وأمّا باقي ما أورده على معنى الكسب حسب ما هو مذهب القاضي فغير وارد عليه، ونحن نبطله حرفاً بحرف، فنقول: أمّا قوله: " كون الفعل طاعة هو كون الفعل موافقاً لأمر الشريعة، وكونه موافقاً لأمر الشريعة إنّما هو شيء يرجع إلى ذات الفعل... " إلى آخر الدليل. فجوابه: إنّا لا نسلّم أنّ كونه موافقاً لأمر الشريعة شيء يرجع إلى ذات الفعل، فإنّ المراد من رجوعه إلى ذات الفعل إن كان المراد أنّه ليس صفة الفعل، بل هو ذات الفعل، فبطلانه ظاهر. وإن كان المراد أنّه راجع إلى الذات، بمعنى أنّه وصف للذات فمسلّم، لكن لا نسلّم عدم جواز إسناده إلى العبد باعتبار الصفة، وهذا أوّل الكلام. ثمّ إنّ ما ذكر أنّ: " الطاعة حسنة والمعصية قبيحة... وكلّ فعل يفعله الله تعالى فهو حسن عندهم، إذ لا معنى للحسن عندهم... سوى صدوره من الله، فلو كان أصل الفعل صادراً من الله امتنع وصفه بالقبح وكان موصوفاً بالحسن... " إلى آخره. فجوابه: إنّ الطاعة حسنة والمعصية قبيحة عند الأشاعرة، ولكنّ مدرك هذا الحسن والقبح هو الشرع لا العقل، فكلّ فعل يفعله الله تعالى فهو حسن بالنسبه إليه، وربّما يكون قبيحاً بالنسبة إلى المحلّ كالعاصي. قوله: " فلو كان أصل الفعل صادراً من الله تعالى امتنع وصفه بالقبـح ". قلنا: المعصية صادرة من العبد مخلوقة لله تعالى، وكلّ ما كان صادراً