وقال الفضـل(1):
مذهب جميع الملّـيّين أنّ أفعال الله تعالى منزّهة عن أن تكون مثل أفعال المخلوقين، فإنّ أفعال المخلوقين مشتملة على التفاوت [والاختلاف] والظلم، وأفعال الله تعالى منزّهة عن هذه الأشياء.
فالآيات الدالّة على هذا المعنى دليل جميع الملّـيّين، ولا يلزم الأشاعرة شيء منها; لأنّهم لا يقولون: إنّ أفعال العباد أفعال الله تعالى حتّى يلزم المحذور، بل إنّهم يقولون: أفعال العباد مخلوقة لله تعالى مكسوبة للعبـد.
وهذا التفاوت والاختلاف والظلم بواسطة الكسب والمباشرة، فالتفاوت والاختلاف واقع في أفعال العباد كما في سائر الأشياء، كالإنسان وغيره من المخلوقات، فإنّ الاختلاف والتفاوت واقعان فيها لا محالة.
فهذا التفاوت والاختلاف في تلك الأشياء; بماذا ينسب؟ وبأيّ شيء ينسب؟ فينسـب إليه تعالى اختلاف أفعال العباد!
وأمّا الاستدلال بقوله: ( أحسن كلّ شيء خلقه )(2) على أنّ الكفر ليس خلقه، فباطل; لأنّ الكفر مخلوق لا خلق، ولو كان كلّ مخلوق حسناً لوجب أن لا يكون في الوجود قبيح، وهو باطل; لكثرة المؤذيات والقبائح المتحقّقة بخلق الله تعالى على ما سـيجيء.
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 41.
(2) سورة السجدة 32: 7.