وقال الفضـل(1):
إذا قلنا: إنّ أفعاله تعالى محكمة متقنة، مشتملة على حكم ومصالح لا تحصى، هي راجعة إلى مخلوقاته، لا يلزم أن تكون منافع الأشياء غير مقصودة لله تعالى..
بل هو الحكيم خلق الأشياء ورتّب عليها المصالح، وقبل خلق الأشياء قدّرها ودبّرها، ولكن ليست أفعاله محتاجة إلى علّة غائيّة كأفعالنا [الاختيارية] ..
فإنّا لو فقدنا العلّة الغائيّة لم نقدر على الفعل الاختياري، وليس هو تعالى كذلك; للزوم النقص والاحتياج..
بل الآثار والمصالح تترتّب على أفعاله من غير نقص الاحتياج إلى العلّة الغائية الباعثة للفاعل، ولولاها لم يتصوّر الفعل الاختياري من الفـاعل(2).
هذا هو المطلوب من كلام الأشاعرة، لا نفي منافع الأشياء، وأنّها لم تكن معلومة لله تعالى وقت خلق الأشياء..
مثلا: اقتضت حكمة خلق العالم أن يخلق الشمس مضيئة، وفي إضاءتها منافع للعباد، فالله تعالى قبل أن يخلق الشمس كان يعلم هذه المنافع المترتّبة عليها لخلقها، وترتّب المنافع عليها من غير احتياج إلى
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 1 / 436.
(2) شرح المواقف 8 / 204.