ومنها: إنّه يلزم أن لا يكون الله سبحانه مُحسناً إلى العباد، ولا منعماً عليهم، ولا راحماً لهم، ولا كريماً في حقّ عباده، ولا جواداً، وكلّ هذا ينافي نصوص الكتاب العزيز، والمتواتر من الأخبار النبوية، وإجماع الخلق كلّهم من المسلمين وغيرهم، فإنّهم لا خلاف بينهم في وصف الله تعالى بهذه الصفات على سبيل الحقيقة لا على سبيل المجاز.
وبيان لزوم ذلك: إنّ الإحسان إنّما يصدق لو فعل المحسن نفعاً لغرض الإحسـان إلى المنتـفع، فإنّه لو فعله لغير ذلك لم يكن محسـناً; ولهذا لا يوصـف مُـطعم الدابّـة لتسـمن حتّى يذبحها بالإحسـان في حقّها، ولا بالإنعام عليها، ولا بالرحمة; لأنّ التعطّف والشفقة إنّما يثبتان مع قصد الإحسان إلى الغير لأجل نفعه لا لغرض آخر يرجع إليه.
وإنّما يكون كريماً وجواداً لو نفع الغير للإحسان وبقصده، ولو صدر منه النفع لا لغرض لم يكن كريماً ولا جواداً; تعالى الله عن ذلك علـوّاً كبـيـراً.
فلينظر العاقل المنصف من نفسه، هل يجوز أن ينسب ربّه عزّ وجلّ إلى العبث في أفعاله، وأنّه ليس بجواد ولا محسن ولا راحم ولا كريم؟!
نعوذ بالله من مزالّ الأقدام، والانقياد إلى مثل هذه الأوهام.