الرضا بالإرادة. وأمّا كون الطاعات التي لم تصدر من الكافر مكروهة لله تعالى.. فإنْ أراد بالكراهة عدم تعلّق الإرادة به، فصحيح; لأنّه لو أراد لوجد.. وإنْ أراد عدم الرضا به، فهو باطل; لأنّه لم يحصل في الوجود حتّى يتعلّق به الرضا أو عدمه. وأمّا أنّه تعالى أمر بما لا يريد ونهى عمّا لا يكره، فإنّه تعالى أمر الكـفّار بالإسـلام ولم يرد إسـلامهم، بمعـنى عدم تـقدير إسـلامهم، وهذا لا يُعدُّ من السفه، ولا محذور فيه، وإنّما يكون سفهاً لو كان الغرض من الأمر منحصراً في إيقاع المأمور به، ولكن هذا الانحصار ممنوع; لأنّه ربّما كان لإتمام الحجّة عليهم فلا يُعدُّ سفهاً. وأمّا ما ذكره من لزوم نسبة القبيح إلى الله تعالى; لأنّ إرادة القبيح قبيحة.. فجوابه: إنّ الإرادة بمعنى التقدير، وتقدير خلق القبيح في نظام العالم ليس بقبيح من الفاعل المختار، إذ لا قبيح بالنسبة إليه. على أنّ هذا مبنيٌّ على القبح العقلي وهو غير مسلّم عندنا، ومع هذا فإنّه مشترك الإلزام; لأنّ خلق الخنزير الذي هو القبيح يكون قبيحاً، والله تعالى خلقه بالاتّفاق منّـا ومنكم.