وقال الفضـل(1):
مذهب الأشاعرة: إنّ القدرة حادثة مع الفعل، وإنّها توجد حال حدوث الفعل وتتعلّق به في هذه الحالة، ولا توجد القدرة الحادثة قبله فضلا عن تعلّقها به، إذ قبل الفعل لا يمكن الفعل، بل امتنع وجوده فيه... وإنْ لم يمتنع وجوده قبله، بل أمكن، فلنفرض وجوده فيه.. فالحالة التي فرضناها أنّها حالة سابقة على الفعل ليست كذلك، بل هي حال الفعل، هذا خُلفٌ محال..
لأنّ كون المتقدّم على الفعل مقارِناً يستلزم اجتماع النقيضين، أعني كونه متقدّماً وغير متقدّم، فقد لزم من وجود الفعل قبله محال، فلا يكون ممكناً، إذ الممكن لا يستلزم المستحيل بالذات.
وإذا لم يكن الفعل ممكناً قبله لم يكن مقدوراً قبله، فلا تكون القدرة عليه موجودة حينئذ، ولا شكّ أنّ وجود القدرة بعد الفعل ممّا لا يتصوّر..
فتعيّن أن تكون موجودة معه، وهو المطلوب(2).
هذا دليل الأشاعرة على هذا المدّعى.
وأمّا ما ذكر من لزوم المحالات أنّ الكافر مكلّف بالإيمان بالإجماع، فإنْ كان قادراً على الإيمان حال الكفر لزم أن تكون القدرة متقدّمة على الفعل، وهو خلاف مذهبهم..
وإنْ لم يكن قادراً لزم تكليف ما لا يطاق.
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 143.
(2) انظر: شرح المواقف 6 / 88 ـ 90.