وأقـول:
ما ذكره من دليل الأشاعرة هو عين ما في " المواقف " وشرحها بألفاظه(1)، وقد أشكلا فيه بما أغفله الخصم إضاعة للحقّ.
وحاصله: إنّه إنْ كان المراد بوجود الفعل قبل وجودِه هو وجودُه بشرط كونه قبل الوجود، فهو مسلّم المحالـيّـة، ولا كلام فيه.
وإنْ كان المراد به وجوده في زمان عدم الفعل بدلا عن العدم، فهو ليس بمحال.
وأمّا ما أجاب به عن لزوم التكليف بما لا يطاق، فهو مبنيٌّ على ما ذهبوا إليه من تعلّق القدرة بطرف دون آخر(2)، وهو باطل.
ولو سلّم فقدرة الكافر إنّما تعلّقت بترك الإيمان، والمطلوب تعلّقها بالإيمان، ليكون ممّا يسع المكلّف الذي نفت الآية التكليف بغيره.
وبالضرورة: إنّ مجرّد تعلّق القدرة بالكفر وبترك الإيمان لا يجعل الإيمان ممّا يسع المكلّف ومصداقاً له.
وأُجيب عن أصل الإشكال بأنّ الكافر مكلّف في الحال بالإيمان في ثاني الحال.
وفيه: مع أنّه مناف لِما يزعمونه ـ كما ستعرف ـ من أنّ التكليف مع
(1) المواقف: 151، شرح المواقف 6 / 88.
(2) انظر: اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع: 98، تمهيد الأوائل: 332 ـ 333، المواقف: 331، شرح المواقف 8 / 200.