ترجّح أحد طرفيه بدون مرجّح فهو خارج عمّا نحن فيه; لأنّ كلام المصنّف في إمكان ترجيح الفاعل لأحد الطرفين بلا مرجّح كما هو مذهب جماعة ومنهم الأشاعرة. ولذا قال في " المواقف " في البحث عن أفعال العباد، بعدما ذكر الدليل المذكور الذي نقله المصنّف عن الأشاعرة: " واعلم أنّ هذا الاستدلال إنّما يصلح إلزاماً للمعتزلة، القائلين بوجوب المرجّح في الفعل الاختياري; وإلاّ فعلى رأينا يجوز الترجيح بمجرّد تعلّق الاختيار بأحد طرفَي المقدور، فلا يلزم من كون الفعل بلا مرجّح كونه اتّفاقياً "(1). بل يستفاد من هذا ـ لا سيّما قوله: " يجوز الترجيح بمجرّد تعلّق الاختيار " ـ جواز ترجيح المرجوح على الراجح فضلا عن المساوي، كما يدلّ عليه أيضاً تجويزهم تقديم المفضول على الفاضل في مسألة الإمامة(2)، وتجويزهم عقلا أنْ يعذّب الله الأنبياء ويثيب الفراعنة والأبالسة(3)، وقولهم: لا يجب على الله شيء ولا يقبح منه شيء(4)، وحينئذ فما أجاب به الخصم عن مثال الرغيفين ونحوه غير صحيح عند أصحابه. وأمّا ما أجاب به عن الوجه الرابع، فمن الجهل أيضاً; لأنّ المصنّف
(1) المواقف: 313. (2) الأربعين في أُصول الدين ـ للفخر الرازي ـ 2 / 296، المواقف: 412، شرح المقاصد 5 / 247. (3) اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع: 115 ـ 116، تمهيد الأوائل: 385، الفصل في الملل والأهواء والنحل 2 / 134. (4) محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين: 295، المواقف: 328، شرح المقاصد 4 / 294.