وأقـول:
حاصل مذهبهم ـ كما ذكر ـ: إنّه تعالى يخلق المعجزة لا لغاية، لكـنّها بنفسها تفيد التصديق بالنبـوّة.
وفيـه: إنّ إفادتها له ليست ذاتية; إذ ليست هي إلاّ كسائر خوارق العادة التي ربّما تـقع في الكون، ولا يوجب نفس وجودها تصديـق أحد في دعواه، فمن أين تفيد المعجزة التصديق بالنبوّة وهو لم يكن غرضاً منـها؟!
ومجرّد مقارنتها لدعوى النبوّة لا يجعل التصديق بها فائدة لها بعد أن كان أصل وجودها ومقارنتها بلا غرض، كما لو قارنت دعوىً أُخرى لآخَرَ! وحينئذ، فلا يكون مدّعي النبوّة أَوْلى بدعواها من غيره وإنْ ظهرت المعجزة على يده; لأنّ خلقها كان مجّاناً وبلا قصد تصديقه، فكيف تقتضي نبوّته خاصّـة؟!
ثمّ لو سُلّم كون التصديق فائدة للمعجزة، فهو غير نافع لِما ذكره المصنّف (رحمه الله) من لزوم كذب مدّعي النبوّة بقوله: " إنّ الله يخلق المعجزة لتصديقي "، وغير دافع للإغراء بالجهل من حيث إفادة المعجزة أنّ الله تعالى خلقها لتصديقه، وإنْ لم يكن هناك إغراء بالجهل من حيث أصل دعواه النبوّة، لفرض كونه نبيّـاً.
ثمّ إنّه لم يتعرّض للجواب عن إيراد المصنّف (رحمه الله) على المقدّمة الثانية، إكـتفاءً بما أسلفه من دعوى العادة التي عرفت أنّه لا معنى لها.