ومنها: إنّه يلزم منه الطامّة العظمى والداهية الكبرى [عليهم] ، وهو: إبطال النبوّات بأسرها، وعدم الجزم بصدق واحد منهم، بل يحصل الجزم بكذبهم [أجمع]; لأنّ النبوّة إنّما تتمّ بمقدّمتين:
إحداهما: إنّ الله تعالى خلق المعجزة على يد مدّعي النبوّة لأجل التصديق.
والثانية: إنّ كلّ مَن صدّقه الله تعالى فهو صادق.
ومع عدم القول بإحداهما لا يتمّ دليل النبوّة..
[المقدّمة الأُولى:] فإنّه تعالى لو خلق المعجزة لا لغرض التصديق، لم يدلّ على صدق المدّعي، إذ لا فرق بين النبيّ وغيره.
فإنّ خلق المعجزة لو لم يكن لأجل التصديق، لكان لكلّ أحد أن يدّعي النبوّة ويقول: إنّ الله صدّقني; لأنّه خلق هذه المعجزة، ويكون نسبة النبيّ وغيره إلى هذه المعجزة على السواء; ولأنّه لو خلقها لا لأجل التصديق لزم الإغراء بالجهل; لأنّها دالّة عليه.
فإنّ في الشاهد لو ادّعى شخص أنّه رسول السلطان، وقال للسلطان: إنْ كنت صادقاً في دعوى رسالتك، فخالف عادتك، واخلع خاتمك، ففعل السلطان ذلك، ثمّ تكرّر هذا القول من مدّعي رسالة السلطان وتكرّر من السلطان هذا الفعل عقيب الدعوى، فإنّ الحاضرين بأجمعهم يجزمون