وأقـول:
ينبغي أن نذكر هنا بعض ما في " شرح المقاصد " لتعرف صدق المصنّف في ما حكاه عنهم، فإنّه بعد بيان أنّ فعل العبد واقع بقدرة الله وحدها، وأنّ العبد كاسب، قال:
" لا بُـدّ من بيان معنى الكسب دفعاً لِما يقال إنّه اسم بلا مسمّى، فاكتفى بعض أهل السُـنّة، بأنّـا نعلم بالبرهان أنّ لا خالق سوى الله تعالى، ولا تأثير إلاّ للقدرة القديمة، ونعلم بالضرورة أنّ القدرة الحادثة للعبد تتعلّق ببعض أفعاله، كالصعود دون البعض كالسقوط، فيسمّى أثر تعلّق القدرة الحادثة كسباً وإنْ لم تعرف حقيقته.
قال الإمام الرازي: هي صفة تحصل بقدرة العبد بفعله الحاصل بقدرة الله تعالى، فإنّ الصلاة والقتل مثلا كلاهما حركة، ويتمايزان بكون إحداهما طاعة والأُخرى معصية، وما به الاشتراك غير ما به التمايز، فأصل الحركة بقدرة الله تعالى، وخصوصية الوصف بقدرة العبد، وهي المسمّاة بـ: الكسـب(1).
وقريب من ذلك ما يقال: إنّ أصل الحركة بقدرة الله تعالى، وتعيّنها بقدرة العبد، وهو كسـب، وفيه نظر.
وقيل: الفعل الذي يخلقه الله تعالى في العبد يخلق معه قدرة للعبد متعلّقة به، يسمّى كسباً للعبد، بخلاف ما إذا لم يخلق معه تلك القدرة.
(1) شرح المقاصد 4 / 225، وانظر: الأربعين في أُصول الدين ـ للفخر الرازي ـ 1 / 320، المطالب العالية من العلم الإلهي 9 / 10.