فخطأٌ آخر; لأنّ اللازم من فقدها إنّما هو العبث لا عدم القدرة.
فلو زعم أنّ الترجيح بلا مرجّح محال كالترجّح بلا مرجّح، فهو جار في حقّ الله تعالى; لأنّ المانع العقلي واحد، على أنّ الامتناع والمحالية بالغير لا ينافي القدرة على نفس الفعل.
ولو اكتفى بالنسبة إلى الله سبحانه بمجرّد رجحان الفعل في نفسه لاشتماله على المصلحة، جاء مثله بالنسبة إلى الإنسان بلا فرق.
ثمّ لا يخفى أنّ قياس الغائب على الشاهد الذي استند إليه سابقاً يقتضي العلّة الغائيّة لأفعاله تعالى.
وما ذكره من لزوم نقص الاحتياج قد عرفتَ وهنه، وهو أشبه بحديث خُـرَافـة(1).
(1) مثلٌ يُضرب لكلّ ما لا يمكن وقوعه.
وخُرافة: رجل من عُذْرة استهوته الجنّ ـ كما تزعم العرب ـ مدّة، ثمّ لمّا رجع أخبرَ بما رأى منهم، فكذّبوه حتّى قالوا لِما لا يمكِـن: حديث خرافة.
انظر: مجمع الأمثال ـ للميداني ـ 1 / 346 رقم 1028، الحيوان ـ للجاحظ ـ 6 / 426، تاج العروس 12 / 162 مادّة " خرف ".
ووردت في أُمّهات مصادر الجمهور روايات نُسـبت إلى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه حدّث بعض نسائه وأقـرّ بخرافة وأحاديثه العجيبة عن الجنّ! فانظر مثلا:
مسند أحمد 6 / 157، الشمائل النبوية ـ للترمذي ـ: 308 ح 252 ب 38، مسند أبي يعلى 7 / 419 ح 4442، مجمع الزوائد 4 / 315 باب عشرة النساء، كنز العمّال 3 / 629 ح 8244 و 8245.