وقال الفضـل(1):
قد علمت معنى الكسب كما ذكره الشيخ(2)، وأمّا هذه الأقوال التي نـقلها عن الأصحاب فما رأيناها في كـتبهم، ولكن ما أورد على تلك الأقـوال فمجاب..
أمّا ما أورد على القول الأوّل، وهو: " إنّ الاختيار والإرادة من جملة الأفعال "، فباطل; لأنّهما من جملة الصفات، وهو يدّعي أنّهما من جملة الأفعال، وأصحابه قائلون بأنّ الإرادة [والاختيار] ممّا يخلقها الله تعالى في العبد، والعبد بهما يرجّح الفعل(3).
فالحمد لله الذي أنطقه بالحقّ على رغم منه، فإنّه صار قائلا بأنّ أفعال العبد ممّا يخلقه الله تعالى، ولكن ربّما يدفعه بأنّه من الأفعال الاضطرارية، وعين المكابرة أن يقال: الاختيار فعل اضطراريّ.
وأمّا قوله: " دليلهم آت في نفس هذا الاختيار "، وبيانه: إنّ الاختيار فعل من الأفعال فيكون مخلوقاً لله تعالى; لأنّه ممكن، وكلّ ممكن فهو مقدور لله تعالى، فالاختيار مقدور لله، فيكون مخلوقاً لله تعالى، فكيف يقال: إنّ الفعل يخلقه الله تعالى عقيب الاختيار؟!
فجوابه: إنّ الاختيار من الصفات التي يخلقها الله تعالى أوّلا في العبد، كسائر صفاته النفسانية، وكيفيّاته المعقولة والمحسوسة، ثمّ يترتّب
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 134.
(2) انظر الصفحتين 113 و 307.
(3) الإمامية لا تقول بذلك على إطلاقه، وسـيأتي ردّ المصنّف (قدس سره) عليه.