وأقـول:
لا يخفى أنّ الأُمور الممكنة إنّما يفعلها القادر المختار أو يتركها بإرادة منه; لأنّ الممكن لا يترجّح أحد طرفيه إلاّ بمرجّح، وهو الإرادة، فيكون العدم على طبع الوجود مقدوراً ومستنداً إلى الإرادة.
ولذا أسند الله تعالى العدم المسبوق بالوجود إلى إرادته حيث يقول: ( وإذا أردنا أن نهلك قرية )(1) الآية، فإنّ إهلاك القرية عبارة عن إماتة أهلها بسبب العذاب، والموت عدم الحياة.
ولا ريب أنّ الإرادة تتوقّف على أُمور:
منها: تصوّر المراد..
ومنها: الرضا به، سواء كان وجوداً أو عدماً، وسواء كان حكماً أم غيره، فإنّ مَنْ يريد شيئاً لا بُـدّ أن يرضى به بالضرورة.
ومنها: الرضا بمتعلّق المراد على وجه التعيّن له أو الترجيح له أو التساوي كما في متعلّق التكاليف، فإنّ الحاكم إذا كلّف بنحو الوجوب لا بُـدّ أن يرضى بوجود الواجب على وجه التعيّن له بحيث يكون كارهاً لنقيضه، ومثله الحرمة بالنسبة إلى الرضا بالترك والكراهة لنقيضه.
وإذا كلّف بنحو الندب، لزم أن يرضى بالوجود على وجه الرجحان، ومثله الكراهة بالنسبة إلى الرضا بالترك.
وإذا حكم على وجه الإباحة، لزم أن يرضى بالوجود والعدم بنحو
(1) سورة الإسراء 17: 16.