الفصل الثانى: الخطوط العريضه لعقيده عمر واركان حزبه - وجیز فی الامامة و الولایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجیز فی الامامة و الولایة - نسخه متنی

احمد حسین یعقوب اردنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

لان عمر عرف مضمون التوجيهات النهائيه،
كما اعترف فى ما
بعد حيث قال: انه صد رسول اللّه عن كتابه الكتاب
الذى اراد
حتى لا يجعل الامر لعلى بن ابى طالب
(355)
فالجامع
المشترك بين عمر وحزبه كان كراهيتهم لولايه على بن
ابى
طالب خاصه، ولاى دور مميز لاهل بيت النبوه عامه.

خروج النبى من دائره التاثير على مسرح الاحداث
عندما نجح عمر وحزبه بالحيلوله بين الرسول وبين
كتابه ما
اراد وهتفوا بغوغائيه: بان الرسول يهجر، واشاعوا
ذلك بين
الناس اخرجوا الرسول عمليا عن التاثير على مسرح
وسير
الاحداث، وحرموا الامه الاسلاميه من تلخيص النبى
للموقف،
ومن وثيقه سياسيه لا مثيل لها فى التاريخ، وصدموا
خاطر
النبى الشريف، وبمعصيتهم لرسول اللّه خلعوا ولايته
من
اعناقهم، وبمعصيتهم لرسول اللّه وخلعهم لولايته،
عصوا اللّه
وخلعوا ولايته عمليا، لان طاعه الرسول طاعه للّه،
ومعصيه
الرسول مع سبق الاصرار معصيه للّه.

وكان اهل بيت النبوه غارقين فى اساهم، ومنشغلين فى
مصابهم، وانطفات النجوم، واطاعت الدنيا وصعدت روح
النبى
الى بارئها.

وخرج النبى عمليا من التاثير على سير
الاحداث
فحسب راى عمر وحزبه القرآن وحده يكفى الناس ولا
حاجه
لقول النبى ولا لكتابته!

بهذا المناخ الاليم تحرك عمر بن الخطاب وحزبه
وقادوا زمام
المبادره، وقاموا بدور الموسسين لعصر ما بعد
النبوه(356)!
جريمه مع سبق الاصرار
كان عمر بن الخطاب بالذات وحزبه يعلمون علم اليقين
ان
الخليفه والامام والقائد والوصى والولى من بعد
النبى هو على
بن ابى طالب، وان نسوا النصوص او تناسوها فلن ينسى
عمر انه
قد قدم التهانى للامام على فى غدير خم وقال جادا او
ساخرا:

(بخ بخ لك يا ابن ابى طالب، اصبحت وامسيت مولاى
ومولى
كل مومن ومومنه).

وكيف ينسى خطبه الرسول فى غدير خم وربطه المحكم بين
الولايه للرسول والولايه لعلى، والطاعه للرسول
والطاعه لعلى
وربط الولايتين والطاعتين بالولايه للّه والطاعه
للّه!! وكيف
ينسى عمر ربط رسول اللّه المحكم بين اهل بيت النبوه
وبين
القرآن، واعتبارهما ثقليين لشى ء واحد وهو الدين،
وكيف ينسى
تاكيدات الرسول بان الامه لن تهتدى الا بالاثنين
معا، ولن
تتجنب الضلاله الا بالاثنين معا.

ان عمر وحزبه لم ينسوا ذلك وقد اعترف عمر فى ما بعد
بانه لم
ينس فقال يوما: وهو يجلس على كرسى الخلافه (... اما
واللّه يا
بنى عبد المطلب لقد كان على بن ابى طالب فيكم اولى
بهذا
الامر منى ومن ابى بكر...)(357).

وقال يوما لابن عباس: (واللّه ان صاحبك هذا لاولى
الناس
بالامر بعد رسول اللّه ولكننا خفنا...)
(358)
وصرح يوما قائلا
(وما اظن صاحبك الا مظلوما)(359).

ثم اعلن عمر وبصراحه تامه قائلا: (ان الامر كان لعلى
بن ابى
طالب فزحزحوه عنه لحداثه سنه والدماء التى كانت
عليه)(360)
فهذا اقرار صريح وكامل بان عمر بن الخطاب
كان يعلم علم اليقين بان الامر شرعيا لعلى بن ابى
طالب، وقد
تمت زحزحه الامر عنه لحداثه سنه، ولانه قد قتل
صناديد
قريش على الكفر!

وهكذا اجتهد عمر بن الخطاب واركان حزبه، وخالفوا
اللّه
ورسوله وعصوا رسول اللّه مع سبق الاصرار، مع علمهم
بان
الرسول لا ينطق عن الهوى -على الاقل- فى امور على هذه
الدرجه من الخطوره والاهميه!! وكيف ينسون وكتاب
اللّه
ينطق (ان اتبع الا ما يوحى الى) «الانعامر50»!! الم
يقل عمر
واركان حزبه: (حسبنا كتاب اللّه) بنفس المكان
والجلسه التى
خالفوا فيها رسول اللّه وكسروا بخاطره الشريف
وقالوا له انت
تهجر؟!

الفصل الثانى: الخطوط العريضه لعقيده عمر واركان حزبه

الذين واجهوا النبى نفسه فى بيته، وقالوا له: انت
تهجر، وحالوا
بينه وبين كتابه ما اراد لهم هم باكثريتهم من بطون
قريش
ال 23 نفس البطون التى قاومت النبوه الهاشميه طوال
15 سنه
فى مكه، واجبرت الرسول على الهجره، وهى نفس البطون
التى اشتركت فى موامره قتل النبى ليله هجرته، وشرعت
فعلا
بجريمتها، وهى نفس البطون التى جيشت الجيوش،
وحاربت
رسول اللّه طوال ثمانى سنين، واجلبت عليه العرب
واحابيشها
ومواليها، لا لشى ء الا لان النبى من بنى هاشم، وهى
تحسد ان
يكون النبى من بنى هاشم ولا يكون منها، وهى نفس
البطون
التى لم تترك فنا من فنون المقاومه ولا طريقه من طرق
الحرب الا استعملتها طمعا بالغاء النبوه الهاشميه.

ولما هزمت
هذه البطون عسكريا واقتصاديا، وسياسيا، وفوجئت
بجيوش
النبى استسلمت، واسلمت او تظاهرت بالاسلام واخفت
شعورها
بالاحباط والهزيمه، وحقدها الدفين على محمد وحمزه
وعلى
بن ابى طالب خاصه، وعلى الهاشميين عامه الذين قتلوا
صناديد ابنائها خلال المعارك التى جرت بين محمد
والبطون،
والتقى ابناء بطون قريش ال 23 تحت مظله الدين
المهاجر
منهم والطليق وشاهدوا بام اعينهم ان البلاد كلها قد
دانت
لمحمد، وان العباد كلهم قد خصصوا له، ودانوا بدينه
او تظاهروا
بذلك، فلم يعد بوسع احد ان يجاهر بعداوته لمحمد او
لدينه،
وكان اللقاء فرصه بطون قريش ال 23 الذهبيه
ليتذاكروا فى ما
بينهم وليستعرضوا 21 عاما من الصراع الدامى بين محمد
والبطون، وقد فهمت بطون قريش ال 23 ان محمدا يوطد
الامر
من بعده لابن عمه، وزوج ابنته، وفارسه القوى على بن
ابى
طالب، نفس الرجل الذى قتل الاكثريه الساحقه من
ابناء بطون
قريش! وابعد من ذلك فان محمدا يوطد ويهيى ء الامه
لقبول
قياده 12 اماما من ذريته ومن صلب على يقودوا الامه
بالفتره
الواقعه بين وفاه النبى وقيام الساعه، والانكى
بنظر بطون
قريش -المهاجر منها والطليق- الا من عصم اللّه، هو
قول النبى
وتاكيداته المتواليه (بان اهل بيت النبوه ثقل،
والقرآن ثقل آخر،
وان الثقلين متكاملان وان الامه من بعده لن تدرك
الهدى الا
بالتمسك بهذين الثقلين، ولن تتجنب الضلاله الا
بالتمسك
بهما معا)، والاعجب من ذلك براى ابناء البطون هو قول
محمد
وتاكيداته بان هذه الترتيبات المتعلقه بالقياده من
بعده هى
اوامر اللّه، وانه يلقى القول مقدره للناس واتباعا
لما يوحى اليه!

وهذا يعنى براى عمر بن الخطاب واركان حزبه بان
محمدا من
ابناء البطون بان محمدا قد الغى بصوره نهائيه
الصيغه السياسيه
الجاهليه التى كانت تحكم العلاقه بين بطون قريش قبل
الاسلام، تلك الصفه القائمه على اقتسام مناصب
الشرف بين
البطون، ويعنى ايضا بان الهاشميين قد اخذوا النبوه
واختصوا
بها وحدهم، وهم بصدد اخذ الملك او الخلافه لتكون
لهم
وحده، ويعنى ايضا بان محمدا ورهطه حازوا الشرف كله
وحرموا البطون منه اطلاقا!

وحسب قناعه عمر بن الخطاب واركان حزبه من ابناء
بطون
قريش، فان هذا غير معقول! وان اللّه تعالى اعظم
واعدل من ان
يعط ى الهاشميين النبوه والخلافه، ويحرم بقيه
البطون
القريشيه من هذين الشرفين معا! لذلك فان عمر بن
الخطاب
واركان حزبه يجزمون بانه لا علاقه للّه تعالى بهذه
الترتيبات
وانها والعياذ باللّه من آراء محمد الشخصيه.

ولكن لا عمر ولا اركان حزبه يجروون على التصريح
بهذه
القناعه، لان البطون مهزومه نفسيا، وموقنه بان
محمدا فى
عنفوان مجده، وانه لن يهزم، ولانها تكره ان تكرر
تجاربها
الفاشله السابقه فى مواجهاتها لمحمد، لقد نالها من
الهزائم ما
كفاها، ثم انه ليس من الحكمه استعجال حركه الاحداث،
فمحمد حيث لا محاله وبطون قريش ال 23 متحده ضد
مشروع محمد باستخلاف على ابن ابى طالب واثنى عشر من
ذريته وضد مشروعه الرامى لربط القرآن مع اهل بيت
النبوه
واعتبار الاثنين كلا واحدا.

لذلك اخفى عمر واركان حزبه من ابناء بطون قريش
مشاعرهم
وافكارهم هذه، واكتفوا ببث الدعايات والاراجيف ضد
الترتيبات
الالهيه التى اعلنها النبى والمتعلقه بالامامه او
القياده من
بعده، وبنفس الوقت اخذوا يشككون بانها ليست من عنده
اللّه،
وانها ليست اكثر من امنيات او آراء شخصيه لمحمد!!
واخذوا
يشيعون بين الناس، بان الدين قد تم، وان نزول
القرآن قد
اكتمل، وان وجود الرسول قد صار ثانويا، وان القرآن
وحده
يكفى، ولا حاجه لقول الرسول ولا لتوجيهاته خاصه فى
الامور
السياسيه.

من اراجيف البطون ودعاياتها الفاسده ضد النبى
1- ان الرسول بشر، يتكلم فى الغضب والرضى! ولا ينبغى
ان
يحمل كل كلامه على محمل الجد!(361).

ومن الموكد ان ابا
بكر وعمر واركان حزبهما وراء هذه الشائعه لان اول
مشاريعها
بعد الاستيلاء على السلطه ان منعا روايه احاديث
الرسول فقد
خطب ابو بكر (لا تحدثوا عن رسول اللّه شيئا فمن
سالكم فقولوا
حسبنا كتاب اللّه(362).. وقد بدا ابو بكر بنفسه حيث
احرق
الاحاديث التى كتبها عن رسول اللّه بخط يده كما روت
السيده
عائشه ام المومنين، وعندما آلت الخلافه لعمر ناشد
الناس ان
ياتوه باحاديث رسول اللّه التى كتبوها، وظن الناس
انه يريد ان
يجمعها فى كتاب فلما جاءوه بها امر بحرقها وحرقت
بالفعل(363)،
وحبس عمر ثلاثه بتهمه انهم اكثروا الحديث
عن رسول اللّه(364)، ولقد نهى عمر جيوشه عن
التحديث
عن رسول اللّه(365)، واستغرب من الصحابه ان
يفشوا
احاديث الرسول لذلك جمعهم من الامصار وفرض عليهم
الاقامه عنده(366)، وجاء عثمان فاصدر مرسوما
بعدم جواز
روايه اى حديث لم يسمع به فى زمن ابى بكر وعمر.

والغايه من
هذه الاراجيف ابطال مفاعيل النصوص النبويه
المتعلقه بولايه
على من بعد النبى، وبالدور المميز لاهل بيت النبوه
حتى
يتناساها الناس، وقد صرح معاويه فى ما بعد بذلك حيث
اصدر
مرسوما ملكيا جاء فيه (ان برئت الذمه ممن روى شيئا
من فضل
ابى تراب واهل بيته)(367).

2- وكدعياتهم ان الرسول كان يفقد السيطره على اعصابه
فيشتم ويسب ويلعن ويودى من لا يستحق
(368)..
وقد
اخترعوا هذه الشائعه لتبرئه ساحه من لعنهم رسول
اللّه
كمعاويه وابى سفيان والحكم بن العاص ومروان ابنه
وغيرهم.

3- وكدعايتهم ان النبى كان يخيل اليه انه يفعل
الشى ء وما
فعل)(369)،
وهذا قمه التشكيك فى كل ما صدر عن الرسول.

4- واخيرا واجه عمر بن الخطاب واركان حزبه رسول
اللّه فقالوا
له وجها لوجه: انت تهجر.. ولا حاجه لنا بكتابك لان
القرآن
يكفينا(370).

عقيدتهم فى النبوه
لما بسط النبى سلطانه على العرب، ودانت له البلاد
والعباد،
واستساغت زعامه بطون قريش واسلمت، او تظاهرت
بالاسلام،
لم يعد سوال ان محمدا نبى او غير نبى مطروحا، لقد
صارت
النبوه طريقا للملك وطريقا لبسط سلطان بطون قريش
على
العرب، ووسيله لميراث سلطان محمد وارثه، لان محمد
رجل
من قريش، وصارت النبوه، وصار الدين، الطريقه
المثلى لملك
بطون قريش على العرب، لذلك لم يعد من مصلحه البطون
اطلاقا انكار نبوه محمد، بل ان مصلحتها تقضى
بالاعتراف
بهذه النبوه وتعميم هذا الاعتراف، والتمسك بالدين
او التظاهر
بذلك، فلا خلاف بان عمر بن الخطاب واركان حزبه من
بطون
قريش يعترفون بنبوه محمد، ويصرون عليها،
ويعتبرونها اقدس
الاحداث!! هذا بالاضافه الى القناعات الشخصيه
الدينيه.

عقيده عمر واركان حزبه فى القرآن الكريم
عمر بن الخطاب واركان حزبه -باستثناء المنافقين-
على قناعه
تامه بان الرسول قد بلغ للناس القرآن كما تلقاه من
ربه وعموما
بدون زياده ولا نقصان يذكر، فما قال عنه الرسول
قرآنا فهو
قرآن اوحى اليه من اللّه.

والرسول بهذه الحاله لا
ينطق عن
الهوى، وفى ما عدا ذلك ففيه نظر.

عقيده عمر واركان حزبه فى بيان النبى لهذا القرآن
اذا كان بيان النبى يتعلق بالعبادات وكيفيتها فلا
حرج على
عمر واركان حزبه لو اقتنعوا بان هذا البيان الهام
او وحى من اللّه
تعالى، وان كان من الممكن اجراء بعض التعديلات التى
يرونها
مناسبه، او انسب من بيان الرسول حسب تصورهم مثال
على
ذلك صلاه التراويح، فقد امر النبى بان يصليها كل
مسلم
منفردا وبدون جماعه، فراى عمر لما آلت اليه الخلافه
ان يجمع
الناس عليها فذلك افضل من ادائها بصوره انفردايه
كما امر
الرسول قائلا: بعد ان شاهد الناس يصلون بصلاه
قارئهم: نعمت
البدعه هذه(371).

ومثال على ذلك صلاه
الجنازه لقد
استقرت سنه الرسول بانه كان يصلى على الجنازه بخمس
تكبيرات، ومات الرسول والناس على هذه الحاله، ولما
تسلم
عمر الخلافه راى ان الافضل اربع تكبيرات وليس
خمسا(372).

عقيده عمر واركان حزبه فى كلام الرسول فى الامور
السياسيه
لقد سقنا فى الصفحات السابقه.

تحت عنوان (من اراجيف
البطون ودعاياتها) نموذج عن عقيدتهم فى كلام الرسول
خاصه فى الامور السياسيه المتعلقه بقياده الدوله،
وباستقراء
الاحداث يتبين ان عمر واركان حزبه يقسمون كلام رسول
اللّه
فى الامور السياسيه او ما يتعلق بها الى قسمين:

1- قسم يتفق بالصدفه مع راى عمر واركان حزبه وما تهوى
نفوسهم فكلام الرسول بهذه الحاله وحى من اللّه.

والرسول لا
ينطق عن الهوى، وهى واجبه الاتباع.

انظر الى قول عمر
بن
الخطاب (لو كان ابو عبيده حيا لاستخلفته، فان سالنى
ربى
قلت: نبيك يقول: (انه امين هذه الامه).

ولو كان سالم
مولى
ابى حذيفه حيا لاستخلفته، فان سالنى ربى قلت: سمعت
نبيك
يقول: (ان سالم ليحب اللّه...)(373).

لقد تالق نجم هذين
الرجلين عند عمر لدعمها الفريد له، يوم واجه النبى
وقال له:

انت تهجر ويوم سقيفه بنى ساعده، واستذكر اخلاصهما
العجيب لمبادئه وقضيته وولاءهما المطلق له، فاتفق
كلام
الرسول عن الرجلين مع راى عمر ومع توجهه النفسى،
فالحديث النبوى هنا ملزم لانه يدعم قناعات عمر
المطلقه
بهذين الرجلين، والرسول هنا لا ينطق عن الوحى.

2- القسم الثانى من كلام الرسول لا يتفق مع راى عمر
بن
الخطاب واركان حزبه.

فكلام الرسول بهذه الحاله لا
ينبغى ان
يحمل على محمل الجد لان الرسول بشر يتكلم فى الغضب
والرضى، ولا ينبغى الاصغاء لكل ما يقوله.

فكم ورد فى
على بن
ابى طالب من احاديث، لقد اعلنه الرسول امامه وليا
واماما
للمسلمين، وهناه عمر نفسه بالامامه والولايه، مئات
النصوص
قالها الرسول بعلى، ومئات النصوص ذكر الرسول باهل
بيت
النبوه، وابرزها حديث الثقلين، لكن عمر وحزبه لا
يتذكرونها،
ولا يرغبون بذلك، لانها لا تتفق مع رايهم وما تهوى
انفسهم،
ولانها غير معقوله وغير مناسبه، فالاولى اهمالها
لمصلحه
المسلمين! وقد اطلعت فى الصفحات التى مرت نصيحتهم
لمن كان يكتب كل ما يسمعه عن رسول اللّه، ولم يحملهم
على
التراجع تاكيدات الرسول ويمينه العظيم باللّه
(بانه لا يخرج من
فمه الا حقا).

ومثل منهج الرسول بتقسيم الاموال، فقد كان يقسم بين
الناس بالسويه، لان حاجاتهم الاساسيه متشابهه،
وجاء ابو بكر
وسلك هذا المنهج، ولما آلت الخلافه لعمر بن الخطاب
راى ان
ذلك غير مناسب فلا يعقل ان يكون المهاجر كالانصارى!!
ولا
يعقل ان يكون العربى كالعجمى، ولا يعقل ان يكون
الموالى
كالصرحاء!! ولا يعقل ان تكون عائشه وحفصه كبقيه
ازواج
الرسول.

لذلك الغى مبدا المساواه الذى سنه رسول
اللّه،
واعط ى الناس حسب منازلهم عنده، فاعط ى لزوجات
الرسول
مبالغ طائله، فاعط ى كل واحده منهن عشره آلاف، اما
عائشه
وحفصه فاعط ى كل واحده منهما اثنى عشر الفا!! واغدق
عطاياه على كبار رجال الامه كعثمان وطلحه والزبير،
وروساء
المرتزقه من الاعراب، واستمر على ذلك تسع سنين
عاملا برايه
الشخصى، ومتجاهلا لسنه رسول اللّه وهو يحسب ان رايه
الشخصى انسب من سنه رسول اللّه التى ترجع اصلا الى
الوحى
الالهى!! خلال هذه المده تكون نظام الطبقات، وبدات
الاثار
المدمره لراى عمر بن الخطاب تظهر، فظهرت الطبقيه
باعتى
صورها، وظهر الموت من التخمه التى اوجدها عمر
وحزبه،
وظهر الموت من الجوع الذى تسبب به عمر وحزبه، فطلحه
والزبير وعثمان وابن عوف، وسعد، وعمرو بن العاص
كانوا
يملكون المليارات، وعمار وبلال وعامه الناس، كانوا
يتضورون
جوعا!! ونمت بذور الصراع القبلى بين ربيعه ومضر،
وبين
الاوس والخزرج، وبين العرب والعجم، وبين الموالى
والصرحاء
وتحولت هذه البذور فى ما بعد الى نار كبرت والتهمت
خصائص المجتمع الاسلامى(374).

بعد تسع سنين من ترك عمر بن الخطاب لسنه رسول اللّه
واحلال رايه الشخصى محلها، وبعد ان راى الاثار
المدمره لفعله
قال عمر بن الخطاب: (ان عشت هذه السنه ساويت بين
الناس
فلم افضل احمر على اسود، ولا عربيا على عجمى، وصنعت
كما
صنع رسول اللّه وابو بكر)(375)! هكذا ببساطه، ومات الرجل،
وبقيت سنه النبى مهجوره، وسنه عمر او الراى الشخصى
لعمر
الذى تحول بفعل نفخ وسائل الاعلام الى سنه نافذه،
وصار لكل
خليفه من حزب عمر موازينه الخاصه بترتيب الناس،
وتصرفوا
باموال اللّه وفق هذه الموازين التى لم تدم على
حال، ولم
يستقر لها قرار!

ومثل ذلك قضيه (الخمس) المخصص بايه محكمه لذوى
القربى(قربى الرسول)(376) لقوله تعالى: (واعلموا انما
غنمتم من شى ء فان للّه خمسه وللرسول ولذى القربى
واليتامى
والمساكين وابن السبيل ان كنتم آمنتم باللّه وما
انزلنا على
عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان واللّه على كل
شى ء قدير)
«الانفال/41»، والحكمه من هذا التشريع ان اللّه قد
حرم الصدقه
على محمد وعلى آل محمد(377)، وبعد ان حرم اللّه الصدقه
على آل محمد خصص لهم جزءا ثابتا من الانفال بايه
محكمه،
وطوال حياه النبى وهو يعطيهم هذا السهم.

ولما قبضوا
على
مقاليد السلطه بعد وفاه النبى، ابى عمر بن الخطاب
ان يعط ى
اقارب النبى حقهم(378) بحجه ان بطون قريش كلها ذوى
قربى(379)!!
وهكذا بكل بساطه ابطل مفعول آيه محكمه
والغى السنه النبويه، وعمل برايه الشخصى!! لان عمر
راى ان
الحكمه تقتضى تحجيم ذوى قربى محمد، وقطع موردهم
المالى الثابت، حتى يجعلهم عاله عليه وعلى الحكام
من بعده،
وينزع من نفوسهم شعور الرغبه بالوصول الى السلطه
ليكونوا
دائما رعايا لا مسوولين اعمالا للمبدا الذى اخترعه
وحزبه
(النبوه لبنى هاشم والخلافه للبطون)!! ومثل ذلك
الغاء عمر
لسهم المولفه قلوبهم الوارد بايه محكمه، مع ان رسول
اللّه
اعطاهم السهم طوال حياته المباركه وانتقل الى جوار
ربه ولم
تنسخ هذه الايه، حيث قال تعالى: (انما الصدقات
للفقراء
والمساكين والعاملين عليها والمولفه قلوبهم وفى
الرقاب
والغارمين وفى سبيل اللّه وابن السبيل فريضه من
اللّه واللّه
عليم حكيم) «التوبه/60»، ولكن عمر وحزبه اعتقدوا ان
ابطال
مفاعيل هذه الايه وتجميدها اولى، وصار قرار عمر سنه
فعليه
لم تقو الايام على تبديلها او تغييرها.

ومثل ذلك مصادره تركه الرسول وحرمان الورثه من هذه
التركه، والهدف من هذه المصادره كان تجريد اهل بيت
النبوه
من سلاح المال، حتى يتمكن عمر وحزبه من احكام
سيطرتهم
على السلطه.

وحجتهم ان ابا بكر قد سمع الرسول يقول
(بان
الانبياء لا يورثون)(380).

ومع ان على بن ابى طالب
واهل
بيت النبى قد عاشوا مع الرسول طوال حياته تحت سقف
واحد،
ومع ان الامر يخصهم وهم اول من يجب ان يعلم به، ومع
انهم
مفاتيح وخزنه العلم النبوى الا انهم لم يسمعوا بهذا
القول قط!!

واستغربت فاطمه بنت محمد من قول ابى بكر فقالت له:
من
يرثك اذا مت؟ فقال ابو بكر ولدى واهلى، فقالت
فمالنا لا نرث
رسول اللّه؟ فرد ابو بكر بمقولته السابقه
(381)،
فتدخل على
وقال: (وورث سليمان داود) «النمل/16»، (يرثنى ويرث من
آل
يعقوب) «مريم/6» فكيف نوفق بين قولك الانبياء لا
يورثون
وبين هاتين الايتين!؟ هذا كتاب اللّه ينطق بالحق،
فسكت ابو
بكر وانصرف واصر على قرار المصادره
(382)
واخذ ابو بكر
تركه الرسول على اعتبار انه الوارث الوحيد للنبى
(383).

وهكذا ورث الصاحب، وحرم الاولاد من التركه.

ودون ان
يدرى
عمر وحزبه فقد نقضوا الظاهر الشرعى لقرار المصادره
عندما
تلفظوا واعطوا آله الرسول ودابته وحذاءه لعلى بن
ابى
طالب(384)
وانت ترى ان عليا ى ى ى ى وفاطمه نطقا بالحق
المبين، ولو سلم ابو بكر وعمر بحق على وفاطمه بارث
النبى
لنزعوا منهما الخلافه فى ما بعد، ولكن الخليفه
ونائبه صادرا
التركه وانكرا حق اهل البيت بتركه النبى.

والخلاصه: ان اقوال الرسول -ولو كانت مزعومه- اذا
كانت
تخدم مصالح البطون فلا مجال للمهادنه فيها ويجب
تطبيقها،
اما اذا كانت لا تخدم مصالحهم، فالرسول يتكلم فى
الغضب
والرضى، ولا ينبغى ان يحمل كلامه على محمل الجد كما
وثقنا، وبالتالى فالقرآن وحده يكفى، ولا حاجه
للرسول ولا
لسنته عمليا!

عقيده عمر واركان حزبه فى خلافه النبى
تقوم عقيده عمر واركان حزبه من بطون قريش ال 23 فى
الخلافه من بعد النبى على اربعه مبادى ء:

المبدآن الاول والثانى: عدم جواز جمع الهاشميين
للنبوه
والخلافه معا، حتى لا يحوزوا الشرف كله، ويحرموا
بطون
قريش من هذا الشرف، لان هذا الجمع يودى للاجحاف،
وينافى
حريه الاختيار، ومجانب للصواب على حد تعبير عمر بن
الخطاب، والعدل يقضى ان يختص الهاشميون بالنبوه
وحدها لا
يشاركهم فيها اى رجل من البطون، فيكون شرف النبوه
لبنى
هاشم وحدهم.

وبالمقابل تختص بطون قريش ال 23 وحدها
بالخلافه لا يشاركها فيها اى هاشمى قط
(385).

وهذا يعنى الغاء قرارات الرسول الصادره يوم غدير
خم، المتعلقه
بولايه على بن ابى طالب وامامته من بعد النبى،
ويعنى تراجع
عمر واركان حزبه عن بيعتهم وتهنتئهم لعلى، مثلما
يعنى الغاء
الدور المميز لاهل بيت النبوه فى قياده الامه بعد
النبى، والغاء
الارتباط بين القرآن واهل بيت النبوه التى اعلنه
الرسول فى
غدير خم، وابطال مئات النصوص الشرعيه التى اعلنها
الرسول
لتغطيه ظاهره السلطه او الامامه الشرعيه!! فالمبدآن
جاهليان
وقبليان من جميع الوجوه ومناقضان بالكامل لبيانات
الرسول
المتكرره.

المبدا الثالث: ابعاد الهاشميين ومن والاهما عن
كافه مراكز
الدوله والوظائف العامه، من باب سد الذرائع، حتى لا
يستغل
الهاشميون وظائفهم ومناصبهم، ويسترجعون ما يسمونه
حقهم بالامامه والولايه فيجمعوا بين النبوه
والخلافه ويقع
المحذور الذى يخشاه عمر، وتختل الصيغه السياسيه
الجاهليه
التى اخذت نمطا وشكلا جديدين، ويتوجب ابقاء
الهاشميين
واهل بيت النبوه خاصه تحت المراقبه وفى حاله تبعيه
دائمه
للدوله، وتجريدهم من اموالهم ليبقوا بحاله عوز
وفقر فلا
يستعينوا بسلاح المال لتحقيق بعض آمالهم وفى هذا
السياق
تمت مصادره تركه الرسول كما بينا ووثقنا، وحرمان
اهل البيت
وبنى هاشم من حقهم فى الخمس.

المبدا الرابع: وطمعا بتوحيد الناس خلف عمر وحزبه
واستقطابهم ضد اهل بيت النبوه من عمر بن الخطاب
واركان
حزبه الى الجميع، والى كافه التوجهات، فحالف
المنافقين
(وهكذا اختفت ظاهره النفاق) وحالف المرتزقه من
الاعراب،
وفتح عمر واركان حزبه قلوبهم للجميع، بل وعدلوا
نظريا
الصيغه الجديده القائله (النبوه لبنى هاشم والملك
او الخلافه
للبطون) فاعلن عمر وهو على فراش الموت انه لو كان
معاذ بن
جبل حيا لولاه عمر خلافه المسلمين، ومعاذ هذا من
الانصار
وسابقا وحسب راى عمر وحزبه فان الانصار لا يجوز لهم
ان
يتولوا خلافه المسلمين لان عشيره محمد (البطون)
اولى
بميراثه كما صرح فى سقيفه بنى ساعده، وابعد من ذلك
فان
عمر بن الخطاب قد صرح وهو على فراش الموت انه لو كان
سالم مولى ابى حذيفه حيا لولاه الخلافه، وسالم هذا
من
الموالى، ولا يعرف له نسب فى العرب، وهكذا منى عمر
بن
الخطاب الجميع وفتح شهيه الجميع على الخلافه من
الناحيه
النظريه، اما من الناحيه العمليه فالخلافه محصوره
بين
البطون ال 23.

وليضمن عمر وحزبه ابعاد الهاشميين عن الخلافه من
بعد
موت عمر واركان حزبه اوجد نظام الشورى، واوجد اصحاب
الشورى لينافسوا عليا بصوره مستمره، ولينافس
اولادهم اولاد
على طول الحياه(386).

ان كراهيه عمر لاهل بيت محمد عجيبه، واخلاصه لقسمه
النبوه للهاشميين والخلافه للبطون اشد عجبا.

وللّه
عاقبه
الامور.

تسويغ هذه العقائد
لما اكتشف المسلمون حالات الاستخفاف بالاحكام
الشرعيه،
وتجاهل بيان النبى، والجهد الذى بذله الخلفاء لمنع
روايه
حديث النبى والصد عن كتابته واحراق المكتوب منه،
ونشوء
سنن بديله لسنه الرسول، وعلى الرغم من الهاله
المقدسه التى
اضفيت على الخلفاء الموسسين الا ان الناس بدووا
يتساءلون:

كيف حدث هذا؟ ولماذا؟، ولابد للحزب واوليائه من
تقديم
اجوبه مقنعه عن هذا وكيف!! فقالوا: ان الرسول مجتهد
والخليفه مجتهد آخر، ولا حرج على المجتهد لو ترك
اجتهاد
غيره واتبع اجتهاده.

فمساواه الرسول بين الناس فى العطاء اجتهاد،
واعطائه
الخمس لذوى قرباه اجتهاد(387)، وعدم خروج عمر وابو
بكر فى جيش اسامه مع ان الرسول قد لعن من تخلف عنه
اجتهاد، وليس وحيا يصعب مخالفته(388)، والاهم من ذلك
ان الاجتهاد ورد حتى فى العبادات كزياده الاذان
الثالث يوم
الجمعه(389)،
والاجتهاد قد يقع فى حد من حدود اللّه.

قال
القوشجى فى معرض الاعتذار عن اسقاط القود عن
عبداللّه بن
عمر: انه اجتهد!!(390).

والاجتهاد قد يحدث لمصلحه اعداء اللّه، فالحكم بن
العاص
عدوا للّه كان يوذى رسول اللّه فى الجاهليه
والاسلام لعنه
الرسول ولعن اولاده(391) واصدر الرسول اوامره
بتغريب
الحكم واولاده وقال: (لا يساكنى ولا ولده).

وعندما
مات
الرسول، وتولى ابو بكر الخلافه راجعه عثمان للسماح
بعوده
الحكم بن العاص فرفض ابو بكر، وبعد وفاه ابى بكر
وتولى عمر
راجعه عثمان فرفض عمر، ولما تولى عثمان الخلافه
اعاده
معززا مكرما والبسه جبه من طيلسان(392).

واعطاه
صدقات المسلمين البالغه 300 الف درهم
(393)،
ولما مات
الحكم ضرب عثمان على قبره فسطاطا امعانا بحزنه
عليه(394)،
ولما قيل لم فعل عثمان ذلك؟ قال شيعه
الخلفاء: هذا اجتهاد!!(395).

وروى الحاكم عن عبد الرحمن بن عوف قال: (كان لا يولد
مولود الا اتى به النبى فدعا له فادخل عليه مروان بن
الحكم
فقال الرسول: هذا الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن
الملعون)(396)
ومع هذا اصبح هذا الولد بالاجتهاد رئيسا
لوزراء المسلمين واعط ى فدكا التى حرمت منها ابنه
رسول اللّه،
واصبح جدا لخلفاء بنى اميه، فهم جميعا من سلالته
(397).

وقد بررت كل الافعال المخالفه للشرع الحنيف
بالاجتهاد!! بل
واعظم من ذلك بان للمخالفين للشرع اجرا لانهم
مجتهدون(398).

اركان حزب عمر من بطون قريش
يتالف اركان حزب عمر بن الخطاب من بطون قريش من
خليتين:

الخليه الاولى: وتتكون من عمر، وسعيد بن زيد
وكلاهما من
بنى عدى ومن ابى بكر وطلحه بن عبيداللّه وكلاهما من
بنى
تيم، ومن ابى عبيده عامر بن الجراح ومن بنى عامر،
ومن الزبير
بن العوام وهو من بنى اسد بن عبد العزى، ومن عبد
الرحمن
بن عوف.

من بنى زهره بن كلاب، ومن عثمان بن عفان
وعمرو
بن العاص وكلاهما من بنى اميه، ومن خالد بن الوليد
وهو من
بنى مخزوم، وفى ما بعد انضم لهم سعد بن ابى وقاص.

قال
عمر
بن الخطاب فى ما بعد: ان رسول اللّه قد انتقل الى
جوار ربه
وهو راض عنهم، وقد اشتهرت هذه الخليه فى ما بعد
باستثناء
خالد وعمرو بان رجالاتها مبشرون بالجنه
(399)،
وتم التركيز
على هولاء من دون الناس، واهملت مئات النصوص التى
بشرت
غيرهم بالجنه، واهملت وسائل الاعلام فى ما بعد
سادات اهل
الجنه، وهم النبى، وعلى، وجعفر وحمزه، والحسن،
والحسين(400).

على اى حال لقد برزت هذه الخليه الاولى وفرضت نفسها
فرضا على الاحداث من اللحظه التى مرض فيها رسول
اللّه،
وحالوا بينه وبين كتابه ما اراد، لم يكن الزبير
معهم فى البدايه
ولكنهم جذبوه اليهم اخيرا وانتشرت مقوله بان
الخلافه لا
تصلح فى من بقى حيا من قريش الا لواحد منهم.

الخليه الثانيه: وتتكون من: يزيد بن ابى سفيان،
وشقيقه معاويه
والحكم بن العاص، ومروان ابنه، والوليد بن عقبه،
وعبداللّه بن
سعد بن اسرح، وعكرمه بن ابى جهل وسهيل بن عمرو
وغيره،
من سادات البطون ال 23 وهم الذين قادوا سابقا جبهه
الشرك.

الخليتان فريق واحد
وهكذا اتحدت بطون قريش مهاجرها وطليقها ضد على بن
ابى
طالب وضد الهاشميين بعد الاسلام، تماما كما اتحدت
هذه
البطون ضد النبى وبنى هاشم قبل اسلامهم، والفرق
انهم فى
الحاله الاولى كانوا قد اتحدوا تحت مظله الشرك، وفى
الحاله
الثانيه اتحدوا تحت مظله الاسلام، وفى الحاله
الاولى اتحدوا
ضد النبى اما فى الحاله الثانيه فقد اتحدوا ضد على..
والى هذا
اشار الامام على بقوله: (اللهم انى استعينك على قريش
ومن
اعانهم.. الى ان قال: (واجمعوا على منازعتى امرا هو
لى)(401).

العمود الفقرى للحزب
بمعنى ان سادات البطون الذين اسلموا يوم الفتح،
والمهاجرين
من ابناء البطون الذين اسلموا قبل الفتح، صاروا
فريقا واحدا،
وصاروا هم العمود الفقرى للمخالف، وللحزب، ومركز
التدبير
والتخطيط الذى قام، وتكون من بطون قريش، ومن
المنافقين
والمرتزقه من الاعراب، وطلاب الجاه والدنيا من
الانصار.

ومن الانصار
واستطاع عمر بن الخطاب ان يضم الى حزبه مجموعه من
الانصار لعبت دورا موثرا فى حركه الانقلاب منهم
ثابت بن
قيس بن شماس، وزياد بن لبيد، ومحمد بن مسلمه، وسلمه
بن
سالم، وسلمه بن اسلم، واسيد بن حضير، وبشير بن سعد،
وقد
لعب هولاء الرجال دورا بارزا، وكانوا من اركان حزب
عمر،
ويبدو انهم من الكارهين لولايه اهل بيت النبوه
عامه، ولولايه
على بن ابى طالب خاصه بدليل انهم وبناء على اوامر
ابى بكر
توجهوا الى بيت على بن ابى طالب بنفس اليوم الذى مات
فيه
رسول اللّه وشرعوا فعلا باحراق البيت على من فيه،
وفى ما بعد
عندما آلت الامور الى على بن ابى طالب وفق الاسلوب
نفسه
الذى اخترعه الخليفتان الاول والثانى، رفض محمد بن
مسلمه
مبايعه على بن ابى طالب، وهذا يوكد وجود كراهيه
ولايه اهل
بيت النبوه، والاستعداد التام عندهم لمحالفه من
يقف ضد اهل
البيت كائنا من كان!

القائد العام لهذا الحزب ونوابه
من الموكد ان القائد العام لهذا الحزب او التحالف
هو عمر بن
الخطاب، فلو شاء عمر لكان هو الخليفه الاول، ولولا
عمر لكتب
رسول اللّه ما اراد ولتغير مجرى التاريخ، ومن
الموكد ان نائب
القائد العام لهذا الحزب، او التحالف هو ابو بكر،
فعمر وابو بكر
معا لا يفترقان فى عمل ولا مسير ولا منزل كما قال
الواقدى
فى مغازيه(402)، وقد آخى الرسول بينهما،
وكلاهما نال
شرف مصاهره الرسول، فقد زوج عمر ابنته حفصه لرسول
اللّه،
كما زوج ابو بكر ابنته عائشه لرسول اللّه، ومن
المدهش حقا ان
عائشه وحفصه كانتا يدا واحده كما يقول الواقدى فى
مغازيه،
وكانتا معا حتى على الرسول نفسه!! انظر الى قوله
تعالى: (ان
تتوبا الى اللّه فقد صغت قلوبكما وان تظاهرا عليه
فان اللّه هو
مولاه وجبريل وصالح المومنين والملائكه بعد ذلك
ظهير)
«التحريم/4».

فالمعنى بكلمتى تتوبا، وتظاهرا هما السيدتين عائشه
وحفصه
باجماع المفسرين، ويلى ابو بكر وعمر بالاهميه
والولاء للتحالف
ابو عبيده، ويليهما عثمان، ويليهما طلحه، وعبد
الرحمن بن
عوف وسعد بن ابى وقاص، وكان الزبير بن العوام خارج
هذا
الحزب لان هواه مع بنى هاشم، غيره ابنه واصدقاوه
الجدد،
وساعد هولاء القاده خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص
ويزيد بن
ومعاويه ابنا ابى سفيان وعبداللّه بن ابى سرح،
والحكم بن
العاص، والوليد بن عقبه، ومن المدهش حقا ان كل واحد
من
هولاء القاده موتور، فما من احد منهم الا وقتل على
اباه، او اخاه،
او ابن عمه، او جده، او خاله.. واكثر هولاء اخلاصا
للحزب
واندفاعا فى سبيل اهدافه كان عمر بن الخطاب، فهو
الاجرا
والذى جرا الناس على حق اهل بيت النبوه، فلو سكت
لسكتوا
ولو رضى لرضوا، ذلك لان النبى قد خلق تيار غلابا من
القبول
بولايه على وبالدور المميز لاهل بيت النبوه كما تدل
على ذلك
رساله معاويه لمحمد بن ابى بكر.

من هو عمر بن الخطاب؟ ولماذا اسس الحزب وقاده؟
كان عم ابن الخطاب قبل الاسلام رجلا مضمورا من بنى
عدى،
لا يقام له وزن، ولا يحسب له حساب، يمتهن مهنه
(البرطشه)
اى كان مبرطشا بمعنى انه كان يكترى للناس الابل
والحمير
وياخذ على ذلك جعلا(403)، والى هذا اشار سعد بن
عباده
عندما قال مخاطبا عمر فى سقيفه بنى ساعده: (لاعيدنك
الى
قوم كنت فيهم ذليلا غير عزيز، وتابعا غير متبوع)
(404)،
وعمر لا ينكر ذلك، ولكن اللّه اعزه بالاسلام، وحوله
من تابع الى
متبوع، وتالق نجم الرجل عندما نال شرف مصاهره رسول
اللّه،
فصار يتردد على بيت الرسول بحكم المصاهره، وبحكم
نبل
النبى، وسعه قلبه، وعرفه الجميع من خلال ذلك.

وهو رجل عطوف متواضع جناح للموادعه، فلم يثبت قط ان
عمر بن الخطاب طوال حياه النبى المباركه، وطوال
حاله
المواجهه التى جرت بين محمد واعدائه لم يثبت قط ان
عمر
قتل مشركا او جرحه او تعارك معه او اسر احدا.

والروايات التى
تصوره كرجل سيف انما هى ضرب من الاساطير والاوهام
لا
تتفق مع شخصيه عمر العطوفه، وقد اخترع هذه الاساطير
والاوهام اولياوه والمعجبون به ظنا منهم بانها
تقربهم من اللّه
زلفى! فالعنف لا يتفق مع شخصيه عمر ولا مع نسيجه
النفسى،
ولا مع طبيعه بطن بنى عدى الذين وصفهم ابو سفيان
بوصفه
الذى ذهب مثلا (لامع العير ولامع النفير)
(405)،
ولقد
تحققت وتبين لى انه لم يقتل من بنى عدى احد لامع
المشركين، ولامع المومنين.

وقد جد عمر فى الاسلام واجتهد واستطاع خلال مده 12
سنه
ان يتعلم سوره البقره كما اخرج ذلك الخطيب فى روايه
مالك،
والبيهقى فى شعب الايمان، والقرطبى فى تفسيره
باسناد
صحيح عن عبداللّه بن عمر(406)، وعلى الرغم من تعلمه
لسوره البقره فقد كان يشكو من قله الفقه فطالما كرر
وقال
(كل الناس افقه من عمر)(407)، وقال مره (اصابت امراه
واخطا عمر).

واعترف مرتين او ثلاثه بقوله: (كل احد
افقه من
عمر)(408)،
واعترافاته بهذا المجال فوق الحصر(409).

عمر يستقطب النافقين
لما نال عمر شرف مصاهره الرسول صار يتردد على بيت
الرسول بالعرف والضروره، وبحكم انتمائه والرسول
الى مكه،
فعرفه عليه القوم والملا، ومن هذه الملازمه
الدائمه عرفه
الخاصه والعامه، وبعد ذلك لجا عمر بن الخطاب الى
اسلوب
الاثاره والمزايده، فاستقطب باثارته ومزايداته
على الرسول
اعجاب المنافقين، واعداء اللّه، فتصوروا انه
احدهم، مع انه لم
يكن كذلك، وتصور السذج والغافلون من المسلمين ان
عمر
احرص على الدين من الرسول نفسه! ونادرا ما اظهر
الرسول
ضيقه من اثارات صهره ومزايداته!! بل كان الرسول يسع
صهره
بخلقه العظيم، لان الرسول على علم بالنسيج النفسى
لعمر،
فالاثاره والمزايده كلاميه من جميع الوجوه
واستعراضيه لا
غير، وكان الرسول يعلمه، وبعد سنين من وفاه النبى
وفى اواخر
حياه عمر، حاول الاخير ان يستفيد من تعاليم الرسول،
وشرع
بالندم على اثاراته ومزايداته.

نماذج
مزايده عمر على رسول اللّه فى صلح الحديبيه:

اللّه تعالى هو الذى اخرج رسوله لاداء العمره،
واختار اللّه له
منطقه الحديبيه لتكون محطا لرحاله، ومركزا
لمفاوضاته مع
بطون قريش، واعلمه ان المفاوضات ستنتهى بمعاهده،
او صلح
يشكل فتحا حقيقيا مبينا، ويحقق له كل الاهداف التى
حارب
رسول اللّه من اجلها، ولم يتمكن من تحقيقها عن طريق
الحرب وجرت المفاوضات بالفعل، وفى مرحله المفاوضات
طلب رسول اللّه من عمر ان يذهب الى مكه ويبلغ رساله
البطون بان غايه محمد ان يذبح الهدى وينصرف، فرفض
عمر
بن الخطاب ان يذهب لتبليغ الرساله التى كلفه بها
رسول اللّه
(لانه يخاف قريش على نفسه، وليس فى مكه من بنى عدى
من يمنعه)(410).

وجرت المفاوضات فعلا، وتم توقيع معاهده الصلح،
فرضى اللّه
ورسوله عن المعاهده، وبرضاهما رضى المومنون،
وكفاهم اللّه
شر القتال.

المزايده وفن التشويش والاستقطاب
لما تم توقيع المعاهده، واعلن رسول اللّه عن رضى
اللّه، ورضاه
بهذه المعاهده، وعندما قبلها المسلمون، غضب عمر بن
الخطاب ووصف المعاهده التى رضى اللّه بها ورسوله
والمومنون وصفها (بانها دنيه فى الدين)
(411)،
واخذ عمر
يصيح ويرد على الرسول ويكرر كلمه دنيه، وعلى الرغم
من
توضيحات الرسول، الا ان عمر قاد حمله تشكيك رهيبه،
واخذ
ينفرد باصحاب الرسول الذين كانوا معه واحدا واحدا
ويقول
لهم: ان محمدا قد وعدنا ان ندخل الكعبه!! وها نحن لم
ندخل!!

وحاول محمد ان يستقطب الصحابه ضد رسول اللّه ليحمله
بالقوه والضغط على الغاء المعاهده التى رضى اللّه
عنها ورسوله
والمومنون، ومع ان حمله عمر التشكيكيه برسول اللّه
قد تركت
آثارا مدمره، الا ان عمر قد فشل بتكوين قوه ضاربه
تفرض على
الرسول بالقوه الغاء المعاهده واعترف عمر فى ما بعد
(انه قد
ارتاب ارتيابا لم يرتبه منذ اسلم، وانه لو وجد
اعوانا يخرجون
معه عن رسول اللّه لخرج)(412).

وتدخل ابو بكر صديق عمر
الحميم، وتدخل ابو عبيده واركان الحزب وطلبوا من
عمر ان
يمارس ضبط النفس، ولفت عمر انصار اصحاب الرسول
بترديده لكلمه دنيه، وبرده على رسول اللّه، ولم
يتوقف الرجل
الا بعد ان اقبل عليه رسول اللّه فقال له: انسيتم
يوم احد اذ
تصعدون ولا تلوون على احد وانا ادعوكم فى اخراكم؟
(413)
فكان الرسول الاعظم يعيد بهذه الذكرى الحجم
الحقيقى لعمر
ويقول له: (انت الذى تدعو الان للحرب هربت فى معركه
احد،
وتركتنى!! وانت الذى لم تقو قبل قليل على ان تذهب
لتبلغ
رساله منى!! هنا سكت عمر بن الخطاب بعد ان وضع رسول
اللّه
يده على حقيقه النسيج النفسى.

وبعد ان سكت عمر وتوقف عن حملته التشكيكيه برسول
اللّه
جاء ابو جندل (ابن سهيل بن عمرو سفير البطون الى
رسول
اللّه) وكان مسلما، وقد وقعت الاتفاقيه، وعملا
بمعاهده الصلح
يجب رد ابى جندل الى قريش، هنا احتج عمر واخذ يزايد
على
الرسول وقال: انه لا ينبغى اعاده هذا المسلم الى
المشركين،
فقال الرسول لابى جندل: (اصبر واحتسب فان اللّه جاعل
لك
ولمن معك فرجا ومخرجا، فقد عقدنا بيننا وبين القوم
صلحا،
واعطيناهم واعطونا على ذلك عهدا، وانا لا نقدر)
واقتنع ابو
جندل صاحب المصلحه المباشره(414).

عندئذ تابع عمر المزايده وقال لابى جندل: (ابوك رجل،
وانت
رجل، ومعك السيف، فاقتل اباك) ويهدف عمر ان يقوم ابو
جندل على ابيه الجالس فى حضره رسول اللّه وجواره
فيقتله
امام الرسول، مع انه فى جوار الرسول، ومع انه سفير!!
وليضفى
عمر على هذه المزايده طابعا دينيا، قال عمر لابى
جندل: (ان
الرجل ليقتل اباه فى اللّه) وفطن ابو جندل لاسلوب
عمر
بالمزايده والاثاره فقال لعمر: (مالك لا تقتله انت)؟
وهكذا
وضع ابو جندل يده على مفاصل حقيقه عمر!! فقال عمر
مجيبا
ابا جندل: (نهانى رسول اللّه عن قتله وعن قتل غيره)
(415).

الاحتمالات
كيف يلغى رسول اللّه صلحا وقعه ورضى اللّه عنه
ورسوله
والمومنون، الرسول واصحابه غير مسلحين، ومعهم سلاح
المسافر فقط وبعيدين عن قاعدتهم وهم اقله، ولم
يخرجوا
اصلا للحرب، وبطون قريش قريبه من قاعدتها، وقد
اخذتها
حميه الجاهليه، فقرار الرجوع عن الصلح الذى اعط ى
محمد
كل ما يريد، واختيار الحرب فكره مدمره ومجنونه وغير
مسووله
وهى من قبيل الانتحار! ولا يقبل بها عاقل، ثم لو ان
ابا جندل
قتل اباه وهو سفير قريش واحد زعمائها، فيسجل على
الرسول
انه قد قتل رجلا فى جواره، وانه قد اقدم على قتل
سفير وهذا
ما تعافه النفس العربيه، ويرفضه الذوق والعرف.

والاهم من
ذلك ان هذا القتل سيجر حتما مفضيا الى مواجهه مسلحه
وغير
متكافئه بين الرسول والبطون، وسيتناقض مع ما اعلنه
الرسول
بانه قد جاء للعمره وغايته ان يذبح الهدى وينصرف،
فالرسول
مدعوم الهيا وبالوحى، ويفكر بالفعل وآثاره ورده
الفعل، فيما لا
هم لعمر الا المزابده والاثاره، والاستعراض، فمن
الطبيعى ان لا
يثير الرسول، لانه يعرف حقيقته، وغايته، ونسيجه
النفسى،
ومن جهه اخرى فان رسول اللّه محيط (بحر عظيم) ولن
يعكره
حجر يرميه رجل مثل عمر، ولو سقط عمر نفسه فانه لن
يعكر
المحيط العظيم، بل سيبلعه بعمقه وبعد غوره.

نتائج المزايدات والاثارات
محمد نبى اللّه ورسوله وخيرته من خلقه وهو الاعلم
والافهم
بالدين والاتقى والاقرب للّه ولرسوله، والمدعم
بالوحى والعون
الالهى، وعمر بن الخطاب باحسن الظروف رجل هداه محمد
الى الاسلام، فاهتدى، وعقليا ومنطقيا من المهازل
حقا ان
يصف رجل مثل عمر المعاهده التى رضى اللّه بها
ورسوله
والمومنون بانها دنيه!! واستعراض وسقط متاع ان يقول
رجل
مثل عمر لرسول اللّه: انها دنيه فى الدين.

ومع هذا فقد استفاد عمر فى عاجلته من مزايدته
واستعراضه اذ
شكك الكثير ممن كانوا مع رسول اللّه برسول اللّه،
قال الرسول
لام سلمه: (عجبا يا ام سلمه انى قلت للناس انحروا
واحلقوا
وحلوا مرارا، فلم يجبنى احد من الناس الى ذلك وهم
يسمعون
كلامى وينظرون فى وجهى!)(416).

من جهه ومن جهه ثانيه، فان عمر صار قطب الرحى،
فاصدقاوه
يترددون عليه ليمارس ضبط النفس، والمنافقون يعجبون
من
جراته على رسول اللّه، والمومنون الصادقون فى حيره
من
امرهم، ولكنهم لا يسبقون رسول اللّه بالقول!

طبيعه الرجل الذى اسس عصر ما بعد النبوه
عمر يزايد على رسول اللّه، ويريد ان يقنع الناس
بانه احرص
على الاسلام، واعرف بمواقع العز والذل، والدنيه
والعليه من
رسول اللّه نفسه، وسواء اقصد ذلك او لم يقصد فانه
يرسل رساله
للمنافقين مضمونها انه ليس كل ما يعمله محمد صحيح،
وموثوق، فهو مغرم باستقطاب الناس حوله، عن طريق
المزايده
والاستعراض، وهو مغرم بالتشكيك بكل ما يفعله رسول
اللّه
وبتعبير ادق ان يكون له راى معارض بالضروره لحكم
رسول
اللّه الذى يعتبره مجرد راى شخصى، وهو مقتنع ان
آراءه هى
اقرب للصواب والحق من حكم رسول اللّه!! ويحتاج الى
زمن
ليستوعب عكس ذلك، والغاءه لنظام التسويه فى
العطاء، الذى
سنه رسول اللّه واستبداله بنظام عدم المساواه فى
العطاء الذى
فرضه عمر لدليل قاطع على صحه ما ذهبنا اليه، كما ان
والغاءه
لنظام الخمس مثل آخر، ومن هنا فلا ينبغى ان نندهش
اذا
راينا كل المنافقين بلا استثناء يتبعونه، ولا يخرج
عليهم منهم
احد، وكل الطلقاء بلا استثناء يويدونه ويدعمونه،
فلم يرو لنا راو
قط ان منافقا او طليقا قد عارض عمر او جانب سياسته
او خرج
عليه لقد اقتنع المنافقون والطلقاء ان عمر بن
الخطاب لا يتفق
مع رسول اللّه بشكل او باخر فى كل ما يقوله الرسول،
ولا يعتبر
كل اقوال الرسول صوابا.

وعندما سمع عمر رسول اللّه وهو يعلن ولايه على فى
غدير خم،
ويربط هذه الولايه بولايته ويربط هاتين الولايتين
بالولايه للّه،
وعندما سمع عمر رسول اللّه وهو يعلن عن الثقلين
فيربط
القرآن باهل البيت برباط ابدى، اقتنع ان هذه
الاعلانات هى
مجرد آراء شخصيه من الرسول فطلع عمر بنظريته التى
وثقناها قبل قليل ومفادها (النبوه لبنى هاشم،
والخلافه
للبطون)، وبهذه النظريه جمع بطون قريش ال 23 حوله
وفتح
شهيتهم للخلافه، ونظرا لماضى عمر، ولجراته على
رسول اللّه
وتطاوله عليه اعتقدت بطون قريش ان هذا الرجل هو
الموهل
الوحيد (ليعلق الجرس) وليمزق ستر الهيبه عن الشرعيه
وليبطل بالكامل مفاعيل النصوص النبويه المتعلقه
بالامامه
والولايه من بعد النبى! ويشيد لها نظاما جديدا،
يجمع ما بين
الاسلام وما بين الصيغه السياسيه الجاهليه.

لذلك
صار عمر
بتوجهاته ومزايداته واستعراضاته بطلا جماهيريا،
وشعر عمر
بذلك فاندفع كالاعصار، وجمع حوله بطون قريش ال 23
مهاجرهم وطليقهم الا من عصم اللّه، ومد يده
للمنافقين او
مدوا ايديهم له، فلم يعارض منافق واحد، ووسع
اتصالاته حتى
شملت المرتزقه من الاعراب وقبيله اسلم اكبر دليل
على ذلك،
لقد تبين للرسول فى اواخر عمره ان عمر قد صار قطب
الرحى.

ولو شاء عمر لكان هو اول خليفه، لكنه ارتضى ان يكون
الامين
العام للتحالف، وان يوسس عصر ما بعد النبوه بواسطه
واجهه،
فيرث دوله منظمه، ويحمل غيره مسووليه المواجهه مع
الشرعيه ومع اهل بيت النبوه.

كيف امكن تغيطه هذه الحقائق؟

/ 14