وتأتي أهمية هذا الكتاب أنّه صدر في ظل الحملة الشديدة من قبل الوهابيين على الاثني عشرية وأهل السنّة من الأشاعرة والماتريدية، الذين يرون أنّ تأويل آيات الصفات لا يمكن أن يكون سبباً في أن نجعل القائلين بالتأويل من الغلاة ومن أهل الضلال. ولم يتمكن علماء الاثني عشرية وعلماء أهل السنّة أن يجدوا صلة تربط بين القائلين بتأويل آيات الصفات من أهل السنّة والاثني عشرية وبين الغلاة، وانتقدوا الوهابية لأنّها تريد أن تلصق كلمة (الغلو) بهؤلاء الذين يمثّلون جمهور الأُمة الإسلامية، ومن ثَمّ بيّنوا أنّ مفهوم الجماعة الوهابية عن (الغلو) يعتبر مفهوماً جديداً بعيداً عن معناه ومفهومه عند أهل السنّة والاثني عشرية. ونحن سوف ننقل ـ هنا ـ نماذج من كلمات أهل السنّة التي كتبت بقصد (الدفاع) عن القائلين بتأويل الصفات من أهل السنّة والاثني عشرية؛ في وجه المهاجمين لهم الذين اتهموهم بالغلو من الوهابيين. ولقد واجه أهل السنّة جماعة جامدة بسيطة وبريئة تتهم كل من يخالفها في موضوع (الصفات الإ لهية) بـ (الغلو)، وبسبب هذا الاتهام الخطير أصبحت الوهابية تحتقر جمهور أهل السنّة من الأشاعرة والماتريدية وتحتقر الاثني عشرية، وتطوّر الأمر حتى خلقت الوهابية فتنة بسبب موضوع الصفات، وقد صوّر أهل السنّة هذه الفتنة بهذه الصورة، قال العلامة السني (محمد عادل عزيزة): (ولقد قصدت بنشر هذا العمل تضييق شقة الخلاف بين المسلمين، وإماتة الحفائظ والأضغان بينهم، فقد بلينا في هذا العصر وأصاب كثيراً من علماء أهل السنّة ما أصابهم من اتهام [يقصد من قبل الجماعة الوهابية]، ونبز بالألقاب، وافتراء وتضليل وتكفير ومسبّة.. وغير ذلك؛ لقو لهم في آيات الصفات بقول مالك وأحمد والشافعي...)(1). (1) عقيدة الإمام الحافظ ابن كثير في آيات الصفات ـ من أئمة السلف الصالح ـ للعلامة محمد عادل عزيزة: ص 7.