وقد فهم الصحابة ذلك من دون تكلّف وعناء، فأسرعوا يسلمون عليه بأمرة المؤمنين، وأقرّوا بذلك جميعاً!.
وورد أنّه قيل لعمر: " إنّك تصنع بعليّ شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: إنّه مولاي "(1)، وروي أيضاً أنّه قال: " هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن "(2).
وبهذا هدى الله الأُمة إلى الحقّ، ثم جعلهم بين أمرين إمّا شاكراً وإمّا كفورا، وقد قال الله عزّوجلّ لرسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل: (إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ
لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِر)(3)، فكان هذا الأمر إختباراً إلهياً لهذه الأُمة لكنها فشلت فيه فتفرّقت واختلفت وقد أنبأ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك من قبل وحذرهم من الاختلاف(4).
كلام الغزّالي حول حديث الغدير:
قد أفصح الغزالي عن الحقيقة عند ذكره خبر غدير خم في كتابه " سر العالمين "، فقال في المقالة الرابعة مالفظه:
" وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم غدير خم باتفاق الجميع، وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " من كنت مولاه فعليّ مولاه "، فقال عمر: بخ بخ لك يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مولى.
فهذا تسليم ورضى وتحكيم، ثم بعد هذا غلب الهوى بحبّ الرياسة، وحمل
1- أنظر: الصواعق المحرقة لابن حجر: 1 / 110، عن الدار قطني.
2- أنظر: ذخائر العقبى للطبري: 68.
3- الغاشية: 22.
4- أنظر: صحيح البخاري: 3 / 1274 (2369)، 6 / 2669 (6888 ـ 6889).