وقال الفضـل(1):
إعلم أنّ الإعواض مذهب المعتزلة(2)، ولهم على هذا الأصل اختلافات ركيكة تدلّ على فساد الأصل مذكورة في كتب القوم.
وأمّـا الأشـاعرة، فذهبـوا إلى أنّ الله تعـالى لا يجـب عليـه شـيء، لا عوض على الألم ولا غيره; لأنّه يتصرّف في ملكه ما يشاء، والعوض إنّما يجب على من يتصرّف في غير ملكه(3).
نعم، جرت عادة الله على أنّ المتألّم بالآلام إمّا أن يكفّر عنه سيّئاته، أو يرفع له درجاته إن لم يكن له سيّئات، ولكن لا على طريق الوجوب عليـه.
وأمّا حديث العوض في أفعال الله تعالى، فقد مرّ بطلانه في ما سبق.
وأمّا تعذيب الأطفال والأنبياء والأولياء، ففيه فوائد ترجع إليهم، من رفع الدرجات وحطّ السيّئات، كما أُشير إليه في الأحاديث الصحاح، ولكن على سبيل جري العادة لا على سبيل الوجوب، فلا يلزم منه جور ولا ظلم.
ثمّ ما ادّعى من العلم الضروري بأنّ البشر لو عذّبَ حيواناً بلا عوض لكان ظالماً، فهذا قياس فاسد; لأنّ البشر يتصرّف في الحيوان بما ليس له،
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 187.
(2) انظر: شرح الأُصول الخمسة: 494 وما بعدها.
(3) انظر: تمهيد الأوائل: 384، الاقتصاد في الاعتقاد ـ للغزّالي ـ: 115 ـ 116، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين: 295، المواقف: 330، شرح المواقف 8 / 195 ـ 200.