وأقـول:
لا يخفى أنّ تفسيره للجواز بالإمكان الذاتي خطأ ظاهر، فإنّ المراد بالجواز كما يظهر من دليلهم وكلماتهم هو الصحّـة وعدم الامتناع أصلا حتّى بالغير.
فإنّا نقول أيضاً بإمكان التكليف بما لا يطاق ذاتاً، وعدم كونه من الممتنعات الذاتية، لكن نقول: إنّه ممتنع بالغير، من حيث قبحه وكونه ظلماً ومنافياً للحكمة(1)، وهم لا يقولون بذلك.
وقد عرفت سابقاً ما في قولهم: " لا يجب عليه شيء، ولا يقبح منه شيء "، وما في إنكارهم للحسن والقبح العقلـيَّين(2).
وأمّا قوله: " أحدها: أن يمتنع الفعل لعلم الله بعدم وقوعه "..
فـفيه ما تقدّم أيضاً من أنّ العلم وصدق الخبر تابعان للمعلوم ووقوع المخبر به، لا متبوعان، فلا يجعلان خلافهما ممتنعاً لا يطاق(3).
وأمّا ما زعمه من أنّ القدرة مع الفعل، فهو أحد السفسطات، وستعرف ما فيه.
وقوله: " والتكليف بهذا جائز، بل واقع إجماعاً "..
باطل لأُمور:
الأوّل: إنّه عليه يلزم كذب قوله تعالى: ( لا يكلّف الله نفساً إلاّ
(1) أوائل المقالات: 56 ـ 58.
(2) انظر ردّ الشيخ المظفّر (قدس سره) في ج 2 / 332 و 353.
(3) انظر ردّ الشيخ المظفّر (قدس سره) في ج 2 / 353.