرحله
ما بعد
النبوه، والتركيز المكشف على الامامه او الخلافه
من بعده،
والتنبيه للافكار والفتن الفاتحه اشرافها تتربص
موت النبى،
لتنقض على الشرعيه فتهدمها، وتبنى على انقاضها،
شرعيه
هزيله ليس لها من الدين الا اسمه ورسمه.

المخاطر التى تهدد بهدم ما بناه محمد رسول اللّه(ص)
صحيح ان رسول اللّه قد بسط سلطانه على الجزيره
العربيه
كامله، وصحيح ايضا انه قد حول العرب من دين الشرك
الى
دين التوحيد، وجمعهم فى ظلال دوله واحده لاول مره
فى
التاريخ، وصحيح ايضا ان سكان الجزيره العربيه هم
رعايا الدوله
التى يراسها محمد الامام، وصحيح ايضا ان كل رعايا
الدوله
الاسلاميه قد قبلوا بالرضا او تظاهروا بقبول امامه
محمد.

ولكن محمدا الذى يرى بعين الوحى وبصيره العصمه،
موقن
بانه قد اوشك على لقاء ربه، مثلما هو موقن بان
الامامه والائمه
الشرعيين من بعده فى خطب ما حق، وتبعا لذلك فان
الاسلام
نفسه فى خطر، فقد يفرغ من مضمونه، ويبقى طريقا
للملك،
وينهدم تبعا لذلك كلما بناه محمد.

منابع الخطر ومصادره
1- المنافقون: لقد ابتلى الاسلام بظاهره النفاق،
والمنافقون
اكثريه، تنطق بالشهادتين، وتعلن بان القرآن كلام
اللّه وتسبح
وتصلى وتصوم وتزكى وتنفق وتتصدق وتعتمر وتحج وتخرج
للجهاد او تعتذر رسول اللّه وتبالغ بالاعتذار
وتقوم ظاهريا بكل
ما هو مطلوب من المسلم بل ومن المومن، فى قراره
نفوسهم
كافرون بكل ما جاء به محمد، ويكرهون محمدا ويكرهون
قيادته
للمجتمع ويحقدونه عليه وعلى اهل بيته وعلى من يحبهم
ويواليهم، ويحب المنافقون الذين عادوا ويعادون
محمدا واهل
بيته، ويتخذونهم وليجه واولياء، ويتربص المنافقون
الفرص
لينقضوا كلمه الاسلام من اصولها.

لقد ترسخت فكره
النفاق،
وصارت مشكله النفاق من اعظم المشكلات التى واجهت
النبى
ومن والاه، حيث عمت هذه الظاهره المدينه وما حولها
(وممن
حولكم من الاعراب منافقون ومن اهل المدينه مردوا
على
النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) «التوبه/101» لقد تحول
المنافقون الى قوه رهيبه، حيث شكلوا الاكثريه
الساحقه من
مجتمع المدينه، ولكن فاعليتهم كانت ملجومه بقياده
النبى
الحكيمه المدعومه بالوصى، وبوجوده المبارك، وكم
حاول
النبى ان يهديهم سواء السبيل، ولكنهم اختاروا
العمى على
الهدايه، وذهبت كل المحاولات ادراج الرياح.

وعندما
فتح النبى
ظهرت ظاهره النفاق فيها على نطاق واسع، ولان
المدينه هى
مركز الدوله ومقر النبى ولان النبى من قريش هرعت
زعامه
البطون التى اسلمت او تظاهرت بالاسلام، واكثريه
ابناء البطون
الى المدينه، فنشات قنوات اتصال بين منافقى
المدينه ومن
حولها من الاعراب وبين منافقى البطون ومن حولهم من
الاعراب.

وما يميز المنافقين عن غيرهم، ان المنافقين يكرهون
ولايه
محمد وآل محمد، ويحقدون على محمد وعلى آل محمد
ويتخذون اعداء محمد وآل محمد اولياء.

وهكذا وعمليا
صار
لمنافقى المدينه وما حولها، ومنافقى البطون ومن
والاهم
هدف مشترك وهو اقصاء آل محمد عن الولايه، واذلالهم
وابعادهم نهائيا عن التاثير على مسيره الاحداث
السياسيه لقد
اقتنع المنافقون، ان محمدا ميت لا محاله، فاخذوا
يعدون
العدد للانقضاض على آل محمد بعد موته، واتخاذ الدين
مطيه
للملك الذى سيوول اليهم والى اوليائهم ورسول اللّه
كان يعلم
ذلك علم اليقين!.

لماذا لم يقتلهم النبى؟
لماذا تركهم حتى يتقدموا كل ما بناه؟
النبى رجل شرعيه يحكم بالعدل، ويهمه بالدرجه
الاولى ان
يتفق حكمه مع الاوامر الالهيه تماما، وقد سال اسيد
بن حضير
رسول اللّه هذين السوالين.

فقال الرسول لاسيد انى
اكره ان
يقول الناس: ان محمدا لما انقضت الحرب بينه وبين
المشركين وضع يده فى قتل اصحابه!! فقال اسيد يا رسول
اللّه
فهولاء ليسوا باصحاب! قال رسول اللّه اليس يظهرون
شهاده ان
لا اله الا اللّه؟ قال اسيد بلى، قال الرسول اليس
يظهرون انى
رسول اللّه قال اسيد بلى ولا شهاده لهم!! قال الرسول
انى قد
نهيت قد قتل اولئك..)(148).

ومع هذا فقد كان اسيد بن
حضير احد قاده السريه التى كلفها عمر بن الخطاب
بحرق بيت
فاطمه بنت محمد على من فيه وفيه على والحسن والحسين
وفاطمه وبنى هاشم(149)!.

قالت ام سلمه لرسول اللّه بعد غزوه حنين (ارايت
هولاء الذين
اسلموك وفروا عنك وخذلوك لا تعف عنهم ان امكنك
اللّه
منهم فاقتلهم كما تقتل هولاء المشركين؟ فقال رسول
اللّه يا ام
سلمه قد كفى اللّه عاقبه اللّه اوسع)
(150).

ان قتل المنافقين غير ممكن من الناحيه العمليه، فهم
اكثريه
المجتمع، وقتلهم سيكون مجزره حقيقيه، ثم ان صلات
القربى
والرحم والمصالح بينهم وبين افراد المجتمع متشابكه
لدرجه
يصعب فكها وفصلها، فعبداللّه بن ابى زعيم
المنافقين بلا
خلاف وابنه احد المومنين الصادقين بلا خلاف، فقتل
المنافقين علاوه على انه غير ممكن عمليا، فقد يخلق
موجه
من الاستنكار والندم والتعاطف قد تجرف الدين كله.

والاهم انه لا سلطان للنبى على بواطنهم، لان
البواطن
اختصاص الهى، فمن نطق بالشهادتين واظهر الاسلام
فقد
عصم دمه ولا يجوز لاحد قتله الا بسبب شرعى ظاهر،
والنبى
ليس وكيلا على الناس، فمهمته البلاغ والبيان،
ويخرج عن
اختصاصه ان يجر الناس بالقوه الى الحق جرا.

والخلاصه ان رسول اللّه كان موقفا بان اعظم خط
يتهدد
الامامه والائمه الشرعيين والاسلام والامه من بعده
كان خط
النفاق لذلك ركز تركيزا خاصا على ظاهره النفاق،
وكشف
المنافقين، وكان له اصحاب سر، يعرفون المنافقين
ليجنب
الامه خطرهم بعد موته.

2- بطون قريش: ومنبع الخطر الثانى ومصدره يكمن فى
بطون قريش لقد تعقدت نفوس اكثريه ابناء بطون قريش
من
نبوه محمد الهاشمى ورسالته وما صاحبها من صراع
استمر 23
عاما اضطرت بطون قريش فى نهايته للاستسلام
والاسلام،
كانت البطون تحسد محمدا وبنى هاشم، وبعد ان قتل
الهاشميون صناديد البطون جمعت البطون مع الحسد
لمحمد
ولاله الحقد عليهم بالاضافه الى ما تتركه حاله
الهزيمه من
الشعور بالمراره والاحباط، ثم وجدت البطون نفسها
مضطره
للاسلام، فاسلمت، او تظاهرت بالاسلام، ولكن هذا
الاسلام، او
التظاهر فيه لم يكن قادرا على انقاذ البطون من
امراض الحسد
والكراهيه والحقد وشعورها بالمراره والاحباط، ان
البطون
مستعده لتبرئه محمد من آثار الصراع، والاعتراف
بنبوته ولكن
يتعذر عليها ان تبرى ء آل محمد اذ الثابت عندها
بانهم قتله
الاحبه، لذلك اظهرت البطون الاسلام والقبول بامامه
محمد
واخفت الحقد على آل محمد، وتربصت الفرص، واخذت تعد
العده للقيام بانقلاب من الداخل يحقق مطامعها:

ا- ان الاعتراف بنبوه محمد ورسالته امر ضرورى، لان
النبوه
والرساله صارتا طريقا للملك، ولزعامه البطون على
العرب،
واولى العرب بميراث محمد هم عشيرته بطون قريش!

ب- التصدى الخفى (لافشال) مخطط محمد الرامى الى حصر
الامامه فى اهل بيت النبوه، بدءا من على بن ابى طالب
واقناع
الناس بان هذا المخطط وضعه محمد حسب رايه الشخصى،
ولا
علاقه لا للّه ولا للدين به، ومحمد بشر يتكلم فى
الغضب
والرضى ولا ينبغى ان يحمل كل كلامه على محمل
الجد(151)!
ج- الفصل التام بين القرآن الكريم وبين محمد، فكلما
قاله
محمد مما يتعلق بالامور العامه، او بشوون السياسه
والخلافه او
حكمه على الاشخاص هو مجرد آراء شخصيه لا قيمه لها
وهى
غير ملزمه للمسلمين، لانها تودى للفرقه والاختلاف،
ولماذا
يحتاج الناس لمحمد بن عبداللّه وعندهم كتاب اللّه
(القرآن
الكريم)!! وقد عممت بطون قريش هذا المبدا سرا،
وعندما
استولت البطون على الخلافه بالغصب والقوه والقهر
صار هذا
المبدا سياسه عامه لدولتهم (انظر الى قول ابى بكر فى
اول
خطبه له (انكم تحدثون عن رسول اللّه احاديثا
تختلفون فيها..

فلا تحدثوا عن رسول اللّه، فمن سالكم عن شى ء
فقولوا بيننا
وبينكم كتاب اللّه!)(152) ولم يكتف ابو بكر بذلك انما
احرق
الاحاديث التى كتبها عن رسول اللّه، ولما آلت
الخلافه لعمر
بعهد من ابى بكر جمع كل الاحاديث التى كتبها الناس
عن
رسول اللّه وقام بتحريقها(153)، وروى الذهبى فى تذكره
الحفاظ ان عمر قد حبس ثلاثه بجرم الاكثار من
التحديث عن
رسول اللّه(ص)(154)، ولما آلت الخلافه لعثمان
بعهد من
عمر كانت اول مشاريعه ان اصدر مرسوما بعدم جواز
روايه اى
حديث للرسول لم يسمع به فى عهدى ابى بكر وعمر
(155)،
فواضح ان سياسيه البطون كانت منصبه على اخفاء
الاحكام
الشرعيه المتعلقه بالامامه لطمس آثار جريمه اغتصاب
الامامه
والخلافه من بعد النبى، لقد كان معاويه اكثر وضوحا،
فقد اعلن
عن براءه الذمه ممن روى شيئا بفضل ابى تراب واهل
بيته(156).

د- القسمه العادله!: كانت بطون قريش تروج لفكره
القسمه
العادله فمحمد قد اعلن بان اللّه قد اختار عليا بن
ابى طالب
للامامه والخلافه من بعد النبى، وان الامامه
محصوره باشخاص
محددين من ذريته وذريه على!! وهكذا يخطط محمد لتكون
النبوه والملك فى بنى هاشم وهذا ليس عدلا ان يجمع
الهاشميون بين النبوه والملك وان تحرم البطون من
الشرقيين
معا، والعدل حسب معايير البطون يتمثل بقسمه جديده
وعادله
ياخذ بموجبها الهاشميون النبوه لا يشاركهم فيها
احد من
البطون، بينما تاخذ البطون الملك تتداوله فى ما
بينها ولا
يشاركهم فيها اى هاشمى قط!! وقد ظهرت هذه الحقيقه فى
ما بعد علنا على لسان عمر بن الخطاب
(157)!

ه- التشكيك بكل ما قاله الرسول حول الامامه
والخلافه من
بعده، وحول رويه الرسول المستقبليه، وبث الشائعات
التى
تخدم غايتهم كقولهم ان الرسول بشر يتكلم فى الغضب
والرضى وقد وثقنا ذلك قبل قليل، وكقولهم ان الرسول
كان
يفقد السيطره على اعصابه فيسب ويشتم ويلعن ولا
يستحق
ذلك، وفقدهم ابطال حكم الرسول على اعداء اللّه
(158).

وكقولهم ان النبى يخيل اليه انه فعل الشى ء وما
فعله)(159)،
وكقولهم ان الرسول كان يسقط من القرآن دون ان
يدرى(160).

ثم واجهوا النبى علنا فى مرضه وقال عمر بن
الخطاب للنبى انت تهجر ولا حاجه لنا بكتابك
(161)،
ووصلوا
الى نتيجه مفادها ان القرآن وحده يكفى ولا حاجه
لرسول اللّه
ولا لحديثه او وصاياه(162)!!.

و- واستكمالا لخطط البطون قررت فتح قنوات الاتصال
مع
الجماعات المعروفه بحقدها على محمد وعلى آل محمد
ومعارضتها لولايتهم:

1- كالمنافقين، بهدف اقامه تحالف معهم، يفرض
وبالقوه عند
اللزوم كافه تصورات البطون، وقد نجحت بطون قريش
نجاحا
ساحقا باتصالاتها مع المنافقين، فقد تحالف معها
المنافقون،
واخلصوا لقيادتها كل الاخلاص، فلم يرو راو قط ان
احدا من
المنافقين قد خذل البطون، او عارض خلفاءها.

لقد كان
المنافقون جندا مجنده للبطون طوال العقود العشره
التى تلت
وفاه النبى، ومن غير المعقول ان يكون موقف
المنافقين هذا
عفويا وبدون اتفاق!

2- وكالمرتزقه من الاعراب، هنالك قبائل عربيه، لا
يهمها من
الدين الا المغانم، وقد كرهت حاله الانضباط والامن
التى
رافقت عصر انتصار النبوه، هولاء المرتزقه ولاوهم
محصور بمن
يدفع، وبمن يعط ى، وقد ادركت زعامه البطون اهميتهم
باعتبارهم كثره تصلح للتكثير وتاييد مطالب البطون
وتصوراتهم، نجحت البطون نجاحا ساحقا بضم المرتزقه
الى
صفوفها، باللحظه المناسبه حضرت المرتزقه واعلنت
وقوفها
الى جانب البطون وساعدت بفرض تصورات البطون، فى
اللحظه الحاسمه قال عمر بن الخطاب (ما هو الا ان
رايت اسلم
فايقنت بالنصر)(163).

وقال الزبير بن بكار فقوى
بهم
ابوبكر(164).

وانت تلاحظ ان هذه القبيله من الاعراب، وانها
جات لتمار قبيل وفاه النبى، وان عمر بن الخطاب كان
فى
سقيفه بنى ساعده مشغول للاستيلاء على منصب
الخلافه،
وبحاجه ماسه لمزيد من المويدين، فلما شاهد جموع
اسلم
(ايقن بالنصر) اى باستيلاء البطون على منصب الامامه
والخلافه من بعد النبى! والسوال الذى يطرح نفسه هو
ما الذى
ادرى عمر بان جموع اسلم ستويد بطون قريش، وستقف ضد
آل محمد واوليائهم؟ هل يعلم الغيب عندما جزم بان
جموع
اسلم معه؟ قد تساعد الفراسه على معرفه ما فى نفس شخص
او
شخصيين لكن الفراسه لا تساعد على معرفه ما فى نفوس
المئات؟ ومن الذى دعى قبائل اسلم حتى تقبل وتويد
بيعه ابى
بكر طالما ان الخواص لا يعرفون عن امر هذه البيعه؟
فالمعقول
الوحيد هو ان بطون قريش قد رتبت مع المرتزقه،
واجلبتهم
لتاييدها، واحضرتهم عندما ايقنت بان النبى ميت لا
محاله!!

ز- اعطاء القاده او قياده خطه البطون لاناس مغمورين
فى
الجاهليه، وبرزوا فى الاسلام لقربهم من النبى، او
بتعبير
معاويه: (لم يكونوا اصلا من معدن الملك) ولكن لهم
اتصال مع
النبى كابى بكر وكعمر وكعثمان وعبد الرحمن بن عوف
فالثلاثه الاول اصهار النبى، ويمكنه الدخول الى
بيت النبى باى
وقت ومعرفه ما يجرى حوله، فضلا عن ذلك فابو بكر هو
والد
عائشه زوجه النبى المشهوره بعدائها وحقدها على
الامام على
وذريته، والمشهوره بتظاهرها على النبى، وحفصه هى
بنت
عمرو مشهوره بصداقتها لعائشه وبتظاهرها معها على
النبى.

على اى حال فقد كان رسول يدرك خطوره وحده البطون،
ويعلم حقيقه تفكير زعامتها وابنائها، وعلى يقين من
خططها
الراميه الى ابعاد الائمه الشرعيين ونيتها الموكده
بالاستيلاء
على منصب الامامه او الخلافه بالقوه والتغلب
والقهر وكثره
الاتباع، وعلى علم بخططها الراميه لاستبعاد آل
محمد،
وتشريدهم، واذلالهم، وتقتيلهم لذلك اعتبر رسول
اللّه
توجهات البطون احد اكبر واشهر منابع الخطر على
الدين
والامامه الشرعيه من بعده.

ح- مواجهه حكم رسول اللّه، والوحى، بالراى، والضغط
لتغليب
الراى الشخصى على الوصى وعلى حكم رسول اللّه!!
واعتبار
حكم رسول اللّه مجرد راى ولا حرج على من يخالفه.

فقبيل وقوع معركه، ولما تاكدت انباء خروج بطون قريش
لمحاربه النبى قال النبى للمسلمين انى رايت كانى فى
حصن
منيعه، وفسرت الحصن المنيعه بالمدينه فعلينا ان
نبقى بها،
ونخصها ونقاتل.

لكن مراكز القوى الخفيه فى المجتمع
المسلم
استخفت المسلمين، فقالت اكثريتهم ان علينا ان
نخرج، حتى
لا يتهمنا العدو بالجبن، وهكذا ضغطوا على الرسول
ووجد
نفسه وحيدا مع قله تويد ما يرى، فاضطر للموافقه على
الخروج
وملاقاه العدو خارج المدينه(165)، وعندما حمى
الوطيس
فرت مراكز القوى الخفيه وهربت من المعركه وتركت
المسلمين الذى اغوتهم يكتوون بنار الهزيمه نفس
القوى التى
كانت تتحدث قبل الخروج عن الجبن والشجاعه وتزاود
على
النبى نفسه!

واستجاب الرسول لضغط الاكثريه واختار موضع
المعركه.

فقد
جعل ظهره جبل احد، واستقبل المدينه، ورتب على الجبل
خمسين من الرماه واخذ منهم موثقا باللّه ان لا
يتركوا الجبل
حتى يامرهم بتركهم، وبعد فتره من نشوب المعركه نسى
الرماه الموثق الذى اخذه رسول اللّه عليهم، وتركوا
الجبل فجاء
العدو وحول نصر المسلمين الى هزيمه!

ففى الحالتين السابقتين، اعتبر المسلمون اوامر
رسول اللّه
مجرد آراء شخصيه للرسول، لا تختلف عن راى غيره من
الناس!

فى الحديبيه كان الوحى مرافقا للنبى، يقوده حسب
التوجيهات
الالهيه خطوه خطوه حتى تم التوقيع على المعاهده مع
بطون
قريش، ولما اخذ رسول اللّه نسخه المعاهده اعتبرها
اللّه سبحانه
وتعالى فتحا مبينا، وامتلا قلب النبى الشريف رضى عن
هذه
المعاهده، فهى ثمره الصراع المسلح، واعظم المكاسب
لانها
حققت كل ما يريده.

بهذا الوقت بالذات نهض عمر بن الخطاب ووصف هذه
المعاهده (بانها دنيه من الدين) واخذ يحرض المسلمين
على
رفض الاتفاقيه، وعدم القبول بها، ويدعو للحرب!!
واخذ يزاود
على رسول اللّه! ومع هذا استخف الكثير من المسلمين!!
مع ان
المسلمين يعلمون ان عمر بن الخطاب لم يجرو على نقل
رساله من رسول اللّه الى بطون قريش مفادها (ان رسول
اللّه لم
يات لقتال احد انما جئنا زوارا للبيت الحرام،
فاعتذر عمر وقال
للرسول انى اخاف قريش على نفسى وليس فيها من بنى عدى
من يمنعنى(166).

وهو نفس عمر الذى اشترك فى
معركه
بدر ولم يثبت انه قد قتل مشركا او جرحه!! وهو نفس عمر
الذى هرب من معركه احد يوم حمى الوطيس!! فذكره رسول
اللّه اذ اقبل عليه فقال له (انسيتم يوم احد اذ
تصعدون ولا
تلوون على احد وانا ادعوكم فى اخراكم)
(167)..
وهو نفس
الرجل الذى لم يك له دور مميز فى اى معركه من معارك
الاسلام التى سبقت صلح الحديبيه!! ومع هذا يزاود على
الرسول ويصف المعاهده التى رضى اللّه عنها ورسوله
(بانها
دنيه من ديننا) واعلن عمر انه لوجد اعوانا ما سمح
بنفاذ هذه
الاتفاقيه(168)، والانكى انه قد استخف نفرا
من المسلمين
فغضبوا لغضبه(169)!! فقال الرسول للناس انحروا
هديكم،
فلم يستجيبوا له، وبالرغم من مخالفه عمر للّه
ولرسوله، ورده
على رسول اللّه الا ان اولياءه اللذين كتبوا
التاريخ يسجلونه
شاهدا على الصلح الذى عارض(170).

لقد برع القوم
باختلاق
دور البطوله واعطائه لعمر بن الخطاب فى كل موقف حتى
وان
خالف اللّه ورسوله او اختلف معه!! فمخالفته للرسول
واختلافه
محمد كان لحكمه رآها عمر وخفيت عن رسول اللّه! ان
هذا لهو
البلاء المبين.

مع ان عمر نفسه يشعر بالخجل والخوف
كلما
تذكر فعلته انظر الى قوله (لقد دخلنى يومئذ الشك،
وراجعت
النبى مراجعه ما راجعته مثلها قط وانى لاذكر ما
صنعت خاليا
فيكون اكبر همى)(171).

لقد صارت معارضه رسول
اللّه
ومخالفته بطوله!! واعتبر التيار العام الاسلامى ان
التصدى
لرسول اللّه مظهر من مظاهر القوه والبطوله.

وارتفعت
اسهم
الذين تصدوا لرسول اللّه، حتى جعلتهم قاده.

ونسوق مثالا آخر: الرسول قال لمن حوله قربوا اكتب
لكم كتابا
لن تضلوا بعده ابدا فيتصدى عمر بن الخطاب للرسول
ويتجاهله ويقول لمن حوله ان الرسول يهجر، ولا حاجه
لنا
بوصيته! لان عندنا القرآن وهو يكفينا! فيردد
الحاضرون خلف
عمر ان رسول اللّه قد هجر، ولا حاجه لنا بوصيته
حسبنا القرآن،
ويتركوا امر الرسول وينفذ قول عمر(172)! ماذا فعل
المسلمون الصادقون الذين اعترضوا على جراه عمر على
رسول
اللّه، لقد جعلهم حزب عمر نسيا منسيا.

هذه الظاهره كانت من اشد منابع الخطر على الامامه
الشرعيه،
وعلى مستقبل الدين ومصير الامه ويجب التصدى لها.

الخطه النبويه لترشيد المخاطر وتجنب شرورها
بعد ان سلمت الجزيره واسلمت، وقبلت بامامه محمد
رسول
اللّه، وبعد ان خير رسول اللّه فاختار ما عند
اللّه، كانت تلك
المخاطر مجتمعه ومنفرده ماثله امام الرسول، تورق
مضجعه،
وتملا قلبه الشريف بالاسى والحزن والالم، ونعنى
بالمخاطر
تلك التى اشرنا اليها قبل قليل وتتمثل (بالمنافقين
وبنفسيه
ابناء بطون قريش وزعامتها، وبالمرتزقه، والخشيه من
اتحادهم
ضد الشرعيه والمشروعيه الالهيه، وتفكك المسلمين
الصادقين وانتفاضهم من حول الائمه الشرعيين من بعد
النبى،
وعجزهم عن مواجهه احابيل وعبث هذا الثلاثى.

لقد
كانت
صوره المستقبل واضحه امام النبى الذى كان ينظر بعين
القدره الالهيه المدعومه بالوحى.

لقد حمل القرآن الكريم حملات شديده الوطاه على
المنافقين
وتزامنت مع حملات القرآن حملات البيان النبوى،
وتيقن
الجميع ان ظاهره النفاق قد انتشرت على نطاق واسع فى
مكه
وما حولها، لقد تم وصف المنافقين وصفا موضوعيا
دقيقا، حتى
ليسهل على المومن ان يعرفهم بلحن القول.

وتاريخ
الصراع مع
زعامه بطون قريش كان ما زال حيا وماثلا بوضوح امام
كل افراد
المجتمع الاسلامى، وكراهيه ابناء البطون وحسدهم
لمحمد
ولال محمد وحقدهم عليهم امر يعرفه كل افراد المجتمع
الاسلامى، فاذا ادعت البطون انها ان مشاعرها قد
تغيرت نحو
رسول اللّه، وانها براته من قتل الاحبه، وانها
تعترف بالفعل
بنبوته على اتبار ان هذه النبوه طريقا للملك ووسيله
للزعامه
الواسعه على العرب فليس ما يمنع من تصديق ادعائها
هذا،
لكن لا احد يصدقها اذا ادعت انها غيرت من مشاعرها
نحو آل
محمد عامه ونحو على بن ابى طالب وذريته خاصه لان على
بن ابى طالب هو قاتل الاحبه المشركين، وهو مطلوب
لزعامه
البطون وذريته مطلوبه ايضا الى يوم الدين!! وقد
اثبتت وقائع
التاريخ الاسلامى ذلك وبكل وسائل الاثبات.

ويقينا
فان شفاء
المنافقين من مرض النفاق، وشفاء زعامه بطون قريش
وابنائها
من امراض كراهيه وحسد آل محمد والحقد عليهم، امر
غير
وارد، لقد حق القول على اكثرهم، ى ى ى ى وسواء
استغفر لهم
الرسول او لم يستغفر لهم، فلن يغفر اللّه لهم، لقد
صاروا ظاهره
طبيعيه فى المجتمع الاسلامى، كطلوع الشمس من
المشرق،
وكفصول السنه الاربعه، وعلى هذا الاساس ينبغى ان
يتعامل
معهم النبى والذين آمنوا.

هم فى حقيقتهم كفره،
وعذابهم اشد
من عذاب الكفره، فهم فى الدرك الاسفل من النار، ومع
هذا
ووفق قواعد العدل الالهى لا سبيل لمحمد رسول اللّه
ولا
للذين آمنوا عليهم ما داموا يظهرون الاسلام
وينطقون
بالشهادتين.

ومع هذا فيجب اخذ الحيطه والحذر واتخاذ التدابير
اللازمه
التى تبطل كيدهم، خاصه وان قنوات الاتصال اصبحت
مفتوحه
بين منافقى المدينه وما حولها، ومنافقى مكه وما
حولها وهم
فى طريقهم الى التحالف لمواجهه عصر ما بعد النبوه،
فهم
يتربصون، وينتظرون موت النبى، يوما بيوم، ولا
يتحالف
المنافقون الا على الشر والفتنه!

لقد عرف رسول اللّه المنافقين فردا فردا، وعرف
زعاماتهم
وعرف بهم صفوه اصحابه، وكان له ابناء سر يعرفونهم،
ولا
خلاف بين احد من امناء المله بان حذيفه كان احد ابرز
امناء سر
رسول اللّه على المنافقين وقد عبر حذيفه عن هذه
الحقائق
بقوله (واللّه ما ادرى انسى اصحابى ام تناسوا،
واللّه ما ترك
رسول اللّه(ص) من قائد فتنه الى ان تنقضى الدنيا بلغ
من معه
ثلاثمائه فصاعدا الا قد سماه لنا باسمه واسم ابيه
واسم
قبيلته)(173)،
وهذا يعنى ان رسول اللّه قد عرف المومنين
برووس النفاق، وقاده الفتن والشقاق ليحذرهم،
فتعريف
الرسول بهم، وتحذيرهم منهم، يفيان بالغرض لو اطيع
الرسول!

المعيار الموضوعى لتمييز المنافق من المومن فى عهد
رسول
اللّه
لقد اسفرت حملتى القرآن الكريم والبيان النبوى على
ظاهره
النفاق عن:

1- كشف الخطوره البالغه لهذه الظاهره، 2- عن اوصاف
ومعايير موضوعه ومجرده لمعرفه المنافقين، حتى
ليسهل
على الخاصه والعامه استعمال هذه المعايير ومعرفه
المنافقين
بموجبها ويلحق القول.

وهذا المعيار ينحصر بالموقف
الفردى
من الولايه والامامه او من القياده.

المنافقون جميعا يكرهون ولايه رسول اللّه وامامته
وقيادته
للامه، ويرون ان محمدا غير موهل للقياده، وغيره احق
بها منه،
ولا يقبلون قياده الرسول وولايته وامامته الا وهم
كارهون.

فمن توفرت فيه الصفات فهو منافق كائنا من كان.

اما المومنون فيتولون رسول اللّه ويقبلون امامته
وقيادته
للمجتمع ويومنون ايمانا راسخا بانه خيره اللّه من
خلقه، وانه
الاعلم والافهم والاتقى والاصلح والافضل وانه اوحد
زمانه
لقياده الامه وتاسيسا عليه فان الذين يتولون رسول
اللّه يقبلون
امامته وقيادته للمجتمع هم حزب اللّه، وهم
المومنون حقا
والذين لا يتولون رسول اللّه ولا يرضون بامامته
وقيادته فهم
حزب الشيطان، وهم الكافرون حقا من حيث الم ال وآيه
الولايه،
وسوره المجادله، وروح الدين وحكم الصفا، شهود على
حجه
هذا المعيار.

المعيار الموضوعى لتمييز المنافق من المومنين فى
عصر ما
بعد النبوه مباشره
الثابت ان رسول وبامر من ربه قد اعلن نبا ولايه على
بن ابى
طالب وامامته وخلافته للنبى بنفس الوقت الذى اعلن
فيه نبا
النبوه والرساله والكتاب، وطوال عهد النبوه الزاهر
المبارك
ورسول اللّه يوكد وبكل وسائل التاكيد انه الولى
والخليفه
والامام من بعده هو على بن ابى طالب، لقد وضح ذلك
اساليب
التوضيح، وابرز تاكيدات النبى وتوضيحاته كانت يوم
غدير خم
عندما رجع الرسول من حجه الوداع، اذ اعلن النبى
امام جمع
من المسلمين يزيد على مائه مسلم ان الامام هو على بن
ابى
طالب، وان ولايه على كولايه النبى، فمن كان النبى
وليه فعلى
وليه، ومن كان النبى مولاه فعلى مولاه، وعندما فهم
الجميع
ان عليا بن ابى طالب هو الولى وهو الامام من بعد
النبى، عندئذ
توجه رسول اللّه بعمامته السوداء، وامره ان يتلقى
البيعه
والتهانى، وطلب من الناس ان يبايعوا عليا باماره
المومنين،
فبايعوه بالفعل وكان من جمله من بايعه باماره
المومنين
وولايتهم ابو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان وطلحه
والزبير
وسعد بن ابى وقاص وعبد الرحمن بن عوف وابو عبيده
عامر
بن الجراح ومعاويه وغيره كما سنرى، وبعد ان تمت
البيعه انزل
اللّه تعالى آيه الاكمال (اليوم اكملت لكم دينكم
واتممت عليكم
نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا) «المائده/3».

والخلاصه ان معيار التفريق بين المومن والمنافق
بعد وفاه
النبى او فى عصر ما بعد النبوه، او خلال حياه على بن
ابى
طالب يكمن فى من والى عليا بن ابى طالب وقبل بامامته
وولايته وقيادته للامه فهو المومن كائنا من كان،
ومن رفض
ولايه على بن ابى طالب وقيادته للامه وامامته فهو
المنافق
كائنا من كان.

تعليل مختصر
لان على هو الامام الشرعى المعين من اللّه ورسوله،
وهو القائم
مقام النبى، فهو علم الهدى، ولايته كولايه النبى،
وامامته
كامامه النبى وطاعته كطاعه النبى كما هو ثابت
بالنصوص
الشرعيه انظر الى قول رسول اللّه مثلا (من كنت مولاه
فهد
على مولاه...)(174)، وقوله(ص) (من كنت مولاه
فهذا
وليه...)(175)،
وانظر الى قول النبى لعلى (انت منى بمنزله
هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى)(176).. وهذا امر
سلمت به الامه كلها بما فيهم المنافقين.

انظر الى
رساله
معاديه لمحمد بن ابى بكر اذ جاء فيهاما يلى وبالحرف:
(وقد كنا
وابوك معنا فى حياه من بينا نرى حق بن ابى طالب
لازما لنا،
وفضله مبرزا علينا... فكان ابوك وفاروقه اول من
ابتزه وخالفه،
وعلى ذلك اتفقا واتسقا...)(177) وانظر الى قول عمر بن
الخطاب (يا ابن عباس واللّه ان صاحبك هذا (يعنى عليا)
لاولى
الناس بالامر بعد رسول اللّه...(178) وقال عمر يوما (بان
الامر
كان لعلى بن ابى طالب فزحزحوه عنه لحداثه سنه
والدماء التى
عليه)(179).

والخلاصه
يبقى القبول بولايه على وامامته الشرعيه وقيادته
للمجتمع او
عدم ذلك هو المقياس الموضوعى لمعرفه المومن من
المنافق، فالمومن قبل بولايه الامام على وقيادته
وامامته،
والمنافق رفضها.

المعيار الموضوعى لتمييز المنافق من المومن فى اى
زمان
بين رسول اللّه بان الائمه من بعده اثنا عشر اماما
وكلهم من
اهل بيت النبوه، فاولهم على بن ابى طالب، وآخرهم
المهدى،
وهم صفوه اللّه من خلقه، وهم عمداء اهل بيت النبوه
الذين
اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهم آل محمد
الذين لا تجوز صلاه اى مسلم قط اذا لم يصل عليهم،
وهم
سفن النجاه، ومصابيح الهدى، وهم احد الثقلين
واعدال
الكتاب وقد سماهم رسول اللّه للامه، فاعتبر نفسه
اماما فقال
(انا وعلى والحسن والحسين وتسعه من ولد الحسين
مطهرون
معصومون)(180).

قال جابر بن عبداللّه الانصارى لما انزل اللّه
(يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه واطيعوا الرسول
واولى الامر
منكم) «النساء/59» قلت يا رسول اللّه عرفنا اللّه
ورسوله فمن هم
اولى الامر الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعته؟ فقال
الرسول: هم
خلفائى يا جابر وائمه المسلمين من بعدى، اولهم على
بن ابى
طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم على بن الحسين... حتى
يكتملوا الاثنى عشر(181).

ولا يخلو من امام
(182).

والخلاصه ان القبول بولايه وامامه وقياده الامام
الشرعى فى
زمانه هو المعيار الموضوعى لتمييز المومن من
المنافق،
ولتمييز اعضاء حزب اللّه من اعضاء حزب الشيطان، ففى
زمن
الحسن من يواليه ويقبل بامامته وولايته وقيادته
فهو المومن
وهو من حزب اللّه ومن يرفض امامته وولايته وقيادته
فهو
المنافق وهو من حزب الشيطان.

وهكذا فى زمن الحسين،
وزمن على بن الحسين.. الخ حتى ينتهوا الاثنى عشر.

الفصل الرابع: العلم اليقينى بالامامه والقياده من بعد النبى (ص)

عندما جلس النبى على فراش الموت كانت الامه كلها على
علم بالبيان النبوى لعصر ما بعد النبوه وحتى قيام الساعه،
وكانت على علم بان عليا بن ابى طالب هو الامام من
بعد النبى،
وان الحسن هو الامام من بعد على، وان الحسين هو
الامام من
بعد الحسن،.. الخ. كان على علم بالدور المميز لاهل
بيت النبوه
فى قياده الامه من بعد النبى، وكانت على علم بعمق
الارتباط
والتصور الشرعى بين اللّه ورسوله والقرآن الكريم
من جهه وبين
ائمه اهل بيت النبوه من جهه اخرى، كان من غير
المتصور
نجاح اى قوه بتقطيع شبكه الترابط او تعكير شاشه هذا
التصور،
فحتى معاويه كان يرى (ان حق على ابن ابى طالب لازما
لنا،
وفضله مبرزا علينا... فكان ابوك وفاروقه اول من
ابتزه
وخالفه...)(183) ووقعه صفين لنصر بن مزاحم
وانظر الى
اعتراف عمر بن الخطاب (ان الامر كان لعلى بن ابى
طالب
فزحزحوه عنه لحداثه سنه والدماء التى عليه)
(184).

النبى يحذر من وقوع الانقلاب
بعد ان ترك رسول اللّه امنه على المحجه البيضاء
وبين لها
رووس النفاق وقاده الفتن والشقاق، وسمى الائمه من
بعده
باسمائهم حذر من وقوع الانقلاب، ومن هلاك الذين
يويدون
الانقلابين، فبين ان مفارقه على هى مفارقه للّه
ولرسوله(185).

وان بغض على هو بغض للّه ولرسوله(186).

وان الذى يسب عليا يسب اللّه ورسوله
(187)،
وان الذى يوذى
عليا يوذى اللّه ورسوله(188).

واعلن الرسول ان الفئه
الباغيه
ستقاتل عليا فمن لم ينصر عليا فليس من الرسول
(189)
وابعد من ذلك ان الرسول قد قال لعلى امام اصحابه (ان
الامه
ستغدر بك بعدى)(190) وقال النبى امام اصحابه:
(انه
سيلقى اهل بيتى من بعدى تطريدا وتشريدا فى
البلاد..)(191).

وقال النبى يوما لاصحابه (ان اهل بيتى سيلقون من
بعدى قتلا
وتشريدا، وان اشد قومنا لنا بغضا بنو اميه، وبنو
المغيره وبنو
مخزوم)(192)،
والاهم من ذلك فقد حذر النبى بان عليا
سيقتل، وان الحسن سيقتل، وان الحسين سيقتل ويقتل
معه
الطيبون من اهل بيته فى كربلاء(193)، ولم يكتف النبى
بهذه التحذيرات انما فصل ذلك تفصيلا، وحدد المكان
الذى
تنطلق منه شراره الانقلاب، فقام خطيبا فى اصحابه،
واشار
نحو مسكن زوجته عائشه بنت ابى بكر، وقال (هاهنا
الفتنه،
هاهنا الفتنه هاهنا الفتنه من حيث يطلع قرن
الشيطان)(194)،
ووضح الرسول الامر لاصحابه فقال لهم
عندما خرج من بيت عائشه (راس الكفر من هاهنا من حيث
يطلع قرن الشيطان)(195)، ومن يستقرى ء وقائع
التاريخ،
والتحذيرات النبويه من وقوع الانقلاب لا يبقى لديه
ادنى شك
من ان الانقلاب قد انطلق من بيت عائشه بالفعل.

فلا
خلاف
بين اثنين من ابناء المله من ان رسول اللّه قد مرض
فى بيت
عائشه، وانه قد ضرب موعدا لكتابه توجيهاته
النهائيه للامه فى
هذا البيت، ليلخص للامه الموقف ومن الموكد والثابت
لدينا ان
عائشه قد عرفت بمضمون هذه التوجيهات قبل كتابتها،
فسارعت واخبرت اباها وعمر بن الخطاب بالموعد
والمضمون
عندئذ جمع عمر بن الخطاب اعدادا كبيره من حزبه وجاء
بهم
الى بيت رسول اللّه ليحولوا بين رسول اللّه وبين
كتابه توجيهاته
النهائيه، وبالفعل نجحت عائشه، ونجح عمر وحزبه
بالحيلوله
بين رسول اللّه وبين كتابه توجيهاته النهائيه
وتلخيصه للموقف،
وصدموا خاطره الشريف وتكلم عمر وحزبه بكلمات نابيه
امام
النبى، ونعتوا النبى بنعوت، تخرج من قالها من دائره
الاسلام
والايمان كما سنرى.

الامام الاعظم يستعد للموت
ادى رسول اللّه الامانه، وبلغ الرساله كامله غير
منقوصه، وبين
القرآن ونصب الامام من بعده فى غدير خم، وبايعه
المسلمون
بالامامه والولايه واماره المومنين، وبين اسماء
الائمه الشرعيين
الذين اختارهم اللّه لقياده الامه عبر التاريخ،
وحذر من وقوع
الانقلاب على الشرعيه، وفى هذا السياق، سمى
للمومنين
رووس النفاق وعرفهم بقاده الفتن والشقاق، ثم اعلن
انه قد
خير فاختار ما عند اللّه، وانه سيمرض، وسيموت من
مرضه،
وليسهل سير الامور وانتقالها من بعده انتقالا
سلميا جهز جيشا
وعبا فى هذا الجيش رووس النفاق، وقاده الفتن،
واصحاب
الخطر، وعين الفتى اسامه بن زيد قائدا لهذا الجيش
واعلن
رسول اللّه لعنه ولعنه رسوله على كل من تخلف عن هذا
الجيش، وكان فى مقدمه الذين عباهم رسول اللّه فى
هذا
الجيش ابو بكر وعمر وابو عبيده وعثمان، وطلب من
الجيش
ان يتحرك على الفور وبدون ابطاء، ويبدو ان من مقاصد
الرسول اتاحه الفرصه امام خليفته والولى من بعده
لنقل منصب
الامامه والولايه بيسر وبدون تشويش.

/ 14