وأقـول:
لا يخـفى أنّ تعلّـق القدرة بالشـيء قد يكون بمعنـى أنّه إن شاء فِعْـلَـه فَـعَـلَـه، وإن شاء تَـرْكَه تَـرَكَه، وهو معنى صحّة الطرفَين وصلاحيّـتهما.
وقد يكون بمعنى تأثيرها في متعلّقها، وهذا بالضرورة لا يقع بالطرفين; لأنّ التأثير للنقيضين في آن واحد محـال، لعدم إمكان اجتماعهما.
ولا ريب أنّ النزاع بيننا وبين الأشاعرة في المعنى الأوّل، إذ لو كان مقصود الأشاعرة هو المعنى الثاني، لاستدلوا بما هو ضروري، من أنّ التأثير للنقيضين في آن واحد محال، ولم يحتاجوا إلى كلفة بنائه على مقارنة القدرة للمقدور التي تمحّلوا للاسـتدلال عليها.
وحينـئذ فلا وجه لِما زعمه الخصـم من كون النزاع لفظياً; لأنّه إذا كان محلّ النزاع هو التعلّق بالمعنى الأوّل كما عرفت، فلا بُـدّ أن يكون المراد هو القدرة المطلقة; لأنّها هي التي تصلح للنقيضين، لا فرد القدرة الخـاصّ الجامـع لشـرائط التأثيـر; لأنّـه إنّمـا يكـون فـرداً خاصّـاً عنـد التأثير بأحد الطرفين، فلا يمكن أن يصلح في هذا الحين للتأثير بالطرف الآخـر.
ولا يخفى أنّ هذا الذي جمع به الخصم وأظهر التفرّد به راجع إلى ما جمع به الرازي; لأنّ القدرة المطلقة هي القوّة العضلية، وفردها هو القوّة