وأقـول:
لا أعرف معنىً للتقدير قبل الخلق ـ أي في الأزل ـ كما عبّر به سابقاً، إذ لا أزلي إلاّ الله عندنا(1)، وإلاّ هو وصفاته عندهم(2).
ولعلّه يُريد به الصفة المرجّحة على أنّ يكون عطفه عليها للتفسير، كما يشهد له جعلهما في كلامه معنىً واحداً، لكنّ التعبير عن الصفة الذاتية بالتقدير ـ الذي هو فعل ـ غير مناسب.
وكيف كان فقوله: " لا شكّ أنّ كلّ ما هو مرضيٌّ لله تعالى فهو مرضيٌّ لرسوله " باطل; لأنّ الله سبحانه لمّا كان عندهم مريداً لأفعال العباد، خالقاً لها، لزم أن يكون راضياً بالموجود منها كارهاً للمعدوم; لتوقّف إرادة الفعل بمعنى الصفة المرجّحة على الرضا به، وتوقّف إرادة العدم على كراهة الفعل، إذ بالإرادة يحصل الترجيح..
والترجيح فرع الرضا بالراجح والكراهة للمرجوح..
فيكون الله سبحانه راضياً بالكفر والمعاصي الموجودة، كارهاً للإيمان والطاعات المفقودة، والنبيّ بخلاف ذلك، فيختلفان بالرضا والكراهة.
وحينئذ فعلى تقدير أن يُريد المصنّف بالإرادة الرضا، يكون كلامه
(1) شرح جمل العلم والعمل: 50، تقريب المعارف: 75 و 83، المنقذ من التقليد 1 / 70.
(2) اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع: 26 و 32 و 47، تمهيد الأوائل: 48 ـ 49، الملل والنحل 1 / 82، المسائل الخمسـون: 43 ـ 44، شرح المواقـف 8 / 44 ـ 45.