وأقـول:
قد سبق أنّ قول الأشاعرة بعدم صدور القبيح منه سبحانه ليس بمعنى أنّـه لا يُوجِد القبائح، بل بمعنى أنّه لا يقبح منه القبيح وإن صدر منه، كالزنا، والقيادة، والكفر، ونحوها!(1).
وحينئذ فيرد عليهم كلّ ما ذكره المصنّف، إذ ليس الإشكال ناشئاً من تسمية ما يصدر عنه من القبيح قبيحاً، بل من جهة القول بصدوره عنه وإيجاده له.
فيكون استنادهم في دفع المحالات إلى أنّه لا قبيح منه، تقريراً للزومها بعبارة ظاهرها مليح وباطنها قبيح.
وأمّا قوله: " وإن أرادوا أنّه يفعل القبائح، فإنّ هذا شيء لم يلزم من كلامهم... " إلى آخره..
فـفيه ما مرّ من أنّ فعل القبيـح وخلقه بمعنىً واحد، وتعدّد الألفاظ لا أثـر له، فإنّ الإشـكال ناشـئ من قولهـم بإيجـاد الله سـبحانه للقبائـح، ولا لتسميته خلقاً لا فعلا(2).
على أنّه لا وجه لامتناعهم من نسبة الفعل إليه تعالى، بعد إنكارهم للحسن والقبح العقلـيَّين في الأفعال.
وأمّا قوله: " فهذا شيء يلزمهم "..
(1) انظر ج 2 / 332 من هذا الكتاب.
(2) راجع الصفحة 9 من هذا الجزء.