بأيّ وجه يتّفق لا يقال: إنّه ظلم. ولكنّ المعتزلي الأعمى يحسب أنّ الخلق منحصرٌ فيه، وهو مالك لنفسه والله ملك عليه، لا يعلم أنّه مالك مطلق!! ألا ترى أنّ الرجل الذي يعمل عملا، ويستأجر على العمل رجالا، ويستعمل معهم بعض عبيده الأرقّاء، فإذا تمّ العمل أعطى الأُجراء أجرتهم، ولم يُعط العبيد شيئاً، هل يقال: إنّه ظلم العبيد؟! لا شكّ أنّه لا يقول عاقل: إنّه ظلم العبيد; وذلك لأنّه تصرّف في حقّه بما شاء. ثمّ إنّ هذا الرجل لو حمّل العبد فوق طاقته أو قطع عنه القوت واللباس يقال: إنّه ظالم; وذلك لأنّه تجاوز عن حدّ ما يملكه من العبد، وهو التصرّف حسبما أذن الله تعالى فيه، فإذا تجاوز من ذلك الحدّ فقد ظلم.. وذلك لأنّه ليس بالمالك المطلق، ولو كان هو المالك المطلق، وكان له التصرّف حيثما شـاء وكيفـما أراد، لكان كلّ تصـرّفاته عدلا، لا جـوراً ولا ظلماً. وكذلك الحقّ سبحانه هو المالك المطلق، وله التصرّف كيفما شاء وحيثما أراد، فلا يُتصوّر منه ظلم بأيّ وجه تَصَرّف. هذا هو التحقيق ولا تَـعْـدُ عن هذا!