وقال الفضـل(1):
قد مرّ أنّ مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري: أنّ أفعال العباد الاختيارية مخلوقة لله تعالى، مكسوبة للعبد، والمراد بكسبه إيّاه مقارنته لقدرته وإرادته، من غير أن يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلاًّ له.. هذا مذهب الشـيخ(2).
ولو رجع المنصف إلى نفسه علم أنّه على متن الصراط المستقيم في التوحيد، وتنزيه الله تعالى عن الشركاء في الخلق، مع إثبات الكسب للعبد، حتّى تكون قواعد الإسلام، ورعاية أحكام التكليف والبعثة والثواب والعقاب محفوظة مرعيّة، من غير تكلّف إيجاد الشركاء في الخلق.
ونحن إن شاء الله تعالى نفسّر كلام الشيخ ونكشف عن حقيقة مذهبه على وجه يرتضيه المنصف، وينقاد لصحّته المتعسّف، فنقول:
يُفهم من كلام الشيخ أنّه فسّر كسب العبد للفعل بمقارنة الفعل لقدرته وإرادته تارةً، وفسّره بكون العبد محلاًّ للفعل تارة.
وتحقيقه: إنّ الله تعالى خلق في العبد إرادة يرجّح بها الأشياء، وقدرة يصحّح بها الفعل والترك.
ومن أنكر هذا فقد أنكر أجلى الضروريات عند حدوث الفعل.
وهاتان الصفتان موجودتان في العبد حادثـتان عند حدوث الفعل،
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 123.
(2) تقدّم في الصفحة 113 من هذا الجزء.