وقال الفضـل(1):
هـذه الآيـات تـدلّ على أنّ للعبـد مشـيئة، وهذا شيء لا ريب فيه ولا خلاف لنا فيه، بل النزاع في أنّ هذه المشيئة التي للعبد، هل هي مؤثّرة في الفعل موجِدةٌ إيّاه؟ أو هي موجبة للمباشرة والكسب؟
فإقامة الدليل على وجود المشـيئة في العبد غير نافعة له.
وأمّا قوله: " قد أنكر الله تعالى على من نفى المشيئة عن نفسه وأضافها إلى الله تعالى بقوله: ( سيقول الّذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا )(2).
فنقول: هذا الإنكار بواسطة إحالة الذنب على مشيئة الله تعالى عناداً وتعنّتاً، فأنكر الله عليهم عنادهم وجعل المشيئة الإلهيّة علّة للذنب، وهذا باطل.
ألا ترى إلى قوله: ( ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظاً )(3) كيف نسب عدم الإشراك إلى المشيئة؟! ولولا أنّ الإنكار في الآية الأُولى لجعل المشيئة علّة للذنب، وفي الثانية لتعميم حكم المشيئة الموجبة للخلق، لم يكن فرق بين الأُولى والثانية، والحال أنّ الأُولى واردة للإنكار على ذلك الكلام، وهو منقول عنهم، والثانية من الله تعالى من غير إنكار، فليتأمّل المتأمّل ليظهر عليه الحقّ.
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 50.
(2) سورة الأنعام 6: 148.
(3) سورة الأنعام 6: 107.