وقال الفضـل(1):
نعوذ بالله من التفوّه بهذه الترّهات، وأنّى يلزم هذا من هذه العقيدة، والظلم والعبث من أفعال العباد، ولا قبيح بالنسبة إليه، وخالق الشيء غير فاعله؟!
وهذا الرجل لا يفرّق بين خالق الصفة والمتّصف بتلك الصفة، وكلّ محذوراته ناش من عدم هذا الفرق، ألا يرى أنّ الله خالق السواد، فهل يجوز أن يقال: هو الأسود؟!
كذلك لو كان خالق الظلم والعبث، هل يجوز أن يقال: إنّه ظالم عابث؟! نعوذ بالله من التعصّب المؤدّي إلى الهلاك.
ثمّ إنّ هذا الرجل يحصر القبيح في أفعال الإنسان، ويدّعي أنْ لا قبيح ولا شرّ في الوجود إلاّ أفعال الإنسان، وذلك باطل، فإنّ القبائح ـ غير أفعال الإنسان ـ في الوجود كثيرة، كالخنزير والحشرات المؤذية.
وهل يصحّ له أن يقول: إنّ هذه الأشياء غير مخلوقة لله تعالى؟!
فإذا قال: إنّها مخلوقة لله تعالى، فهل يمنع قباحتها وشرّها؟! وذلك مخالف الضرورة والحسّ! فإذاً يُـلزَم ما ألزمَ الأشاعرة من القول بخلق الأفعال القبيحة.
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 70.