وأمّا استدلاله بالآية الحاكية لقول عيسى (عليه السلام) ففي غير محلّه; لأنّ حقّـيّة العقاب متوقّفة على أمرين: الذنب، وولاية المعذِّب على المذنب.
ولمّا كان من اتّخذ عيسى وأُمّـه إلهَين مذنباً ـ وسابقاً ذَكَرَ ذنبه في الآية ـ بيَّن عيسى الأمر الثاني، وهو: ولاية الله تعالى عليهم بأنّهم عباده، فلم تدلّ الآية على صحّة عذاب من لا ذنب له.
وأمّا قوله: " فإنّ هذه الأشياء أعراض خُلقت ولا يتعلّق بها ثواب وعقاب "..
فـفيه: ـ مع أنّ بعض أمثلة المصنّف كالطيران من الأفعال ـ إنْ أراد أنّها لا يتعلّق بها ثواب وعقاب من حيث الوقوع، فمُسلّم، وليس هو مقصود المصنّف.
وإنْ أراد أنّه لا يجوز تعلّقهما بها، فهو مناف لقوله: " لو عذّب عباده بأنواع العذاب من غير صدور الذنب عنهم يجوز له ذلك ".
.. إلى غير ذلك من كلماته.
والمصنّف لم يقصد إلاّ تجويزهم للعقاب في الأمثلة وهو لازم لهم.
وأما قوله: " والأفعال المخلوقة ليست مثل هذه الأعراض "..
فـفيه: إنّه لا أثر لهذا الفرق بعد أن كان المصحّح للعذاب عندهم هو الملكـيّة، على أنّ الكسب كالسواد فِعلٌ لله تعالى، فلا فرق إلاّ بأمر يعود إلى اللفظ.