وأنت تعلم أنّ الظواهر إذا تعارضت لم تقبل شهادتها، خصوصاً في المسائل العقلية، ووجب الرجوع إلى غيرها من الدلائل العقلية القطعية. وقد ذكرنا في ما سلف من الكلام ما يغني في إثبات المقصد. وأمّا ما استدلّ به على تعدّد الخالقين من قوله تعالى: ( فتبارك الله أحسن الخالقين )(1)، فالمراد بالخالقين هناك: ما يدّعي الكافرون من الأصنام. فكأنّه يقول: تبارك الله الذي هو أحسن من أصنامكم الّذين تجعلونهم الخالقين المقدّرين بزعمكم، فإنّهم لا يقدرون على شيء، والله يخلق مثل هذا الخلق البديع المعجب. أو المراد من الخالقين: المقدّرين للخلق، كالمصوّرين، لا أنّه تعالى أثبت لنفسه شركاء في الخلق. ولكنّ المعتزلة ومن تابعهم يناسب حالهم ما قال الله تعالى: ( وإذا ذُكر الله وحدهُ اشمأزّت قُلوبُ الّذين لا يُؤمنون بالآخرة وإذا ذُكر الّذين من دونه إذا همُ يسـتبـشـرُون )(2). (1) سورة المؤمنون 23: 14. (2) سورة الزمر 39: 45.