وأقـول:
لم يخفَ على المصنّف أنّ وجود القدرة والإرادة في العبد ضروري، كيفَ وقد صرّح به هنا، وصرّح في ما سبق بأنّهما مؤثّران بالضرورة؟!
ولكن لمّا عُلم من حالهم أنّهم يكابرون الضرورة، ويطالبون بإقامة الأدلّة على الأُمور البديهية، كما كابروا في أمر تأثيرهما وفي غيره من الأُمور السابقة، جرى على منوالهم في المقام، وألزمهم بعدم وجود الدليل على وجود القدرة والإرادة، بناءً على مذهبهم من كون المؤثّر هو الله تعالى وحده، بل يلزمهم الحكم بعدم وجود الإرادة، إذ لا يتصوّر وجه حاجة إليها غير تخصيص أحد الطرفين المقدورَين.
فإذا منعوا صلاحية القدرة للطرفين وقالوا: إنّها هي المخصّصة لأحدهما، لم يكن معنىً لتخصيص الإرادة، فيلزمهم نفي وجود ما عُلم وجوده بالضرورة، وينسدّ طريق ثبوته، لا سيّما والله سبحانه لا يفعل العبـث.
ودعوى الأشاعرة ترتّب التكليف والثواب والعقاب على وجودها المجرّد عن التأثير، قد عرفتَ بطلانها.
وأمّا ما نسبه إلى المصنّف من الطامّات، وإيراد الحشو في العبارات، فهو موكول إلى المنصـف.
وكفاك في معرفة تضلّعه في البيان وسموّ مداركه، ما سمّاه شعراً واسـتحسنه من هذين البيتين ونحوهما!!