وقال الفضـل(1):
قد سبق أنّ مذهب الأشاعرة: إنّ الله تعالى مريد لجميع الكائنات غير مريد لِما لا يكون، فكلّ كائن مراد وما ليس بكائن ليس بمراد، واتّفقوا على جواز إسناد الكلّ إليه تعالى جملة، واختلفوا في التفصيل كما هو مذكور في موضعه(2).
ومذهب المعتزلة ومن تابعهم من الإمامية: إنّه تعالى مريد لجميع أفعاله، أمّا أفعال العباد فهو مريد للمأمور به منها كارهٌ للمعاصي والكفر(3).
ودليل الأشاعرة: إنّه خالق للأشياء كلّها، وخالق الشيء بلا إكراه مريد له بالضرورة(4).
وأمّا ما استدلّ به هذا الرجل في عدم جواز إرادة الله تعالى للشرك والمعاصي، فهو من استدلالات المعتزلة.
والجواب: إنّ الشرك مراد لله تعالى، بمعنى: إنّه أمرٌ قدّره الله تعالى في الأزل للكافر، لا أنّه رضي به وأمر المشرك به، وهذا من باب التباس
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 1 / 448.
(2) الأربعين في أُصول الدين ـ للفخر الرازي ـ 1 / 343، المواقف: 320، شرح المواقف 8 / 173 و 174.
(3) تقـدّم في الصفحة 63 هـ 2، وراجع المصـارد التاليـة التي تذكر آراء المعتزلـة: شرح الأُصول الخمسة: 456 ـ 457، الملل والنحل 1 / 39، شرح المواقف 8 / 173.
(4) الأربعين في أُصول الدين ـ للفخر الرازي ـ 1 / 343، المواقف: 320، شرح المواقف 8 / 174.